يوميَّاتْ عاشقْ
أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي )
ديوان / يوميَّاتْ عاشقْ /
شعر الشاعر / جمال الشرقاوي /
[1]
حبيتي ِ
إن كنتُ أغوصُ في بحر ِ الدم ِ
و أنتِ تغوصينَ في بحر ِ الحبْ
و أشقىَ و أنتِ تحلــُمينَ
فيا لأوصاب ِ القلبْ
[2]
كيفَ
وقعتْ طفلة ٌ بريئة ٌ
في نزيفِ دَمِها ؟
و كيفَ سقطتُ مَعَهَا ؟
و كيفَ
تناثرتْ دموعي و أدمُعُهَا ؟
كيفَ
سقطنا في الحبِّ كأوراق ِ الخريف ِ ؟
و الشوقُ حرفٌ في شفاهي
و قلبٌ في فمِهَا
[3]
حبيبتي ِ
عيناكِ تغتالُ قلبي ِ
و أنتِ لا تشعرينْ
و عيناي ِ
تغتالُ قلبكِ
و لا تشعرينْ
إني ِ أحبُـكِ أنتِ
يا أحلىَ قرينْ
[4]
لأني ِ عاشقٌ بلا سيف ٍ
تركَني القدرُ بلحظةِ مَقتْ
إني ِ رأيتـُهُمْ يقتـُلـُـونَ حبيبتي ِ
و لكنـِّي بلحظة ِ ضعفٍ
صَمَتْ
و رأيتـُـهُمْ يغتصبونَ عُذريتَهَا
أشواقـَهَا
عشقـَهَا
فقتلتُ نفسي ِ وراءهَا و انتحَرْتْ
[5]
يا فرسي الجميلة َ
علىَ مقبَـرَتــُك ِ
ألقي ِ نفسي سيدتي ِ
و أرتشفُ الشـِّـعْرْ
علىَ مقبَـرَتــُكِ
تضحكُ دموعي لأنها عمري
سيطولُ بكِ العمرْ
و تنبـُـتُ أزهارُ الجنة ِ
و ينطفيءُ الجَمْـرْ
و مِن دموعي
عمري
تتصاعدُ أشواكُ الصَّـبَّار ِ
و كؤوسُ الخـَـمْرْ
و سَـمِعـْـتـُهُمْ
ذاتَ يوم ٍ يقولونَ
أنكِ
و أنكِ
و أنكِ
و كانَ قلبي يَحـْـترقُ
مِن قول ٍ مُرْ
كيفَ هذا و لا دليلْ ؟!
كيفَ بعدَ كنز ِ الحبِّ
و دهاليز ِ السفرْ
ندخلُ سـَـقـَـرْ ؟!
كيفَ
و قد حجزتُ تذاكرَ الرحلة ِ
و اشتريتُ كفناً
و قبـَّعـَـة ً ضدَ المطرْ ؟!
[6]
كيفَ تتجـرَّأينْ ؟!
كيفَ ؟!
حبيبتي الصغيرة ُ البَـتـُولْ
ذهبتْ إلىَ أمِّـهَـا تقولْ
أحْـبَبْتُ يا أمَّاهْ ؟!
ماذا تقولينْ ؟؟؟!!!
فقتلتْ ربيعَهَا بجهل ٍ مُـبينْ !!!
و ألقـَـتـَهَا هرَّة ً رضيعة ً
علىَ رصيفِ الدنيا
للمتطفلينْ
[7]
و عندما
رَحَـلـْـتِي حبيبتي عن عَالـَمِي
ماتَ معكِ إلهَامِي و فنـِّـي
أحْـسَسْتْ
أنَّ رُوحِي تـُنـْـزَعُ مِنـِّي
مثلمَا
احترقتْ أشجارُ زمني
فماتتْ بداخلي
الأحلامُ و الرجاءُ و التـَّمَـنـَّـي
[8]
آه ٍ
مِن أكاذيبِ المَلأ
أمواجٌ تـُغـْرقــُــنِي
و لكنـَّـكِ حبيبتي
سَــفِـينـَـة ٌ تـُنـْـقذنِي
و أنا عُصـفورٌ لا أعيشُ بدونِهَا
فكيفَ تــُـهـْـمِلـُـنِي ؟!
ليتني أعرفُ أنني دُمِّرتُ
فأقتــُـلـَكِ
و أنهِي حياتي التي تــُـثـْـقِلـُـنِي
[9]
أذكرُ مرَّة ً
دخلتُ غرفـَـتـَهَا
فوجدتُ حبيبتي الصغيرة َ
فتحتْ دُولابَهَا
فـَمَـزَّقــَـتْ أوراقـَهَـا
فـَـمَـزَّقــَـتْ عمري
و تمَكَّنَ منها سـُـرَّاقــَـهَـا
[10]
إنهُمْ يـُـخـَـيِّرُونِي
يا نورَ عـُيـُونِي و فرحتي ِ
يـُـجَـادِلونِي
يا نبضة َ قلبي و أنــَّـتِي
بينَ جنة َ الآخِرَة ِ
و بينَ حبيبتي
فاخترتُ بلا تردُّدِ
حبيبتي ِ
[11]
إنـِّي أراكِ يا حبيبتي
علىَ بَراعِم ِ الزهور ِ
و علىَ قرص ِ الشمس ِ
يا أغلىَ الأماني
قلباً و نوراً مِنَ السماء ِ أتاني ِ
أراكِ يا حبيبتي ِ
وحـْـيَـاً
خـَـفـَّــفَ عنـِّـي تكاليفَ الشوق ِ و أعـْـفانِي
أراكِ يا حبيبتي ِ
علىَ سـُـور ِ الأرض ِ
ِ مرسـُـومَة ً
مخلوقة ً
قيداً لا يترُكُنِي و لا ينساني ِ
أراكِ يا حبيبتي ِ
كنهر ِ الحياة ِ
و موج ِ البـُحور ِ
ليسَ لكِ ثان ِ
[12]
سيدتي
اللمَّاحة َ جداً
و الماكرة َ الظريفة ْ
أنت ِ كاميرا العين ِ
التي تجعلُ حياتي المخيفة ْ
حُلمَا جميلاً و ذكرىَ لطيفة ْ
و أنتِ السيفُ الذي
يشقُ القلبَ المغلقَ
ليُخرجَ الحبَّ من مَكَامِنِهِ الشريفة ْ
[13]
حبيبتي
انتهىَ دَوْرُ الكلامْ
حبيبتي
كيفَ تتركيني هنا ؟
غارقاً في الحبِّ
و تذهبينَ للنوم ِ و الأحلامْ !!!
كيفَ
أتيتي بي لمعتقل ِ الشوق ِ و تركتِنِي
أظلُ متخبـِّـطاً وحدي
ما بينَ التمني و الظلامْ ؟
و كيفَ
تــُـنسِجينَ وحدكِ يا حبيبتي
حِكاية َ الحبِّ و الانسجامْ ؟
كيفَ
يكونُ بيديكِ وحدَكِ
السيفُ و الفرسُ و الِلجَامْ ؟
آهٍ مِن عينيكِ
رَمَتـْـنِي بشِبَاكِ نيران ِ
نيران ِ الغرامْ
[14]
كيفَ أقتــُلـُـكِ ؟
و أنتِ
أنتِ حبيبتي ِ
فلو قتلتُ نفسي ِ
لقتلتــُـكِ معي عُصْفــُـورتي ِ
[15]
حبيبتي ِ
آهٍ
لو أنـِّي صديقُ الدَّهر ِ
ليَـقــُـصَّ عليَّ ما يحدُثُ في زماني ِ
آهٍ
لو أنـِّي أحكُمُ الدَّهْرَ
ليـُـنـْـصِفَ القلـُـوبَ العاشقة ِ
بالحبِّ و التهاني ِ
فتنسىَ الحصادَ المُرَّ
و الحـُـلمَ الأناني ِ
آهٍ
لو أصادقُ الدَّهرَ و أحُـكُمُهُ
بكِ أنتِ
يا تاجيَ الذهبيَّ المُرَصـَّــعَ و صَـوْلـَجَـانِي ِ
فليسَ في الأرض ِ أنهارُ لبنُ
و لا عسل ٍ مُـصـَّــفـَّـىَ
و لا دوام ٍ لسلطان ِ
لكنْ هناكَ يا حبيبتي ِ
الفقرَ و الفحشاءُ و الشيطانُ
و هناكَ العربَدَة ُ و السـُـكْـرُ
و العمرُ الفاني ِ
[16]
أخذتني الصغيرة ُ من يدي ِ
أدارتِ الكأسَ في فــَــمِي ِ
فالعقلُ انهارْ
أخذتني من لحظة ِ صمت ٍ
للإرهاص ِ العاطفيِِّ
للجنون ِ و الدِّوَارْ
أخذتني الصغيرة ُ
للحظة ِ الإرهاق ِ و المُرَاهَـقــَـة ِ
للحدقة ِ العميقة ِ
فخلفَ رموشِهَا بحارْ
و امرأة ٌ بألفِ امرأة ٍ
و ليلٌ مالهُ نهارْ
أخذتني
لِلحظة ٍ كانتْ لها سارقة ٌ
إلىَ بئر ٍ مَالهَا قرارْ
لِنظراتِ عين ٍ كالدَّوَّامة ِ
لدَقـة ِ قلب ٍ كالزَّارْ
صغيرتي
فالبقاءُ في سِجنِكِ
صارَ عندي هو الحريَّة ُ
و ليسَ المزارْ
فهلْ من قيدٍ عاطفيٍّ عندَكِ
و مأوَىَ ؟
هلْ يكونَ قلبـُـكِ سجَّانٌ
لِرَحَّـال ٍٍ مالهُ قرارْ ؟
[17]
طفلتي ِ
أيُ خداع ٍ هذا ؟
و أينَ الضَــفِـيرة ْ ؟
أيُ خداع ٍ هذا ؟
أن تذبحينَ قلبي
بدون ِ جريرة ْ !!!
ماذا فعلتُ بكِ ؟
فقد وصلَ انتقامُكِ حَدَّ التآمُر ِ
من بعد ِ مائدة ٍ مستديرة ْ
ماذا أفعلُ مِن أجلِك ِ ؟
فقدْ جعلتُ من قصائدي ِ
إليكِ سفيرة ْ
فقدْ ضحَّـيتُ بنفسي
من أجلِكِ أنتِ
أيَّــتــُـهَا الأميرة ْ
[18]
بَـكـَـتْ الرياحُ من أجلي
و قالتْ لي ـــــ إذهبْ معي حيثُ أشاءْ ـــــ
فقلتُ لِمَ ؟
هلْ هذا أمرُ السماءْ ؟
فقالتْ
حَذاري من الألغام ِ التي بالقـُلـُوب ِ
و حَذاري من ضَحِك ِ المَسَاءْ
[19]
ذاتَ يوم ٍ
بـَكـَتْ الصغيرة ُ عِندَ الشفقْ
بعدما خدعتني ذاتَ مَرَّة ٍ
فقالتْ لي
خذني في صدْرِكَ إنـِّي أحترقْ
إنـِّي نادمة ٌ
فقلتُ صارخاً ـــــ كيفَ و الغـَـسَــقْ ـــــ ؟
و إنـِّـي أراكِ في ثوبِ الخيانة ِ و الجـِمَاع ِ
و الشيطانُ مَرَقْ
فقدْ بدا الشوقُ في صدري
إلىَ قلبــِـكِ لا يخترقْ !!!
[20]
يظنُ البعضُ
أنَّ الحبَّ حبْ
حتىَ لو لم يكنْ
لِحبيبتي أيُ قلبْ
و أنَّ الوفاءَ وفاءٌ
حتىَ لو لم تكنْ
حبيبتي معي علىَ الدَّربْ
لا يا سادَتِي
فالحبْ
لا يُبْذلُ لِمَنْ لا يحبْ
و الوفاءُ لا يُعـْـطىَ
لِمَنْ هجرُهُ عليكَ غـَـلـَبْ
لكنـَّهُ يا سادتي
في الحقيقةِ مأساة ٌ تـشُــبْ
عندما تـُحبُـنِي حبيبتي بعدَ الموت ِ
بعدَ الراحة ِ مِنَ التعبْ
[21]
كيفَ
تــُـفسدينَ دَمَ الأحبابِ
و تقولينَ
ـــــ أنـَّكِ بريئة ْ ـــــ ؟
كيفَ تقولينَ عني
ـــــ مالا يجوزُ قوْلـُهُ ـــــ ؟
بالجور ِ لا بالحقيقة ْ
كيفَ يا صغيرتي ؟
تــُـشَوِّهِينَ قلبي حينما
تذهبينَ للمرأة ِ الرقيقة ْ
ـــــ نعم ـــــ
صِرتُ أحبُها
لإنها صِدِّيقة ْ
القاهرة \ مايو \ الأحد 7 \ 5 \ 1995 م
الساعة الواحدة بعد الظهر
[22]
يا جُرحِي الأليمْ
كمْ بـَـكَتْ عيني
في زمن ٍ قديمْ
حتىَ كَرهْتُ نفسي
و ضعفي و شيبتِي
و عمري السَّــقيمْ
القاهرة \ مايو \ الأربعاء 10 \ 5 \ 1995 م
الساعة 9 مساءً أول أيام عيد الأضحىَ المبارك
[23]
آهٍ
قطعتُ أوراقَ الشكِّ
و أوراقَ الخِداعْ
و أحرقتُ أوراقَ العمر ِ
و نسِـيتُ الصـُــدَاعْ
حينما
قــَـطـَـعَتْ خائنتي بقدْر ِ المستطاعْ
أوراقَ الحبِّ بأكملهِ
بدون ِ أن تعـْـطِني
حقَّ الحبِّ و حقَّ الدفاعْ
[24]
وقعتْ صغيرتي
في حُـفرة ِ الحبْ
و عندما سـَـبَرَتُ غــَـوْرَهَا
و حقِّ الربْ
هَرَبَتْ كالسمكةِ
و لم ينفعْ مَعَهَا الطبْ
[25]
إنَّ دُمُوعَ الحبِّ تحرقــُـنِي
و يحرقــُنِي الفِرَاقُ و البـِعَادْ
حينما تتبَاعدُ حبيبتي عني
و لا ندري
متىَ اللقاءُُ و المَعَادْ
فاسْـتـَعَـنـتُ بالسِّـحْر ِ و السَّـحَرة ِ
لِيُعِنوني علىَ أقوىَ جوادْ
ثم اسـْـتـَـعـَـنتُ بالله ِ يا فرسي الجميلة ِ
مِنْ طول ِ رقادْ
[26]
ذهبتُ و حبيبتي الصغيرة َ
لصيدِ الفراشاتِ
بكلِّ الحبِّ و الحنينْ
و كنـَّـا نخشىَ علىَ حبـِّـنا
مِن فم ِ التنينْ
فكَبُرْنا
و افترقنا
و قدِ التـَـهَـمَـنـَـا تنينُ السنينْ
[27]
جاءَ الربيعُ بالحبِّ إلينا
فأشـْـرَقـَـتْ قــُـلــُـوبُـنـَـا معَ الزُهورْ
ثمَّ جاءَ الخريفُ مُحَمَّلاً بغــُـبَـارهِ
لِـيُـنـْذِرُنا و يُـخبرُنا
أنَّ الأيامَ تدورْ
فصَدَمَ وجهَـنـَـا
فأصـَـابَـنـَـا يا حبيبتي
بخيبة ِ أمل ٍ
كالخناجر ِ في النحورْ
[28]
يا فرسي الجميلة ْ
كمْ نزفتْ عيني يا سيدتي
كلَّ دمع ِ الأفراح ِ
و كنتِ فرحتي
و لمْ يبقَ إلا دمعُ الحزن ِ
أنزفــُـهُ عليكِ حبيبتي
[29]
يآ فرسي الجميلة َ
عاهدتُ نفسي صغيراً
أنْ أحبَّـكِ
حينما أكبُرْ
و عندما رَمَتـْنِي عيناكِ
بـِـحِرَابِ العشق ِ
لم أفرحْ و لم أسـْـكَرْ
وقعتُ حبيبتي
في بئر ِ الحزن ِ فلم أشعـُرْ
نسيتُ يا فرسي الجميلة َ
أنَّ قلبي
كانَ يومها أخضرْ
[30]
أذكرُ يومَ جاءتْ
حربُ الحقدِ المريرة ْ
فأخذوا حبيبتي مني
و سجنوها أسيرة ْ
اُقسمُ أنني سأنتقمُ
لحبيبتي
لقلبي
في موقعة ٍ شهيرة ْ
مِمَّنْ أحرقوا مُـصـْـحَـفَ الحبِّ
و ضـَـيَّـعُـوا الشبابَ
و قتلوا الأنوثة َ و الضـَّــفِيرة ْ
سأعِيدُ ذكراكِ إنْ لم أعِدْكِ
مِنَ القبر ِ كما كنتِ أميرة ْ
سأعِيدُ ذكراكِ كبيراً
يومَ أخذوكِ مني صغيرة ْ
[31]
حبيبتي
ليسَ بيني و بينها
كرامة ً ولا وضاعَة ْ
أحبُها
أعشقـُها
ليس بيني و بينها
وساطة ً أو شفاعة ْ
حبيبتي
كالبحر ِ الأزرق ِ
الأعـْـمَق ِ
يجذبُني إليه ِ
يـُـغـْرقــُـنِي بخلاعته ِ
و لا تخلعُ سِرْوال َ المناعَة ْ
حبيبتي
كالبُركان ِ الصاعدِ
مِن سماواتِ القــُـلــُـوبِ
ساعة ً و ساعة ْ
فلو تشربي يا حبيبتي
كأساً مِن كؤوس نيراني
فكما أنتِ بكلِّ النِسَاءِ
فأنا عليكِ كالجماعة ْ
[32]
لو أني أعرفُ أنَّ حياتي
رَخيصة ٌ جداً لوأدْتـُهَا
لو أني أعرف أنَّ حياتي
رخيصة ٌ جداً
لـَدَمَرْتـُهَا
لو أني أعرفـُهَا كذلكَ
لكنتُ لم أولدْ بَعـْـدُ
أو كنتُ هجرتــُـهَا
[33]
ذهَبْتِ مِن أجل ِ المالْ
لا ... يا حبيبتي
لا
يا مَنْ تعشقينَ الجِدَالْ
لا المالُ في الحياة ِ باق ٍ
و لا بعدَ الموت ِ يا قمري
يبقىَ الجمالْ
[34]
بأيِّ حَقّ ٍ
بالنار ِ تلعبين ْ ؟!
و تخدعينْ !!
و تسمحينَ لنفسَـكِ
أنْ تنسفينْ !!
قلبي و عقلي !!
و مدينتي تنسفين !!
[35]
إنـَّـكِ يا حبيبتي
جميلة ٌ جداً
فرسـَـة ٌ عربية ْ
حينما
تجـْـمَـحِيـنَ في صدري
بلا رَويَّة ْ
إنـَّـكِ يا حبيبتي
تــُـشبهينَ رُوحِي
تــُـشبهينَ حـُـور ِ العِـين ِ
في البلادِ السَـمَاويَّة ْ
[36]
حبيبتي
ذاتَ الوجهِ المُـضـِـيء ِ الألمَـعِيِّ
لقدْ حجزتُ تذكرتين ِ
لِلسفر ِ لِلقِدَم ِ
و أنتِ معي
و مِنْ بَرْنـَامج ِ الرِّحـْـلة ِ
زيارة ُ المعالم ِ السيَّاحية ِ لذاكرتي
فهلُ تسمعي ؟
لكنني
وجدتُ نفسي علىَ حدود ِ عينيكِ
لأبعدِ مِمَّا أستطيع ُ الرجوع ِ
فهلْ ترجِعِي ؟
أم تظلينَ يا حبيبتي مَعِي
عِندَ سـْـفـْـح ِ الرُوح ِ
ووادي القلب ِ
نزورُ الحبَّ فتستمتِعِي ؟
[37]
سألـَـتـْـنِي الصغيرة ُ
ماذا كنتَ تفعلُ في حياتِكَ القديمة ْ ؟
فقلتُ
سأكتـُبُ بقلم ِ القلب ِ
ما كانَ مِنْ أدبٍ أو شـَـتِـيـمَة ْ
ففضحني قلمُ قلبي
فتكلمَ عن عشيقاتي
عن علاقاتي السَّـقيمة ْ
فقلتُ لها ليتني
لم اُولدْ إلا لكي أحبُـكِ
يا عشيقتي الحَمِـيمَـة ْ
[38]
يستمعُ القلمُ لشكواي
و بثِّ أحزاني
و مشاعري الثائرة ْ
فـَـيـَـكْـتــُـبُـهَـا إليكِ
دَقــَّاتٍ سائرة ْ
و كلماتٍ مُـدَجـَّجَـة ٍ بالسلاح ِ
و حماماتِ حبِّ طائرة ْ
لا تريدُ غيرَ عينيكِ
و قصائدِ شِعْـر ٍ
إلىَ فرسي الجميلة ْ
واعدَة ً حاضرة ْ
فهلْ ـــــ تلكسُ ـــــ القلبِ سيدتي
أشياءَ محبوسة ً في خاطرة ْ
[39]
خـَسِرتُ حبيبتي يوماً
مِنْ أجل ِ إنسانة ْ
فذهَبَتِ المجروحة ُ الصغيرة ُ
إلىَ أمِها و قالتْ
بلـُـغـَـةٍ كالرَّطانة ْ
لماذا يا أمي يـُـحِبُـهَـا و لا يـُحِبُـني ؟
كأنني شيطانة ْ !!!
لماذا يـُـهِـينُ كبريائي ؟
يا وجَعَ المَهَانة ْ
يـُحَطمُ ذاتي
يَـكْـسِـرُنِي ألفَ مرَّة ٍ في لحظةٍ
كأنني أفـَـسَـدُ البـِِطـَـانـَـة ْ
فقالتْ أمُـهَا لأنها عاشقة ً
و ليستْ كإبنتي
في الحبِّ سـُـلطانة ْ
[40]
سألتُ جِنـِـيَّـاً
عن حبٍ بتَ يؤرقــُـنِي
هل تعرفُ الحبَّ يا جِنِيُ
أو قليلاً منه ُ ؟
فقلْ ليَ القولَ و اصدُقــُـنِي
إنه ُ يسرقُ عمري
و يسرقــُـنِي
قالَ نعمْ
جرَّبـتـُـه ُ
يُـحـْـيينِـي و يـَـقــْـتــُـلــُـنِي
لمْ أعتــَـدْ أنْ أصفــْـه ُ
فالحبُ طلسـَـمٌ يـُـحْرِّكُنِي
يـُـحَـضِّرُنِي
فآتِي إليه ِ مَغصُوبَاً
و مَأمُوراً
فــَـيُـفــْـتــَــنُ بيَّ معشوقي
و يـَـفــْــتِـنـُـنِي
فيروي الشوقَ محبوبي
و يصرفــُــنِي
[41]
و عندما أتتْ إليَّ حبيبتي
كمياهِ السماءْ
أطفــَــئـَـتْ نارَ غضبي
و نارَ الجفاءْ
فساءلتــُـهـَا
أبرداً و سلاماً علىَ قلبي ؟
أمْ عذاباً ليس فيه ِ شفاءْ ؟
فقالتْ حبيبتي
أنا مياهُ الحبِّ
و بَرْدُ اللقاءْ
[42]
و قلتُ
للمرأةِ التي أحِبُهَا
يا كَنــْـزيَ الموعودْ
إنَّ نفسي مُشـْـتــَـاقــَـة ٌ لِلخــُـلــُودْ
فقالتْ
لِتــَـجـْتــَـمِع ِ الرُوحُ بالرُوح ِ
إلىَ الأرض ِ لنْ نعودْ
فإنـَّـي حبيبتي
أحِبُ لكِ الخــُـلــُـودْ
[43]
سألتُ جِنِيـَّــاً
لماذا تــُـحِـبُ ؟
و تعيشُ هائِمَاً بينَ الوهادْ ؟
قالَ
نظـْـرَتــُـهـَـا سـَـحَرَتــْـنِي و أسَـرَتــْـنِي
فــَـنــَـبَتَ الشوقُ في قلبي قتادْ
فــَـجــَـعَـلــَـتــْـنِي عَـبْـدَاً
مَمْلوكاً لها
و أنها القــُـمْــقــُـمُ الذي أحِبُ
أنْ اُدْفــَـنُ فيهِ ليوم ِ المَعَادْ
[44]
سألتُ الجِنَّ و السَّلاطِـينْ
لماذا
لا تــَـتــْـرُكُوا حبيبتي ؟
فهلْ أنـتــُـمُ
الأقدَارُ و الأشواقُ و الأنينْ ؟
فقالوا
و ماذا عِنـْـدَكَ أنتَ ؟
فــَـسـَـكَتُ
و صارتْ نــَـبَــضــَــاتُ قلبي
طـَـنِـيــِنْ
[45]
حبيبتي
رُوحٌ دَقِيقة ٌ
في الصــِّـغــَر ِ و الكِبَرْ
تطيرُ في الهواءِ
تمشي علىَ الماءِ
فلا تغرقْ
حبيبتي
في الموتِ و الميلادِ قــَـدَرْ
تــَـقــْـتــُـلـــُـنِي شوقاً لا أنــْـطِـقْ
فرسٌ عربيُ حقاً
تــَـنــْـحـَـنِي لها كلُ القــُـلــُـوبِ
في داخل ِ مصر ِ و في المَـهْـجـَرْ
شــُـعــُـوبَاً قــَـتــَـلــَـتْ في العشق ِ
و عَاشـَـتْ مَـلِكَة ُ لا تعشقْ
[46]
نــَـعـَـمْ يا حبيبتي
قدْ صرتُ فيكِ عاشقاً و سَجـِينْ
خـَدَعَتــْـنِي شجرة ُ الزَّقــُـومُ بأزهارها
طـَـلــْـعُـهَـا كَرُؤوس ِ الشياطينْ
و أنــَّــكِ تــُــشــْــبــِهـِـيِنَ شجرة َ الزَّقــُـوُم ِ
و الأرواحَ التي في مـُـعــْـتــَـقــَـل ِ سِـجِّـينْ
[47]
كيفَ أنــْتــَـقِـمُ مِـنــْـكِ ؟
و أعملُ خــُـطــَـطِي عليكِ ؟
إنــِّـكِ تــَـسـْـكُنِيِنَ الكواكِبَ
و تــَـحــَـرُسُ الملائكة ُ
بلادَ خــَـدَّيــِـكِ
مِنْ حـُدُدِ القــَـدَم ِ لتــَـاج ِ الرأس ِ
مُرُورَاً بالسـَـوَاحِل ِ المُـطِـلــَّـة ِ في عينيكِ
فكيفَ يا حبيبتي ؟
كيف ؟
أنــْـفــُـذ ُ بالغــَـضـَبِ إليكِ ؟
[48]
و عِندما عَشِقــْـتــُــكِ
أيـَّـتــُــهَــا الفرسُ العربيِّ
خرجْتُ مِنْ صخور ِ الخجَلْ
سَـابحَاً في دَوَّامَاتِ الحبِّ
و نسِـيتُ عشقاً سابقاً مُـبـْـتــَـذ َلْ
صارَ قلبي
في حـُـبــُـكِ العـُـذريِّ أحـْـلــَـىَ
و صـَـعـَـدَ للسماوات ِ مِنْ أرض ِ الســَّـفــَـلْ
[49]
رَمَـتــَـنِي أمْـواجُ الحبِّ
علىَ شاطيءِ الأحزانْ
حينما
غــَـوَىَ جِنــِّــيٌ حبيبتي
بقول ِ الشــِّــعـْـرَ لِلـثــَــقــَــلانْ
فكيفَ الوصـُـولُ يا سادتي ؟
إلىَ بَرِّ الأمَانْ ؟
فأنتم كما تعرفون طاوعتــْـه ُ
بـَـعــَـدَمَا صارَ لها
آلافُ المُـعــْـجــَـبـٍـيــِـنَ مِن الذ ُكْرَانْ
و اُشـْـهـِـدُ اللهَ أنني
بريءٌ مِنْ مغرورة ٍ
حاقدةٍ في صورة ِ الإنسانْ
[50]
و جاءتْ
حبيبتي إليَّ ثانيَة ً
مِنْ مُـدُن ِ الشر ِ و الأحزانْ
ذليلة ٌ تقولُ
خذني بينَ ذراعيكَ
ضــُـمََّـنِي يا ابنَ الإنسانْ
و انزعْ مِنِي
شوكَ الكِبْر ِ و البُـهـْـتــَـانْ
فقلتُ لا أستطيعُ
أنْ أحـْـصـُـدَ ما زرعَـهُ الشيطانْ
القاهرة \ مايو \ الخميس 18 \ 5 \ 1995 م الساعة 1 مساءً \ جمال الشرقاوي \ كاتب و شاعر \