رباهُ عفوكَ ساعةً أخلو بِها
تَتَصَبَّبُ الأشواقُ مِنْ وُجداني
فأراكَ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ تَضُمُني
كَحُنوِّ أمِي عِندما تَلقاني
فَتَفيضُ رُوحي في سَناكَ تأجُجاً
وأرى عَوالم كالكَرى تَغْشاني
أنْسى أنا أنِّي هُنا في مَوضِعي
وأطيرُ أجْنحَةً مِنَ الخَفَقانِ
وأحُسُّ نَبْضاً يَعْتَريني دافئاً
كالخُدْرِ عَمَّ بِكاحِلي وَبَناني
خِلْتُ السَّماءَ كأنَّني أمْشي بِها
وأَديمَها رِجْلايَ لا تَطآنِ
والخَلْقُ فيها يُكرِمونَ وِفادتي
مُسْتَبْشِرينَ كَفَرْحَةِ الإخْوانِ
وَأنا كَمَنْ في حُلْمِهِ مُسْتَغْرِقٌ
في دَهْشَةٍ بِالحورِ والغُلمانِ
صُبْحُ الوُجوهِ وفي العُيونِ بَشاشَةٌ
طُهْرُ النُّفُوسِ بِهَشَّةِ الإيمانِ
قَدْ أوْرَدوني نَهْرَ قُدْسِك أرْتَوي
كالسَّلْسَبيلِ بِطَعْمِهِ الرَّوْحاني
فَأقَمْتُ بَيْنَ قلائِدٍ عَهْدي بِها
تَرْوي الشِّغافَ بِفيضِها النَّوراني
تُبْدي التَّوَدُدَ يا لَها أسطورةٌ
أذُنايَ تَطَربُ سِحْرَها الوُجْداني
وأنا هُنا في مَجْلِسي وَتَضَرُّعي
جُبْتُ العَوالِمَ في زُهاءِ ثَواني؟؟
رَباهُ خُذْني هَلْ أَعُودُ لِوَحْدَتي؟
هذا يُقَرِّيعُني وَذا يَقْلاني؟
خُذْني إليكَ فَفي جِوارِكَ مُنْيَتي
فَالأُنْسُ قُرْبَكَ مُتْعَةُ الولهانِ
أَنا لَذَّتي لَمَّا أذُوبُ تَذَلُّلأً
وَأُقِرُّ باِلتَقْصيرِ والإذْعانِ
وَأُطَهِّرُ النَّفْسَ المَريْضَةَ بِالأَنا
وأبُوحُ بِالشَّكْوى لِذي الإحْسانِ
رَبَّاهُ خُذني تائِباً مِنْ غَفْلَتي
وَجُمُوحِ أوهامي وسُقْمِ جَنانِي
رَبَّاهُ يا ثِقَتي سَكَبْتُ صَبابَتي
في نَهْرِ عَفْوِكَ ناثِراُ أحْزاني
فارْحَمْ تَضَرُّعَ مُذْنِبٍ مُتَلَبِّسٍ
يَخْشَى الرُّجُوعَ بِخَيْبَةِ الخُسْرانِ
<!--