جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الكثير من الشعب المصرى يعيش بالريف المصرى و 48% منه يعيشون بالحضر ومدن المحافظات .. و42 % من الشعب المصرى أغلبة فى الريف أيضا تحاصرة الامية بظلامها الاسود والجهل الاعمى الذى يغفى العقول وأصبحت قرى الصعيد الاشد فقرا والاكثر مرضا وأحتياجا وأكثر المحافظات عنوسة بين النساء وبطالة بين الشباب .
..
منذ ثورة 52 وصعيد مصر يرتع فى الظلام دون ان تمتد له يد السلطة الحاكمة فى القاهرة .. فصناعة القرار بالعاصمة والمشروعات الصناعية الكبرى والصحية والتعليمية الكبري أما بالعاصمة أو محافظات الوجه البحرى .. والجامعات أخيرا وعلى أستحياء وبعد صراع مرير مع السلطات الحاكمة تم تخصيص عدد منها فى محافظات الصعيد .
..
هذا الاهمال المتعمد من السلطة الحاكمة بالعاصمة للصعيد وأهلة أفرز أجيالا من الناس ولدت فى الدنيا قهرا دون أرادتها .. فشب الشباب ليعيش حياته يوما بيوم تتفتح عيناه فى الصباح ليجد والده اما أجير عند الناس باليومية ينتظر الاجر كل مساء ليسد رمق ابناؤه أو أن لم يجد فصبرا ال ياسر فأن موعدكم الجنة .
..
أو أن والده وجده أبتسمت لهم الحياة فحصلوا على فدان زراعى من الأصلاح الزراعى نتيجة ثورة عبدالناصر المجيدة ليسد رمق الاسرة الكبيرة واحلامها العريضة .. والاوفر حظا من الاطفال يذهب مزاحما أقرانه فى المدرسة أن كان له حظا فى التعليم فلا يجد الا معلم غير مؤهل للتعليم وفصول لا تصلح لبنى البشر وعدم وجود لاى امكانيات تعليمية لتؤهل الشباب لمستقبل لا يسمح الا للمجتهدين ان يجدوا لهم موضع قدم فى هذا العالم الذى يسير كالقطار ولا ينتظر احد من المتخلفين المكبل بتخلفة ان يركب قطار التقدم والاحلام .
..
لذا فلا يجد الناس فى الريف او الصعيد على وجهه الخصوص الا احضان المحلية التى يعيش فيها من بد ان يتعايش معها ويستسلم لمعتقداتها ومسلكها وعاداتها وتقليدها .. فلا مخرج من القرية او النجع الا الى دوار العائلة او دوار العمدة او شيخ البلد او المسجد أو الفسحة بزيارة الاموات للأتعاظ بالاموات والقبور .
..
ومن هذة التقاليد الموروثة والذى أستسلم لها العقل الجمعى الريفى الصعيدى انه ليس فى الامكان احسن مما كان .. والرضا بالقليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل .. فالاستسلام لضعف الامكانيات واهمال الدولة لجميع الخدمات الاساسية لبنى البشر هو نوع من الرضا الذى يحبه الله ورسوله حتى أنتظار الموت والتمتع بما وعد الله به فى جنة النعيم من قصور وحور عين ونعيم مقيم .
..
والنظر الى المستقبل والطموح لحياة افضل ومحاولة لحاق قطار التقدم والعلم .. هو نوع من عدم الرضا والقنوت بنعمة الله التى وهبنا اياها والنظر الى من هو فوقك حقدا وحسدا من انفسكم .
..
ورغبة السفر والسعى لما هو افضل للبحث عن سعة الرزق ومحاولة البحث عن العلم للتعلم والرقى .. هو ( فى الغربة ضاعت الاصول ) ....( ومن طلع من دارة أتقل مقدارة ) .
..
فالقيود والمفاهيم القروية الموروثة شديدة الوطئة على من يعيش فى القرية .. وقياس الصالح والطالح يقاس بمدى استجابتة وعدم رضاة على عادات وتقاليد هذة القرية والاستسلام بالامر الواقع والسير على خطى الاباء والاجداد هو قمة الحكمة والعقل والرزانة .
..
وطاعة كبير القرية او البلد هو امر من الامور البديهية التى لا يجب النقاش فيها لانها من العادات الراسخة ومن القيم الجميلة بالصعيد عموما وبالمناطق الريفية خاصة .. والطاعة للكبير هنا قد تكون للعائلة المسيطرة على القرية والتى اكتسبت نوعا من السلطة الروحية أو السلطة النفسية الوهمية الكاذبة أحيانا لقدم رجالاتها ومكانتها المكتسبة من علاقاتها مع السلطة الحاكمة التى تُبجل فى الارياف والتى تستطيع بنفوذها أن تمنح العطايا وتمنع الضرر وتقدم المميزات لمن يناصرها من اهل الريف .. ويتبارى المتبارون ويتسابق المتسابقون فى نيل رضا هذة العائلة المسيطرة .
..
وهذة العائلات كان يطلق عليها منذ ثورة 52 وحتى النظام السابق..... ( عائلات النفوز السياسى ) .. فهم قريبين الى السلطة الحاكمة وغالبا ما يختار منهم اعضاء مجالس الشعب والشورى والمجالس المحلية وقد يكون عددهم ليس بالكبير ولكن لقدرتهم على التأثير فى العائلات الاخرى كثيرة العدد .. ولا يختار من غير هذة العائلات صاحبة النفوز لشعور دفين زرعوة فى نفوس هذة العائلات التى غالبا ما تكون أكثر جهلا انهم فى منزلة أعلى منهم للأنهم يستطيعون بعلاقاتهم ان يصلوا الى اصحاب السلطان.. فأكتفت هذة العائلات ان تكون فى المنزلة الثانية او الثالثة بعد هذة العائلات ورضوا لهم بالسيادة عليهم .
..
وورثت هذة العائلات بعد ثورة 25 يناير جماعة الاخوان المسلمون والجماعات الدينية الاخرى المرتبطة بها وبنفس الاسلوب وبنفس المنهج .. لان اهل الريف اعتادت دائما ان تكون هناك العائلة المحتضنة لهم والمسيطرة عليهم سواء كانت هذة السيطرة من خلفية الباشاوات فى زمن ما قبل ثورة 52 وأمتداداتها بعد الثوة من العائلات الغنية ماديا وهذة العائلات ظلت موجودة بطول الفترة الزمنية التى غيبت فيها العقول .. ونوع الرضا والقبول من هذة العائلات التى رضيت ان تكون الوصيف او التابع لهذة العائلات المستبدة التى استبدلوها بالجماعة الاسلامية وملحقاتها .
..
فأعتياد التبعية وأستعذاب الأستبداد سيبقى فى ريف الصعيد زمنا ليس بالقصير حتى يتخلص اهل الصعيد من الجهل وينتفضوا من الامية الجاثمة على هذة القرى والبلاد المغلوبة على امرها والتى ورثتها الجماعات المتأسلمة بدلا من عائلات النفوز السياسى باسم الدين وتطبيق الشريعة .
..
والدليل الذى استدل بة على صحة فكرتى هذة النسبة التى حصلت عليها هذة الجماعات فى صعيد مصر فى مجلسى الشعب والشورى والاستفتاء الاخير بنعم للدستور الذى يسلب حريتنا وارادتنا لصالح فئة من هذة الجماعات التى تستغل جهل العقول وتتراقص على انغام الشريعة لتطبق شريعتها ومنهجها دون ان يفهم الناس مقاصدهم وغاياتهم ... ولا حول ولا قوة الا بالله .
المصدر: الكاتب المصرى : أحمد المدنى
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد