جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الفهم في لغة العرب هو الفقه والإدراك وأهل المنطق يقولون بأن "الحكم على الشيء فرع عن تصوره" أي إدراك مفرده ، ولأن المفاهيم تتجدد وتتطور فإن الفهم أخذ منحى خاصا في لغة المعاصرين للربيع العربي حيث صار يعرف بأنه الوعي التام من الحكام العرب للشعوب في وقت يستحيل معه التفاهم مع هذه الشعوب .
وحفظ الله القائل :
وبعضهم فهم بعد ماذهب***وقت يكون عنده مثل الذهب
فقال قد فهمتكم وهربا***والتحف الخزي فصار كهبا
واليوم وبعد عام أو يزيد على رحيل زعماء عرب أساءوا فهم شعوبهم ولم يحسنوا قراءة تطلعاتهم وطموحاتهم ولم يستوعبوا قدراتهم على الإرادة والفعل ، فأطاحت بهم الشعوب من عروش الفاعلين وأدخلتهم في غياهب المفعول بهم ، وفي دورة للزمن سريعة جاءت بحكام آخرين إلى سدة الحكم وصناعة القرار .
وحتى نخرج من التلميح إلى التصريح ومن الإيحاء إلى الإشارة فإننا نشير إلى ما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن ويحصل الآن في سوريا الأبية ، وسنحاول أن تفهم عنا البقية الباقية من حكام ما قبل الربيع ما ذا كانت تريد هذه الشعوب من حكامها فتفهم هذه البقية فهما جماعيا ينجيها من شرر شعوبها ويقيها غضبهم..
الشعوب العربية كانت تريد –وستظل- أن تعيش حرة أبية كريمة لا يداس لها على طرف ولا يظلمها أحد وكانت تريد أن تحس ببقية جسدها حين يشتكي منه عضو أو جانب ، كانت تريد أن تتعاون مع العالم أجمع وتنفتح عليه وهي تشعر بأنها ند ورأس لا تابع وذيل .
كانت تريد أن تتصرف في ماءها وزرعها وخيراتها على أنها منحة خالصة من ربها لها فيه كامل الحق في التصرف والرعاية والعمران دون منة أو أذى من مخلوق .
كانت تريد من حاكمها أن ينطق بلسانها ويتخلق بخلقها ويمشي مشيتها ويلبس زيها ويدين بدينها أي تريد من يحافظ على خصوصيتها وهويتها الثقافية والاجتماعية والدينية .
الشعوب العربية والإسلامية كانت تريد حكاما يفكرون ويسعون لتحرير مقدساتها، أي كانت تريد زعماء لا يضحكون ملأ أفواههم و يهزون بطونهم ومؤخراتهم والمسجد الأقصى قابع تحت يد الصهاينة الأنجاس ، كانت تريد -ولا تزال- من يفتح لها الطريق إلى المسجد الأقصى -أول قبلة للمسلمين- أي كانت تريد الوقوف مع حكامها صفا واحدا لمساندة أهل بيت المقدس وأكناف بيت المقدس حتى يتحرر كل شبر من تلك التراب الطاهرة ويشعر أهلها بالأمن والأمان .
هذا ما كانت تريده الشعوب غداة خرجت على حكامها بأنفة وعزة وهتفت هتافها الخالد "الشعب يريد.." إنها باختصار كانت تريد حكاما يخطون خطوتهم الأولى إلى القدس بكسر الحصار عن غزة ويعلنون كامل دعمهم وتأييدهم للمقاومة الفلسطينية المسلحة في وجه آلة القتل الإسرائيلية ، وكانت تريد من يتخذ القرارات اللازمة بسرعة غداة همت إسرائيل الغاصبة الاستفراد بقطاع غزة حين اغتالت الشهيد المجاهد البطل أحمد الجعبري رحمه الله وتقبله في الشهداء .
المصدر: أقلام حرة - الكاتب الموريتانى عبدالله ولد إسماعيل الشريف
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد