تكاثر الحديث في الآونة الأخيرة عن استيلاء إسرائيل على غاز مصري من حقول بحرية داخل حدود مصر الاقتصادية الدولية بشرق المتوسط.
تلك المنطقة المحيطة تضم مصر ولبنان وقبرص وتركيا واليونان..، وصف هذه المنطقة العالم السكندري إراتوستينس (276- 194 ق م)، كان ثالث أمناء «مكتبة الإسكندرية» في عصرها الذهبي، بأنها منطقة من البحر المتوسط تقع على بعد 190 كلم شمال دمياط، تعيش فيها أسماك وقشريات مختلفة عن باقي البحر..، وقد جرى تفسير في ذلك في العصر الحديث بوجود جبل غاطس ضخم في تلك المنطقة، إذ يرتفع ألفي متر فوق قاع البحر، وقد أطلق على الجبل اسم إراتوستينس..
كان من الممكن أن تشهد منقطة الشرق الأوسط تطور ونقلة تاريخية من خلال هذه النقطة التي يعدها البعض، بأنها تحوي على أكبر احتياطات الغاز عالمياً ، إلا أن إسرائيل تفرض نفسها عليها بحكم إطلالتها على البحر المتوسط..
وبعد ظهور تقنيات التنقيب والحفر البحري الحديثة، وبعد أن أتاحت التكنولوجيا الحديثة اكتشاف حقول غاز هائلة على أعماق سحيقة بشرق المتوسط، في عامي 2010-2011م، فقد اصبح من الممكن الحفر تحت مياه عمقها يفوق ألفي متر..، ومع زيادة الإهتمام بقعر شرق المتوسط، زادت المناورات البحرية والدوريات المتعددة الجنسيات بأغراضها المتعددة، بما هو معلن كمكافحة الإرهاب أو منع انتشار تكنولوجيا الصواريخ الموجهة، وبما هو خفي، بعدما ظهرت الكثير من البعثات العلمية لمسح قاع البحر، وما تلاها من منصات الحفر البحري للتنقيب في تلك المنطقة البكر ..
يقع البئران (فياثان الذي اكتشفته إسرائيل في 2010م، وأفروديت الذي اكتشفته قبرص في 2011م) في السفح الجنوبي لجبل إراتوستينس المختفي تحت البحر وهويته المصرية مثبتة من 200 قبل الميلاد، ويمتدان إلى المياه الإقليمية المصرية، على بعد 190 كيلومتراً شمال دمياط ، بينما يبعدان 235 كيلومتراً من حيفا و180 كيلومتراً من ميناء ليماسول القبرصي..
وقد أعلنت إسرائيل أن حقلي الغاز المتلاصقين، لفياثان وأفروديت يمثلان احتياطيات قيمتها قرابة 200 بليون دولار..، وفي فبراير 2012م بدأت اسرائيل تطوير حقل على بعد 110 كم من دمياط..
إن واقعة سرقة اسرائيل للغاز المصري لم تكن هي الواقعة الوحيدة، وإنما بدأت إسرائيل في مسلسل إعلان استخراج الغاز من أراض عربية في سنة 2009م، حين أعلنت عن اكتشاف حقل «تمار» المقابل لمدينة صور اللبنانية..
والحديث عن الجهود التي تبذل من اسرائيل لإغتصاب الغاز المصري ليست بدعاً ولا كلاماً بل إن بعض الخبراء المصريين نشر مجموعة من التقارير فى مجلات علمية متخصصة تشرح بالتفصيل الجهود التى تبذل لإغتصاب غاز شرق المتوسط، من خلال إعداد العلماء الإسرائيليين للكثير من التقارير والأبحاث في هذا الموضوع..، حتى أن رئيس الوزراء اليونانى كارلوس باباريوس إنه حذر مصر من مساعى إسرائيل للاستيلاء على احتياطيات الغاز فى شرق البحر المتوسط وطالب السلطات المصرية بالتصدى لتلك المحاولات..
وكل ماسبق يدعونا للتساؤل ..، لماذا تغض الحكومة الجديدة الطرف عن ذلك بل وتتخذ موقف المتفرج على الرغم من دعوة الكثير من القوى السياسية والخبراء وتصريحات من خارج مصر إلى ضرورة اتخاذ موقف مصري حاسم إزاء هذه التقارير، واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الثروة القومية المصرية؟!..