قلت له بأنني مسافر إلى لبنان قريبا
نظر إلي وقال: أأنت مجنون !!! من يذهب إلى لبنان في هذا الوقت.. ربما وربما وربما... أنت تعرف
نعم أعرف .. أعرف بأن الجنون يعصف بالوطن. أعرف بأن هنالك الف دولة .. الف طائفة.. الف ميليشيا
واعرف بأن الكره يعصف بهم جميعا.. أعرف بأن الجار سقط , وحق المواطنة قد ذبحت.... أعرف كذلك بأن خلف كل ميليشيا دولة أجنبية تمدنا بسلاح الكره والبغضاء... والغريب بأننا نرتشف الكره والحقد بسعادة القتل ونوجه سلاح البغضاء إلى صدرو أحبائنا , جيراننا الذين عشنا معهم أجيالا وأجيالا فأصبحوا اليوم أعداء باسم الله تارة وباسم المال معظم الأوقات.
من وطني أحببت الأرض والشعب ... أحببت السماء والبحر... حتى الفراشات والخنافس في الحقل... ولكنهم يصرون علي قتل ما أحب..من أحب .
عادة ما أشتاق إلى الوطن أركض اليه أنتظر حضنا... أجدني في غربة أقسى... غربها يصنعها أهل الوطن "الأعداء" الذين يتقاتلون فيما بينهم والزعماء يتناولون العشاء سويا. وطن النور لا كهرباء فيه... وطن الحضارة الزائفة التي تغطي كل ما هو جميل
لست أدري لماذ يستولي الجهلاء على العقلاء ... لماذا يسحق المواطن, العامل , الكاتب وكل ذي ضمير يشنق كل يوم ألف مرة لرخص الضمير وغلاء باقي الأشياء.. أعرف كل هذا ومع ذلك مصر على الذهاب.. لن نبيع الوطن ونتركه ساحة للأشقياء.. لن أتركهم فراشات الربيع وحيدة وسأنثر حبوب القمح إلى عصافير الربيع... ونموت سويا برصاص الحقد.. أرقصوا وغنوا اياه القتلة هناك مهاجرون عائدون اصطادوهم قبل أ يستقروا ويتعلموا الحقد والكراهية .