WA-WEEKLY

 


   + الديكتاتورية من زاوية المسح  هي عندما يجد المواطن نفسه مجبرا على  مسح ولعق حذائها أو أن تدوسه بحذائها الثقيل كل يوم.  وإذا هاجرت فقد تزاول أحقر المهن لأنك بكل بساطة في نظرهم قادم من الجنوب المتخلف، وبالتالي يصعب ان تعيش المواطنة من الدرجة الأولى.
 فعلا ما أشقانا نحن المواطنون العرب من دول الجنوب في هذا العالم، الذي أضحى أمامنا أضيق من ركن مظلم ومعزول وبخيارات جد محدودة..  كان آخرها الخيار التراجيدي الأكثر مأساة على الطريقة البوعزيزية.
               ومن هنا أدعوكم إلى وقفة تأمل
 
وبالضبط عندما تمر يوما ما بجوار أحدهم وتنظر إلى حذائك وتريد تلميعه عند ماسح الأحذية.
 
فإذا مررت يوما ما بجوار أحدهم ونظرت إلى حذائك وأردت تلميعه عند ماسح الأحذية، فاعلم يا صديقي العزيز أن من ستمد له رجلك ليمسح أوساخ حذائك أنه إنسان مثلك، قهرته الظروف في مجتمع لا يرحم وواقع مرير ووطن مسروق أنتج لنا أناسا في الهامش البعيد جدا، لا أحد يكترث بهم وكأنهم من خارج الزمن!
قبل أن تمد رجلك لماسح الأحذية فكر ألف مرة، ثم فكر في الظروف أللإنسانية التي جعلت منه ماسح أحذية، وجردته من كرامته الإنسانية. فهي نفس الظروف التي قد تسقط فيها أنت يوما ما، أوغدا ابنك، أو أحد أبناء أبناءك... ومن يدري فقد تكون هي نفس الظروف البئيسة التي داست كرامة أحد أبائك و أنت لا تدري؟!!
 
فقط مجرد دعوة للتأمل والتفكر قبل أن تمد حذائك الى ماسح الأحذية لتزهو بلمعانه ونوعيته الايطالية..
 
تذكر فقط أن في هذا العالم هناك أنواع عديدة من الماسحين والمسّاحين. فقد تجد من يمسح لك حذاءك ويلمعه بأجر زهيد من أجل لقمة عيش زهيدة! وأن هناك من يحترف النذالة وينحني بخبث جبان ليلعق الأحذية ويمسح غرور الأسياد، ليس من أجل لقمة عيش زهيدة..ولكن ليجعل بعضا من الأشقياء تحت حذاءه، إشباعا لشجع ومرض عميق متجذر من الخبث و النذالة !
 
أما أنا فأنصحك أن تتذكر أن الدنيا فانية وأن الإنسان هو "المعاني والقيم الإنسانية" وأن تحترف المسح بدورك هواية.
والمسح هنا الذي ادعوكم إليه، هو مسح من من نوع آخر، هو أن تكون ماسحا لدموع البؤساء والأشقياء من حولك، من أصدقاءك وأحبّائك و أهلك ومعارفك وجيرانك ..فهناك أناس نبلاء لا يسرقون ولا يقطعون طرقا و لا ينتشلون و لا يحتالون رغم ظلم الواقع المرير الذي يتبرأ منه العالم بقسوته وأنانيته ودونيته التي يفسرها عدم إعترافه لمسؤولياتها عن هذا الهامش من الوحشية والإقصاء، بينما يمثلون أجمل وأحلى الأدوار في المشاعر الإنسانية في أفلامهم وكارتوناتهم وشاشاتهم في هوليود وبوليود وعطيوط وغيرها من المسرحيات..ويا سلام على الذوق المتعالي في جبل من الدّونية!
 
هناك أناس أنواع من الماسحين "ماسح متمسح تمساح"وما أكثر على الكراسي ومناصب الديكتاتورية، وهناك ماسحو الأحذية، وماسحو توافد العمارات،وماسحو نوافذ السيارات على الممرات الضيقة على مفترق الطرقات، وهناك بائعات المناديل بدون هوى، كلهم يستحقون فعلا أن نمسح على دموعهم من أثار الحرمان والتهميش ليس عطفا وإنما واجبا وتضامنا، ليس معهم فقط وإنما أولا مع إنسانيتنا كبشر!
هذه هي أخلاق الأنبياء الذين لم نعهد منهم أحدا يمسح أحذيتهم ولا يفترشون لهم الزرابي الحمراء !
 
- ليس المروءة فقط يا صديقي أن لا تنحني للآخرين..ولكن قمة المروءة ألا تجعل الآخرين ينحنون لك. أو ليس كمن قال : من اليمين ولو كان عمر في اليسار؟ وأنت مقبل على مدِّ أحد منهم رجليك اليسرى أو اليمنى لماسح الأحذية، توقف قليلا يا صديقي وفكر في هذا الإنسان، فالإنسانية معاني ولا يحيا الإنسان ولا يرقى إلا بالمعاني. وخذ حذائك وتناول الفرشاة من عنده وامسح حذاءك بنفسك. ثم امنحه أجره كاملا كأنه هو من قام بتنظيف حذاءك ثم انصرف..ولا تنسى كلمتي: "شكرا" و"عفى الله"..
 
أن تشعر بإنسانيتك هي أن تشعر وتحس أن العالم بيتك الصغير وانك جزء من الآخرين ..صدقني وحينها فقط ستفهم معاني السعادة الحقيقية. يجب أن نخلص مجتمعنا من بعض المظاهر التي تحط من كرامة الإنسان أو على الأقل أن نعلمها للأجيال الصاعدة ونحيي فيهم روح المعاني الإنسانية الراقية وأن الناس سواسية كأسنان المشط.وكذلك أن نخلص المجتمع من النوع الأحقر للمسّاحين الذين يحترفون مسخ الشفافية والكرامة والقيم، وذلك أن نسعى أن تكون الكفاءة والمثابرة هي مقياس التفاضل والتنافس الشريف، وليس بأن نقيس الأمور من تحت الطاولة أو مسحا لحذاء التسلط والنفوذ!
- عندما وقف نيرون في شرفة قصره يتمتع برؤية روما التي أحرقها بكامل مجدها، كان يقف إلى جانبه مرافقه الفيلسوف رينون. فسأله نيرون كيف وجد منظر روما وهي تحترق، فقال له الفيلسوف:
"إذا احترقت روما فسيأتي من يعيد بناءها من جديد، وربما أحسن مما كانت عليه، لكن الذي يحز في نفسي هو أنني أعلم أنك فرضت على شعبك تعلم شعر رديء فقتلت فيهم المعاني، وهيهات إذا ماتت المعاني في شعب أن يأتي من يحييها من جديد "
 
أرجوكم لقد سلبتم كل شيء فلا تسلبوا العقول عندما تقتلون المعاني !
           السلام عليكم                                           

المصدر: محمد بوعلام عصامي www.facebook.com/md.bl.issamy [email protected]
WA-WEEKLY

صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة .. رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير : د. علاء الدين سعيد

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 118 مشاهدة

رئـيـــــــس مـجــلـــــــس الإدارة و رئـيــــــس الـتـحـــــــــريــــــر د. عـــلاء الـديــــن ســــــعــيــد

WA-WEEKLY
* السـنة الرابعة * العدد رقم ( 208 ) - ************ الخميس الموافق 27 نوفمبر 2014 تصــدر مـن الـقـاهـرة - جمهـورية مصــر العربيـة ====================== ALWATANULARABY JOURNAL ********* Chairman and Editor in Chief : ALAUDDIN SAID ====================== No. 208 - 27 of Nov 2014 ====================== CAIRO - ARAB REPUBLIC OF EGYPT »

ابحث

إشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك كل جديدنا ضع ايميلك هنا ثم اضغط للإشتراك

Delivered by FeedBurner

لا تنسَ الرجوع إلى أيميلك لتفعيل الإشتراك

لمراسـلتنا بأعمالكم و أخبارِكم و آراءِكم .. إيميلات إدارة النشر بالصحيفة 

  [email protected]
أو إلى
[email protected]
أو إلى
[email protected]

 برسـالة متضمنة السيرة الذاتية الموجزة موضحة بها بياناتكم وعنوانكم وجنسيتكم وصورة شخصية مختارة للنشر مع موضوعاتكم ، مع خالص تحياتنا وتمنياتنا 

  

أهم و آخر الأخبار

================================

  •   مفتي تونس: 16 تونسية سافرن الى سوريا ل"جهاد النكاح" الذي اعتبره "بغاء"
  •  طلاب إماراتيون يصممون سيارة تقطع ألف كم بلتر واحد من الوقود
  •  طيران الامارات يرعى بطولة فرنسا المفتوحة للتنس خمسة أعوام ..
  •  الأمم المتحدة تطلق تقريرها السنوي للتنمية البشرية لعام 2013
  • عاطف عبدالعزيز وقراءة في" الحياة السرية للآباء " للشاعر صلاح فاروق
  • أقـلامٌ و آراءٌ حُـرّة

    =================================

  • الكاتب العراقى دكتور : عزيز العلي ، يكتب : ثورة ربيع العراق ، والمعركة الاستخبارية الدبلوماسية
  •  الكاتب السورى دكتور غسان شحرور ، يكتب : لغتنا الجميلة في عيدها .. هل اقترب نعيها ؟!
  •  الكاتب السورى دكتور غسان شحرور ، يكتب : في يوم "داون" العالمي ، دعوة إلى مواجهة التحديات
  • حينما توشك الدولة على الافلاس ، هل يمكن انقاذها - بقلم الكاتب المصرى دكتور : حسين الكاشف

  • كُتـَّاب ٌ و أعمـِدَةٌ و أقلام

    ============================
     

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

          

      شاركونـا صفحاتنـا 
    على المواقع الأخرى

    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// 
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// 
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  

    تقارير و دراسات

    =========================

  • مصر- نقيب عمال مصانع الطوب:اصحاب مصانع الطوب اعلنوا توقف المصانع نهائيا بعد ان فوجئوا بان التفاوض كان حبرا على ورق ...
  • خاص " الوطن العربى "- اليمن : قضية صعده من وجهة نظر(الحوثيين) في ورشة عمل بصنعاء  
  • ننشر القائمة الأُولى لأسماء افراد جماعة الاخوان الذين إحتلّوا مناصب الدولة خلال 7 أشهر فقط 
  •  تقرير لـ"سي آي إيه" يُلمح إلى استخدام إسرائيل السلاح النووي في حرب 1973 ضد مصر وسوريا
  •  إسرائيل خططت لقتل خال صدام لنصب فخ لاغتياله خلال جنازته