المراهنون على أن التيارات السياسية المتأسلمة... ستراجع مواقفها وتتحسن عقيدتها وتتغير أراؤها مع المشاركة السياسية والحراك الأجتماعى ... مخطئون فى رؤيتهم وضل ضلالا مبينا معتقدهم .
فعقيدة هؤلاء المتأسلمون الذين عملوا فى الظلام وتحت الأرض لفترات طويلة ورؤيتهم لأنفسهم أنهم الفئة المظلومة فى مجتمع ظالم وكافر تركهم للظالمين والكفار دون أن ينصفهم أو يدافع عنهم وأتخذ من الظلم الواقع عليهم موقفا سلبيا فى عهد النظام السابق ...حتى وصل فكرهم ومعتقدهم الى تكفير المجتمع بأسرة .. فأفرزت هذة الجماعات التى ظهرت فى غياب الدور المعتدل للأزهر وضعف مواقف رجال الدين به بما يمثلونة من أعتدال فى المنهج ورقى فى التفكير ... الى كيانات أتخذت فكرا واحدا جامدا فى التفكير يغلب علية التشدد ومالوا الى الفتاوى الشاذة التى ترهقهم قبل ان ترهق الناس أنتقاما من هؤلاء الناس الذين لم يقفوا بجوارهم فى محنتهم .....وأعتمدوا على ان هذا التشدد يميزهم عن غالبية المصريين الذين يميلون الى التسامح ورؤية الدين الذي يعرفونة( بأنة الرفق فى الأمر كلة ) بالفطرة التى ورثوها عن أباؤهم فى فهم الدين الوسطى وما وصل اليهم من سيرة سيد الخلق نبى الامة وهو ما يطلق علية أيمان العوام ، أما هؤلاء من يدعون فهم صحيح الدين دون غيرهم ... فأخذوا عن بعض الفقهاء ....ولكن حتى عندما قلدوهم حفظوا عنهم ولم يفهموا مقاصدهم ... وأستقوا أفكارهم وتكونت عقيدتهم من منبع ومشرب واحد فى تطبيق الأحكام بالرغم من أن الميزة الكبرى لشريعة الاسلام التى تتفرد بها هى تعدد أراء فقهائها.. وكثرة ينابيعه...وأختلاف مناهجها ... وسماحة الفتوى فى كثير من المواقف لان للدين مقاصد كبرى يبغى تحقيقها .... لا الوقوف عند تفاهات الامور .... هكذا فهم أصحاب المذاهب الكبرى ... فكان أختلافهم رحمة للمسلمين .
فولدت من رحم هذا الفكر المتشدد فى رؤيته الأحادية و فى منهجه المتشدد جماعات التكفير والجهاد الاعمى التى وصل بها الفكر المنحرف عن فهم وتذوق الدين الصحيح أن نادت بالجهاد حتى ضد أهلهم وعشيرتهم وزويهم ... فسلكوا طريق الخوارج وهم لا يشعرون ، فهذا الفكر القديم الجديد الذى يّّدعون أنهم راجعوة وصححوة لا يختلف كثيرا عن منهجهم الجديد... بعد أن شاركوا فى العمل السياسي ولكن بعد تجميلة وتحسينة وكمرحلة هدنة أو أستراحة مقاتل حتى لا يواجهوا بالنقد والتوبيخ ... وحتى يستمروا فى تنفيذ مخططاتهم فى هدوء وروية ودون صدام علنى بالقوى السياسية التى قد تحبط نتائجهم التى يصبون الى تنفيذها ولو ادى ذلك الى ضياع جزء من الوقت .
ولكن رؤيتهم تغيرت فى الأساليب فقط ، وظل معتقدهم ورؤيتهم أن هذا المجتمع فى جزء منه كافر أو عاصى أو مغضوب علية وأن لم يعلنوا أراؤهم صراحه... وأنهم المؤمنين الذين يدافعون عن شريعة الله ويسعون الى تطبيقها ... ولكنهم مجبرون على أن يداهنوا هذة الفئة التى لا تدرك ولا تبصر ولا ترى من الحق شيئا ... لأن الله طمس بصيرتهم وأضلهم عن الطريق الصواب الذى أراده الله لعبادة المخلصين أمثالهم فقط .
لذا هم يعتبرون أن الأمر الواقع على الأرض وفقة الأولويات يفرض عليهم تغيير التكتيك المرحلى للوصول الى أهدافهم ... لأن المجتمع المصرى غير مؤهل حاليا على تقبل معتقداتهم الصحيحة للدين وتطبيق شرع الله برؤيتهم السديدة ... وهم مجبورون على مسايرة هذة الفئة الضالة أو العاصية المسماه بالمسلمين شكلا فقط وليس مضمونا وما يمثلها من قوى سياسية علمانية لاترغب فى تنفيذ شرع الله كما أرادوه حتى ان بعض قياداتهم رموا هذة الفئة او هذا الحزب بالكفر ... وحتى تتغير ظروف المجتمع أو تهدأ هذة الأنتفاضة المسماة بالثورة .... حتى يجدوا الظروف الملائمة للتحرك نحو تنفيذ شريعتهم ورؤيتهم وتطبيق قوانينهم .
وهم يتبعون للوصول الى أهدافهم مناهج عدة تختلف بأختلاف مدى قوتهم وضعفهم فى المرحلة ... ومدى صلتهم بالقوى السياسية الموجودة على الساحة ... ومدى تهيئة الأجواء على الأرض للتحرك للأستحواز والسيطرة لأضفاء شرعية لمعتقداتهم وخطة التنفيذ التى تهدأ وتسرع بالتناسب مع غفلة القوى السياسية ويقظتها ... لأنهم تعلموا الدرس من الصدام الواضح والعلنى مع القوى السياسية الموجودة والمتحكمة بالدولة على مر السنوات الماضية سواء كانت هذة القوى حكومية أو قوى سياسية أخرى سواء ليبرالية او اسلامية أخرى تعتنق فكرا متحررا ولو بعض الشئ ،
وهم يتبعون فى ذلك وسيلة جديدة عليهم .. وربماكانوا غير مقتنعين بها ولا يحبونها غير وسيلة الصدام أو التنفيذ بالقوة لمبدأهم المقتنعين بة ( من رأى منكم منكرا فليغيرة )... وهى وسيلة اقناع الغير ... وأن مالا يدرك كلة لا يترك كلة ولو مرحليا ، لأنهم أدركوا أن هذة الوسيلة أفضل طريق للوصول الى أهدافهم ليس لأنهم مقتنعون بمنطق الحوار والشورى أو الديمقراطية التى يكفرون بها وأعلنوا كفرهم بها صراحة ... ولكن بمنهج الوصول الى الغايات والنتائج وبغض النظر عن الأساليب الجديدة المؤقتة .... و بأقل الخسائر الممكنة من سجون ومعتقلات أو من نبز المجتمع لتصرفاتهم ولأساليبهم التى لا يرضى عنها الناس .
ولأن المؤمن كيس فطن ، ولأن ما لا يدرك كلة لا يترك كلة ، فلابد من أقناع هؤلاء الضالون المنحلون أو على الأقل المخطئون الذين لا يرون الحق الذي يرونة هم .
الحل الوحيد أن الضرورات تبيح المحذورات وأن المداهنة ليست كذبا فى السياسة ، وأنه يجوز الخداع بديلا عن الكذب الواضح من أجل المصلحة العليا للمسلمين ، فأظهار غير ما تبطن أمرا جائز وأن يفهم الناس منك مقصدا يريدونة ولا تريدة أمرا محمودا وجائزا فتتلون المواقف حسب الظروف فالقرض الدولى اليوم حلال بعد ان كان بالامس حرام وربا .
وهكذا تحولت المفاهيم لهذة الجماعات من أعلان ما يبطنون على أنه الصدق والشفافية والنقاء بجرأة حتى لو كان تكفير المجتمع أو ما لا يرضا عنة الناس طالما يخالف الدين ، الى خداع ومداراة ورمادية ومسك العصا من المنتصف ليسايروا هذا المجتمع المتخلف الذى لا يعرف مصلحتة جيدا ولو الى حين حتى لا يفهم مواقفهم بوضوح أو يتعرف الشعب على ما يبطنون ليتمكنوا من الخروج بأمان من أى موقف ويحتاطوا لذلك أحتياطا جيدا ... فرضوا بقواعد اللعبة الانتخابية بالرغم من انهم يحرمونها لانهم لا يجدوا لها اصلا فى الاسلام ويعتبرونها منكرا او بدعة .
ولذلك لا ترى مواقف واضحة صريحة ... ولا منهجا منطقيا مقنعا يريح القلوب ويطمئن العقول ... من صحبة هذا الفريق وقيادتة للأمة لأنهم يفهمون ما لا يفهمة الناس ، ويرون ما لا يراة الأخرين ... و يعتبرون أنفسهم أوصياء على الناس لفرض رؤيتهم وشريعتهم التى يعتقدون صحتها .
وفرق بين الاعتقاد فى وحدانيته سبحانه وتعالى وفرائض الاسلام التى لا يختلف عليها المسلم ... وشريعه الله التى أرادها للناس لتصلح لكل زمان ومكان ... وتتغير فى تطبيقها تمشيا مع مصالح الناس وعيشهم وزمانهم وتذوقهم للمقاصد العليا للمسلمين عند الأفتاء الناس ... و هى التى تنشأ على الشفافية والوضوح والفهم الصحيح والصدق والعفاف والحرية التى منحها الله لعبادة ... حتى على الأعتراف بعبوديته بأنه الأله الواحد أو أنكارها ... فشريعة الله أرادها لاصلاح حياة الناس وشؤنهم وأحوالهم كما أرادها الله لعباده ... لا كما أرادتها قوانين هذة الجماعات .