جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
المبادىء تلك القناعات والثوابت التي يؤمن بها الإنسان وترسخ فى نفسه ومكنون ضميره كرسوخ الجبال والتي قد يموت الإنسان من أجلها ويضحى بأغلى شيء وهى حياته فى سبيلها
والتي تتصف بالثبات لأن تغيرها وتبدلها يعنى أنها ليست بمبادىء وأن صاحبها متلون متغير ومبادئه هي المصلحة أينما كانت مصلحته كانت مبادئه
وفى الغالب هؤلاء الأشخاص يكونوا ميكافليين فالغاية عندهم تبرر الوسيلة
والمواقف على عكس المبادىء تتميز بالمرونة والتغير طبقا لتغير الظروف ولكنها يجب أن تكون منضبطة بالمبادىء فتغيرها إنما يأتي فى إطار خدمة المبادىء وتحقيقها...
فى نظرة موضوعية على الصورة القاتمة التي نعيشها نجد أنه قلما تجد أصحاب المبادىء بل أصبحنا أصحاب أهواء ومصالح
وكل شيء أصبح مباح وكل الأسلحة مستخدمة فى الصراع ..فلم تعد هناك أخلاق الفرسان فى زمان عز فيه الفرسان..فى عصر القرود...
الرئيس محمد مرسى عندما تم نشر صوره وفيديوهاته فى العمرة هاجت الأقلام وماجت الكاميرات فكيف لنا بالتجارة بالدين والعبادات ومع الإختلاف مع وجهة النظر تلك إلا أنها تبقى محل تقدير وإحترام ..ولكن الطامة الكبرى أن تلك الاقلام والكاميرات ذاتها وبعد أيام تصور الرجل الصالح الفريق شفيق فى المسجد الحرام وبيده المصحف ويرتدى الجلباب الأبيض والنور يملأ جبينه والإيمان يكسو وجهه وعلامات الرضى والقبول تشع من وجنتيه ..لدرجة أنني فكرت بشراء جلباب أبيض عسى أن يزيل الران من قلبي ...وهنا لا تعليق..
الكارثة الأكبر والطامة الأخطر فى مقال سابق إنتقدت فيه ما سميته بالسلفيين الجدد أو أهل الفكر المد خلى الذين لا هم لهم سوى التجريح والتفسيق والتبديع بل والتكفير لا لعامة البشر والعصاة من أمثالى بل لصفوة أهل العلم ..ومع إختلافي فكريا مع الفكر السلفي عموما ولكنى فوجئت بتعليق غريب ..التعليق فيه حديث للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
*************************
"يأتي في آخر الزمان قوم: حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان،(غزيرو اللحية)، مقصرين الثياب، محلقين الرؤوس، يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّة، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد."
صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم
مصادر الحديث:
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
وتم إسقاط الحديث ظلما وعدوانا على السلفيين خاصة والإسلاميين عموما
بل البعض أسقطه على الثوار الأحرار فى سورية فجعلوا منهم كفارا ومن عباد بشار مؤمنون ولا حول ولا قوة إلا بالله
ولما بحثت وجدت الحديث منتشر فى مقالات وتعليقات لأناس كثر.. لا أظن أحدهم يعلم من هما الشيخان أو أصحاب السنن ووجدتها موجة تكفير من نوع آخر عانينا من التكفير من بعض طوائف الجماعات الإسلامية وما زلنا نحارب هذا الفكر التكفيرى من أي شخص أو فئة وأعلنت تضامني مع الشاعرة ميسون السويدان للحملة الشرسة التي تعرضت لها بسبب كلمات أساء فهمها المتشدقون بحماية الشريعة-وهم من سلفيو السعودية- ولما وضحت هى كلماتها شعرت بالإيمان فى كل حرف من حروفها...
وإذا بنا بحملة تكفير وإسقاطات غير مقبولة وتأله على الله ورسوله من نوع آخر والغريب فى الأمر أن من ينشرون الحديث ويسقطونه على السلفيين هم من ظلوا يتهموهم بالتشدد والتكفير وإستغلال الدين ولى عنق النصوص ..
..أختلف مع الإخوة السلفيين خلاف فى الفهم والفكر ولكنى لا أملك حق إسقاط ما أسقطه البعض وللأمانة وعلى قدر علمي المحدود وفهمي للحديث تلك صفات الخوارج الذين قتلوا عثمان وعلى رضى الله عنهم ...نعم هناك البعض من أتباع المنهج السفلى شطوا وتشددوا وتطرفوا ولكنى أحسن الظن بالسواد الأعظم منهم .. ويبقى خلافنا خلافا فكريا كما أننا هنا نقع فى المحظور ونفعل ما ننتقد بعض السلفيين عليه .اللهم إني أشهدك أنى لا أحمل ضغينة لبشر ولا أبغى سوى الحق وإن كرهت فإني أكره مواااقف وأفعال لا أشخاص
أنا لست عالما شرعيا ولا حتى طالب علم شرعى وأشهد الله أن أقوالي تلك لا تمثل سوى فمهى وما أميل إليه من أقوال أهل العلم الذين أثق فى عقولهم وعقائدهم وعلمهم ... وقعنا فى المحظور وجعلنا من أنفسنا قضاة وأسقطنا أحكاما دون علم وتألهنا على الله وكذبنا على رسوله وخنا مبادئنا وقناعتنا..وشتان بين المنهج السلفي وهنا أتحدث عن المنهج وليس الأشخاص الذى أساء بعضهم للمنهج أكثر من المعادين ..وأنا مختلف معهم بشكل كبير ..ولكنها الحقيقة ...ولا يمكن أن أنتقد الفعل وآتى مثله ولا أن أحارب الجهل بالجهل والتعصب بالتعصب
لا أعلم على حد معرفتي أنا أحد من أهل العلم المعاصرين أو القدامى أسقط هذا الحديث إلا على الخوارج ..
ولا يجوز أن يملك بشر كائن من كان ختم التكفير لعباد الله المؤمنين ...
وهنا أستحضر مقولة لأهل العلم مفادها أنه من كان أستاذه كتابه كان خطأه أكثر من صوابه ..وهذه الإشكالية الكبرى التى وقعت فيها بعض الجماعات الإسلامية نظرا للتضيق الأمنى فى السابق فلم يجد بعض الشباب سوى الكتب التراثية والفقهية يقرأون ويطبقون ما يقرأون دون فهم لأصول وقواعد العلوم الشريعة فكفروا الناس بنصوص أحاديث صحيحة ولكنه الجهل فهم لم يعلموا أن هناك إيمان دون إيمان وكفر دون كفر ..كفر يخرج من الملة وكفر بمعنى ذنب..
الخلاصة أن للعلم الشرعى رجاله ولا يملك أحد ختم التكفير العينى وإن كان أعلم أهل الأرض
علينا أن نقف وقفة مع النفس ووقفة أمام الحق ونتدبر تصرف الحكيم الخبير بعباده وعبيده حتى من أنكر وجوده..
إرحموا أنفسكم وإخوانكم يرحمكم الله
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ( 118 ) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( 119 ) . ...................وقال تعالى
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين
صدق الله العظيم
المصدر: الكاتب المصرى دكتور : عاطف عتمان
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد