الخلايا الجذعيَّة .. القفزة العلميّة
و الطفرة العلاجيّة
بقلم و إعداد دكتورة
عزة عبدالعزيز
يتوقع العلماء تحقيق المعجزات بالاستفادة من بحوث الخلايا الجذعية، فعبرها يمكن التوصل إلى علاج أمراض تعتبر حالياً في حكم المستعصية، كما يمكن من خلالها مساعدة أعضاء الجسم المصابة أو المريضة على النمو وتجديد خلاياها. لكن إلى الآن لم يتحقق شيء من ذلك، إذ مايزال هذا النوع من البحوث من المسائل المثيرة للجدل، إذ يرفض الكثيرون لاعتبارات دينية أو أخلاقية استخدام الأجنة البشرية لأغراض طبية.
عمليات توسيع الأوعية الدموية تمنع السكتة القلبية، لكن الآثار الجانبية كبيرة وفي الولايات المتحدة كان القانون يسمح بإجراء بحوث الخلايا الجذعية باستخدام الأجنة البشرية في حدود ضيقة، وتغير هذا الوضع قبل نحو عام، ففي مارس/آذار من العام الماضي أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما مرسوماً رئاسياً لإلغاء القيود الموضوعة على بحوث الخلايا الجذعية. وقد تجلت آثار هذا القرار في عمل الطبيب مانفريد بوم، الذي يعمل باحثاً في معهد القلب والرئة والدم بمركز «NIH»، وهو أحد المعاهد الصحية المرموقة المتخصصة بولاية ميريلاند الأميركية.
انخرط الدكتور بوم في البحوث على الآثار الجانبية لعمليات توسيع الأوعية الدموية، وكيف تتعامل خلايا الجسم مع الجرح الناجم عن العملية الجراحية. فمن المعروف أن مثل هذه العمليات تمنع حدوث السكتة القلبية، لكنها لا تخلو من مضاعفات صحية. ويشدد الدكتور بوم على أنه عندما يتم توسيع أحد الأوعية الدموية، فلابد من أن تكون درجة التدخل الجراحي محددة بدقة، فلذلك علاقة وثيقة بآلية التئام الجرح، كما يضيف أن لهذه الآلية أيضاً علاقة بتحفيز أنواع أخرى من الخلايا مثل الخلايا الالتهابية.
إن معرفة الآلية التي تلتئم بها الخلايا، يساعد في فهم الأمراض وإدراك السبيل الأمثل الذي يقود إلى الشفاء. ويضيف الدكتور بوم قائلاً «هناك أيضاً إمكانات متاحة لاختبار عقاقير جديدة وأثرها على الخلايا، كما يمكن إجراء بحوث على تأثر أنواع معينة من الخلايا بالمحيط الذي توجد فيه».
ولا توجد من الناحية النظرية حدود تقيد إمكانات العلاج، إذ من المتاح هنا استزراع خلايا الجلد، والسؤال الذي يمكن أن يطرح هنا: هل من الممكن أن ينمو عضو في جسم الإنسان كاليد على سبيل المثال بعد بتر جزء منها؟ ويبدو الطريق طويلاً قبل أن نشهد مثل هذا التطور، فكما يعلق د. بوم فإن جسم الإنسان معقد للغاية. ولتوضيح الفرق بين الممكن من الناحية النظرية، والمتاح من الناحية العملية يضرب بوم المثل الآتي: «افترض مثلاً أن قلبي لا يعمل كما يجب، وقمنا بأخذ خلية منه لاستزراعها بهدف تجديد القلب برمته. هذا ممكن من الناحية النظرية، لكننا أبعد ما نكون عنه من الناحية العملية». وحتى الآن من غير المعروف تماماً الكيفية التي ستتم بها زراعة الخلايا التي تم استزراعها مسبقاً داخل جسم الإنسان، وكما يلفت الدكتور بوم النظر إلى أن نتائج التجارب التي أجريت على الحيوانات لا تبعث على التفاؤل كثيراً، إذ لم تعش الخلايا المزروعة إلا لفترة محدودة.
إن الخلايا التي تعرف بـ «IPS» هي الأساس الذي يبني عليه د. بوم بحوثه، وهذه الخلايا هي خلايا جلدية مكتملة النمو تم إرجاعها إلى حالتها الأولية، لتصبح شبيهة بخلايا الجلد في الطور الجنيني، ومن الناحية النظرية يمكن لهذه الخلايا النمو مرة والتطور لتصبح خلايا دماغية أو قلبية أو خلايا أوعية دموية، أو أي نوع آخر من الخلايا بحسب الحاجة. وهذا يفتح الباب أمام علاج أمراض مستعصية.