جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
وَهم البرنامج الانتخابى والمهام الخمس للرئيس
بقلم الكاتب دكتور صلاح هاشم
جاءت البرامج الانتخابية للمرشحين هلامية وغير ملائمة لفلسفتهم فى الإصلاح؛ لما تضمنته من شعارات غير قابلة للتطبيق وغير قادرة على مجابهة المعضلات الحقيقية التى يئن منها الوطن كالحرمان والجوع والمرض والأمية وافتقاد الإحساس بالأمان والعدل؛ مما دفعنا إلى الشك فى نتائج الاستطلاعات التى أجرتها بعض المؤسسات وخاصة جريدة الشروق حول أقوى البرامج الانتخابية للمرشحين لمنصب الرئيس، نظراً لعدم جدية هذه الاستطلاعات وافتقادها لمقاييس موضوعية ودقيقة فى التقييم.. فبالنظر إلى مشروع النهضة الذى تبناه دكتور محمد مرسى نجد أنه يعانى من ضعف واضح فى مكوناته ومحاوره لما يتسم به البرنامج من سرد نظري يفتقد القدرة على معايشة الواقع والتعبير عنه؛ فلم يتطرق البرنامج تماماً لمشكلة الفقر سوى فى سطرين اثنين فى محور العدالة الاجتماعية مشيراً إلى أنه سوف يحارب الفقر عن طريق تعديل قوانين الضرائب مع إعادة توزيع الدخول وهذا الحل رغم ضعفه الشديد وعدم فعاليته إلا أنه ضَيَّق كثيراً من مفهوم العدالة الاجتماعية عندما حصره فى مجموعة عناصر لا علاقة لها بمفهوم العدالة الاجتماعية الذى تدارسه فلاسفة القانون والأخلاق والاجتماع الذين أكدوا ارتباطه الوثيق بمشكلة الفقر. وتناول المرشح رؤيته للتنمية فى محور الاقتصاد التنموى الذى خلا تماماً من أي رؤى للنهضة والخروج من الأزمة ومن الصعب تحويل معطياته إلى خطط تنفيذية يمكن تطبيقها وقياس نتائجها.. أما برنامج الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح الذى تصدر نتائج استطلاعات جريدة الشروق،فقد أشار أنه سوف يواجه مشكلة البطالة بعمل قواعد بيانات للمتعطلين، ولم يدرك المرشح بأن الدراسة والرصد هما أداتي تشخيص للمشكلات وليس لعلاجها، وأكد أنه سوف يشجع الاستثمارات التى تستوعب العدد الأكبر من العمالة مثل أعمال التشييد والبناء متجاهلاً ما تعرضت إليه الأراضي الزراعية من غزو خراساني فاق مايزيد عن 200 ألف مبنى مخالف منذ بداية الثورة، وهو بذلك يدعو لمزيد من التوسعات السرطانية للعمران وعلى الشباب المصرى أن يعد نفسه جسدياً للعمل فى الفاعل بدلاً من إنتاج التكنولوجيا، وفى ذات الوقت أكد أبو الفتوح أنه سوف يعمل على زيادة الرقعة الزراعية واستصلاح الصحراء متجاهلاً أيضاً أزمة المياه التى تعيشها مصر منذ أعوام وأننا لدينا عجز فى مياه النيل وصل إلى 13 مليار كيلو متر مكعب؛ مما تسبب فى حرمان كثير من القرى من مياه الشرب عامة والنقية بصفة خاصة وكذلك تعرض مساحات واسعة من الأراضي الزراعية للتصحر بسبب ندرة المياه وارتفاع معدلات الاحتباس الحراري.
وإذا كانت برامج الناخبين بهذا الضعف والبعد عن محاكاة الواقع فيجب على الناخبين عدم الاعتماد على البرنامج الانتخابى للمرشح كمعيار للانتخاب وأن يستندوا فقط إلى خبراته السابقة فى أعمال وطنية موثقة وقصص نجاح مشهودة ومؤكدة وحنكة سياسية واضحة فى التعامل مع معطيات الواقع المصرى الراهن وكذلك فى التعامل مع الأوضاع السياسية المحيطة بالوطن من جوانبه الثلاثة فضلاً عن علاقة المرشح بالعالم الخارجي. وعلينا ألا نقبل مرشح أو نرفضه بناءاً على انتماءاته السياسية والدينية فكلنا أبنا وطن واحد وليس من العدل التمييز على أساس الدين أو العرق أو الطائفة أوالفكر.ولابد أن تكون الكفاءة هى المحك الأساسى للاختيار والتمييز بين مرشح وأخر. فكفانا صناعة لآلهة نُرضخ أنفسنا لعبادتها وهى من صنع أيدينا، وكفانا إنتاجاً لأشباح لن تُخيف أحداً سوانا.. ومن ثم فعلينا التحرر من كلمة إخوان وسلفيين وليبراليين وفلول فكلها أسماء أنتجتها عقولنا وليس من المنطق أن نجعلها تحكمنا وتوجهنا إلى الفتنة حيث كانت.. ويجب أن نختار الأصلح أياً كانت خلفيته ومن تنطبق عليه المعايير التى أسلفناها. ومن ثم فهناك خمسة مهام أساسية يجب أن يضطلع بها الرئيس فورا توليه للحكم وعليه أن يقدم لنا تصوراً منطقياً سريعاً لآلية تنفيذ هذه المهام قبل التصويت وهى: أولاً : إعادة الأمن للشارع مع تحسين أحوال الداخلية وإعطاء أفرادها السلطات الكافية لممارسة مهامهم الأمنية المقننة مع إيجاد البديل المناسب لجهاز أمن الدولة فلا توجد دولة فى العالم ليس بها جهاز لأمن الدولة .. وإلا استشرى المجرمون فى كل مكان . ثانياً: زيادة معدلات الإنتاج والحد من البطالة ، مع مراعاة أو زيادة فى دولاب الحكومة؛ فمعدلات التشغيل والتعاقدات التى تمت بعد الثورة سوف تدفع فاتورتها موارد الدولة قريباً فمعظم الذين تم عينهم لم يكن لهم توصيف وظيفي فى الدولاب الحكومي. ثالثاً: إصلاح التأمين الصحى وتحسين حالة المستشفيات العامة. وعلى الرئيس القادم هنا أن يدرس جيداً النموذج البريطاني فى التأمين الصحى والذى تبنته مارجريت تاتشر، وعليه فوراً التخلص من فكرة الانتقائية فى المستشفيات العامة بإلغاء الجناح الشعبي والاقتصادي مع توحيد الخدمة لكل أبناء الشعب دون تمييز. رابعاً: إصلاح التعليم وفتح منافذ الإبداع فى كل مجالات العلم وتحفيز المبدعين مادياً وأدبياً، وأن يكون معيار الإبداع هو تقديم حلول غير مبتكره وغير تقليدية لقضايا الواقع المصرى المعاش مع تحسين الأحوال المعيشية وبيئات العمل للمدرسين وأساتذة الجامعات. خامساً: إنشاء جهاز رقابى لكشف الفساد ومحاربته، وذلك يتطلب السرعة فى حل جهاز الرقابة الإدارية المشكل من رجال الجيش والشرطة مخالفاً للقانون 54 لسنة 64 والإتيان بجهاز رقابى قوى من خبراء مدنيين فى المجالات المالية والإدارية قادر على التعامل مع المستندات بعقلية الخبير وليس الشرطي ، فالعمل الناجح دائماً وراءه رقابة قوية .. وعموماً فإن الاحتكام إلى رؤية المرشح فى الحد من الفقر كمعيار للتمييز بين البرامج الانتخابية للمرشحين ربما يكشف لنا مدى ضعف وسطحية هذه البرامج؛ باعتبار أن الفقر من أهم المشكلات التى يعانى منها المجتمع المصرى وفشلت كافة حكومات ما قبل الثورة وما بعدها فى التخلص منه، لدرجة أننا كنا ولا زلنا نخشى من ثورة وشيكة للجياع ربما كانت هى الثورة العاجلة فى حالة استمرار الأوضاع الأمنية والاقتصادية فى التدهور إذا فشل الشعب فى اختيار المرشح الأكفأ أو فشل الرئيس القادم فى تقديم حلولاً سريعة للخروج من الأزمة..
المصدر: صحيفة الوطن العربى " الأسبوعية المستقلة - أسسها : علاء الدين سعيد
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد