لَكَ الخِيارُ
النصائِحُ الأخيرةُ لملوكِ الرماد
(1)
ولَكَ الخِيارُ الجَوهَرِيُّ - على الحقيقةِ -
لَيسَ لَك
غيرُ الهروبِ فَلَك
أَن تَهرُبَ الآنَ انتهَى
دَورُ البطُولَةِ لم يَعُد شيءٌ يقال؛
لا تَبكِ من ذَبَحت يَداك،
لا تَشكُ من حَضَنَت رُباك
أنت الذي سلمتَ قلبِي للظلامِ
زَرَعتَ في حرصٍ طُيورَ
الغَدرِ تنهشُ عِرضَنا؛
مَن باعَ سَيفي لِلعدا؟
مَن صارَ حِصنًا للئام؟
مَن جاب في طُولِ البلادِ وعَرضِها
يَحمِي اللصُوصَ يُشَرِّدُ الأطهار
من ظَلَّ يَزرَعُ أَرضَنا
سَرطانه المجلوبَ من بَلِدِ السلام!
من ظَلَّ يَزرَعُ شَعبَنا
إِرهابه المستَلَّ من خوفِ الكلام!
فَلَكَ الخِيارُ الجَوهَرِيُّ - على الحقيقةِ -
لَيسَ لَك
غيرُ الهروبِ فَلَك
(2)
احمل مَصائِبَكَ الجَليلةَ وانصَرِف
احمل زَمانكَ وانصَرِف
احمل رِجالكَ وانصَرِف
اخرُج بلا سببٍ سِواه
أَعِدِ الطفولَةَ والرَّجُولَة والكَرامَة
اللافِتاتُ... اللافِتاتُ... اللافِتات...
اللافِتاتُ تَدُكُّ قلعتََكَ الحَصِينَة،
اللافِتاتُ تُزيلُ صُورتَكَ الكَبِيرَة،
اللافِتات تُزيحُ نظرتَكَ العَجِيبة،
اللافِتات تُميتُ بسمتَكَ اللعينَة،
تَدنُو من القصرِ المنِيفِ، زئيرُها:
شَعبي يُرِيدُكَ خارِجًا
من برِّهِ/ من بَحرِهِ/ من هَمسِهِ المكبُوت
فاخرُج كأنكَ لم تَكُن
وكأنك الداءُ الخبيثُ بِصَدرِها
ودَمُ الشهيدِ دَواؤهَا الموصُوفُ
في باب الأنِين
فَصلَ الثَّلاثِينَ المرِيرَة
فَلَكَ الخِيارُ الجَوهَرِيُّ - على الحقيقةِ -
لَيسَ لَك
غيرُ الهروبِ فَلَك
(3)
ما زِلتَ يا فرعونُ في الصَّلَفِ العَنِيد
وعَصاهُ تأكل سِحرَكَم وكلامَكم ورَصاصَكم
قُرَناؤكَ استَبقُوا الرُّكُوعَ ببابهِ
وتسايَلَ الأبرارُ من كُلِّ الربُوعِ تَحصنُّوا
بِالموتِ واحتضنُوا الثَّكالَى في خشوعٍ: لا
نُرِيدُ سُوى الرحيلِ لِخاطِرِ
الشهداءِ والجَرِحى وأبناءِ النَّدَى
فَبِحَقهِم وبحقِّ أناتِ المدى
ارحَل طَرِيدًا بالدُّعاء
ارحَل ذلِيلاً بالنِّداء؛
الشَّعبُ يَهدرُ ماحِيًا
سَنَواتِ ذُلِّكِ: لا نُرِيدُ سِوى الرحيل
فَلَكَ الخِيارُ الجَوهَرِيُّ - على الحقيقةِ -
لَيسَ لَك
غيرُ الهروبِ فَلَك