محضر سريّ: "إسرائيل" كانت على وشك الانهيار في حرب 73 |
|
على الرغم من مرور 37 عاما على الحرب التي خاضتها إسرائيل ضدّ كل من مصر وسورية، إلا أنه حتى اليوم لم يتمكن قادتها من الاقرار بأن إسرائيل كانت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار التام بفعل المباغتة التي أحدثها الجيشان المصري على الحدود الجنوبية، والسوري على الحدود الشمالية، وامس الثلاثاء سمح المسؤول عن الارشيف الحكومي في تل أبيب بنشر محضر جلسة سرية بمشاركة كبار الوزراء وقادة الاجهزة الامنية.
ونشرت صحيفة "يديعوت احرونوت" محضر الجلسة واختارت في عنوانها الرئيس التشديد على الاعتراف الذي ادلى به وزير الامن في تلك الحرب، موشيه دايان، الذي قال في الجلسة، بحسب المحضر السري: ليس هذا وقت محاسبة للذات، لم اقدّر جيدا قوة العدو ووزنه القتالي، وبالغت في تقدير قواتنا وقدرتها على الثبات، العرب يقاتلون افضل مما كانوا عليه سابقا، يملكون أسلحة كثيرة، يصيبون دباباتنا بأسلحة خاصة، انّ الصواريخ تشكل مظلة منيعة لا يستطيع سلاحنا الجوي سحقها، لست ادري ان كانت اي ضربة استباقية قادرة على تغيير الصورة جذريا.
ذلك كان اعتراف موشيه دايان، وزير الحرب الاسرائيلي الاسبق، بخطئه في تقدير نوايا العرب وقدراتهم القتالية خلال حرب 1973، وقد توقع ان يتلاسن العالم على إسرائيل هازئين بأنها نمر من ورق، بعد ان فشلت في الصمود امام اولى الضربات التي تتلقاها من العرب رغم تفوقها النوعي.
اما غولدا مائير، رئيسة وزراء دولة اسرائيل انذاك، فقد سألت في الجلسة عينها: هناك امر واحد لا افهمه، لقد كنت اظن اننا سنبدأ بضربهم لحظة عبورهم قناة السويس، فما الذي حدث؟ عندها ردّ عليها وزير الحرب دايان قائلا لها: خسرنا دبابات، كان هناك غطاء مدفعي، دباباتنا اتلفت، لم تتمكن الطائرات من الاقتراب بسبب الصواريخ، 1000 قطعة مدفعية سمحت للدبابات بالعبور، ومنعنا من الاقتراب، انه اسلوب روسي، وتخطيط روسي كذلك، ثلاث سنوات من التجهيزات. ويتبين من المحضر انّ الوزير يغال الون اقترح ضرب العمق السوري، وتحديدا دمشق ولكن دايان ردّ بالقول ان هذه الخطوة لن تردع العرب، بل ستزيدهم اصرارا على مواصلة الحرب.
وقالت الصحيفة العبرية ان محضر الجلسة المذكور هو الاكثر سرية من حقبة غولدا مائير، وقد كتب ايتان هابر، من كبار المعلقين في اسرائيل والمدير السابق لديوان رئيس الوزراء اسحاق رابين، مقالا نشره الثلاثاء في نفس الصحيفة قال فيه ان البروتوكول الذي تمّ الكشف عنه هو بمثابة لائحة اتهام خطيرة للغاية بحق موشيه دايان، وانّه، ايْ المحضر، يثبت بشكل غير قابل للتأويل انّ اركان الدولة العبرية في تلك الحقبة برزوا من خلال المحضر انّهم كانوا في حالة من الهستيريا والفزع والهلع نتيجة الضربة السورية المصرية، لافتًا الى انّهم هم انفسهم الذين كان الشعب في اسرائيل يسجد لهم، على حد قوله.
وجاء ايضا انّه ترتسم فيه صورة بشعة لاول ايام الحرب. وفيه يقدر موشيه دايان، وزير الحرب حينها، ان العرب يريدون احتلال اسرائيل، وتدمير اليهود، حيث قال في حالة من اليأس: فُقِدَ خطّ القناة، ولذلك يجب التخلي عن الجرحى في التحصينات، والقول لهم بعهد ذلك، انّ الجيش لم يكن يعلم انّهم ما زالوا على قيد الحياة. ومن المعلومات التي تم الكشف عنها، يظهر ان دايان، لم يكن بطلا قوميا، كما صوره الاعلام الاسرائيلي خلال العقود المنصرمة، انما كان سببا في تضعضع القوات الاسرائيلية وانكسارها، ولفتت الصحيفة العبرية الى انّه كان السبب في رفض القيام بضربة استباقية، التي كان من الممكن ان تغير سيناريو الحرب جذريا.
وبحسب الصحيفة فانّ المحضر الذي نُشر امس يوثق بالتفصيل جلسة درامية عقدها مجلس الوزراء الاسرائيلي، وعلى رأسهم غولدا مائير، في السابع من تشرين الاول (اكتوبر) من العام 1973، ايْ بعد اندلاع الحرب بقليل، ويتبين منه انّ دايان عرض تفاصيل سقوط مواقع التحصينات الاسرائيلية، الواحد بعد الآخر في قلب سيناء، وقدّم اقتراحا بموجبه تنسحب القوات الاسرائيلية الى خطوط المضائق - المعابر، 30 كيلومترا بعيدا عن قناة السويس، وان تترك وراءها الجرحى الذين لا مجال لاخلائهم، وفي هذا السياق قال دايان في الجلسة عينها: في الموقع الذي يمكن اخلاؤه، نخلي، وفي المواقع التي لا يمكن اخلاؤها سنترك الجرحى. من وصل وصل. اذا اختاروا الاستسلام، فليستسلموا، يجب ان نقول لهم: لا يمكننا الوصول اليكم، حاولوا التسلل او فالاستسلام، على حد قوله.
ويظهر من الاطلاع على محضر الجلسة السرية، انّه في اليوم الاول من الحرب سجلت خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وذلك يشمل القتلى والاسرى، كما انّ الجنود في الجبهتين طلبوا النجدة، وفي هذا السياق قال دايان: كل ما فقدناه كان خلال قتال عنيف، كل دبابة وانسان فقدناه، كان ذلك خلال القتال، الذين كانوا يسيطرون على الخط حثوا ارييل شارون، الذي كان في الحرب قائدًا في الجبهة الجنوبية، ولا يزالون يحثونه، على الوصول الى هناك، انهم لا يزالون يقاتلون هناك، شارون اراد اقتحام قناة السويس، والمواصلة عبر الجسر الى الامام، ولكن القائد المسؤول عنه رفض ذلك.
وللتدليل على حالة الهلع التي سادت اقطاب الدولة العبرية يشار الى انّ وزير الحرب دايان قال في الجلسة انّ العرب يريدون السيطرة على ارض اسرائيل بالكامل، امّا غولدا مائير فرأت ان حرب الـ73 هي الحرب الثانية بعد حرب العام 1948. ويعتقد دايان انّ اخراج هذا السيناريو الى حيّز التنفيذ يعني يوم القيامة بالنسبة لاسرائيل، لانّ العرب يريدون القضاء على اليهود، على حد قوله..