WA-WEEKLY



الغضب والتفكير السلبي والضغط النفسي تعتبر عوامل مدمرة لصحة القلب والجسد، ولذلك أمرنا الإسلام بالابتعاد عنها....


لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب لأمر من أمور الدنيا إلا أن تُنتهك حرمة من حرمات الله تعالى! فكان رضاه من أجل الله وغضبه من أجل الله، فكان بذلك أسعد الناس وأكثرهم استقراراً وطمأنينة، وضرب لنا أروع الأمثلة في ذلك.


ولم يكد يمرّ يوم على رسول الله إلا وتحدث معه أحداث تدعو للغضب والانفعال والتوتر النفسي، ولكننا لم نعلم أنه غضب مرة واحدة إلا عندما يتعدى أحد على حدّ من حدود الله. فقد كان النبي الكريم يعالج أي مشكلة بهدوء وأناة وهذا ما جعل الناس يدخلون في دين الله أفواجاً ولذلك مدحه الله في كتابه المجيد فقال في حقه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4].


وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن التوتر النفسي والضغوط والغضب تعتبر عوامل مدمرة لصحة الإنسان وقلبه وقد تؤدي إلى أمراض خطيرة مثل السرطان! ويعتقد الباحثون أنه على الرغم من أن ممارسة التمارين الرياضية وإتباع حمية غذائية جيدة وغيرها من العوامل ذات أهمية حيوية لصحة القلب، إلا أن للعوامل الاجتماعية والسعادة والإحساس بالرضا والكمال والعمل من أجل هدف في الحياة، تأثير بدورها.


بل إن النبي الكريم كان يأمر أصحابه أن يرددوا عبارة مهمة تعبر عن الرضا، صباحاً ومساءً وهو هذا الذكر: (رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن إماماً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً)، وكان يقول: من قال ذلك عشر مرات صباحاً ومساءً كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة.


وكما يؤكد الباحثون أن الرضا يعتبر من أهم الوسائل العلاجية لأي مرض نفسي، فمعظم الاضطرابات النفسية ناتجة عن عدم الرضا، ويعتبر الغضب على رأس العوامل القاتلة للإنسان، ويسبب الموت المفاجئ والجلطة الدماغية واحتشاء العضلة القلبية وضغط الدم.


الإجهاد النفسي يؤثر على الصحة البدنية والعقلية


كشف بحث أمريكي أن الإجهاد والضغوط النفسية التي يتعرض لها الأفراد بشكل يومي يمكن أن تسبب بعض أنواع السرطان، في حين وجدت دراسة أوروبية مشابهة أن الإجهاد مضر لصحة القلب. وأظهرت الدراسة التي نفذها باحثون من جامعة "ييل" الأمريكية، أن الضغوط النفسية اليومية قد تحفز نمو الأورام، وأن أي صدمة، عاطفية أو جسدية، يمكن أن تكون بمثابة "ممر" بين الطفرات السرطانية التي تؤدي في النهاية إلى الإصابة بأورام خطيرة.


وتبين نتائج الدراسة، التي نشرت في دورية الطبيعة"، أن الظروف اللازمة للإصابة بهذا المرض يمكن أن تتأثر بالبيئة العاطفية بما في ذلك كل المهام اليومية التي نقوم بها سواء في العمل أو في نطاق العائلة.


يقول البروفسور تيان إكسو، المختص في علم الوراثة من جامعة ييل: "هناك الكثير من الظروف المختلفة يمكن أن تؤدي إلى الإجهاد، والحد منه أو تجنب الظروف المسببة له دائماً نصيحة جيدة.."


وتناولت دراسة أوروبية جانباً آخر للإجهاد، إذ أظهر بحث بريطاني تأثيره السلبي على القلب وما يمكن أن يتسبب به من أمراض، لتؤكد علمياً الاعتقاد السائد منذ القدم بارتباطه بالنوبات القلبية.


وأُخضع كل المشاركين لاختبارات ضغط ومن ثم قيست مستويات هرمون الكورتيزول، وهو هرمون الإجهاد الابتدائي الذي ينتجه الجسم عندما يتعرض إلى ضغوطات نفسية أو جسدية، ويؤدي في حال إطلاقه إلى تضييق الشرايين. ولاحظ الباحثون أن المشاركين ممن أصيبوا بالإجهاد جراء الاختبارات كانوا الأكثر عرضة، وبواقع الضعف، للإصابة بضيق الشرايين، عن أولئك الذين احتفظوا بهدوئهم.



آيات كثيرة تحض على الهدوء النفسي


إن الذي يتأمل القرآن يلاحظ أن كثيراً من الآيات تأمرنا بالصبر وعدم الغضب والتسامح والعفو، ومن هذه الآيات قوله تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [الشورى: 40]. ويقول أيضاً: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل: 126-128].


ويقول في حق المتقين الذين وعدهم جنات عرضها السموات والأرض: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: 134]. وأفضل طريقة لعلاج الضغوط النفسية هي العفو، لأن الله تعالى يقول: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة: 237].


فجزء كبير من الضغوط اليومية التي يتعرض لها الإنسان سببها الإحساس بالظلم وعدم القدرة على النيل من الآخرين، ولكن بمجرد أن يمارس الإنسان "العفو" فإن المشكلة تتبخر مثل الحرارة عندما تبخر الماء! ولذلك كان النبي الكريم أكثر الناس عفواً، ويكفي أن نتذكر يوم فتح مكة عندما نصره الله على أعدائه الذين استهزؤوا به وآذوه وأخرجوه وشتموه، ولكنه عفا عنهم وقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء!


إن هذا الموقف هو درس لكل مؤمن أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن رحمة الله تعالى بعباده أنه جعل ثواب التسامح والعفو كبيراً جداً في الآخرة، وجعل ثوابه عظيماً في الدنيا وهو التمتع بصحة أفضل واستقرار نفسي أكبر!


وتأملوا معي هذا النص القرآني الرائع: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 34-35]، فمهما كانت مشكلتك مع الآخرين يمكن حلّها بمجرد المعاملة بالتي هي أحسن وبقليل من الصبر وبكلمة طيبة كما قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [إبراهيم: 24-25].

 

WA-WEEKLY

صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة .. رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير : د. علاء الدين سعيد

  • Currently 40/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
14 تصويتات / 266 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2011 بواسطة WA-WEEKLY

رئـيـــــــس مـجــلـــــــس الإدارة و رئـيــــــس الـتـحـــــــــريــــــر د. عـــلاء الـديــــن ســــــعــيــد

WA-WEEKLY
* السـنة الرابعة * العدد رقم ( 208 ) - ************ الخميس الموافق 27 نوفمبر 2014 تصــدر مـن الـقـاهـرة - جمهـورية مصــر العربيـة ====================== ALWATANULARABY JOURNAL ********* Chairman and Editor in Chief : ALAUDDIN SAID ====================== No. 208 - 27 of Nov 2014 ====================== CAIRO - ARAB REPUBLIC OF EGYPT »

ابحث

إشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك كل جديدنا ضع ايميلك هنا ثم اضغط للإشتراك

Delivered by FeedBurner

لا تنسَ الرجوع إلى أيميلك لتفعيل الإشتراك

لمراسـلتنا بأعمالكم و أخبارِكم و آراءِكم .. إيميلات إدارة النشر بالصحيفة 

  [email protected]
أو إلى
[email protected]
أو إلى
[email protected]

 برسـالة متضمنة السيرة الذاتية الموجزة موضحة بها بياناتكم وعنوانكم وجنسيتكم وصورة شخصية مختارة للنشر مع موضوعاتكم ، مع خالص تحياتنا وتمنياتنا 

  

أهم و آخر الأخبار

================================

  •   مفتي تونس: 16 تونسية سافرن الى سوريا ل"جهاد النكاح" الذي اعتبره "بغاء"
  •  طلاب إماراتيون يصممون سيارة تقطع ألف كم بلتر واحد من الوقود
  •  طيران الامارات يرعى بطولة فرنسا المفتوحة للتنس خمسة أعوام ..
  •  الأمم المتحدة تطلق تقريرها السنوي للتنمية البشرية لعام 2013
  • عاطف عبدالعزيز وقراءة في" الحياة السرية للآباء " للشاعر صلاح فاروق
  • أقـلامٌ و آراءٌ حُـرّة

    =================================

  • الكاتب العراقى دكتور : عزيز العلي ، يكتب : ثورة ربيع العراق ، والمعركة الاستخبارية الدبلوماسية
  •  الكاتب السورى دكتور غسان شحرور ، يكتب : لغتنا الجميلة في عيدها .. هل اقترب نعيها ؟!
  •  الكاتب السورى دكتور غسان شحرور ، يكتب : في يوم "داون" العالمي ، دعوة إلى مواجهة التحديات
  • حينما توشك الدولة على الافلاس ، هل يمكن انقاذها - بقلم الكاتب المصرى دكتور : حسين الكاشف

  • كُتـَّاب ٌ و أعمـِدَةٌ و أقلام

    ============================
     

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

    ضع هنا التعليق المناسب

          

      شاركونـا صفحاتنـا 
    على المواقع الأخرى

    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// 
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// 
    مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  /// مواصفات الأعلان :: ينتهي الإعلان بتاريخ  ///  

    تقارير و دراسات

    =========================

  • مصر- نقيب عمال مصانع الطوب:اصحاب مصانع الطوب اعلنوا توقف المصانع نهائيا بعد ان فوجئوا بان التفاوض كان حبرا على ورق ...
  • خاص " الوطن العربى "- اليمن : قضية صعده من وجهة نظر(الحوثيين) في ورشة عمل بصنعاء  
  • ننشر القائمة الأُولى لأسماء افراد جماعة الاخوان الذين إحتلّوا مناصب الدولة خلال 7 أشهر فقط 
  •  تقرير لـ"سي آي إيه" يُلمح إلى استخدام إسرائيل السلاح النووي في حرب 1973 ضد مصر وسوريا
  •  إسرائيل خططت لقتل خال صدام لنصب فخ لاغتياله خلال جنازته