زمن التبغ
-1-
ثلاثةُ قرونٍ تكفِي
كي أُبحرَ نحوَ اللَّيلِ
بِبَوصلَتي وقاربِي الزُّجاجيِّ
ما نفعُ أَن آتيَ صدفةً بقلبٍ خديج
كلُّ الأَشياءِ مثقوبةٌ من حَولي،
وملحُ دَمي زبدٌ من تَعبٍ
اقتربتُ
انحدرتُ في العتمةِ الحمراء
لا يتغيَّرُ اللَّيلُ في بلادِ الموتَى
لكنَّ الصَّمتَ يتعبَّدُ في الغيبوبةِ،
وكمنجاتُ الفصولِ تُعزَفُ على أَسلاكِ الرِّيحِ،
وهذا الجسدُ يُصغِي
ما نفعُ الماءِ وريحُ الأَصقاعِ ثلجيَّةٌ
امتلأَتْ داليةُ نَومي عناقيدَ
تَناهَى الهمسُ الأَخيرُ بماءِ الحبقِ
أَسيرُ خُدعةً بصوتِ السُّعالِ
أَرتابُ وأَنا القصبةُ بنزفِ المحابرِ
كمْ حلمتُ أَن أَكونَ وريدًا في السَّماءِ
كي أَكونَ كالرِّيشةِ فوقَ الغمامِ
أَحفظُ شغبَ المقاعدِ الشَّمسيَّةِ!
فهلْ وجدتَني في عصفِ الغبارِ
يا قَريني؟
-2-
كبرُ الحصَى في سفرِ القوافلِ،
وهذهِ البئرُ اللاَّزورديّ جف بالملحِ،
فلِماذا تتوقَّفُ الأَبديَّةُ بينَ الضُّلوعِ وبَيني؟
كلَّما ضاقَ الكلامُ صهلَ الصَّوتُ
أَجدُني أَحترقُ
هُنا وضعتُكَ في اللَّيلِ الكبيرِ لغةً غابرةً،
وقربَ المساءِ رسمتُكَ بأَدواتِ قَلبي
فلِماذا أَيُّها الحجريُّ رحلتَ بثوبِ الصَّحراءِ؟
رُوحي تقفُ على غصنِ الشَّرقِ
قَدمايَ العاريتانِ في المعبدِ
لبستُ نعالَ الحديدِ كحدوة الفرسِ الإِغريقيَّةِ
كبريتُ جَسدي دخانٌ أَسودُ
أَلعبُ لعبةً إِيمائيَّةً غيرَ دائريَّةٍ،
وأُحدِّقُ نحوَ الأَسفلِ في صَابونِ قَدَمي
مَا نفعُ بَراعتي في زمنِ الزَّخارفِ
وهذَا الذُّهولُ أغر الواقفينَ؟
كيفَ أَعثرُ على نهرٍ جفَّ وماتَ في الأَمسِ؟
تركتُ الزَّمنَ نائمًا في حظيرةِ الشِّتاءِ
كي أَعِيَ نيرانَ نُبلي
شيئانِ يتطايرانِ رعبًا من عاصمةِ الوقتِ
زقاقٌ غامضٌ وتراجيديا تنوحُ فوقَ الغبارِ
مَن باعَ شمسَ الأَساطيلِ في هذي المزاج الملتهب؟
مَن بَنى الأَفكارَ في ضَوءِ الصَمتِ؟
رسوتُ في عالمٍ آخرَ أحملُ مفاتيحَ الأَمسِ
وصَهرتُ كوكبَ الفولاذِ فباتَ الفضاءُ يَرمقُني
تركتُ نصفَ رأْسِي مقلُوبًا
أَحلبُ السُّحبَ من قوا طرِ بَصَري.