المسؤولون في الحكومة الإسرائيلية صعدوا من لهجة تهديداتهم بشن عملية عسكرية جديدة على قطاع غزة، على غرار عملية "الرصاص المصبوب"، التي شنها الجيش الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني المُحاصر، قبل عامين، في ضوء استئناف عناصر مسلحة داخل القطاع، الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إطلاق قذائف صاروخية باتجاه مناطق داخل الدولة العبرية.
وشدد نائب رئيس الوزراء ووزير المخابرات والطاقة النووية في الحكومة الإسرائيلية، دان مريدور، على أن إسرائيل "لن تسلم بوضع تطلق فيه قذائف صاروخية من قطاع غزة على أراضيها بين حين وآخر"، ولكنه أعرب عن أمله في "ألا تكون هناك ضرورة لتنفيذ عملية عسكرية أخرى على غرار عملية الرصاص المصبوب."
واتهم مريدور حركة حماس بأنها "لا تعمل ما فيه الكفاية في الآونة الأخيرة، لمنع تنظيمات أخرى من إطلاق قذائف صاروخية على التجمعات السكنية في النقب"، وأكد في هذا الصدد أن إسرائيل "ردت بصرامة على هذه العمليات، وستواصل الرد عليها إلى أن تتوقف كلياً"، وفق ما نقلت عنه الإذاعة الإسرائيلية الأربعاء.
وأسفرت عملية "الرصاص المصبوب"، التي بدأها الجيش الإسرائيلي أواخر عام 2008 ومطلع 2009، واستمرت 22 يوماً، عن مقتل ما يزيد على 1300 شخص، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، بحسب تقارير طبية ومصادر أمنية فلسطينية.
وكان مريدور نفسه قد هدد في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بشن "حرب لا تُحمد عقباها" على قطاع غزة، متهماً حركتي حماس والجهاد الإسلامي بـ"تكديس" السلاح داخل القطاع، لشن هجمات على أهداف داخل إسرائيل، كما قال إن "إيران تسعى إلى أن تخلق ذراعاً أخرى لها في غزة، إلى جانب حزب الله في لبنان."
من جانبها، أبرزت الإذاعة الإسرائيلية وصحيفة "هآرتس" تقريراً الأربعاء، جاء فيه أنه رغم تقديرات أجهزة الاستخبارات بأن حماس تخشى تكرار عملية الرصاص المصبوب، إلا أن تقديرات هيئة الأركان، تشير إلى أن هناك احتمال قوي باشتعال الموقف على الجبهة الجنوبية، وبخروج الوضع عن السيطرة.
وأورد راديو إسرائيل أن هناك مخاوف متزايدة لدى الجهات الأمنية من احتمال إقدام حماس على استهداف قطارات محملة بالركاب على الخط الحديدي الجديد، بين بئر السبع وتل أبيب، بالقذائف الصاروخية، مشيرةً إلى أن الخط الحديدي يمر جزئياً على امتداد التجمعات السكنية المحيطة بالقطاع.
كما تزايد قلق قيادة الجيش الإسرائيلي، بحسب التقرير، بسبب "تحسين القدرة الصاروخية المضادة للدروع" لدى الفصائل المسلحة في غزة، في ضوء ما كشف عنه رئيس الأركان، الجنرال غابي أشكينازي، في وقت سابق الثلاثاء، من تعرض دبابة إسرائيلية من نوع "ميركافا" للإصابة بصاروخ مطور من نوع "كورنيت" قبل أسبوعين.
ولم تتوافر على الفور مزيد من التفاصيل حول طبيعة وملابسات الهجوم على الدبابة الإسرائيلية، إلا أن تقديرات الأجهزة الأمنية تشير إلى أنه في حالة سقوط أحد هذه الصواريخ على مبنى بأحد التجمعات السكنية الإسرائيلية، من شأنه أن "يلحق خسائر وأضراراً أشد فتكاً من قذائف القسام الصاروخية، التي تُعتبر سلاحاً غير دقيق التصويب، خلافاً لصواريخ الكورنيت."
في المقابل، قلل المتحدث باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، من أهمية "تواتر التصريحات عن إمكانية التصعيد العسكري الصهيوني ضد قطاع غزة"، ووصفها بأنها "جزء من الحرب النفسية"، قال إن "هدفها إرهاب الناس في قطاع غزة"، وفق ما نقل المركز الفلسطيني للإعلام، الذي يُعد ذراعاً إعلامية لحركة حماس.
وفي رام الله بالضفة الغربية، حذر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، من "أي تصعيد إسرائيلي جديد ضد قطاع غزة"، وشدد، خلال استقباله ممثل الاتحاد الأوروبي لدى السلطة الوطنية، كريستيان بيرغر، أن "أي عدوان إسرائيل جديد على القطاع، سيضع العملية السلمية برمتها في خطر حقيقي، وسيؤدي إلى انهيار كافة الجهود الدولية الرامية إلى إنقاذ السلام."
وطالب عباس الاتحاد الأوروبي بلعب "دور أكبر في عملية السلام، خاصة لما تتمتع به أوروبا من ثقل سياسي واقتصادي كبير، يمكنها من التأثير على كافة الأطراف لدعم عملية السلام"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا."
إلا أن أبو زهري شكك في موقف رئيس السلطة "المنتهية ولايته"، وجدد اتهامه لعباس بأنه "جزء من حصار غزة والحرب ضدها"، وقال: "تصريحات محمود عباس التي يحذر فيها من أي تصعيد عسكري ضد غزة، هي محاولة للتغطية على ما أكدته وثائق ويكيليكس حول تورطه في مشاركة الاحتلال في حربه على قطاع غزة"، بحسب ما نقلت وسائل إعلام مقربة من حماس.