أنطاكيا (باليونانية Αντιόχεια، بالتركية Antakya، بالإنجليزية Antioch) مدينة تاريخية تقع على الضفة اليسرى على نهر العاصي على بعد 30 كم من شاطئ البحر المتوسط. تتبع لواء إسكندرون السوري سابقا (حاليًا في هاتاي) تركية منذ 1939 م كانت تابعة لسوريا. حيث يعتبر اللواء جغرافيا امتدادا طبيعيا لبلاد الشام.
في سنة 323 ق.م مات الإسكندر المقدوني، وقام كبار ضباطه بالاتفاق على اقتسام إمبراطورية الإسكندر فيما بينهم، فأخذ بطليموس مصر وفلسطين، وأخذ أنتيغونمقدونيا القديمة وآسيا الصغرى، بينما أخذ سلوقس الأول نيكاتور سوريا وبابل وفارس.
قام أنتيغون بإنشاء مدينة الإسكندرونة عند مصب نهر العاصي في سوريا سنة 317 ق.م، بعد ذلك استولى سلقوس نيكاتور على هذه المدينة سنة 301 م وأقام مكانها مدينة سماها أنطاكية على اسم أبيه أنطيوخوس، وعلى نفس المنوال أنشأ مدينة أخرى أطلق عليها اسم والدته لاثوديسيا (اللاذقية)، ثم أنشأ مدينة أفاميا باسم زوجتة على مسافة من اللاذقية إلى الداخل في سوريا.
أحب سلقوس مدينة أنطاكية فأمر بأن ينقل إليها كل ماله قيمة من أنقاض مدينة أنتغونا المهدمة، ومنح سكان المنطقة حقوق مساوية لليونانيين ليشجعهم على الانتقال إليها، فعاشت المدينة سنين ازدهار طويلة حتى صارت درة الممالك السلوقية وعاصمتها من البحر المتوسط إلى حدود الهند. لاحقًا عانى الأنطاكيين من حكم السلوقيينمما دفعهم إلى تسليم المدينة لتكران ملك الأرمن سنة 83 ق.م، ولكن مالبث الروم أن فرضوا سيطرتهم عليها سنة 64 ق.م وهكذا أصبحت سوريا تحت حكم جمهوريةروما.
تعرضت المدينة لزلزال مدمر سنة 526 م، ولموقعها الهام وأهميتها الإستراتيجية الكبيرة احتلها الفرس سنة 540 م، ثم دخلها المسلمون سنة 637 م، ولكن الإمبراطور نيكيفوروس الثاني فوكاس عاد فسيطر عليها، وفي عام 1085 م وقعت بيد السلاجقة، وأثناء الحملات الصليبية على سوريا دخلها الفرنجة عام 1096 مبعد أن حاصرها بوهيموند، ليصبح أول حاكم صليبي لها مكونا إمارة أنطاكية وهي أول إمارة صليبية.
وبقيت المدينة في يد الصليبيين في الفترة الواقعة بين القرنين الثاني والثالث عشر حتى قيام الظاهر بيبرس السلطان المملوكي بتحريرها منهم سنة 1268 م، وفقدت المدينة دورها الريادي السابق عقب حملة تيمورلنك على الشام فتضررت كثيرا بسبب هجمات المغول وذلك سنة 1401 م، بعد ذلك استولى عليها الأتراك العثمانيينسنة 1516م، تمكن محمد على والي مصر من بلوغها عندما سيطر على ولاية الشام واستمر سلطانه عليها بين 1830م و1840م. ضرب المدينة زلزال أخر سنة1872م.
بعد انقضاء الحرب العالمية الأولى عادت أنطاكية إلى سوريا ليحكمها السوريين بعد أن خرج الحكم العثماني التركي عن العالم العربي، ولكن الحكومة الفرنسية التي كانت منتدبة على سوريا بين 1920 م و1946 م تخلت عن منطقة لواء الإسكندرون لتركيا ومن ضمنها مدينة أنطاكية سنة 1939 م، وذلك تحقيقا لمصالح معينة مخالفةً بذلك بنود اتفاقية الانتداب بالحفاظ على وحدة أراضي الدولة المنتدب عليها، وهكذا تقع هذه المدينة اليوم في الأراضي التركية تتبع محافظه هاتاي، علمًا بأن لواء الإسكندرون في سوريا لايزال يرسم ضمن الخارطة الوطنية كجزء من أراضي البلاد.
لأنطاكية أهمية كبيرة لدى المسيحيين في الشرق، فهي أحد الكراسي الرسولية إضافة إلى روما والإسكندرية والقسطنطينية والقدس وبطاركة الطوائف التالية يلقبون ببطريرك أنطاكية: السريان الأرثوذكس، الروم الأرثوذكس، السريان الكاثوليك، الروم الكاثوليك، السريان الموارنة.
قال ياقوت الحموي في معجم البلدان: وكانت العرب إذا أعجبها شيء نسبته إلى أنطاكية.