الدسليكسيا ، عسر القراءة
برز الأهتمام بمشكلة “عسر القراءة” (الديسليكسيا) عندما أصبحت العلاقات الانسانية بحاجة اكبر الى التواصل عن طريق اللغة المكتوبة (القراءة والكتابة) وكان عالم الأعصاب الفرنسي (بيرلين) هو اول من استخدم هذا المصطلح للدلالة على صعوبة في القراءة والكتابة وذلك عام ،1872 حيث ان مصطلح “الديسليكسيا” وهي كلمة يونانية الأصل تتكون من مقطعين (ديس: صعوبة) و”ليكسيا: الكلمات المقروءة) وهي تعني مشكلة تعليمية محددة تتعلق بمشكلة فك الرمز الكتابي.
وهناك دراسات عالمية تشير الى انتشار هذه المشكلة بنسبة 4% في كل نسمة، بمعنى آخر فإننا نجد في صف تعداده 25 طالباً ان هناك طالباً واحداً يعاني من هذه المشكلة. وكذلك الأمر فإننا نجد بين نحو 1500 طالب في مدرسة كبيرة ما يقارب 60 طالباً يحتاجون الى تدخل علاجي لحل مشكلتهم.
“الصحة والطب” طرحت قضية تأخر النطق عند الأطفال و”عسر القراءة” على خبراء اللغة والنطق والأطباء المختصين الذين أجمعوا على أهمية تقديم العلاج للطفل عند اكتشاف المشكلة، كما تحدثوا عن أسباب حدوثها وأعراضها ووسائل علاجها.
مرض لا يعالج بالدواء
“الديسليكسيا” ليست مرضاً يعالج بالأدوية ولا تتطور حالة المريض كما في الأمراض الأخرى، كذلك لا يمكن الشفاء منها بل ترافق المصاب بها طوال حياته.
و “الديسليكسيا” هي في الأصل كلمة لاتينية مؤلفة من مقطعين الأول (ays) وتعني صعوبة والثاني (Lexia) وتعني الكلمة المقروءة وغالباً ما يشار اليها بأنها الإعاقة المختفية (Hidden Handicap) حيث تعرف ب”عسر القراءة” وتظهر من خلال صعوبة تعلم القراءة بالرغم من المرور بالمحاولات الاعتيادية لتعلمها والتمتع بذكاء كاف وأحياناً مرتفع، الى جانب تميز المصاب في “الديسليكسيا” بتأخر واضح في القراءة والكتابة والتهجئة في حين قد يكون مبدعاً في امور اخرى مثل العلوم والرياضيات والفن وغيرها.
وعن التعريف الطبي لل”الديسليكسيا” فهو اضطراب عصبي ذو منشأ لغوي ناتج عن أسباب جينية وراثية تؤثر في مهارات اكاديمية تعليمية مختصة بجانب الكتابة والقراءة واللفظ.
وحسب الاحصاءات العالمية المسجلة فإن صعوبة القراءة تصيب 20% من الناس، اضافة الى 85% منهم يعاني من “عسر القراءة”.
وتابع الدكتور الحميدي قائلاً: أكثر ما يميز الذين يعانون من “الديسليكسيا” هو عدم تعادل قدراتهم في القراءة والكتابة مع قدراتهم العقلية حيث ان معظمهم يظهرون مواهب مميزة في مجالات اخرى، فهناك العديد من رجال الأعمال والمفكرين في مجتمعاتنا العربية يجدون صعوبة في القراءة والكتابة قد يكون منشؤها “الديسليكسيا”، وعلى المستوى العالمي فهناك الكثير من المشاهير يعانون من الأمر نفسه مثل “توم كروز” و”جراهام بل” و”اينشتاين” و”تشرشل” اضافة الى “والت ديزني” وغيرهم.
أن أعراض “الديسليكسيا” تكون في صعوبة تعلم الأحرف الأبجدية بالترتيب وصعوبة كتابتها بالترتيب أيضاً وصعوبة تذكر الكلمات المكتوبة، الى جانب عكس الحروف والمقاطع مثل “فرس” لتصبح “سفر”، كذلك الخلط بين الحروف المتشابهة صوتياً مثل “ت، ط” و”ط، ظ” و”س، ص”.
اما العلاج فهو من خلال وضع برامج متخصصة يقوم بتنفيذها اخصائي النطق واللغة بالتعاون مع فريق العمل في المدرسة حيث تختلف هذه البرامج عن المحاولات الاعتيادية في التدريس وتركز على طريقة تعدد الحواس بالتعلم حيث إنها من الممكن تحسين القدرات على القراءة والكتابة في حالة انضمام الشخص المصاب الى مثل هذه البرامج.
ان اضطراب “الديسليكسيا” يندرج تحت أنواع الاضطرابات ذات المنشأ اللغوي وأغلب المصابين يكونون قد عانوا من مشاكل بالنطق واللغة في بداية حياتهم، في حين ان أسباب اضطرابات النطق واللغة عديدة منها أسباب عضوية مثل نقص القدرة السمعية (الوراثية، الخلقية او المكتسبة) والنمو غير الكامل لأعضاء النطق والعيوب الخلقية في تركيب الأسنان والشفة واللسان وسقف الحلق، اضافة الى اصابة المراكز الحركية او الحسية المسؤولة عن الكلام واللغة في الدماغ ونقص القدرة العقلية.
أسباب بيئية اجتماعية ونفسية مثل التعزيز الخاطىء من الأهل وغياب لغة الحوار والتواصل بين الطفل وذويه الى جانب التدليل والحماية الزائدين، اما الأسباب الشخصية مثل الجنس (ذكر أو انثى) والوضع الاجتماعي والبيئة المحيطة، اضافة الى ترتيب الطفل في العائلة ووجود الخادمة واستخدام لغة مشوهة
المرجع الأساسي والمحك الرئيسي الذي يرجع له لتحديد اذا كان الطفل يعاني من تأخر في النطق واللغة هو “المعدلات الطبيعية لتطور النطق واللغة”، وبشكل عام يمكن القول إنه تأخر بالنطق اذا لم يستطيع اصدار الأصوات بصورة صحيحة عند بلوغ السن الملائم والمفترض لذلك، والأصوات بشكل طبيعي تكتسب على مراحل تبدأ بالأصوات الشفوية (ب، م) ثم اللثوية (ت، د) وفي مراحل متقدمة الأصوات الصعبة الخلفية مثل “غ، ر، س” ومثال على ذلك من الطبيعي ان لا ينطق طفل عمره ثلاث سنوات صوت “سين” وقد يستبدل به حرف “ثاء” مثلاً كلمة “ثَمَكة” بدلاً من “سَمَكة”، لكن لا شك ان الطفل لديه مشكلة اذا لم ينطق “س” بالرغم من تجاوزه سن سبع سنوات، كذلك من المفترض ان يقوم الطفل بإصدار جميع الأصوات بشكل صحيح مع بلوغه سن 6 - 7 سنوات، ايضاً ليس طبيعياً ان يقوم طفل في سن الرابعة باستخدامه للكلام الطفلي بشكل دائم مثل الكلام البرقي بمعنى قول “بابا شغل” ويعني ان أباه ذهب الى العمل، في حين ان هذا التصرف يكون طبيعياً في سن السنتين مثلاً.
وأشار الى ان المقومات الاساسية التي يجب توافرها لاكتساب اللغة بشكل سليم هي سلامة المدخلات الحسية والعضوية مثل الجهاز التنفسي والعصبي والنطقي والسمعي وسلامة القدرات العقلية، اضافة الى توافر البيئة اللغوية المحيطة المناسبة، مضيفاً ان الدراسات قد أثبتت ان أعلى ثانية نسبة للمشاكل التي تصيب الطلبة في سن المدرسة هي اضطرابات التواصل حيث سجلت نسبة أكثر من 41% كصعوبات تعليم وأكثر من 25% على أنها اضطرابات لغة ونطق، كما ان نتائج استبيان مسح النطق واللغة التي قامت به ادارة برامج ذوي القدرات الخاصة والذي تم تطبيقه على طلاب التربية الخاصة في خمس من امارات الدولة ان 22،9% من هؤلاء الطلبة يعانون من مشكلة أو أكثر من مشاكل اضطرابات النطق واللغة.
ان النظر لمثل هذه النسبة لا يدع مجالاً للشك بضرورة التوقف والتأمل وتكاتف الجهود في سبيل ايجاد الحلول والحد من خطورة هذه المشكلة ايضاً.
وحسب مصادر الجمعية الأمريكية للنطق والسمع (ASHA) فإن هناك نحو 55% من اخصائيي النطق المسجلين رسمياً في الجمعية يعملون في المدارس العامة، في حين أننا نواجه مشكلة حقيقية تكمن في عجز واضح بإعداد اختصاصيي النطق في الميدان التربوي حيث إنه في أحسن الحالات قد نجد اختصاصياً واحداً فقط في المنطقة التعليمية وبعض المناطق مازالت تنتظر.
++++++++++++++++++++++++++++++++++
عسر القراءة والاضطرابات المتعلقة بها
أصل كلمة عسر القراءة يوناني وتعني ضعف اللغة. يعاني الأفراد المعسرين قرائياً من مشكلات في القراءة والكتابة والهجاء و/أو الرياضيات على الرغم من توافر قدراتهم العامة وتوافر فرص التعليم. ويمكن للأفراد المعسرين قرائياً أن يتعلموا، لكنهم فقط يتعلمون بطريقة مختلفة. وغالباً ما يقال عن هؤلاء الأفراد الذين يتمتعون بعقول مُتّقدة وإبداعية أن لديهم إختلاف في طريقة تعلم اللغة.
هل طفلي مُعسر قرائياً؟
قد يكون لدى المعسرين قرائياً بعض الأعراض التالية:
صعوبة في اللغة اللفظية
التّأخر في تعلم الكلام.
الصعوبة في التلفظ بالكلمات.
الصعوبة في إكتساب مفردات اللغة أو في إستخدام القواعد اللغوية الملائمة لمرحلتهم العمرية.
الصعوبة في تتبع الإتجاهات.
الإرتباك في الإتجاهات "قبل/بعد، يمين/يسار" وهكذا.
صعوبة في تعلم الأبجدية، أو أغاني الأطفال البسيطة.
صعوبة في فهم المفاهيم والعلاقات.
صعوبة أو مشكلات في تسمية الأشياء.
صعوبة في القراءة
صعوبة في تعلم القراءة.
صعوبة في التعرف على الكلمات المُقفّاة أو عمل كلمات مقفاة وصعوبة في التعرف على عدد المقاطع اللفظية بالكلمات (الوعي الفونولوجي).
صعوبة في سماع الأصوات في الكلمات ومعالجتها (الوعي الأصواتي).
صعوبة في تمييز الأصوات المختلفة في الكلمات (التمييز السمعي).
صعوبة في تعلم أصوات الحروف.
صعوبة في تذكر أسماء و/أو أشكال الحروف.
قلب الحروف أو قلب ترتيب الحروف عند القراءة.
قراءة الكلمات البسيطة خطأ أو حذفها كلية أثناء القراءة.
التعثّر أثناء قراءة الكلمات الطويلة.
فهم ضعيف أثناء القراءة الشفهية أو الصامتة.
قراءة شفهية بطيئة ومجهدة.
صعوبة في اللغة المكتوبة
صعوبة في كتابة الأفكار على الورق.
كثرة الأخطاء الإملائية أثناء الكتابة.
قد يحصل على درجة مرتفعة في إختبارات الإملاء الأسبوعية، ولكن يوجد الكثير من الأخطاء الإملائية أثناء العمل المدرسي اليومي.
صعوبة في مراجعة وتعديل ما قد كتبه من قبل.
هل يعاني طفلي من مشاكل تعلم أخرى لها علاقة بعسر القراءة؟
صعوبة في الكتابة باليد(عسر الكتابة)
غير واثق من إستخدام اليد اليمنى أو اليسرى.
قدرة بطئية أو ضعيفة على الكتابة باليد.
العمل المكتوب غير مرتب ويتسم بالفوضى.
صعوبة في نسخ الأعمال المكتوبة.
ضعف في المهارات الحركية الدقيقة.
صعوبة في الرياضيات (عسر الحساب)
صعوبة في العد بشكل دقيق.
ربما يقلب الأرقام.
صعوبة في حفظ المعادلات الرياضية.
صعوبة في نقل المسائل الحسابية وتنظيم العمل المكتوب.
الكثير من الأخطاء الحسابية.
صعوبة في الإحتفاظ بالمرادفات و/أو المفاهيم الرياضية.
صعوبة في الانتباه(إضطراب نقص الانتباه/إضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط)
عدم الانتباه.
الانتباه بصورة متفاوتة ومتغيرة.
التشتت.
التهور.
فرط النشاط.
صعوبة في المهارات الحركية (ديسبراكسيا)
صعوبة في تخطيط وتنسيق حركات الجسم.
صعوبة في تنسيق عضلات الوجه لإصدار الأصوات.
صعوبة التنظيم
فقدان أو تضييع الأوراق.
إحساس ضعيف بالوقت (الوقت الذي يقضيه في مهمة ما).
نسيان عمل الواجبات المدرسية.
فوضى وعدم تنظيم الطاولة التي يستخدمها للكتابة والعمل.
الشعور بالضغط عند تلقى الكثير من المعلومات.
العمل بسرعة بطيئة.
صعوبات أخرى
صعوبة في تسمية الألوان والأشياء والحروف (صعوبة في التسمية الآلية السريعة للأشياء).
مشكلات بالذاكرة.
الحاجة لرؤية أو سماع المفاهيم عدة مرات لتعلمها.
التشتت بفعل المثيرات البصرية.
الحصول على درجات منخفضة بالإختبارات أو الأداء المدرسي.
العمل في المدرسة متفاوت.
دائما ما يقول المدرس "لو يمكنه فقط بذل مجهود أكثر" أو "إنه كسول".
ربما يكون لديه أقارب يعانون من مشكلات مشابهة.
يمكن لأي واحد منا أن تكون لديه واحدة أو إثنتين من هذه الأعراض، وهذا بالطبع لا يعني أن كل واحد لديه عرض أو إثنتين من هذه الأعراض هو معسر قرائياً، ولكن عادة ما تكون للمعسر قرائياً العديد من هذه الأعراض، التي تستمر معه دائما ولفترات زمنية طويلة وتعيق من عملية التعلم لديه. إذا كان طفلك يعاني من صعوبات تعلم القراءة وقد لاحظت العديد من هذه الأعراض عند طفلك، قد يحتاج طفلك لأن تجرى له عملية تقويم لعسر القراءة أو لصعوبات التعلم الخاصة ذات الصلة.
أي نوع من التدريس يحتاجه طفلي؟
لا يمكن علاج عسر القراءة أو صعوبات التعلم الخاصة الأخرى ذات الصلة. ويعزّز التدريس المناسب النجاح في القراءة ويخفف من الصعوبات الكثيرة المرتبطة بعسر القراءة. ويجب أن يتسم التدريس للأفراد الذين يعانون من إختلافات خاصة في التعلم بأنه:
صريحاً – يعلم مهارات القراءة والكتابة والهجاء بشكل مباشر.
منظم ومتراكم- لديه تسلسل منطقي لتقديم المفاهيم.
له بناء تراكمي- له إجراءات يتم تنفيذها خطوة بخطوة لتقديم المفاهيم ومراجعتها وممارستها.
متعدد الحواس- يعتمد على القنوات البصرية والسمعية والحسية الحركية في نفس الوقت.
تشكر الرابطة العالمية للدسلكسيا سوزان كاريكر لمساعدتها في تحضير هذه الوثيقة.
ساحة النقاش