<!--<!--<!--<!--
الثعابين مُخيفة ولكنها أليفة
من النادر جدا أن نجد انسانا عاقلا لا يقشعرّ بدنُه وينفر ويشمئزّ عند رؤيته لثعبان بشكل مفاجيء، فالثعبان من أغرب الحيوانات، لا أطراف له ولا فراء أو ريش بل حراشف تعلوها طبقة جلدية ناعمة تتبدل مع مرور الوقت، إلا أن سمعتَه سيئةٌ منذ آلاف السنين وهناك ما يقارب الثلاثة آلاف صنف من هذا المخلوق والأكثرية الساحقة منه غير سامّة. ففي أمريكا، على سبيل المثال، حوالي مائة نوع من الثعابين وفي البلاد العربية قرابة الأربعين نوع وفي انجلترا ثلاثة أنواع فقط وهناك ثعبان بحري واحد يعيش في أعماق المياه في المكسيك، ومن الجدير بالتنويه أن هذا الحيوان لا يعيش في الأماكن الباردة، ففي منطقة القطب الشمالي نوع واحد فقط من الثعابين وأبعد مكان لوجوده في الجنوب هو جنوب الأرجنتين. وبعبارة وجيزة، لا تعيش الثعابين في أقصى الشمال ولا في أقصى الجنوب لبرودة دمها وتأثرها بالجو البارد كما انه لا وجود لها مثلا في نيوزيلندا وإيرلندا. ويتراوح عمر الثعبان بين 15-25 عاما ومن الثعابين ما هو سام كالصل الأسود
وما هو نصف سام كأبي العيون وأبي السيور الشجري
وغير سام كالدفان والخضاري والبسباس والأرقم (الحنش باللغة العامية ).
وهذا الحيوان الزاحف غير اجتماعي فبعد التزاوج يسير كل من الذكر والأنثى في طريق آخر، تضع الأفعى البيض وتتركها لتفقس بعد شهر تقريبا وهناك أفاع تلد. ومن المعروف أن الثعابين تستيقظ من سباتها الشتوي في بداية شهر مارس وتخرج من جحورها سعيا وراء الغذاء والجماع. والثعبان الخبيث، أفعى سامة، المدعو viper، وهو ذو طبع عدائي هجومي وسمّه وفير وقاتل ويستخدم هذا السمّ للصيد وللدفاع عن النفس.
والثعابين مدرجة ضمن قائمة المحميات الطبيعية في دول كثيره من العالم إذ أنها من المبيدات الطبيعية للكثير من القوارض الضارة. وهناك معادلة بسيطة حدثت في الهند في الفترة الأخيرة،اذ أن تناقص عدد الثعابين أدى إلى زيادة الفئران والجرذان ونتج عن ذلك تناقص حادّ في محصول القمح. منذ نصف قرن من الزمان ونيّف والطلب على جلود الأفاعي في الغرب قي ازدياد ملحوظ لصناعة الحقائب والأحذية والأحزمة الفاخرة وحتى السيارات الفاخره.
ويبدو أن أطول ثعبان للأناكوندا في أمريكا الجنوبية (Eunectes murenus) قد وصل إلى أحد عشر مترا وأربعين سم.
حوّاء والثعبان
والثعبان، يقولون ، تمثل فيه ابليس وأغرى حوّاء وآدم لتناول ثمرة الشجرة المحرمة ،وبالرغم من هذا فلا مبرّرَ علميا لهذه السمعة السيئة للثعابين إذ أن معظمَها غير ضارّ بل وفي حالات عديدة ذات فائدة للانسان كما أسلفنا. ربما كان في طبيعة حياة هذا الحيوان من الخفية والتربص عامل في سمعتها السلبية. أضف إلى ذلك أن الكثيرين من الناس لا يعرفون الكثير من المعلومات الصحيحة عن هذا الحيوان، فمنهم من يقول إنه لزج الملمس مثلا في حين أن جلدَه أملس. والثعبان ينام وعيناه مفتوحتان فهى بدون جفون ولسانه المشقوق هو حاسة الشم لديه وهناك فتحتان صغيرتان للتنفس وأسنان ملتوية للداخل ولا أذن خارجية له ومع ذلك فهو يسمع ولا مخالب له. وفي الواقع أقرب أقارب الثعابين ليست الديدان كما قد يظن البعض بل بعض التماسيح فلا وجود لأعمدة فقارية في الديدان في حين أن لبعض أنواع الثعابين حوالي أربعمائة عظمة.
وللثعبان قلب ومعدة وكبد وكليتان وأمعاء ورئة واحدة على الغالب الأعم والمخ في الرأس إلا أنه أصغر مما في القطط والكلاب على سبيل المثال. ويستدل من الأبحاث العلمية أنه في البداية، قبل ملايين من السني،ن كانت للثعابين أرجل إلا أنها قد تلاشت على مر الأزمنة والعصور أي قبل مائة وعشرين مليون سنة ونيّف. والثعابين تزحف وتسبح وتتسلق الشجر والدور ومن العسير جدا التمييز بين الذكر والأنثى. ويبدو أن لا حياة أسرية في عالم الثعابين ويبدأ التزاوج في المناطق المعتدلة في الربيع وقد يتخاصم ذكران من أجل أنثى واحدة والتلقيح لمرة واحدة ويذهب كل منهما في طريقه. وطعام الثعابين حيواني وبعض الأنواع يأكل بعضه البعض بلعا حيا أو بعد قتله وقد تستمر عملية الهضم عدة أيام. وفي الثعابين السامة توجد غدّة وراء العين حيث يكون السم الزعاف وفي حالات أخرى هناك ما يدعى بإبرة المحقن من قناة تؤدى إلى سن جوفاء. ففي الحالات السامة تؤدي قطرة واحدة من السم لقتل إنسان ومثل هذا السم غير ضار إذا بلع. ولذلك جرت العادة في عدة مجتمعات في شقّ الجلد في موضع اللدغة ومصّ السم وقذفه إلا أن ذلك غير محبذ اليوم وذلك لمنع مضاعفات جرثومية. وأفضل تصرف إثر لدغة الأفعى هو عدم التحرك الزائد، الاستلقاء للحؤول دون تدفق السم في الأوعية الدموية، ونقل المصاب إلى أقرب مستشفى بأسرع ما يمكن. وفق الطب الحديث لا حاجة لرباط ضاغط إلا أن ضمادات الماء البارد أو الثلج قد تفيد.
ساحة النقاش