الاتجاهات الحديثة في التنمية المهنية للموارد البشرية
إعداد د . إسراء المغازى خبير التدريب وتنمية الموارد البشرية
مقدمة :
يعتقد البعض أنه بمجرد التحاقه بعمل دائم فهو فى غير حاجة الى التعليم حيث أنه حصل على التعليم الكافى لأداءه لمتطلبات الوظيفة و أى نوع من التطوير بعد ذلك يقوم بصورة أساسية على الممارسات الوظيفية ، و هذا بالطبع يعتبر درب قديم من التفكير فالتطوير والتنمية المهنية المستمرة ، تتطلب اتخاذ التدابير المناسبة لحصول الموارد البشرية على تعليم مستمر .بما يتناسب ومتطلبات زيادة عبء العمل وتعقده و التغير المستمر فى المجتمع ، لضمان تحقيق الكفاءة والمهارة الدائمة.
والاتجاهات الحديثة فى التنمية البشرية ، تفرض عملية التطوير المهني المستمر للعاملين وتقننها ووضع معدلات لها يجب تحقيقها ، كمطلب رئيسي لاستمرار العاملين بوظائفهم من ناحية وترقيتهم مادياً ووظيفياً من ناحية أخرى . ومن المعروف ان عملية التعليم تمر بمرحلتين أساسيتين هما :
· مرحلة ما قبل الالتحاق بالعمل .
· مرحلة ما بعد الالتحاق بالعمل .
وترتبط التنمية المهنية بالمرحلة الثانية ، ونستعرض فى هذه المقالة مراحل التعليم ثم نتطرق بعد ذلك لمفهوم التنمية المهنية والمعايير الدولية الخاصة بها والأسباب التى تدعو اليها ومراحل وأنواع التنمية المهنية .
أولاً : مراحل التعليم :
يمكن تقسيم مراحل التعليم الى مرحلتين أساسيتين :
المرحلة الأولى : مرحلة ما قبل الالتحاق بالعمل
1- مرحلة التعليم العام :
وهى المرحلة التى يتم بها أكتساب المعارف غير المهنية والتي يتم تلقيها في مراحل التعليم التعليم العام General Education ([1][1])ومن أمثلة هذه المعارف: التاريخ والسلوك الإنساني والعلوم السياسية والقانونية والرياضيات واللغة والفنون والآداب وغيرها, حيث انه بإمكان هذه المعارف إذا درست بتوسع تشجيع التعلم مدى الحياة، وإعطاء القاعدة التي تبنى على أساسها الدراسات المهنية .
أنها تمثل القاعدة النظرية والأساس الجوهري الفني الذي قد يمكن الطلاب؛ إذا ما أحسن الدرس والاستيعاب؛ من تنمية مهاراتهم المعرفية والإدراكية؛ فهما وتطبيقا للمفهوم وتحليلا وتقويما له، و القدرة على الاستفسار والبحث لاكتشاف مواضع المعلومات اللازمة والحصول عليها وتنظيمها، والتفكير المنطقي التحليلي والانتقادي للتعرف على المشاكل وحلها، وتنمية مهاراتهم الفنية والوظيفية؛ من خلال القدرة على القياس وكتابة التقارير، ونمذجة القرار وتحليل المخاطرة وغيرها من المهارات الفنية([2][2]).
2- مرحلة المحاكاة :
فمسؤولية إعداد أفراد مؤهلين بالمهارات المهنية تقع على عاتق عدة جهات، تأتي مؤسسات التعليم العالي في مقدمتها وذلك من خلال وضعها وتبنيها ومواكبتها لأساليب التعليم المبنية على الكفاءة في الإعداد المهني، أي تلك التي تركز على إكساب المتعلم القدرات والمهارات المهنية)[3][3]( باستخدام أسلوب المحاكاة ([4][4]) ، والتي تهدف إلى إكساب الطلاب مهارة التعلم والتوجية الذاتي بعد التخرج، وتقع هذه الأساليب في أحد عشر أسلوبا، كما يلي([5][5]):
1) استخدام دراسات الحالة Case studies ، وعروض العمل Projects، وغيرهما من الوسائل التي تحاكي مواقف العمل Work situations.
2) العمل في مجموعات Work in groups.
3) تكييف الأساليب والمواد التعليمية Instructional methods and materials ، لمواكبة التغير المستمر في بيئة العمل التي يعمل بها المهنيون.
4) وضع المناهج التي تحث على التعلم الذاتي Self-learning ، وبالتالي فإن الطلاب سيتعلمون كيف يعلمون أنفسهم ، وسيحملون معهم هذه المهارة إلى ما بعد التخرج.
5) تحفيز الطلاب للمشاركة بفعالية في العملية التعليمية.
6) استخدام أساليب القياس والتقويم التي تعكس التغير في المعرفة والمهارات والقيم والأخلاق والسلوك المهني المطلوب.
7) دمج المعرفة والمهارات والقيم والأخلاق والسلوك المهني، ضمن المواضيع والفروع الدراسية، وذلك لعرض الجوانب المتعددة للمتطلبات المهنية Professional demands والنموذج المثالي في المواقف المعقدة Complex situations typical.
8) التعريف بالمشاكل القائمة، وسبل حلها، الأمر الذي يشجع التعرف على المعلومات الملائمة، ووضع التقديرات المنطقية، والتوصل إلى استنتاجات واضحة.
9) اكتشاف النتائج البحثية.
10) تحفيز الطلاب لتطوير آرائهم المهنية.
11) استخدام التكنولوجيا، والتعليم الإلكتروني e-learning في عملية التعليم
إن استخدام هذا الأسلوب في التعليم يطور من مهارات الطلاب الفكرية والسلوكية([6][6]) ، حيث يمكن لبرامج الحاسب الآلي الجاهزة أن تنمي مهارات التفكير الإنتقادي، فتقدم خيارات عديدة لحل المشكلة، وتدرب الطالب على تطبيق الحالات المتشابهة على المشكلة التي تواجهه، وفي حال تعثره يمكنه استخدام المساعدات والإرشادات المتاحة بالبرنامج.
كما يمكن لتكنولوجيا التعليم أن تساهم في تطوير مهارة التعلم مدى الحياة، من خلال تمكين الطالب من استخدام قواعد البيانات الالكترونية، ووسائل الاتصال الحديثة، والمكتبات الإلكترونية، وعقد الندوات بين الطلاب وأساتذتهم عبر شبكات الاتصال الحديثة.
3- مرحلة التدريب العملي :
إن استعمال واستخدام كل الطرق التدريسية السابقة في بيئة أكاديمية مجردة، لا يؤدي إلى التأهيل الكامل، بل يتطلب الأمر عملية مزج بين التعليم والتدريب العملي([7][7])، ذلك يمكن الطلاب من تطبيق المعرفة التي تلقوها. أن تصميم برنامج تدريبي جيد في البيئة العملية يحقق الكثير من الخبرات المطلوبة، وقد يحتاج المشرفون والمراقبون وكل من له علاقة بعملية التدريب العملي إلى تلقي تدريب فعال ، لكي يتمكنوا من التخطيط لبرامج التدريب العملي([8][8]).
وتتضمن أهم الأساليب المستخدمة فى التدريب العملى ( العمل في مجموعات وفي بيئات العمل و استخدام الانعكاس، وذلك بإعادة إنجاز الأعمال الموجودة في بيئة العمل كوسيلة للتعلم.
هذه الأنشطة التعليمية والتي تعتبر خبرة عملية يتم تحصيلها بصورة متزامنة مع البرنامج الدراسي أو بعده، تهدف إلى الوصول بالطالب إلى مستوى مرضي من الكفاءة المهنية([9][9])،
للالتحاق ومن هنا تنتهي مسؤولية مؤسسات التعليم العالي في الإعداد المهني لتبدأ مسؤولية منظمات الإعمال المهنية.
المرحلة الثانية : مرحلة ما بعد الالتحاق بالعمل (التنمية المهنية )
بعد التحاق الفرد بالوظيفة تنتهي مسؤولية مؤسسات التعليم العالي معه حيث تتولى المؤسسة أو المنظمة المهنية التي ينتمي اليها بتحديد التعلم أو التدريب الذى يجب أن يحصل عليه ، فمتطلبات تحقق هدف الكفاءة المهنية يمكن تلخيصها في المعادلة التالية :
التعليم العام + التعليم المهني + الخبرة العملية([10][10])
وتبدأ هنا مرحلة التنمية المهنية وهو تعبير يستعمل لوصف أنشطة التعلم ، الرسمية وغير الرسمية ، التي يتلقاها شخص مهنى (متخصص) و التي تسهم في التطوير المستمر لقدرة ذلك الشخص على الوفاء بمتطلبات دوره المهني [11][11].
ثانياً : أنواع التدريب المختلفة للتنمية المهنية :
ولتحقيق التنمية المهنية المستمرة يقوم الموظف بصورة أساسية بالتطوير المستمر لمهاراته ومعلوماته من خلال أنواع التدريب المختلفة كما يلي : .
1. التدريب و التنمية المهنية الاختيارية ، فيه يقوم الموظف بتطوير مهاراته ومعلوماته من خلال القراءات الذاتية والتنمية الذاتية ولا يكون عليه أى قيد أو شرط بأن يقوم به أم لا ، أنما يكون حافزه ذاتياً محضاً يقوم على رغبته فى التميز والإبداع
2. التدريب و التنمية المهنية الإجبارية أو الرسمية : ويعتبر نموذج (Quick learning organization model ) [12][12] أو المنظمة سريعة التعلم من أحدث المفاهيم العالمية للتنمية المهنية ،وفيه يقوم الموظف بتطوير مهاراته ومعلوماته من خلال القراءات الذاتية أو التدريب الرسمي ويكون ذلك بصورة أساسية لتلبية اشتراطات المنظمة للترقية أو لتلبية احتياجات المسار الوظيفي ، وفى حالة التعليم الاجبارى يكون هناك نوعين من المسارات لكل موظف المسار الوظيفي و المسار التدريبي، .
- المسار الوظيفي: عبارة عن سلسلة متعاقبة من التغيرات الوظيفية التي تحدث في حياة الموظف العملية سواء كانت هذه التغيرات مرتبطة بالتقدم الوظيفي والنجاح الذي يحرزه في عمله والذي يرافقه الحصول على اجر اعلي أو مكانه وظيفية أفضل وتحمل أعباء ومسئوليات أكبر . ويعبر عن هذه التغيرات الوظيفية بالترقية رأسياً الي وظيفة اعلي ضمن الهيكل التنظيمي المعتمد . وقد تكون هذه التغيرات عبارة عن تعاقب في الوظائف التي يشغلها الموظف أو الفرد خلال تاريخه الوظيفي بصرف النظر عن مكانته الوظيفية التي يشغلها أو مستواها في الهيكل التنظيمي والتي تحدث عادة على مستوى أفقي أو دون ارتباطها بمراكز إشرافية اعلي لذلك نجد إن للمسار الوظيفي مفهوماً ذا بعدين هما :
الأول : ويتمثل في تدرج الموظف أو الفرد من وظيفة لأخرى ذات مستويات ومسئوليات وواجبات و متطلبات وشروط تأهيل أعلى .
الثاني : يتمثل في تدرج الموظف أو الفرد من السلم الفني والتخصصي دون أن يرافق ذلك تدرجه في سلم الوظائف الإدارية .
- المسار التدريبي :عبارة عن خطة تحديد الاحتياجات التدريبية لوظيفة ما تقابل المسار الوظيفي لتلك الوظيفة وتشمل مجموعة البرامج التدريبية التخصصية و الإدارية والمالية والتكنولوجية والقانونية وغيرها التي تحددها وحدة التدريب من اجل ضمان تزويد هؤلاء الموظفين بالقدرات والمعارف والمعلومات الضرورية لتطوير وتنمية مهاراتهم وخبراتهم للنهوض بمسئوليات وظائفهم الحالية والمستقبلية .
وطبقاً لمفهوم المنظمة المتعلمة يمكن أن يقوم الموظف بتخطي بعض المدد البينية للوظيفة- بالإطلاع على المناهج والمهارات والمعلومات المطلوبة لمستوى أعلى ثم يطلب أن يتم اختباره فيها قبل أن تدخل ضمن مساره التدريبي المطلوب للمرحلة الحالية وذلك حتى يمكنه أن يتبوأ مكانه أعلى فى الهيكل الوظيفي.
وبذلك يمكن إيجاز أهم خصائص المنظمة سريعة التعلم فيما يلي :
· واجبات اجتياز اختبارات برامج تدريب وتنمية المهارات الذاتية (الإلزامية) :
(مرتبطة بتقييم الأداء والحوافز والمكافآت والعلاوات والترقيات بموجب لائحة الموارد البشرية )
· واجبات اختبارات التعلم الذاتي الاختيارية :
(مرتبطة بنظم حوافز إضافية وترقيات استثنائية غير خاضعة لنظم المدد البينية التقليدية الطويلة)
· واجبات اجتياز برامج التدريب التقليدية .
· واجبات نقل معارف ومهارات التنمية البشرية لأنظمة العمل والمرؤوسين والزملاء والرؤساء.
· اعتبار وحدة التدريب وحدة إنتاجية .[13][13]
ومن الأمثلة الجيدة على وجود اشتراطات الأداء طبقاً للمسار الوظيفي معايير ولاية واشنطن لمهنة القضاء والتى وضعتها عام 1998. وبموجب هذه المعايير ، فقد اشترطت أن يكون الحد الأدنى المطلوب من كل موظف قضائي هو 45 ساعة معتمدة من التعليم القضائي كل ثلاث سنوات. وهذا يعادل 15 ساعة في كل عام ، أو نحو يومين. وهناك معايير تضيف ما يصل الى 15 ساعة لتلك المطلوبة لفترة ثلاث سنوات ولكنها مؤجلة للتطبيق الى مرحلة تالية (فترة مقبلة) هذا بالإضافة الى ما لا يقل عن ست ساعات معتمدة برامج لآداب المهنة القضائية لكل ثلاث سنوات عمل [14][14].
في الآونة الأخيرة فإن برامج التنمية المهنية الأكثر رسمية أصبحت جزءا لا يتجزأ وذا قيمه عالية فى الكثير من المهن ، يساهم فى رفع كفاءتها وفعاليتها لمواجهة :
- عبء العمل الثقيل
- تزداد تعقيد العمل
- الموارد المحدودة لدعمهم
- التغير المستمر فى المجتمع
[1]1]( IFAC Education Committee, IES3: Professional Skills, (www.IFAC.org/store/category.tmpl?category=Education/ ,October,2003),para 21.
[15][2] ) أنظر :
-Ibid ., Para 23-24.
-IFAC Education Committee, IES3: Professional Skills, op.cit., Para 13,14.
- IFAC Education Committee, Discussion paper : Competence-Based Approaches to the Professional Preparation of Accountants,(www.IFAC.org/store/category.tmpl? category=Education/ , June 1998), PP18-20.
- IFAC Education Committee, Discussion paper : Towards Competent professional Accountants ,(www.IFAC.org/store/category.tmpl? category=Education/ , April, 2003).
[16][4] ) أنظر فى ذلك :
-Education Committee of IFAC, IEP: Competence-Based Approaches to the professional preparation of Accountants, op.cit., Para 40,43.
[17][5] ) Education Committee of IFAC, Introduction to International Education Standards, ( www. IFAC .org, October 2003), Para 38.
[18][6] ) محمد عبد الحميد مطاوع، " تحسين نوعية التعليم المحاسبي: بالتطبيق على كلية التجارة جامعة المنوفية"، ( @، سبتمبر 2001).
[19][7]) ) أنظر فى ذلك :
- Education Committee of IFAC, IES 5: Practical Experience Requirements, ( www. IFAC .org, October 2003).para 11.
- Education Committee of IFAC, Introduction to International Education Standards, op.cit., Para 39
[20][9] ) يرجى مراجعة كلا من :
- Ibid ., Para 29.
-Education Committee of IFAC, Framework for International Education Statements, ( www. IFAC .org, October 2003), Para 41
[21][10] (Education Committee of IFAC, IES 7: Continuing professional development : A program of lifelong Learning and continuing development of professional competence", ( www.IFAC .org, May 2004),Para 2.
[22][11] (Christopher Roper, " 28 April 2006"National Standard for Judicial Professional Development FOR AUSTRALIAN JUDICIAL OFFICERS , p3-4.
[23][12] - د/ سامى الطوخى ، الملتقى الاستشاري للاتجاهات الحديثة في تحديد الاحتياجات التدريبية وعلاقتها بالمسار الوظيفي بالمنظمات ، أكاديمية السادات للعلوم الإدارية ، 26-29 - 2008
[24][13] - د/ سامى الطوخى ، الملتقى الاستشاري ، للأفاق المستقبلية فى إدارة الموارد البشرية ، محاضرا ت غير منشورة .
[25][14] ) أنظر :
National Association of State Judicial Educators, Principles and Standards of Judicial Branch Education, 2001.
ساحة النقاش