مفهوم الدعاية والإعلان
هناك تعريفات كثيرة قدمها الباحثون لمصطلح الدعاية والإعلان فقد عرّف بعضهم الإعلان بأنه: " مجموعة الأنشطة التى تهدف الى الاتصال والمخاطبة الشفهية أو المرئية لمجموعة مستهدفه من الأفراد بغرض إخبارهم والتأثير عليهم لشراء سلعة أو خدمة، أو تغيير اتجاهاتهم، وذلك نظير أجر مدفوع لجهة إعلانية محددة" .
وجاء في دائرة المعارف الفرنسية بأن الإعلان هو: "مجموع الوسائل المستخدمة لتعريف الجمهور بمنشأة تجارية وإقناعه بامتياز منتجاتها والإيعاز إليه بطريقة ما بحاجته إليها".
وقد عرّفه بعضهم فقال إن الإعلان هو: "الوسيلة المدفوعة لخلق حالة من الرضا النفسى فى الجماهير لغرض بيع أو المساعدة فى بيع سلعة أو خدمة معينة أو كسب موافقة الجمهور على قبول فكرة أو توجيهه وجهة بذاتها".
وفي تعريف الجمعية الأمريكية للتسويق:"الإعلان هو مختلف الأنشطة التى تؤدى إلى نشر أو إذاعة الرسائل الإعلانية المرئية أو المسموعة على الجمهور لغرض حثه على شراء سلع أو خدمات، أو من أجل التقبل الطيب لأفكار أشخاص أو منشآت معلن عنها".
وقد أورد بعضهم ما أسماه التعريف الشامل للإعلان فقال: "الإعلان نشاط للاتصال اللاشخصى، التفاعلى واللاتفاعلى، يمارس لحساب معلن معين مقابل ثمن معلوم، لأجل نقل رسالة عبر وسائط اتصال مختارة إلى جمهور مستهدف، بهدف استثارة فعل معين، يحقق منفعة للمعلن".(1)
ومن خلال التعريفات السابقة نرى أن الإعلان هو نشاط يهدف إلى التأثير على المستهلك أو (الجمهور) لحثه على شراء منتج أو طلب خدمة أو تقبل فكرة, اعتماداً على معرفة بنفسية هذا المستهلك وعقليته وطرق التأثير عليه لإقناعه (أو بالأحرى لدفعه بوعي أو بدون وعي) للقيام بسلوك استهلاكي معين أو لقبول فكرة معينة. والغاية بالطبع هي فائدة صاحب السلعة أو الخدمة أوالفكرة, الذي يدفع لمؤسسة تقوم هي بتقديم فكرة الإعلان والترويج له بغض النظر عن قناعتها بفائدة هذه السلعة أو ضرورة هذه الخدمة أو صوابية هذه الفكرة أو خطأها, فالمهم عند هذه المؤسسة هو المبلغ الذي يدفعه صاحب السلعة أو الخدمة أو الفكرة. وكذلك فإن المعلن يقدم هذا المال لهذه المؤسسة ليحقق غايته التي يسعى إليها وهي التأثير على المستهلك لحثه على تصرف ما يحقق له الفائدة سواء المادية أم المعنوية.
وقد حدث خلط بين مفهوم الدعاية ومفهوم الإعلان, فإذا كنا عرّفنا الإعلان بما سبق, فإن الدعاية لها مفهوم أوسع حيث يقصد بها: " النشاط الذى يؤدى الى التأثير فى عقيدة (تفكير) الجمهور، سواء لجعله يؤمن بفكرة أو مبدأ معين، أو من أجل صرفه عن فكرة أو مبدأ يؤمن بها, ولها وسائل متعددة منها: الإعلان, الإعلام, الخطب والأحاديث والمناقشات, تنظيم الاجتماعات, عقد المؤتمرات والندوات, تأليف الكتب والقصص, ترويج الاشاعات.......إلخ"(2)
أو: "هي محاولة التأثير في الأفراد والجماهير والسيطرة على سلوكهم وذلك في مجتمع معين ولهدف معين أو هي الجهود التي تبذل لتغيير معتقدات الناس واتجاهاتهم وآرائهم باستعمال وسائل النشر المختلفة"(3).
ولو أردنا البحث في تاريخ الدعاية والإعلان لعدنا إلى تاريخ البشرية نفسه، فمنذ أن أخذ الانسان يعبر عن نفسه بأساليب مختلفة كالكلمات والكتابة والرموز، وهو يبحث بشتى الوسائل من أجل الوصول لهدفه المبتغى, وذلك من خلال الإيهام والمبالغة وتحريف الحقائق وإعادة صياغة الأخبار.
إلا أن الإستخدام المعاصر لمصطلح الدعاية جرى بأميركا وبريطانيا في بدايات القرن العشرين وبالتحديد في الحرب العالمية الأولى، حينما دعا الرئيس الأميركي ويلسون لجنة دعائية ساهم في عضويتها كبار المفكرين والمنظرين الأكاديميين أمثال جون ديوي، فالتر لبمان، أدورد بيرنايس، كذلك حينما تأسست في بريطانيا وزارة للدعاية التي أخذت على عاتقها مهمة تحريض الشعب الأميركي ضد الألمان. ونجحت في ذلك نجاحاً عظيماً. وظهرت فيما بعد الدراسات والأبحاث التي درست هذا المفهوم من جوانبه كافة. (4)
ومن أهم وسائل الدعاية والإعلان النشرات والكتيبات والبروشورات التي توزع على المستهلكين. والصحف والمجلات التي تخصص صفحات كاملة للإعلانات. والملصقات واللافتات التي يخصص لها أماكن بالميادين والشوارع. وهناك نوافذ العرض الخاصة لعرض المنتج. بالإضافة طبعاً إلى الإذاعة والتلفزيون والسينما.
هذه الوسائل تعتمد في تقديمها للمنتج بمجملها على الدراسات النفسية التي يُتعرف منها إلى أحسن الطرق للتأثير على آراء الناس وتغيير اتجاهاتهم الاستهلاكية. وكما يقول الاقتصاديون فإن الإعلان هو التحكم في السلوك بهدف إثارة دوافع المستهلك للشراء.
ويمكن أن نضرب بعض الأمثلة المؤثرة على المستهلك بما يلي:
1ـ إعطاء الإعلان صبغة علمية أكاديمية, وذلك باستعمال بعض الألفاظ الطبية أو المصطلحات الكيميائية. ( وهذا ما نراه في كثير من الإعلانات الخاصة بمعاجين الأسنان مثلاً, بل إن الدواء الذي كنا نُحذّر دائماً من استعماله دون وصفة طبية أصبح له إعلان خاص أيضاً!).
2ـ استغلال بعض الخدع السينمائية في التصوير لإبهار المستهلك بنتائج استعمال السلعة, (مثل إعلانات زيوت الشعر مثلاً أو الشامبوهات أو منتجات القوة).
3ـ محاولة إشعار المستهلك أن ما لديه من سلع وبضائع أصبح غير صالح أو لم يعد مواكباً للتقدم. (كثير من الإعلانات توازن بين منتج قديم وآخر جديد أكثر مفعولاً أو أقوى تأثيراً, أو حتى بعبوة أجمل! وكأن مفعول المنتج يتغير بتغير عبوته. ومن أسوأ الإعلانات التي تظهر على أحد المحطات الفضائية إعلان يوازن بين إحضار الأم إلى المكتب أو إحضار شوربتها!, فالأم بحنانها واهتمامها ورعايتها وإنسانيتها اُختصرت الحاجة إليها بالحاجة إلى شوربتها, وبالطبع فإن منتج الشوربة المصنّع أفضل من الماما كلها!).
4ـ استخدام الخدع اللفظية التي تشد انتباه المستهلك. (كسؤال المتلقي هل جربت كذا؟ أو هل عانيت من كذا؟ أو هل سمعت عن كذا؟.....)
5ـ ربط استخدام السلعة بإثارة غرائزية لدى المشاهد كلقطات مثيرة أو ألفاظ مثيرة حتى, وهذا ما يبرر ظهور النساء الجميلات بشكل شبه دائم لتمثيل الإعلانات.
وبانتشار وسائل الدعاية والإعلان المختلفة والتقدم التكنولوجي الحديث الهائل في مجالات التصوير السينمائي والتلفزيوني, وفي الطباعة والكمبيوتر والأنترنت وغيرها من هذه الوسائل والتقنيات, أصبحت الإعلانات قوة هائلة وصناعة مؤثرة تأثيراً كبيراً على سلوك المستهلك, وتزايدت أهميتها وتتزايد يوماً بعد يوم, مما جعل الشركات والأفراد ينتبهون لخطورتها ويصرفون وقتهم وجهدهم ومالهم للاستفادة منها بأقصى صورة ممكنة,