·        مقدمة

إن الختان عادة تمارسها جماعات عرقية كثيرة بدءاً من الساحل الشرقي الى الساحل الغربي لأفريقيا ،وفي المناطق الجنوبية من شبة الجزيرة العربية على امتداد الخليج الفارسي ،وفيما بين بعض المهاجرين من هذه المناطق في أوروبا واستراليا وأمريكا الشمالية ، ويحدث في بعض الجماعات التي تمثل أقلية في الهند وماليزيا وإندونيسيا .

 

ويعتبر الختان موروث بيئي عرف عند العرب واليهود ،كما ارتبط ختان الذكور بأبي الأنبياء إبراهيم علية السلام .أما بخصوص ختان الإناث والتي عندما تطلق كلمة ختان بشأنهن على سبيل التجاوز وليس على سبيل التجاوز وليس على سبيل الحقيقة ،  وعند مفاهيم العامة من باب الالتباس والخلط في الأمر مما أعطى هذه العادة بعض التثبيت  في عقول الكثير من الناس . فمصطلح الختان يطلق للرجل وانسحب على الأنثى من باب العموم ، أما التعبير الدقيق للأنثى فهو ( الخفاض ) ، وسوف نناقش في الصفحات التالية هذه القضية لبيان الموقف الشرعي منها.

 

يدور جدل كبير حول عادة الختان في مصر الفرعونية ، وهي التي صدرتها أم أنها انتقلت إليها من بلاد أفريقية تأصلت في المجتمع واستمرت حتى الآن بهذه القوة بين المسلمين والمسيحيين على السواء ، ونستطيع القول أن البحث حول نشأة الختان لا ينتهي عند رأي يرجح ، بل ما ورد في شانها على سبيل التأكيد أنها عادة مارستها بعض الشعوب وعلى وجه الخصوص بعض مناطق أفريقيا مثل السودان والصومال وجيبوتي وغيرها .

 

·        الختان وارتباطه بأوضاع المرأة

من الصعوبة بمكان ان نناقش عادة ختان الإناث بمعزل عن الأوضاع العامة التي أحاطت بالمرأة من موروثات ثقافية في شكل عادات بيئية توارثت عبر الحضارات المختلفة من اليونان إلى الرومان والفرس وكذلك عند بني إسرائيل ، وفاقت هؤلاء عند العرب في الجاهلية ، ففي كل هذه الحضارات  حوصرت المرأة بالظلم والهوان في كل مكان ، حتى جاء الإسلام وغير مسار فكر البشرية حيث جاء بنظرة شاملة للإنسان تليق بأصل خلقته وبحقيقة دورة رجلاً كان أو امرأة عربي كان أو امرأة ، عربي أو غير عربي ، أبيض كان أو أسود. أيضاً قدم الإسلام نظرة جديدة إلى المجتمع والعلاقات التي يجب وان تربط بين أفراده مؤمنين كانوا أو كفار ، كتابيين أو منافقين مذبذبين .. الخ .

 

رغم وضوح موقف الشريعة الإسلامية من المرأة إلا أن الموروثات البيئية في عدم إنصاف المرأة بقيت تتحكم في أمورها سواء في المجال الاجتماعي أو الثقافي أو في مجال السياسة، واستخدم المنظور الديني في تغذية كثير من الأمور التي ورثناها من العادات البيئية وعلى رأسها عادة ختان البنات خاصة في ارتباطها بطهارة ونقاء الفتاة ، وهي أمور ورثناها عبر الآباء والأجداد من زمن سحيق مما جعل خذه العادة السيئة تصل الى هذا العمق في تاريخنا وفي نفوسنا والتي لا نجد لها هذا الصدى وهذا الضجيج الذي انبرت له الخطب الرنانه والكلمات العنيفة ، لا نجدها مشكلة اصلاً في بلاد الشام والسعودية والمغرب والعراق ، والحق أن الموضوعية غابت في الحوار والنقاش بين الفرقاء ، ونسي أصحاب هذا الرأي المعارض لوقف عملية الختان الحقائق العلمية وغلبوا نصوصاً ضعيفة .

 

·        نظرة الإسلام للرجل والمرأة

ينظر الإسلام إلى الرجل والمرأة على انهما متساويان في عمارة الأرض بالتناسل مع المشاركة التامة ، لا امتياز فيه لأحدهما على الآخر ،يقول الله تعالى " يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ،إن أكرمكم عند الله اتقاكم ، إن الله عليم خبير "         

( الحجرات /13 ) فلفظ الناس في هذا النداء الإلهي يشمل أفراد الإنسان كافة رجالاً ونساءاً . وكذلك يقول الله تعالى " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " ( البقرة / 228 ) .

 

" سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون "  ( يس / 36 )

 

لابد أن نؤكد على حقيقة المنهج الإسلامي في نظرته للإنسان فيما له من حقوق وما علية من واجبات ،إنها نظرة واحده الى جنسية من الرجال والنساء ، دون تحامل ولا تفاضل بينهما ، وذلك على النحو التالي :-

1.  استخلاف الله للإنسان بجنسية من رجال ونساء على الأرض ،ومطالبته لهما ( أي الرجل والمرأة ) بواجب القيام بعمارة الأرض وتحمل المسئولية في ذلك أمام الله على السواء .

2.    واجب عبادة الله عليهما من غير تمايز بين الجنسين في الوجوب وفي الثواب والعقاب .

 

·        قضية ختان الإناث ( الخفاض ) من منظور إسلامي

أولاً : لقد خلا القرآن الكريم من أي نص يتضمن إشارة من قريب أو بعيد إلى ختان الإناث ، كما أنه ليس هناك إجماع على حكم شرعي فيه ، ولا يمكن أن يقبل في شأنه .

 

ثانياً : أما ما ورد في السنة النبوية الشريفة فسوف نذكره بطرقه المختلفة ثم نبين الحكم فيه من مصادر أهل الاختصاص سواء من القدامى أو المعاصرين حتى يتبين الأمر ويستقيم في إطار موضوعي بعيداً عن المغالاة أو المزايدة في ربطها بالشريعة الإسلامية كأنها اصل من أصولها              او أمر أتفق علية أهل الدين .

لقد اخذ الحوار شكل من الحماس أو الانتصار لأشخاص دون النظر إلى أن القضية تمس بناتنا ومستقبلهن في حياتهن الزوجية واستقرار أمورهن النفسية في كنف أزواجهن .

1.  أشهر الروايات التي ذكر فيها ختان الإناث هي الرواية التي ارتبطت باسم أم عطية وهي امرأة كانت تقوم بختان الإناث في المدينة المنورة ،أن النبي (ص) قال لها " يا أم عطية أشمي ولا تنهكي فإنه أسري واحظي عند الزوج " . وهذا الحديث رواه الحاكم والبيهقي وأبو داوود بألفاظ متقاربة ،وجميعهن رووه بأسانيد ضعيفة كما بين الحافظ زين الدين العراقي في تعليقة على إحياء علوم الدين للغزالي ج1 ص 148. وقد عقب أبو داوود على هذا الحديث بقوله" روي عن عبيد الله ابن عمر عن عبد الملك بمعناه وإسناده وليس بالقوى ، وقد روي عنه مرسلاً ،وهذا الحديث ضعيف " سنن أبي داوود مع شرحها –عون المعبود 13/125-126 . ويعقب من العلماء المعاصرين على هذا الحديث نقلاً أ.د.سليم العوا قول العامة الدكتور محمد الصباغ في رسالته عن ختان الإناث " فانظر – رعاك الله – أما هذين الإمامين الجليلين أبي داوود والعراقي وكيف حكم عليه بالضعف ولا تلتفت إلى من صححه من المتأخرين" .

2.    الحديث الثاني الذي يردد ويستند إليه أن النبي (ص) قال " الختان سنه للرجال    

 ومكرمة للإناث " . وقد نص الحافظ العراقي في تعليقه على إحياء علوم الدين  على هذا الحديث أيضاً ،ويؤكد على ضعف هذا الحديث الحافظ بن حجر في كتابه (تلخيص الخبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير) ونقل قول الإمام البيهقي فيه: بأنه ضعيف منقطع وكذلك قول ابن عبد البر ( التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ) أنظر عن العون المعبود في شرح سنن أبي داوود لشمس الحق آبادي/14 – انه يدور على رواية راو لايُحتج به.

 

 

 

ويوجز ابن عبد البر رأيه في مسألة ختان الإناث ودعواهم بأنه ( سنة ) وذلك في اعتمادهم على تلك الرواية الضعيفة وبيَن على أن الاجتماع منعقد على ختان الرجال .

 

وبنفس هذا الفهم والإدراك قال الإمام ابن المنذر " ليس الختان خير يرجع إليه ولا سنه تتبع " . أنظر شمس الحق العظيم آبادي في شرحه أبي داوود 14/126 .

 

ويدلي الإمام الشوكاني في شرحه بدلوه في هذه القضية " ومع كون الحديث لا يصلح للاحتجاج به ،فهو لا حجة فيه الى المطلوب " ( نيل الأوطار 1/119 ).

 

3.  النص الثالث في السنة عن عائشة – رضي الله عنها – مرفوعاً إلى رسول الله (ص) وموقوفاً على عائشة ،حديث يروى بألفاظ متقاربة تفيد أنه " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل " . روي هذا الحديث مالك في الموطأ ،ومسلم في صحيحه والترمذي وابن ماجه في سننهما وغيرهم من أصحاب مدونات الحديث .

وهذا الحديث يستخدم في التدليل على من يذهب إلى مشروعية الختان للنساء ونسي هؤلاء خصوصية لغة العرب وما بها من أبعاد ،فإن اللفظ هذا جاء من باب تسمية الشيئين أو الشخصين أو الأمرين باسم الأشهر منهما أو باسم أحدهما على سبيل التغليب ،ويوجد الكثير من هذه النماذج والأمثلة منها العمران ( أبو بكر وعمر) والقمران         ( الشمس والقمر ) العشاءان ( المغرب والعشاء ) والظهران ( الظهر والعصر ). والعرب تغلب الأقوى والأقدر في التثنية عادة ،ولذلك قالوا للوادين ( الأبوان ) وهما أب وأم والسودان ( التمر والماء ) ،والأصفران ( الذهب والحرير ).

 أنظر النحو الوافي – عباس حسن 1/118-119.

4.  ما جاء في الحديث الصحيح عند النسائي وغيره عن عائشة- رضي الله عنها- وغيرها الصحابة في خصال الفطرة أنها عشر خصال : منها قص الشارب وإعفاء اللحية ، ولا شك أن إعفاء اللحية وقص الشارب خاص بالذكور دون الإناث ،وأصل الحديث في شأن الفطرة هو ما رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد ج12ص59 أن إبراهيم علية السلام كان أول من أختتن . وعلى هذا أصر العلماء ، كما نقله ابن عبد البر في التمهيد وقال"إنه من مؤكدات سنن المرسلين ومن فطرة الآباء التي لا يسع تركها للرجال " .

 

·  حقائق دينية هامة حول ختان الإناث

1.  الحقيقة الواضحة من الأحاديث السالفة الذكر والمنسوبة للنبي الكريم (ص) بآراء بعض العلماء القدامى والمعاصرين ، وأهل الاختصاص في هذا المجال انتهوا إلى أن هذه المرويات ليس فيها دليل  واحد صحيح السند كما استقاها من أمهات الكتب ومصادر السنة.  فحديث (أم عطية) بكل طرقه لا خير فيه ، ولا حجة تستفاد منه ، ولو فرضت صحته جدلاً، فإن التوجيه فيه لا يتضمن أمراً بختان البنات ، وإنما يتضمن تحديد كيفية هذا الختان إن وقع وإنها (إشمام) يعني أخذ جزء بسيط لا يكاد يحس من الجزء الظاهر من موضع الختان وهو الجلدة التي تسمى (الغلفة) وهو كما قال الإمام الماوردي (قطع هذه الجلدة المستعيلة دون استئصالها ) إذن فالمسألة طبية دقيقة وفي مواضع شديدة الحساسية والتعقيد ، هذا ما أكد عليه أطباء أمراض النساء  والتوليد في المؤتمر الدولي الذي أقامه المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر سنة 1998 ، حيث ثبت عند أهل الاختصاص على أيدي الأطباء وهذا ما أكد عجزهم عن إتيانه عند أهل الاختصاص من الأطباء.

 

2.  لو نفترض جدلاً صحة الأحاديث التي أوردناها ، فلو أراد النبي (ص) التسوية بين الرجال والنساء في الختان لقال : "الختان سنة" وسكت عندئذ يكون تشريعاً عاماً يلتزم به المسلمون.

 

3.  بعد أن اتضح الضرر الصحي الذي يترتب على هذه العملية من قبل أهل الاختصاص وهم الأطباء ، أو الضرر النفسي الذي يقع على الفتاة من جراء هذه العملية ، وقبل وبعد كل ذلك ضعف الأحاديث الواردة في شأن ختان الإناث وهذا ما أكده أهل الاختصاص من علماء الحديث ومن المصادر الصحيحة وعملا بالقاعدة الفقهية التي تقضي بأن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، فالقضاء على هذه العادة السيئة والتي ثبت عدم الجدوى أو الفائدة من عملها فإنني أنتهي بضمير يرتاح للسند الديني وشهادة الأطباء أن القضاء عليها واجب ديني يجب أن يضطلع به كل قادر عليه.

 

4.    لقد نهى رسول الله (ص) عن تغيير خلق الله ، وصح عنه لعن (المغيرات خلق الله).

والقرآن الكريم جعل من المعاصي قطع بعض الأعضاء ولو من الحيوان ، بل هو مما توعد الشيطان أن يضل به بني أدم في إنعامهم وقته بتغيير خلق الله فقال تعالى عن الشيطان " لا تتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً ، ولا ضلنهم ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ، ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبينا ً" (سورة النساء آية 118 ، 119)

                            

والختان بالصورة التي يجرى بها في مصر وفي أجزاء أخرى من العالم فيه تغيير لخلق   جاء النهى عنه واعتبره الحق تبارك وتعالى من عمل الشيطان ، فكيف وإن كان هذا التغيير يحدث في الإنسان الذي كرمه الله وأسجد له ملائكته ونفخ فيه من روحه ،  ثم نأتي ونهين أنفاسنا تحت وهم الموروثات والخالي تماماً من السند الديني الصحيح.

 

5.  الختان بأنواعه المختلفة ليس له علاقة بصحيح الدين ، وأنه مرفوض تماما ما يطلقه البعض بختان السنة على أحد أنواع الختان وقد اتضح مما تقدم في هذه الدراسة وغيرها من البحوث التي جاءت في هذا الشأن أن القرآن الكريم خلا من أي نص يطالب بهذه العملية الغير إنسانية ، وما نسب من أحاديث للنبي الكريم (ص) فهي ضعيفة ومعلولة ، وإطلاق وصف ختان السنة هو نوع من الخداع حتى يضفى هالة قدسية لتضليل الناس على أنها من الإسلام ، فالاحتكام إلى صحيح الشريعة في هذه القضية التي اندفعت لها الأقلام لكي تثبت إسلاميتها : فأنه لا يمكن القطع بأن ختان الإناث مذكور عند جميع الأئمة أو أنه من الأحكام المتفق عليها عندهم ، ولكنه من قبيل الأحكام الخلافية التي تترواح بين الوجوب وفوق المندوب ،  ولئن كانت تلك الأقوال متفقة أنه مشروع إلا أن وصف المشروعية مختلف فيه اختلافا يؤثر على حصوله في الواقع العملي،  وبصفة خاصة فأنه في هذا الحصول سيكون خاضعاً للقاعدة الفقهية التي تقضي بأنه (لا ينكر المختلف فيه ، وإنما ينكر المتفق عليه كما يدع مجالاً لإعمال مبدأ:- أن رأي الإمام في المسائل الخلافية مما يرفع النزاع ويرجح الرأي) .

 

وطالما كان حكم ختان الإناث من الأمور المختلف فيها ، فإنه لن يكون ثمة خطر على  

        المكلف إذا ما اختار القول الذي يرى عدم وجوب الختان ، ولن يكون آثماً بتركه إذا ما  

قلد رأي الأئمة  القائلين بذلك ،وأني أرى أن ختان الإناث محظور بحسب أصله ،أو انه  يخضع لأصل الحظر وذلك من جهة اتصاله بالنفس أو بالدم أو بسلامة الحياة . والأصل فيها كما هو معروف التحريم ،وذلك من منطلق ما هو مقرر في قواعد الفقه الكلية أن الأصل في الدماء التحريم ، ووجه انطباق هذا الأصل على ختان الإناث أنه يمثل مساساً بسلامة البدن وجرحاً له ، وكل عمل على هذا النحو يخضع لأصل التحريم ، ولا يجوز أن يقال : أنه م أمور الفطرة أو من خصالها وفقاً لما جاء في بعض الأحاديث ، ذلك أن الختان الذي يعد من قبيل خصال الفطرة إنما هو ختان الذكور وهو الذي يسمى ختاناً في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء ، أما ختان الإناث فإنه يسمى ختاناً على سبيل التجاوز وليس الحقيقة ، وأن حقيقة مسماه هي الخفاض .

 

6.  لا يجوز شرعاً أن يستفاد من عملية الختان في حكم شرعي في مسالة بالغة الخطورة على حياة الرجل والمرأة ، وتمس أقدس علاقة اعتنى بها الإسلام ووضع لها رعاية نفسية وأخلاقية لمشاعر المرأة واحترام إشباع الغريزة الجنسية لها شأنها شأن الرجل ، بل ذهب الإسلام إلى أكثر من هذا في الدعوة إلى الزيادة والتفنن في الاستمتاع ، وأن ميل الإنسان الرجل والمرأة للمتعة الجنسية من أمور الفطرة ، ومهمة الدين ليست مقاومة هذه الفطرة بل تنظيم إشباعها لتكون في دائرة الحلال الطيب بل ويؤجر الإنسان على هذه المتعة ، ففي التوجيه النبوي عن أبي ذر أن رسول الله (ص) قال:" وفي بضع أحدكم صدقه ،قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون فيها اجر؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر .( البضع كناية عن الجماع ) رواه مسلم ... ،ويقول الحق تبارك وتعالى "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ". ويحرص القرآن الكريم على حصول المرأة على حقها لاشرعي في الاستمتاع واللذة الارتواء مثلما يحصل الرجل .." نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم ". والتقديم للنفس إشارة إلى التهيئة والملاطفة حتى تتمكن من حصولها على لذتها .. وفي السنة : " إذا أتى أحدكم أهله ، فليغمزها ويلمزها حتى إذا رأى منها ما رآه من نفسه أولج " .. و" إذا جامع الرجل أهله ، فليصدقها، ثم إذا قضى حاجته فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها " . هذا هو الإسلام في احترام مشاعر النساء ،ولكن العادات السيئة التي ورثناها من عهود بالية لم تحترم مشاعر المرأة وذلك بتحجيم هذه الرغبة الجنسية بقطع هذه الأعضاء من جسدها والتي ليست لها علاقة بالرغبة على الإطلاق ، وقطعها يعتبر بكل المعايير من باب المفسدة التي يحرمها القانون السماوي والرضي. إننا في أمس الحاجة أن نفهم حقيقة الشريعة الإسلامية فهماً جيداً خاصة في المسائل التي بأوضاع المرأة ، وان نفرق بين ما جاء عبر التقاليد الظالمة للمرأة وبين ما به عدل الله تعالى في تشريعاته للمرأة حتى نبتعد عن الخلط وسوء التطبيق باسم الشرع... والشرع برئ منه.

 

7.   من القواعد الفقهية : جواز تقييد المباح أو منعه إذا أن هناك ضرر يترتب عليه ،وجواز ذلك إذا غلب الظن بحدوث الضرر،وقد أثبت الطب حدوث الضرر المتعدد الجوانب للمرأة من بتر أو قطع هذه الأجزاء الحساسة فهو ضرر لا يمكن منعه ويؤثر على الفتاة طوال حياتها كما أنه أمر ليس له ضرورة شرعية ولا إثم على تاركه.

 

8.  أما أصحاب مقولة ربط الختان بالعفة والطهارة والحرص على أخلاق الفتيات خاصة في مرحلة المراهقة ، أو تجنب ما يسببه التداخل والتزاحم والتلاحم بين الرجال والنساء في المواصلات العامة، والأماكن التي يوجد فيها الزحام ، للرد على أصحاب هذه المقولة ، أن الأمر ليس كما يزعمون لأن موضع الختان لا تتحقق منه تقليل الإثارة الجنسية لأنها لا تتحقق إلا باللمس المباشر الذي لا يقع قطعاً في حالات التداخل والتزاحم ، ومجالات الملاصقة التي يتحدثون عنها ، وهذه المجالات يجري فيها التلامس بين الرجال والنساء في أجزاء شتى من الجسم البشري ، فهل تكون المعالجة بقطع هذه الأجزاء من أجسام الناس جميعاً...إن المسألة مختلفة تماماً فالعفة والصون واتقاء ما حرم الله بين الناس لا تكون باستئصال أعضاء الناس بل تتأكد وتتعمق بتربية الخلق القويم وبغض البصر وبالتمسك بكرامة الإنسان مع أخيه الإنسان في الشارع وفي المواصلات وأماكن الزحام وأما الذين يركزون على هذا الجزء من المرأة ما هو إلا عدوان صارخ عليها وجهل مطبق بأصول التربية ومقومات الأخلاق التي يجب أن تغرس في الناس ، هذا هو المنهج الصحيح في مقاومة أمراض النفوس وليس في الاعتداء على الأنثى بهذه الصورة التي تهدر كرامة المرأة ، فعادة ختان الإناث           لا تحمي الأعراض ولا تصون عفة المرأة.

المصدر: أ.د.آمنة نصير / أستاذة الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 769 مشاهدة
نشرت فى 20 يوليو 2010 بواسطة StopFGM

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

54,011