مَدَارِسّ الَبَتَانُونَ

المشير البطل محمد عبد الغنى الجمسى .

 

هناك بيته لا يزال قائما تراه كل يوم وقد بنى حوله جامع العزيز بالله 

ولد محمد عبد الغني الجمسي في 9 سبتمبر عام 1921 لأسرة ريفية رقيقة الحال كبيرة العدد يعمل عائلها في زراعة الأرض في قرية البتانون بمحافظة المنوفية، وكان الجمسي هو الوحيد بين أبناء هذه الأسرة الكبيرة الذى تلقى تعليما نظاميا في الوقت الذى كان فيه التعليم يزيد من أعباء الأسرة المتوسطة الحال أعباء إضافية وقبل أن تعرف مصر مجانية التعليم.

درس الجمسي في مدرسة المساعي المشكورة في شبين الكوم، وبعد أن أكمل تعليمه الثانوي، حالفه الحظ وكان من أوائل المصريين الذين أتاحت لهم الظروف السياسية دخول الكليات العسكرية المختلفة. فقد سعت حكومة مصطفى باشا النحاس حينئذ لاحتواء المشاعر الوطنية المتأججة التي اجتاحت الشعب المصري في هذه الفترة ففتحت أبواب الكليات العسكرية أمام أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة التي كانت محرومة منها.
بدأ حياته العسكرية وعمره 17 عاما و21 يوم، ومن يومها وهو يشارك في كل الحروب العربية الإسرائيلية عدا حرب 1948 التى كان خلالها في بعثة خارج البلاد، وكان زميلا في هذه الفترة لكل من جمال عبد الناصر، وعبد الحكيم عامر، وصلاح وجمال سالم، وخالد محيي الدين... 
تخرج الجمسي في الكلية الحربية عام 1939 في سلاح المدرعات، وفي نفس العام أندلعت الحرب العالمية الثانية ودارت المعارك الطاحنة في صحراء مصر الغربية بين قوات الحلفاء بقيادة مونتجمري والمحور بقيادة ثعلب الصحراء روميل. وهي حرب لم تكن لمصر فيها ناقة ولا جمل وإنما تورطت فيها نتيجة إحتلالها من جانب بريطانيا التى كانت طرفا أساسيا في الحرب.
عقب انتهاء الحرب تلقى الجمسي عددا من الدورات التدريبية العسكرية في كثير من دول العالم، ثم عمل ضابطا بالمخابرات الحربية، فمدرسا بمدرسة المخابرات حيث تخصص في تدريس التاريخ العسكري لإسرائيل الذي كان يضم كل ما يتعلق بها عسكريا من التسليح إلى الإستراتيجية إلى المواجهة. 
عقب نكسة يونيه 1967 أسند للجمسي مهام الإشراف على تدريب القوات المصرية مع عدد من القيادات المشهود لها بالكفاءة، وكان الجمسي من أكثر قيادات الجيش دراية بالعدو، مما أدى إلى ترقيه حتى وصل إلى قيادة هيئة التدريب بالجيش، ورئاسة المخابرات الحربية، وهو الموقع الذي شغله عام 1972، ولم يتركه إلا أثناء الحرب لشغل منصب رئيس هيئة العمليات.


حرب أكتوبر
أشرف الجمسي بنفسه على الإعداد للحظة الثأر وبنفسه أخذ يبحث بكل ما أوتي من قوة وعلم لوضع لحظة بدء المعركة الفاصلة بالدقيقة والثانية!، وحفاظا على السرية المطلقة بدأ يكتب كل ملاحظاته في دفتر صغير كان يخص أبنته ولم يطلع عليه سوى أثنين: الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس الراحل حافظ الأسد، وقد عُرف هذا الدفتر فيما بعد بـ "كشكول الجمسي" وفي هذا الكشكول كانت الصفحات تتوالى ليخرج في النهاية بتوقيت مناسب: السادس من أكتوبر الثانية ظهرا.

بدأ الأمر بكتيب صغير أعدته المخابرات العامة عن (الأعياد والمناسبات اليهودية في إسرائيل)، كلف الجمسي مجموعة من سبعة ضباط تنحصر اتصالاتهم داخل دائرة مغلقة تماما عليهم وعلى الجمسي رئيس هيئة العمليات وتتراوح رتبهم بين عقيد ومقدم ويرأسهم عميد يخضع مباشرة لرئاسة الجمسي.
وامعانا في استخدام كل ما هو ممكن من الأساليب العلمية فقد كان البحث يقتضي تحديد انسب الشهور ثم انسب الايام فى الشهر الذى يقع علية الاختيار، والبحث عن افضل شهور السنة لاقتحام القناة من حيث المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه، وكان من المهم فى اليوم الذى يقع علية الاختيار ان يتميز بطول ليله وان يكون في شهر من الشهور التى لا تتعرض لتقلبات جو شديدة تؤثر على تحرك القوات. ولاكتمال عنصر المفاجأة امتدت الدراسة الى البحث في العطلات الرسمية في اسرائيل بخلاف يوم العطلة الاسبوعية وهو السبت.
وبرز شهر اكتوبر بقوة فهو يحتوى على ثمانية اعياد يحتفل بها الاسرائيين ومنها عيد الغفران المعروف بيوم كيبور، وعيد المظلات، وعيد التوراة، وتطرقت الدراسة الى طرق الاحتفال بكل عيد من هذه الاعياد ومدى تأثيره على اجراءات التعبئة في اسرائيل. وفي النهاية وقع الإختيار على يوم كيبور الذى كان للمصادفة أيضا أحد أيام السبت.
وبدأت الحرب وأيقن الجمسي بنجاح فكرته التى أعتمدت على أسس عسكرية وعلمية متينة، وأذهلت إسرائيل من المفاجأة الغير متوقعة.
الثغرة:
عقب توقف القوات المصرية عن التقدم نحو منطقة المضايق الإستراتيجية، والخلاف الذى نشب بين الرئيس الراحل انور السادات والفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان والذى أدى الى إستقالة الأخير، أسندت رئاسة الأركان الى المشير الجمسي، وبالتالي أسندت اليه عملية تصفية ثغرة الدفرسوار وعلى الفور أعد خطة محكمة أسماها "شامل"، إلا أنها لم تنفذ – للأسف - نتيجة صدور وقف إطلاق النار.
وبانتهاء المعركة تم تكريم اللواء الجمسي، ورقي إلى رتبة الفريق، ومُنح نجمة الشرف العسكرية.. لكن دوره لم يكن قد أنتهى بعد.

مفاوضات الكيلو 101:
وقع اختار الرئيس السادات على الفريق الجمسي ليتولى مسئولية التفاوض مع الإسرائيليين فيما عرف بمفاوضات الكيلو 101، وبرغم كراهيته للتفاوض خاصة مع الإسرائيليين الذين يعرف عنهم يقينا نقضهم للعهود الا أنه كقائد عسكري نفذ الأوامر لكنه قرر ألا يبدأ أبدا بالتحية العسكرية للجنرال الإسرائيلي "ياريف" رئيس الوفد الإسرائيلي، وألا يصافحه، وهو ما حدث بالفعل.

وفي يناير 1974 كان أصعب موقف في حياته – كما يقول هو – فقد جلس وقتها أمام وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر ليخبره الأخير بموافقة الرئيس السادات على انسحاب أكثر من 1000 دبابة و70 ألف جندي مصري من الضفة الشرقية لقناة السويس، ورفض الجمسي القرار بشدة، وسارع بالاتصال بالسادات الذي أكد موافقته، ليعود الجمسي المقاتل الصلب إلى مائدة التفاوض وهو يبكي.
يقول الجمسي حينما سُأل عن القرار الذي ندم عليه في حياته: "اشتراكي في التفاوض مع اليهود". 
خروجه من وزارة الحربية:
وبعد ترقيته إلى رتبة الفريق أول مع توليه منصب وزير الحربية عام 1974 وقائد عام للجبهات العربية الثلاث عام 1975، واصل الجمسي تدريبات الجيش المصري استعدادا للمعركة التي ظل طوال حياته يؤمن بها، وكان قرار الرئيس السادات وقتها ألا يخرج أي من كبار قادة حرب أكتوبر من الخدمة العسكرية طيلة حياتهم تكريما لهم، غير أن الخلافات السياسية بين الجمسي والسادات أدت في النهاية إلى خروج الجمسي من وزارة الحربية عام 1978.
يقول البعض أن السبب في خروجه من وزارة الحربية كان رفضه نزول القوات المسلحة إلى الشوارع لقمع مظاهرات 18 و19 يناير 1977 الشهيرة.
وطلب الجمسي بنفسه أن يحال إلى التقاعد، وتم تغيير أسم الوزارة من الحربية إلى الدفاع ليكون الجمسي بذلك هو آخر وزير حربية في مصر.
وفي عام 1979 رقي الجمسي مرة آخرى إلى رتبة المشير.
وفاته:
وبعد معاناة مع المرض؛ العدو الوحيد الذي لم يستطع قهره، رحل مهندس حرب أكتوبر في صمت عن دنيانا في السابع من يونيو 2003، عن عمر يناهز 82 عاما، وكلماته تتردد في الصدور : "ليتني أحيا لأقاتل في المعركة القادمة"!.


قالوا عنه:
"لقد هزني كرجل حكيم للغاية، إنه يمثل صورة تختلف عن تلك التي توجد في ملفاتنا، ولقد أخبرته بذلك، أنه رجل مثقف، وموهوب ومنطو على نفسه، وهو مصري يعتز بمصريته كثيرا".

عيزرا وايزمان
رئيس وفد المفاوضات الإسرائيلي في الكيلو 101 ورئيس اسرائيل فيما بعد

"أنه الجنرال النحيف المخيف"

جولدا مائير
رئيسة الوزراء الإسرائيلية إبان حرب أكتوبر

"إن العسكريين الإسرائيليين يقدرون تماما كفاءة الجمسي، وأعترفت إسرائيل بأنها تخشاه أكثر مما تخشى القادة الآخرين".

هنري كيسنجر
وزير الخارجية الأمريكي الأسبق

من أقواله:
"إن الرجل العسكري لا يصلح للعمل السياسي، وإن سبب هزيمتنا عام 1967 كان بسبب اشتغال وانشغال رجال الجيش بالألاعيب في ميدان السياسة؛ فلم يجدوا ما يقدمونه في ميدان المعركة". 
"انتصار أكتوبر هو أهم وسام على صدري، وليتني أحيا لأقاتل في المعركة القادمة"
"إن التخطيط للعمليات الحربية هو حرب بدون أسلحة هو حرب العقول ضد العقول"

"كانت حرب أكتوبر 1973 أول نصر عسكري يسجله العرب في العصر الحديث، وتلك بداية النهاية للتفوق العسكري الإسرائيلي".

تم تصنيف المشير ضمن أبرع 50 قائدا عسكريا في التاريخ كما ذكرت أشهر الموسوعات العسكرية العالمية.

من ويكبيدا

بعد انتهاء إحدى جلسات مفاوضات فض الاشتباك الأول (الكيلو 101) التي أعقبت عبور القوات المصرية لقناة السويس في حرب أكتوبر 1973، خرج الفريق عبد الغني الجمسي -رئيس وفد المفاوضات المصري، وكان رئيسا لأركان الجيش- من خيمته للتفاوض دون أن يسلم على أي من أعضاء وفد المفاوضات الإسرائيلي أو تصدر عنه كلمة واحدة، وكانت هذه عادته طوال زمن المفاوضات، فأسرع وراءه قائد الوفد الإسرائيلي الجنرال "عيزرا وايزمان" الذي أصبح رئيسا لإسرائيل فيما بعد، وقال له: "سيادة الجنرال، لقد بحثنا عن صورة لك وأنت تضحك فلم نجد، ألا تضحك أبدا؟!". فنظر إليه القائد المصري شزرا ثم تركه ومضى.. وبعدها كتب وايزمان في مذكراته عن المشير الجمسي: "لقد هزني كرجل حكيم للغاية، إنه يمثل صورة تختلف عن تلك التي توجد في ملفاتنا، ولقد أخبرته بذلك". لقاء مع الجنرال تذكرت هذا الموقف عندما ذهبت لأول لقاء معه قبل أكثر من عام، وكان لقائي الوحيد مع الرجل الذي ارتبط ذكره بالانتصار الأكبر للعرب على إسرائيل والذي كان أحد أبرز رموز العسكرية المصرية والعربية الكبار في القرن العشرين، وظل واحدا ضمن أبرع 50 قائدا عسكريا في العالم ذكرتهم أشهر الموسوعات العسكرية العالمية، إلى أن توفاه الله قبل أيام قليلة (في 7 يونيه 2003م). حين طلبت من المشير الجمسي اللقاء دعاني بود لمقابلته في جلسته المفضلة بنادي هليوبوليس؛ حيث اعتاد الجلوس مع أصدقائه أمام ملعب الكروكية، كان تصوري أنني سألتقي بجنرال على المعاش من طائفة جنرالات المقاهي الذين يعيش الواحد منهم على ذكريات الماضي يجتر انتصاراته، ويفاخر بمعاركه والحروب التي خاضها، خاصة لو كانت حقيقية ولها تاريخ، لكن كل هذا تغير وانقلب تماما حين وجدتني أمام رجل بسيط متواضع قد لا تستطيع تمييزه عن غيره من الناس الذين تقابلهم في الشارع، وتزاملهم في العمل، وتجاورهم في الأوتوبيس، وتقتسم معهم لقمة بسيطة (فول وطعمية) في أحد مطاعم القاهرة متواضعة الحال. حين رأيت الرجل عادت إلي أنفاسي التي كانت على وشك الهروب، ليس من رهبة لقاء الجنرال فقط، ولكن من تأثير أجواء هليوبوليس نادي النخبة الأرستقراطية التي احترفت أن تبث فيك -أنت الشاب رقيق الحال- كل معاني التضاؤل. وحين تصافحنا عادت إلي روحي حين وجدت نفسي مع واحد من فلاحي ريف مصر البسطاء، نحيف الجسد دقيق الملامح، كأنما هي منحوتة نحتا، هادئ بسيط وعادي، لا تتصور وهو يكلمك بعادية وتلقائية وهدوء أنه هو الجنرال الذي تمرس على الحياة بين طلقات الرصاص، واحترف العمل في ساعات الخطر. ولولا وقار الرجل وهيبته واسمه الذي تعرفه الدنيا كلها "أشهر من النار على العلم" لكانت جلستنا التي استمرت ساعتين كاملتين من التباسط والحميمية التي لم يتكلفها الجنرال أقرب إلى جلسات أهل الريف تحت أشجار الجميز

 

 

SchoolsAlpatanon

مرحبا بكم فى مدارس البتانون

  • Currently 204/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
68 تصويتات / 2129 مشاهدة
نشرت فى 25 إبريل 2010 بواسطة SchoolsAlpatanon

ساحة النقاش

SchoolsAlpatanon
<p>لا دموع ولا آهات على رحيلك يا بطل فالدموع والآهات لم يعرف سبيلا لك فى حياتك ولكن نحن جنود السلم أبناء قريتك لن نخذلك وسنرفع هامات الوطن عالية كما تركتها عالية يابطل</p>

مرحبا بكم

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

695,245

عبدالمقصودمحمدحجازى

SchoolsAlpatanon
موجه بالتربية والتعليم المصرى »