صناعة الدواجن في مصرمن الانعاش الي الانتعاش بقلم الدكتور أحمد علي صالح مدرس تغذية الدواجن بجامعة كفرالشيخ

تعتبر صناعة الدواجن فى مصر من اهم الصناعات التى تسهم فى توفير البروتين الحيوانى، حيث تتميز مشاريع الدواجن بعدة خصائص من اهمها سرعة دوران رأس المال بجانب عدم احتياجها لرقعة زراعية كبيرة، بجانب الارتفاع النسبى للكفاءة التحويلية الغذائية مقارنة بمختلف انواع مصادر البروتين الحيواني الاخري كالابقار والجاموس والاغنام وترتفع قيمتها الغذائية حيث يرتفع بها نسبة البروتين بالإضافة إلى انخفاض نسبة الدهون عن باقي المصادر الاخري. هذا وتقوم صناعة الدواجن على توفير إحتياجات المواطن المصرى من لحوم الدواجن وبيض المائدة بنسبة 100% فى ظل الجهود الكبيرة لتحقيق الإكتفاء الذاتى في مصر والتى نتج عنها زيادة الإنتاج من 400 ألف طن إلى ما يقرب من 700 ألف طن فى عام 2004 وكذلك ارتفع إنتاج البيض من 2.9 مليار بيضة إلى 7.5 مليار بيضة خلال نفس الفترة ، ولقد قدرت ثروة مصر من الدواجن بحوالى 120 مليون رأس حيث بلغ عدد المزارع المرخصة أكثر من 10 مليون ألف مزرعة من إجمالى 12 ألف مزرعة . وبرغم نمو صناعة الدواجن بصورة متسارعة منذ عام 1977، حيث قدرت استثماراتها الكلية الثابتة بما يزيد عن ثمانية عشر مليارا جنية فان هذة الصناعة قد تعرضت منذ عام 2006 وحتي وقتنا هذا لازمة كبيرة بسبب ظهور مرض انفلونزا الطيور وسوء التعامل معه من قبل المسؤلين عن هذا الملف في كل الحكومات المصرية السابقة والحالية حيث تشير احصاءات الحكومية الى ان عدد الطيور المعدمة على مستوى الجمهورية عام 2006/2007 نحو 29 مليون طائر تعادل اكثر من 25% من جملة عدد الطيور الموجودة في مصر. وليست صناعة الدواجن فقط هي التي تعرضت للتدهور الكبير فهناك صناعات كثيرة اخري مرتبطة بصناعة الدواجن اخذت نصيبها من التدهور. حيث تعد صناعة الأعلاف أحد الصناعات المرتبطة بالدواجن ، حيث أن إنتاج كيلو جرام من لحم الدواجن يحتاج إلى كمية من العلف تتراوح بين 2 إلى 3 كيلو جرام من الأعلاف ، وبالتالى تقدر إحتياجات الدواجن من الأعلاف بنسبة 30% من الإنتاج الكلى للأعلاف المنتجة في مصر مما يؤثر سلباً على جميع مصانع الأعلاف المصرية من حيث قله الانتاج مما يؤثر ايضا علي تقليل الايدي العاملة في هذة المصانع. أيضاً تعتبر مصانع تصنيع منتجات لحوم الدواجن أحد الصناعات ذات الصلة الوثيقة بالدواجن والتي توجد بنسبة كبيرة فى السوق المصرى وفى الفنادق السياحية ، ولخدمة أغراض السياحة ومحلات الوجبات السريعة ، وقد بلغت صادرات مصر منها 7 مليون دولار فى عام 2002 وتستخدم بقايا مخلفات الدواجن كسماد عضوى فى أغراض الزراعة ، بالإضافة إلى إستخدام هذه البقايا صناعة مزارع الأسماك ، ومن ثم فإن أطراف عديدة قد تأثرت تأثيراً مباشراً وغير مباشراً بهذه الكارثة . تداعيات انفلونزا الطيور وتاثيرها علي صناعة الدواجن في مصر لقد تعرضت صناعة الدواجن المصرية لازمة كبيرة جدا عقب ظهور مرض أنفلونزا الطيور عام 2006 وأصبح تاريخا هاما فى صناعة الدواجن المصرية حيث اشارت التقارير الحكومية قبل هذا التاريخ الي ان استثمارات صناعة الدواجن بلغت نحو 18-20 مليار جنيه و توفر نحو 1.5 مليون فرصة عمل. ولكن اتي هذا المرض ليقضي علي هذة الصناعة وتشريد العديد من العاملين مما يزيد من البطالة. وقد أظهرت أزمة انفلونزا الطيور مدى ضعف هيكل صناعة الدواجن المصرية وعدم قدرة المسؤلين في الدولة عن معالجة وادارة هذا الملف المهم جدا مما ترتب عليه توقف العديد من المزارع عن الإنتاج وزيادة الخسائر التى أصابت قطاع الدواجن المصرية والتى قدرت بنحو 12 مليون جنيه يوميا خلال هذة الفترة، و ايضا ما تكبدته الحكومة المصرية منذ الإعلان عن ظهور المرض من خسائر مالية قدرت بنحو 2 مليار جنيه خلال ستة اشهر الاولي من ظهوره، فضلا عن توقف نحو مليون عامل بالمزارع، كذلك الخسائر التى لحقت بالصناعات القائمة عليها وتوقف بعضها عن العمل. دور البحث العلمي في تطوير صناعة الدواجن إستناداً إلى ما تقدّم من اهمية صناعة الدواجن والحاجة الملحة الي اعادتها الي وضعها السابق في مصر يتضح دور البحث العلمي والذي تحتاج إليه صناعة الدواجن وبشكل ملّح ، ومن وجهة نظر المتعاملين بإنتاج الدواجن وإعلافها تنحصر في مسألتين : المسألة الأولى تتعلّق بإنفلونزا الطيور والمسألة الثانية تتعلّق بإنتاج المواد العلفية . اولا إنفلونزا الطيور صحيح أن محاصرة المرض والمناطق المنتشر بها هي وسيلة أثبتت فاعليتها في عديد من الدول وخاصة الصناعية منها، حيث التربية الريفية شبه معدومة وحيث تتم عملية عزل المنطقة المحاصرة عزلاً تاماً وحيث يتم تعويض المزارعين تعويضاً عادلاً يساهم في تعاونهم ، لكن المحاصرة والأعدام أثبتت فشلها في مصر . لذلك لجأت الحكومة الي تعميم تحصين الدواجن للحد من إنتشار هذا المرض. لكن اللقاحات المستخدمة في مصر كانت حتى وقتنا هذا مستوردة وناتجة عن عترات من الفيروس الذي ظهر في بلدان اخرى كالمكسيك والصين. ومع أنها أعطت نتائج جيدة، لكن يبقى التخوّف من التحور الذي يطرأ بالضرورة على فيروسات انفلونزا الطيور وبالتالي إمكانية ضعف المناعات أو إنعدامها أمام الفيروس المحوّر. هنا يأتي دور البحث العلمي في ناحيتين: إستنباط لقاحات ملائمة وممنّعة وتغييرها كلما إقتضت الضرورة. إنتاج إنتيجنات ملائمة تبيّن حقيقة المستويات المناعيّة المتأتية من إستخدام اللقاحات والتي على أساسها يمكن وضع برامج تحصين فعّالة للأعمار والانواع المختلفة للطيور. ثانيا إنتاج المواد العلفية في ظل ارتفاع اسعار مواد العلف المستخدمة في تغذية الدواجن لذلك تظهر الحاجة إلى البحث العلمي في هذا المجال على الأصعدة التالية : إنتاج السلالات الجيدة الملائمة للذرة الصفراء و وفول الصويا والفول السوداني والسمسم وغيرها والتي تستخدم في التغذية بحيث يتم زراعتها في مصر مما يقلل من المواد المستوردة باهظة الثمن. ايضا لابد من توفير الدعم الجيد من الحكومة في توفير الاعلاف وخاصة لصغار المربين. واخيرا ياتي الدور الاكبر في انتعاش هذة الصناعة من جديد علي الحكومة فلابد من يوكل هذا الملف للمتخصصين في المجال واصدار بعض التشريعات التي تضمن زيادة الانتاج مرة اخري وعمل حصر دقيق لجميع المزارع بالجمهورية وتوفير كافة اللقحات السليمة ومواد العلف الجيدة باسعار ملائمة والتحكم في بورصة الدواجن من حيث تحديد اسعار البيع والشراء لجميع مستلزمات صناعة الدواجن مما يقلل من التلاعب في الاسعار.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 359 مشاهدة
نشرت فى 8 ديسمبر 2013 بواسطة Saleh2014

عدد زيارات الموقع

3,584