أبحاث وفكر

أبحاث منطقية في القرآن الكريم، وموقف القرآن من قضايا العادات الموروثة

التأويل

 هو مآل الشيء أو نهاية مطافه.. أو حدوث ما قد نبئ به من قبل.

*) تأويل المواعظ:-

"إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَ..{58} .. ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا{59}" النساء4

"لَا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا{22} وَ...* ...، ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا{35}" الإسراء17

الآيات تبين مجموعة من المواعظ التي يعظ بها الله الذين آمنوا، وعقَّب بعد ذلك بأن نهاية الاتباع لهذه المواعظ التي عظَّمها الله توصل الإنسان إلى أخْيَر حالٍ في الدنيا، الذي هو الأمن من الجوع والعري والظمأ والحر، وإلى أحسن مآلٍ في الآخرة وهو الجنة، التي هي التأويل.. فتأويل المواعظ الإلهية هو دخول الجنة.

*) تأويل الأحاديث:-

".. ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{21}" يوسف12

فحلول يوسف بمصر هو بداية تمكينه من السلطة المنبأ بها بالرؤيا التي رآها[1] من قبل، وحذره أبوه يعقوب عليه السلام من أن يرويها لإخوته حتى لا يكيدوا له، ولكنهم كادوا له ولم يعلموا أن فعلهم كان الخطوة الأولى لتمكينه مما نُبئ به.

فتأويل الأحاديث هو الوقائع والأحداث الفعلية المتعلقة بالحديث.

*) تأويل الرؤى والأخبار الغيبية:-

هي الأحداث الفعلية التي تقع في زمن لاحق لزمن الرؤيا محققة إياها.

والغيب نوعان الأول غيب نسبي بمعنى أن البعض يعلم أشياء لا يعلمها آخرون ولا يعرفون عنها شيئا فهي بالنسبة لهم غيب، والثاني غيب مُطْلَق لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-.. والنبوءة هي إخراج شيء من عالم الغيب إلى حيز الإدراك البشري؛ دون حدوث هذا الشيء في حيز الواقع الفعلي.

جميع الآيات بلا استثناء التي تكلمت عن تعبير الرؤى ذُكر فيها تعبير "نبئنا" أو مشتقاته وهذا يعني أن التأويل ليس أقوالا أو تفسيرا وإنما هو أحداث ووقائع ينبئ بها مُعَبِّر الرؤيا.

"وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ{36} قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ{37}" يوسف12، وانظر أيضا  45 يوسف12، 78 الكهف18

"وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ{100}" يوسف12

"هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ۚ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ{53}" الأعراف7

"قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا{78} أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا{79} وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا{80} فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا{81} وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا{82}" الكهف18

ومن الآيات السابقة يظهر بوضوح أن التأويل هو وقوع الأحداث المُخْبَر عنها سابقا.

ففي الآية السابقة 53 الأعراف7، يوم يأتي التأويل أي أحداث يوم الحساب يقر الذين نسوه من قبل بصدق الرسل ويبحثون عن الشفعاء أو يطلبون أن يُرَدُّوا إلى الدنيا ليعملوا أعمالا أخرى، ولكن هيهات فلا شفاعة ولا رد.

وفي قصة يوسف له الشكر والثناء نرى أن وجوده هو وأبويه وإخوته وهو صاحب سلطة في مصر هذا الوجود ذاته هو التأويل للرؤيا التي رآها من قبل.

وفي الآيات التي تحدثت عن موسى والرجل الذي علمه الله من علمه عليهم السلام قال الرجل لموسى في نهاية ذكره للأحداث التي لم يكن موسى يعلم عنها شيئا قال "ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا" أي أن تلك الأحداث التي ذكرها هي بذاتها التأويل.

 


 

[1]  الرؤيا التي رآها يوسف أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رآهم له ساجدين.

SaidAM

عدم تعريف الألفاظ يربك القارئ

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 242 مشاهدة
نشرت فى 10 يوليو 2015 بواسطة SaidAM

سعيدعبدالمعطي حسين عبدالمعطي

SaidAM
مواطن مصري يحب بلده، ويحب العالم كله، له فكر مستقل حر، درس القرآن منذ عام 1967م وحتى الآن، له العديد من المؤلفات والاختراعات الهندسية الالكترونية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

47,664

تعريفات التعبيرات

عندما يكتب معبرٌ ما نصًا؛ ولا يُعَرِّفُ معاني تعبيراتِه يُصبحُ النصُّ كلُّه غامضًا.