....كلنا طبعًا عارفين الجملة المشهورة دي .... وعارفين إمتى بنستخدمها ..... طبعا عندما ينفذ رصيدنا المادي لعمل المكالمات.... نلجأ لهذه الوسيلة للتواصل مع الآخرين مؤقتًا
ولكن هل تعتقد أننا في يوم من الأيام ؟؟
!!!نحن البشر أن نستخدم هذه الجملة بنفسنا وبلسان حالنا بدل من الهواتف النقالة ..... هل سيصل بنا الحال إلى هذا الحال
للأسف قد نصل ... بل من الممكن إننا فعلاً قد وصلنا !!!
....وصلنا إلى وضع (استجداء المشاعر ) و(استجداء الحديث ) من الآخر ... أيًا كان ... زوج ..زوجة ..أبناء... أصدقاء ..... وحتى آباء .....هذا هو الحال
هل في يوم من الأيام ستصبح مشاعرنا رهينة أجهزة حديثة أيًا كان نوعها......
هل سيصل بنا الحال أن تكون مشاعرنا (معلبة)!!؟؟؟
للأسف كنت أعتقد أنها مجرد فكرة....
( !!!ثم أصبحت ظاهرة (طغيان التكنولوجيا ) على حياتنا ..... ولكن للأسف تحولت من ظاهرة مؤقتة إلى (واقع ملموس) إذا لم نسيطر عليه الآن سيتحول إلى (واقع حياتي مخيف وأليم بكل المقايس)
.......للأسف زمان كانت بتربطنا المشاعر الأنسانية الجميلة وتحركنا القيم والعلاقات الإنسانية
.....أما الأن تربطنا وتحركنا (محركات البحث ) الأنترنتية !!! وليست الإنسانية
فعلى الرغم من أن الأقمار الصناعية قد ربطت العالم بأسره وحولته إلى (قرية كبيرة) دخلت علينا الأفكار الغريبة والعلاقات المتجمدة....
أنا لا أنكر فضل التكنولوجيا علينا في تقليص كثير من الجهد والعناء والمسافات والوقت .....ولكنها أيضًا قلصت كثير من المشاعر والعلاقات والجهد المبذول في إظهار تلك المشاعر الإنسانية واختصرتها في حروف وأرقام ورسائل وقد ذكرت سابقًا أننا أصبحنا في عصر ((الرسائل القصيرة))....
وهذه الحقيقة للأسف مؤلمة قد وصلنا إليها الآن ..... وللأسف بالتوازي مع انهزام القيم والثوابت المجتمعية وضعف العلاقات الأسرية والاجتماعية ..... وذلك أمام القيم الدخيلة علينا والتكنولوجيا التي طالما أسأنا استخدامها بحجة التطور واللحاق مع ركب العولمة بدون تقنين منا نحو استخدامنا لها .....
سواء كنا كبارًا أو صغارًا أصبحنا نفتقد للتواصل فيما بيننا .... وأخشى أن نصل إلى اليوم الذي نقول فيه للآخر (( من فضلك ...كلمني ...كلمني شكرًا...قبل أن ينفذ رصيدك في قلبي .... في حياتي ....))!!!!؟؟؟؟
هل سيصل بنا الحال إلى هذا الحد...هل من الممكن أن نصل إلى هذا الوضع ... أن نشحذ المشاعر والعواطف .... وحتى الحوار .......
كلنا سعداء (بعصر التطور والتقدم) ولكن الذي يحدث فيما بيننا أننا رجعنا إلى العصر الجليدي .... نعم تجمد المشاعر ولغة الحوار .....عصر التأخر في مشاعرنا تجاه أنفسنا والأخرين.... سنصل إلى المشاعر المشوشة والتي قد تختفي بمرور الوقت وتصبح حبيسة العلب ..... فقد استغنينا بالتكنولوجيا عن كل ماهو إنساني وجميل من الزيارات ومرافقة الأهل والخلان، حتى وإن اجتمعنا تجدنا كل مع نفسه ومع علبته الخاصة في عالم آخر لا نشعر حتى بالأصوات حولنا ولا حتى بمرور الوقت خلسة من بين أيدينا وهو يسرق لحظاتنا الجميلة سويًَا وعواطفنا وضحكاتنا التي كانت ولن تعود......
حتى أن التكنولوجيا أصبحت بديلاً (( للدبدوب )) الذي ينام إلى جانب أولادنا والتي أسهمت بشكل كبير جدًا وملحوظ في الهروب من التعامل المباشر والتحاور بين أفراد الأسرة الواحدة بل ووسيلة لهذا الهروب .......
قد أتهم الأن أنني ضد هذا التطور..... أنا شخصيًا لا أنكر أهميتها ولكن في حدود........المعقول
هل من المعقول أن تؤدي بنا إلى التسيب والشتات والشقاق الفكري والذي يصل بنا إلى الانحطاط الأخلاقي إذا ما أسأنا في استخدامها.....
وهل من المعقول أن أسرة واحدة تعيش تحت سقف واحد لم يعد يربطها حتى اللقاء في غرفة المعيشة ( غرفة التقاء المشاعر ) كما أحب أن أسميها أو حتى وجبة الغداء والتي كانت ملتقى الأسرة على الأقل .......
لننتبه قليلاً قبل أن تتسع وتتسع تلك الفجوة والتي بدأت في الظهور في علاقتنا بالآخرين وحتى في لغة حوارنا مع الآخر .... الكل منكب ومبهور ومهوس..... بهذه الأداة السارقة للوقت والذهن والعلاقات والمشاعر ....
أشعر أن الجميع أصبح في عزلة اجتماعية بل عزلة من كل شيئ نتيجة الإفراط في استخدام التكنولوجيا
ووقعنا في شباك الشبكة العنكبوتية للعولمة والتي تمتص وقتنا ومالنا ومشاعرنا وعلاقتنا بالآخرين بل وبأقرب الناس لنا....!!!!!
بل والأدهي من ذلك أنها ولدت لدى البعض الكثير .... حب العزلة وحب الانطوائية.... بل وحب الألفة المزيفة الافتراضية!!!!!
عفوًا .... فلنستفيق قبل أن نصل إلى اليوم الذي نقول فيه للآخر وجهًا إلى وجه.......
عفوًا ...... لقد نفذ رصيدكم .....في قلبي....!!!