جيرار دى نيرفال ، وكتابته ( 2- رحلة الى الشرق )
خلق مجتمع ( الدروز )
عرض / عبدالوهاب حنفى
( قال جيرار دى نيرفال : لم أندم على أنى أستقررت بعض الوقت فى القاهر( ثلاتة أشهر ونصف ) وأنى جعلت من نفسى ، فى جميع علاقاتى مواطنا لتلك المدينة ، أذ أن هذه الرحلة ، دون أدنى ريب ، هى الطريقة الوحيدة لفهمها ولحبها،للتغلل فى حياةالمدينة الخاصة أو للتعمق فى جمال مناظرها وما تحويه المدينة من متناقضات وذكريات، ومع ذلك فالقاهرة هى المدينة الشرقية الوحيدة التى فى مقدورك أن تعثرفيها على طبقات العصور التاريخية الكثيرة المتميزة، كل منها عن الأخرى ، فلا بغداد ولا دمشق ولا تركيا قد احتفظت بشىء من مواضيع الدراسة والتفكير، ففى هذه المدن ألأخيرة لا يصادف الأجنبى سوى أبنية هشة من الآجرواللبن ، ولا يرى الزخارف الرائعة الافى الأبنية من الداخل ، الا أن تلك الزخارف لا تخضع أبدا للفن الجاد والخلود الباقى ، أما القاهرة فانها تدين لمحاجر المقطم التى لا تنضب وللصفاءالدائم الذى جوها ببقاء آثارهاالتى لا حصر لها، ويرتبط عهد الخلفاء والسلاطين، وسلاطين المماليك بطبيعة الحال بطرائق مختلفة من فن العمارة ، ان عجائب الفن المغربى فى غرناطة وقرطبة تعلق قى كل خطوة تخطوها لشوارع القاهرة بذاكرتنا ، ونذكر هنا مسجد عمرو بن العاص ، وهو أول مسجد يشيد بعد فتح مصر اسلاميا ، ووجدت أيضا مسجد الخليفة الحاكم( بأمر الله )
الحاكم بأمر الله يخلف أبيه علي حكم مصر 996م
تولي الحاكم بأمر الله السلطة خلفاً لأبيه العزيز بالله سنة 996 م / 386 هج و كان في 11 من عمره فتولي الوصاية عليه أبو الفتوح برجوان، الذي تنسب إليه حارة برجوان. ثم انفرد الحاكم بالسلطة و هو في الخامسة عشر من عمره.
يعد عهد الحاكم من أغرب العهود التي عاشتها مصر، فبعد أن أمسك الحاكم بمقاليد السلطة من برجوان تحول إلي سفاك للدماء و أتي بأمور تشير إلي أنه ربما كان مختلاً عقلياً ، فقد قتل الحاكم أبا الفتوح برجوان خوفاً من سلطانه، و اضطهد العلماء و كتب علي المساجد سب الصحابة ولكنه عاد و محاه، و اضطهد أهل الذمة و هدم كنائسهم و أجبرهم علي لبس أجراس ثقيلة في رقابهم ، و لكنه عاد و عدل عن سياسته.
كما أدعي الحاكم بأمر الله الألوهية و معرفته بالغيب، و هناك مخطوط اسمه “رسائل الحاكم بأمر الله و القائمين بدعوته” تبين ما يدعيه الحاكم من صفات الألوهية
المذهب الدرزى :
وساعد الحاكم بأمر الله علي ظهور و انتشار المذهب الدرزي ، ففي سنة 1018 م / 408 هج ظهر رجل شيعي متطرف يدعي حمزة بن علي الزوزني أخذ يدعو لتأليه الحاكم بأمر الله عن طريق حلول روح الله تعالي –معاذ الله – في آدم عليه السلام ثم انتقالها إلي علي بن أبي طالب ثم الحاكم بأمر الله.
و صدق الحاكم مذهب الزوزني فانتشرت الفكرة بين كثير من السذج في الشام . و لما قتل الحاكم في القاهرة لم يعترف هؤلاء بموته بل اعتقدوا أنه سيرجع في آخر الزمان لأنه المهدي المنتظر.
و لقد انتشرت أفكار حمزة بن علي الزوزني في الشام علي يد محمد بن اسماعيل البخاري الدرزي الذي ينسب إليه المذهب الدرزي، و يتركز معظم معتنقي هذا المذهب في سوريا و لبنان و فلسطين الآن.
.
أعمال الحاكم بأمر الله في مصر و نهايته
أتم الحاكم بأمر الله المسجد الحاكم الذي بدأه أبوه العزيز بالله ( وسماه بأسمه ). كما انشأ دار الحكمة سنة 1005 م / 395 هج لنشر المذهب الشيعي لتنافس المكتبات الكبري في بغداد العباسية و قرطبة الأموية، و كانت تضم عدداً من القراء و الفقهاء و المنجمين و النحاة و الغويين و الأطباء، و كان بدار الحكمة مكتبة سميت بدار العلم حوت ما لم يجتمع مثله في مكتبة من المكتبات ( تقع دار الحكمة حاليا بشارع قصر العينى ).
أغتيل الخليفة الحاكم بأمر الله عام 1020 م / شوال من عام 411 هج بعد أن أمضي 24 عاماً في الحكم ، و لا يعرف يقيناً كيف و لا من قتله ، و تقول المصادر التاريخية أن أخته ست الملك تآمرت مع الوزير سيف الدين بن رواس عليه فبعثوا بعبيد خلفه فقتلوه و هو في جبل المقطم ( والحاكم تبنى زواجه من أخته ست الملك مايجعل زواجها من غيره فيه مشاع فى ألوهية الحاكم !!! )
(ان عقيدة الموت صفة خالدة من صفات القاهرة ، وهى تفيد على الأقل فى حماية تاريخ الرائع ونقله الى العالم كله )
عبدالوهاب حنفى – نقلا عن كتاب ( رحلة الى الشرق )