بحث موجز عن احكام الخطبة والاثار المترتبة عن العدول عنها


خطة البحث /
تتناول خطة البحث عدة فرضيات بصدد موضوع الاحوال الشخصية وتتركز على الفرضيات التي ساقها الاستاذ القاضي سالم روضان الموسوي بصدد الخطبة والهدايا المقدمة فيها في حال العدول عنها ... وسنتناول تلك الفرضيات بالمباحث التالية :

المبحث الاول / توطئة عن الخطبة .
المبحث الثاني/ المطلب الاول : فرضية الخطبة للمرأة المتوفى عنها زوجها خلال مدة العدة.
المطلب الثاني / حكم صحة الخطبة اثناء مدة العدة اذا كانت وفاة الزوج قبل الدخول او بعده.
المبحث الثالث / حكم الهدايا المقدمة اثناء فترة الخطبة في حالة العدول عنها.
المطلب الاول/ عدول أحد الخاطبين عن الخطبة واتمام الزواج .
المطلب الثاني/ وفاة الخاطب ومطالبة ورثته بالهدايا المقدمة حيال حياته الى المخطوبة .
المبحث الرابع / بعض النصوص القانونية لقوانيين الاحوال الشخصية للدول العربية حول الخطبة .
المبحث الخامس / رأي الباحث بالفرضيات بشكل موجز .


المبحث الاول / توطئة عن الخطبة :
في عهد البابليين كانت الخطبة مرحلة تمهيدية لابرام عقد الزواج تتم بمقتضى اتفاق بين الخاطب او والديه ووالد الخطيبة مصحوبا بتقديم هدية الخطبة مما قننته المادة 60 من قانون حمورابي حيث كان الزواج المبكر فكرة شائعة لدى البابليين، عند العرب قبل الاسلام كانت الخطبة تتم استنادا الى معرفة اهل الفتى باهل الفتاة ثم يخطب الرجل الى الرجل وليته او ابنته فيصدقها اي يعين صداقها ويسمي مقداره ثم يعقد عليها وكان من متممات الخطبة تقديم المهر وفي الفقه الاسلامي يتبلور معنى الخطبة في اظهار الرغبة بالزواج من جانب الطرفين وهي بهذا المعنى لا تعد اتفاقا ولا يصدر بشأنها اي وعد بالزواج وفي توافق الطرفين على الزواج في المستقبل وهي هنا بمثابة اتفاق ابتدائي على ان تكون المخطوبة للخاطب ويكون لها...
ويقال: "خطب المرأة إلى القوم: إذا طلب أن يتزوج منهم" , وخطبَ المرأةَ يخطُبُها –بالضم- خَطـْبًا وخِطبَةً، فلا يصح استعمال المصدر الشائع وهو الخطوبة، وجمع الخاطب خُطّاب . فالخِطبة لغة: هي طلب الرجل المرأة للزواج . وليس المعنى الشرعي الاصطلاحي للخطبة عن المعنى اللغوي ببعيد. فالخطبة شرعاً: طلب الرجل الزواج بامرأة معينة تحل له شرعًا .
ولقد ثبتت مشروعية الخطبة بالكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة:
قول الحق سبحانه: (ولا جُناحَ عليكم فيما عرّضتم به من خِطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علمَ الله أنكم ستذكرونهنّ ولكن ْلا تواعدوهنّ سرًا إلا أن تقولوا قولاً معروفًا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغَ الكتابُ أجله) البقرة/235.
وقد خطب النبي – صلى الله عليه وسلم- نساءه، وفي الحديث أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خطب أم سلمة . وخطبة النبي الأعظم –صلى الله عليه وسلم- للسيدة أم سلمة –رضي الله عنها- دليل على جواز الخطبة وبيان لمشروعيتها، ولولا جوازها لما أقدم النبي الأعظم –صلى الله عليه وسلم- على فعلها.
والخطبة عند جمهور العلماء جائزة ، والمعتمد عند الشافعية أنها مستحبة، وثمة قول ثالث وهو: أن الخطبة كالنكاح تأخذُ حكمَهُ إباحةً وحرمةً ووجوبًا .
وقد أفتى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي بقوله :
الخطبة لغة وعرفًا وشرعًا شيء غير الزواج، فهي مقدمة له، وتمهيد لحصوله، فكتب اللغة جميعًا تفرق بين كلمتي الخطبة والزواج.
والعرف يُميِّز جيدًا بين رجل خاطب، ورجل متزوج . والشريعة فرَّقت بين الأمرين تفريقًا واضحًا، فالخطبة ليست أكثر من إعلان الرغبة في الزواج من امرأة معينة، أما الزواج فعقد وثيق، وميثاق غليظ، له حدوده وشروطه وحقوقه وآثاره.
وقد عبر القرآن عن الأمرين فقال في شأن النساء المتوفى عنهن أزواجهن: (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) البقرة 235
والخطبة مهما يقام حولها من مظاهر الإعلان فلا تزيد عن كونها تأكيدًا وتثبيتًا لشأنه .
والخطبة على أية حال لا يترتب عليها أي حق للخاطب، إلا حجز المخطوبة بحيث يحظر على غير الخاطب أن يتقدم لخطبتها، وفي الحديث: " لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ". (متفق عليه). والمهم في هذا المقام أن المخطوبة أجنبية عن الخاطب حتى يتم زواجه بها، ولا تنتقل المرأة إلى دائرة الزوجية إلا بعقد شرعي صحيح، والركن الأساسي في العقد هو الإيجاب والقبول . وللإيجاب والقبول ألفاظ معهودة معلومة في العرف والشرع.
وما دام هذا العقد – بإيجابه وقبوله وشروطه- لم يتحقق فالزواج لم يحدث أيضًا لا عرفًا ولا شرعًا ولا قانونًا، وتظل المخطوبة أجنبية عن خاطبها لا يحل له الخلوة بها، ولا السفر معـــــها
دون وجود أحد محارمها كأبيها أو أخيها.
ويقول الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ
إن الخطبة مقدمة للزواج وهي مجرد وعد للزواج وليست زواجاً ، وقد نص الفقهاء على أن الخطبة ليست إلا وعداً بالزواج ، وهذا الوعد غير ملزم فيحق لكل واحدٍ منهما العدول عن الخطبة متى يشاء .
كما أن الفقهاء قرروا أن عقد الزواج لا يتم بقبض أي شيءٍ على حساب المهر أو بقبول الهدية أو ما يسميه الناس اليوم ( قراءة الفاتحة ) فكل ذلك لا يعتبر عقداً للزواج ويجوز العدول عن ذلك . وإن من حكمة الخالق –عزّ و جلّ- أنْ شُرعت الخِطبة قبل عقد الزواج وذلك لإعطاء أهل المخطوبة الفترة الكافية للسؤال عن الخاطب ومعرفة أحواله، والعكس. ولتكوين صورة واضحة عن أخلاق الخاطب ومعرفة شمائله، والعكس.وليتعرف الخاطب عن كثب على شخصية المخطوبة، والعكس. وللتنويه على أهمية عقد النكاح؛ لأن في الخطوبة تنويهًا على ذلك، إذ هي المقدمة لإبرام العقد.وللتهيؤ لإجراء الزواج .وحتى لا يُقدم آخر على خطبة هذه المرأة التي يرغب بها.
ولا يُلتفتُ إلى ما ذكرَه أحدُ المعاصرين منْ أنّ الخطبة "عقدٌ رضائيّ"؛ لأنه قال بعدها : "إنّ أقصى ما تؤديه الخطبة إذا تمّتْ أن تكونَ وعدًا بعقد الزواج". ولعلّ ما ذكره في البداية سهوٌ منه. وإذا تأملنا في الخِطبة نجد ان الراجح هو أنها وعدٌ بالزواج؛ أي هي وعد بالعقد وليست عقدًا، فلا تُحِلُّ حرامًا، ولا تُحرِّم حلالاً.
ويقول الأستاذ الدكتور تشوار الجيلالي بجامعة تلمسان في الجزائر إن:" الخطبة وعد بالزواج، يجوز للطرفين العدول عن الخطبة..." وعليه فإن المخطوبة التي وافقت على خطبتها من شخص ثاني وتزوجت به تكون بمجرد موافقتها على الخطبة الثانية قد عدلت على خطبتها الأولى لأن العدول حق من حقوقها ومن ثم فإن زواجها مع الشخص الثاني صحيح دخل بها أو لم يدخل بها.( هنا المشرع الجزائري أخذ بجمهور الفقهاء).
ويشترط إلى جانب ذلك أن تتم الخطبة عن تراضي الطرفين أي الإيجاب من قبل أحدهما والقبول من الطرف الآخر، ويشترط في الرضا أن لا يكون معيبا لعيب من عيوبه كالغلط والإكراه والتدليس. غير أن ما يجعل الخطبة تختلف عن عقد الزواج هو أن المشرع لم يحدد سنا معينة للخاطبين بحيث قد اكتفى بالتنصيص , وفي كل الأحيان أن الخطبة تسبق عقد الزواج وأن هذا الأخير لا يتم إبرامه إلا بعد مرور مدة معينة من الزمن ولذلك فإن سن الخاطبين يكون أقل من السن التي اشترطها المشرع بالنسبة للطرفين المقبلين على الزواج ، كما أنه لم يشترط المشرع شكلا معينا لإتمام الخطبة إذ أنه قد اعتمد على مبدأ الرضائية الصادر من كلا الطرفين أو ممن ينوب عنهما.
ولما كانت الخِطبة من مقدمات الزواج ، وقد شرعها الله قبل الارتباط بعقد الزوجية ليتعرف كل من الزوجين على صاحبه، ويكون الإقدام على الزواج على هُدَىً وبصيرة. فأن خطبة امرأة لا تباح إلا إذا توافر فيها شرطان:
الأول: أن تكون خالية من الموانع الشرعية التي تمنع زواجه منها في الحال. الثاني: ألا يسبقه
غيره إليها بخطبة شرعية. فإن كانت ثمة موانع شرعية، كأن تكون مُحرَّمة عليه بسبب من أسباب التحريم المؤبدة، أو المؤقتة، أو كان غيره سبقه بخطبتها – فلا يُباح له خطبتها.
فالخطبة لا تحل حراما، ولا تقرب بعيدا، ولا تهدم السدود، ولا تزيل الحدود، وقد يحسب كثير من الناس أن الخطبة متنفس للشباب والفتيات تسمح لهم بإخراج ما تفيض به المشاعر، وبث ما تحمله القلوب، وتنطوي عليه الضلوع، بل يحسبها البعض متنفسا لإفراغ الشهوة المكبوتة ... فتحملق العيون، وتتسع الحدقات، وتنطلق الألسنة هادرة سابحة، وقد يقف البعض بالخـــطبة عند
هذه المحطة. والحق أن هذا كله ليس من الإسلام في شيء، فالخطبة للتروي والاختبار، والاستشارة والاستخارة، وللمدارسة والمكاشفة حتى يمضي هذا العقد الغليظ ، أو يرى صاحباه أنهما أخطآ الطريق فيفترقا. أما إشباع الحواس المتعطشة بدءا من العيون، ومرورا بالآذان، وختاما بالجوارح فلا يكون إلا بعد الزواج.


المبحث الثاني/
المطلب الاول : فرضية الخطبة للمرأة المتوفى عنها زوجها , خلال مدة العدة:
ذهب البعض الى القول بتحريم خِطبة المعتدَّة سواء أكانت عِدتُها عِدَّة وفاة أم عِدَّة طلاق، أكان الطلاق طلاقاً رجعياً أم بائناً. فإن كانت معتدة من طلاق رجعي حرمت خطبتها، لأنها لم تخرج عن عصمة زوجها ، وله مراجعتها في أي وقت شاء ، وإن كانت معتدة من طلاق بائن حرمت خطبتها بطريق التصريح إذ حق الزوج لا يزال متعلقاً بها، وله حق إعادتها بعقد جديد، ففي تَقَدُمِ رجل آخر لخطبتها اعتداء عليه .
واختلف العلماء في التعريض بخطبتها، والصحيح جوازه. وأنا مع الجواز .
فأذا كانت معتدة من وفاة فإنه يجوز التعريض لخطبتها أثناء العدة دون التصريح، لأن صلة الزوجية قد انقطعت بالوفاة، فلم يبق للزوج حق يتعلق بزوجته التي مات عنها، وإنما حُرِّمت خطبتها بطريق التصريح، رعاية لحزن الزوجة وإحدادها من جانب، ومحافظة على شعور أهل الميِّت وورثته من جانب آخر. يقول الله تعالى : " ولا جناح عليكم فيما عرَّضتم به من خِطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن، ولكن لا تواعدوهن سراً، إلا أن تقولوا قولاً معروفاً ، ولا تعزموا عُقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ، واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه " .
والمراد بالنساء ، المعتدات لوفاة أزواجهن، لأن الكلام في هذا السياق ، ومعنى التعريض أن يذكر المتكلم شيئاً يدل به على شيء لم يذكره. مثل أن " يقول : إني أريد الزواج " و " لَوَدَدْتُ أن ييسر الله لي امرأة صالحة" أو يقول : إن الله لسائق لك خيراً ، والهدية إلى المعتدة جائزة ، وهي من التعريض، وجائز أن يمدح نفسه، ويذكر مآثره على وجه التعريض بالزواج ، وقد فعله أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين.
قالت سكينة بنت حنظلة : استأذن عليَّ محمد بن عليّ ولم تنقض عدتي من مَهْلِك زوجي . فقال: قد عرفت قرابتي من رسول الله – صلى الله عليه وسلم وقرابتي من عليّ ، وموضعي في العرب.
قُلْـتُ: غفر الله لك يا أبا جعفر، إنك رجل يؤخذ عنك .. تخطبني في عدتي ؟ قال : إنما أخبرك بقرابتي من رسول الله – صلى الله عليه وسلم ومن عليّ .
وخلاصة الآراء أن التصريح بالخطبة حرام لجميع المعتدات، والتعريض مباح للبائن وللمعتدة من الوفاة، وحرام في المعتدة من طلاق رجعي .


المبحث الثاني /
المطلب الثاني / حكم صحة الخطبة اثناء مدة العدة اذا كانت وفاة الزوج قبل الدخول او بعده :
لا نرى وجود فرق او اختلاف في الحكم في حال وفاة الزوج قبل او بعد الدخول بزوجته من حيث صحة الخطبة اثناء العدة من عدمها . حيث أباح الشرع الحنيف للمرأة التي توفي عنها زوجها أن يعرض الخاطب لها برغبته فيها ، قال ابن عباس : ( التعريض بالخطبة أن يقول لها إني أريد أن أتزوج امرأة من أمرها وأمرها , يعرض لها بالقول ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس وهي في العدة : { لا تفوتينا بنفسك ثم خطبها بعد انقضاء العدة على أسامة بن زيد }.
وقال عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال : ( هو أن يقول لها وهي في العدة : إنك لكريمة وإنى فيك لراغب وإن الله لسائق إليك خيرا , أو نحو هذا من القول ) . وقال عطاء : ( ..إني فيك لراغب وإن قضى الله شيئا كان ).
قال سعيد بن جبير في قوله تعالى : { إلا أن تقولوا قولا معروفا } : ( أن يقول إني فيك لراغب وإني لأرجو أن نجتمع ) .
وقد قال الله تعالى :"لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء)، فإن كان التعريض في الخطبة مباحا في حق المتوفى عنها زوجها ، فالتصريح بالرغبة في الخطبة لغير المتوفى عنها زوجها أو المطلقة أولى بالإباحة.
بل وصل الأمر إلى أكبر من هذا ، فقد كانت بعض الصحابيات تتزين للخطاب ، كما أخرج الإمام البخاري أن سبيعة بنت الحارث أخبرته: أنها كانت تحت سعد بن خولة، وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرا، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل ابن بعكك، رجل من بني عبد الدار، فقال لها: ما لي أراك تجملت للخطاب، ترجين النكاح، فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت، وأتنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزوج إن بدا لي.

المبحث الثالث / حكم الهدايا المقدمة اثناء فترة الخطبة في حالة العدول عن الخطبة :
العدول لغةً : يُقال: عَدَلَ عن الشيء يَعْدِلُ عَدْلاً وعُدولاً: حاد.
والعدول اصطلاحًا: هو: "أن يتراجع الخاطبان أو أحدهما عن الخطبة بعد تمامها وحصول الرضا منهما.
أنّ الخطبة وعد بالزواج، وأنه يكره خلف الوعد عند الجمهور، فينبغي أن يكون الحكم في العدول عن الخطبة أنه مكروه، وهذا ما ذهب إليه المالكية.
وذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز العدول، غير أن الحنابلة قالوا بالكراهة إن كان العدول لغــير
غرض . فإن كان العدول لغرض مشروع فالجميع على عدم الكراهة.
الحكم في الشريعة الإسلامية أن عقد الزواج يتم عن طريق الإيجاب والقبول ومنه لا يمكن أن نلزم أحد الطرفين أن يتزوج بالطرف الآخر حتى ولو كانت الخطبة قائمة، وبمعنى أدق فالوفاء بهذا الوعد يقضي أن يمضي عقد الزواج على شخص غير راض به وهذا ما يتنافى مع النظام العام وكذلك مع حرية الأشخاص في التزوج، ومن ثم فإنه لا يجوز للقاضي أن يجبر أحد الطرفين على الزواج بعقد غير راض به . ولكن الحكمة القائمة من التفرقة بشأن الطبــــــيــــعة
القانونية للخطبة بين الوعد والعقد تكمن في المسؤولية أي أن المسؤولية القائمة في هذه الحــالة ( حالة العدول) هي مسؤولية تقصيرية، أي أن عبء الإثبات يقع على المضرور أي على الشخص الذي سبب له العدول ضررا ومن ثم يجب على المضرور إثبات الخطبة بأي وسيلة من وسائل الإثبات ثم بعد ذلك إثبات الضرر أي إثبات العلاقة السببية بين الخطأ الصادر عن الطرف الآخر والضرر الذي أصابه نتيجة ذلك.
ولما كان التعويض أساسه الفعل الضار جراء العدول هذا ما أخذ به القضاء الفرنسي وبعده القضاء المصري إلا أن المشرّع السوري اقتصر في معالجة آثاره على المهر والهدايا فقط ونظر إلى المخطوبة المثبت زواجها في المحكمة على أنها زوجة من دون دخول وتستحق كل الحقوق المقررة لها قانوناً.
فالخطبة حسب مبدئها ومفهومها تختلف حسب البيئة والمنطقة وما بين الريف والمدينة. كما أن حق العدول هو حق مشروع لكلا الطرفين لكنه حق مقيد وإن الإساءة في استعماله تستوجب الحكم بالتعويض المسيء فالتعويض لم ينشأ عن مجرد العدول بل عن الضرر الذي نجم عنه سواء كان مادياً أو معنوياً، والضرر المعنوي هو كل ما يمس الفتاة وسمعتها جراء إطالة فترة الخطوبة دون مبرر وكثيراً ما بقيت الفتيات المخطوبات من دون زواج بعد فسخ الخطوبة لاسيما في الأرياف والتجمعات السكانية الضيقة فيصبحن غير مرغوبات للزواج من قبل الشباب. ‏
لقد اجابت عن ذلك فق (3) م (19 ) من قانون الأحوال الشخصية الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 بقولها ( تسري على الهدايا أحكام الهبة ) والهبة يمكن الرجوع اليها عن طريق القواعد القانونية في القانون المدني العراقي الذي نظم كيفية استردادها وان يكون الاسترداد من الموهوب اذا كان ممكنا بالذات عن المطالبة ، اما اذا هلكت أو استهلكت فليس له الحق باسترداد قيمتها مالم يكن هناك مانع من الرجوع في الهبة.
وقد جاء في المادة (65) من قانون الأحوال الشخصية الأردني: "إذا امتنعت المخطوبة أو نكص الخاطب أو توفي أحدهما قبل عقد النكاح؛ فإن كان ما دفع على حساب المهر موجودًا استرده عينًا، وإن كان فقد بالتصرف فيه أو تلف، استرد قيمته إن كان عرضًا، و مثله إن كان نقدًا".
وإذا فسخ أحد الخاطبين الخطبة فلا شيء عليه في ذلك لأن الخطبة هي مجرد وعد بالزواج ، وإن كان الأولى ألا يعدل أحدهما عن الخطبة إلا لسبب شرعي فإذا حصل العدول عن الخطبة فيجوز للخاطب أن يسترد ما قدمه للمخطوبة على أنه من المهر سواء أكان نقداً أم ذهباً أم أثاث بيت أو نحو ذلك وسواء كان العدول من الخاطب أو المخطوبة .
وأما ما قدمه للمخطوبة على سبيل الهدية فهو محل خلافٍ بين الفقهاء .


المبحث الثالث /المطلب الاول / عدول أحد الخاطبين عن الخطبة واتمام الزواج :
• نتناول ابتداءا" رأي المذاهب الاسلامية بصدد الهدايا محل البحث :
ورد في مذهب الحنفية إن هذه الهدايا تأخذ حكم الهبة ، فتعاد لصاحبها إلا إذا اندرجت تحت مانع من موانع الرجوع بالهبة السبعة، وهي : 1- زيادة الموهوب.2- موت الواهب أو الموهوب له.3- العوض عن الهبة.4- خروج الموهوب عن ملك الموهوب له.5- الزوجية القائمة بين الواهب والموهوب له وقت الهبة.6- القرابة المحرمية بين الواهب والموهوب له.7- هلاك العين الموهوبة في يد الموهوب له.

في حين ميز مذهب المالكية بين كون الرجوع من طرف الخاطب، أو كونه من طرف المخطوبة . فإن كان العدول من طرف الخاطب، فلا يحق له أن يستردّ شيئا من الهدايا ســـــواء كانت قائمة أو مستهلكة ؛ لأنه وهب بشرط إتمام الزواج، وهو المتسبب في عدم تحقيق هذا الشرط وبالتالي لا يحق له الرجوع بشيء من هداياه.
وإن كان العدول من طرف المخطوبة، فللخاطب أن يرجع عليها بكل ما قدمه من هدايا إذا كانت قائمة، فإن استهلكت استردّ قيمتها؛ لأنه وهب بشرط إتمام الزواج، وهي السبب في عدم تحقيق هذا الشرط، فلا يحل لها الاحتفاظ بهداياه.وكل هذا يقيّد بالشرط أو العرف إذ يقدّمان على كل ما سبق.
اما مذهب الشافعية فلديهم قولان في المسألة رجح أحدهما الرملي ورجح الآخر ابن حجر الهيتمي، وهما في الترجيح سواء.
القول الأول:"له الرجوع بما أنفقه على من دفعه له، سواء كان مأكلاً أو مشربًا أم حلوى أم حليًا، وسواء رجع هو أم مجيبه أم مات أحدهما؛ لأنه إنما أنفقه لأجل تزويجه بها، فيرجع به إن بقي وببدله إن تلف" .
القول الثاني:"إن كان الردّ منهم (أهل المخطوبة) رجع عليهم؛ لأنه لم يهد لهم إلا بناء على أنْ يزوجوه ولم يحصل غرضه، فإن كان الرد منه فلا رجوع له؛ لانتفاء العلة المذكورة" . وهذا القول يلتقي مع ما قاله المالكية.
في حين قال الحنابلة ان الهدية تأخذ حكم الهبة، والهبة عندهم لا يجوز الرجوع فيها إلا إذا كانت قبل القبض ، ولا يخفى أن الخاطب في مسألتنا هذه قد أهدى المخطوبة وقبضت الهدايا، فينبغي أن يكون الحكم عندهم أن لا رجوع للخاطب بهديته على مخطوبته، وهذا ما نسبه إليهم أحد المعاصرين .
ولكن إذا سرّحنا النظر في كتب المذهب نجد أنّ المسألة عندهم تخرج عن أصلهم المقرر سابقًا والقاضي بعدم رجوع الواهب بهبته بعد القبض. والمقررعندهم في مسألتنا أن للخاطب أن يرجع بما أهدى قبل العقد، إن زوجت المخطوبة من غيره، وهذان نصان يشهدان على صحة ما أقول:
النص الأول:"... وليست هديته من المهر نص عليه، فإن كانت قبل العقد وقد وعد به فزوجها غيره رجع" .
النص الثاني:"... فإن كانت قبل العقد (يعني الهدية) وقد وعدوه بأن يزوجوه فزوجوا غيره رجع بها، قاله الشيخ تقي الدين واقتصر عليه في الفروع، قلت: وهذا مما لا شك فيه" .
وقد بين أحد المعاصرين هذا الرأي فقال: "ولكن الحنابلة يذهبون إلى جواز رجوع الخاطب في هداياه؛ لأن من شرط الهبة عندهم أن تكون بغير عوض، والواهب في الخطبة –كما يقول القاضي من الحنابلة- إنما وهب في هذه الحال بشرط بقاء العقد، فإذا زال ملك الرجوع، كالهبة بشرط الثواب" .
ولا يخفى أن الحكم المذكور صحيح ولكن الشاهد لا علاقة له بالقضية محل البحث، فأي عقد يراد له البقاء مع علمنا أن الخطبة ليست عقدًا، والهدية قبل العقد تختلف عنها بعده .
وبعد هذا التجوال في أقوال المذاهب نخلص إلى أن الفقهاء انقسموا إلى فريقين في حكم الهدايا حال العدول عن الخطبة:
الفريق الأول : يجيز للمهدي الرجوع مطلقًا، وهم الحنفية وبعض الشافعية، هذا إذا استثنينا الحالات السبع المانعة من الرجوع في الهبة، والتي سبق ذكرها عند الحنفية؛ لأنها حالات عارضة.
الفريق الثاني : يجيز للمهدي الرجوع إذا لم يكن هو المتسبب في العدول، بل كان العدول من الطرف الآخر، وذهب إليه المالكية في المعتمد عندهم، وبعض الشافعية، وهو قول الحنابلة.
واستدل الفريق الثاني بأن المهدي قد قدم هديته بشرط إتمام الزواج، والطرف المُهدى إليه قد فوّت هذا الغرض على الواهب؛ فلا يجمع بين فوات الغرض وذهاب هديته.
الترجيح:
إذا تأملنا الأدلة وجدنا أن الراجح هو قول الفريق الأول من الحنفية وبعض الشافعية ، والقاضـي
بأنّ للواهب أن يسترد هديته مطلقًا إلا أنه لا بدّ من مراعاة حالات الاستثناء المذكورة عند الحنفية والتي تمنع هذا الجواز. وذلك لقوة أدلة هذا الفريق، وعدم نهوض دليل الفريق الثاني على المعارضة، بالإضافة إلى أن قول الفريق الأول يحوي قول الفريق الثاني من وجهٍ، وهو: لو عدل أحد الخاطبين كان للآخر الرجوع بهديته؛ لأن قول الفريق الأول أعم، وهو حاوٍ لقول الفريق الثاني من وجهٍ.
• أما الرأي القانوني بصدد الهدايا مدار البحث :
حيث تجدر الاشارة الى الاستعراض المقدم من الباحثة حقوق فرح حسن , في رسالة الماجستير التي حصلت عليها من كلية الحقوق في جامعة النهرين تحت عنوان”احكام الخطبة في الشريعة والقانون” باسهاب حكم الاضرار المترتبة على انحلال الخطبة وهي مسألة ذات اهمية في العلاقة بين الخاطب والمخطوبة خصوصا عند حصول “العدول عن الخطبة” وما يسببه ذلك من ضرر مادي ومعنوي للطرف الاخر. حيث عرجت الباحثة على موقف الفقه الاسلامي فذكرت بان هذا الفقه لم يحدد موقفه بالنسبة لحكم الاضرار المترتبة نتيجة انحلال الخطبة بالارادة المنفردة فيما اكتفى بالنص فيما يخص آثار الخطبة على ما يتعلق يحكم المهر والهدايا..واستعرضت الباحثة اقوال الفقهاء في مسألة “التعويض عن الضرر جراء العدول” وخلصت مرجحة رأي الدكتور السنهوري القائل” اذا اقترن العدول عن الخطبة بافعال اخرى الحقت اضرارا باحد الخطيبين جاز الحكم بالتعويض على اساس المسؤولية التقصيرية” ويلاحظ ان الباحثة قد وفقت لجعل عنوان العدول هو”انحلال الخطبة” خلافا لما نجده في اغلب مصادر الباحثين القدامى والمحدثين من ايرادهم تعبير”الفسخ للخطبة” كون الخطبة”وعدا” والواعد قد يتحلل من وعده في حين الفسخ يرد على العقد الصحيح والخطبة ليس عقدا.
ولم تشأ الباحثة ان تسهب بايضاح مفيد ببيان تحديد وتقييم اساس اختلاف الفقه والقضاء بشأن التعويض في حالة انحلال الخطبة باسباب ارادية اختيارية وهما اساسان...الاساس الاول قاعدة “الجواز الشرعي ينافي الضمان” والقاعدة الثانية قاعدة”لاضرر ولا ضرار” ثم تناول البحث آثار انحلال الخطبة باسباب غير ارادية وهي الاسباب التي ليس لارادة احد الخطيبين دخل في حدوثها لا مباشرة ولا تسبباً وتحول دون اكمال الزواج بعد الخطبة.
ثم تناول البحث موقف القانون من موضوع الخطبة وما يترتب على انحلالها من اثار وبدأت الباحثة بموقف المشرع الوضعي في قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة الثالثة”الوعد بالزواج وقراءة الفاتحة والخطبة لا تعتبر عقدا” وما ذهب اليه في المادة التاسعة عشرة”اذا سلم الخاطب الى مخطوبته قبل العقد مالا محسوبا على المهر ثم عدل احد الطرفين عن اجراء العقد او مات احدهما فيمكن استرداد مـــا
سلم عينا وان استهلك فبدله” وما ذهب اليه في الفقره الثالثة من المادة نفسها “تسري على الهدايا احكام الهبة” وما ذهب اليه القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 في المادة 612 منه الى القول”الهبات والهدايا التي تقدم في الخطبة من احد الخطيبين للآخر او من اجنبي عنهما لاحدهما اولهما يجب ان يردها الموهوب له للواهب اذا فسخت الخطبة وطلب الرد ما دام الموهوب قائما وممكنا رده بالذات”. أي ان التعويض يجب أن يحكم به على العادل المتعسف في استعماله حق العدول وأن هذا التعويض يخضع في تقديره للقاضي الشرعي على ألا يتجاوز نصف المهر لأنه لا يجوز الحكم بالتعويض على من فسخ خطوبته بأكثر مما يدفعه الزوج إذا طلق زوجته قبل الدخول وهو نصف المهر.
وفي مسألة التعويض جراء العدول عن الخطبة ذكرت الباحثة ما قننه مشروع القانون العرب الموحد للاحوال الشخصية في المادة الثالثة بعد ان اجازت لكل من الخطيبين العدول عن الخطبة قولها في المادة الرابعة منه”اذا ترتب على العدول ضرر يتحمل المتسبب التعويــــــض”
وخلصت الباحثة في المقترحات الى تبني وجهة النظر القائلة اذا ترتب على العدول عن الخطبة ضرر مادي او معنوي يتحمل المتسبب منهما التعويض للآخر على اساس المسؤولية التقصيرية، كما ان الباحثة انتقدت نص المادة 612 من القانون المدني النافذ الذي عالج معالجة مطلقة مسألة الهبات والهدايا المقدمة على حساب الخطبة بعد انحلالها لسبب اختياري بصورة مطلقة ووجدت ان العدالة تتطلب التفريق أخذا بالمذهب المالكي كما وجدت ان اطلاق فسخ الخطبة اطلاق غير دقيق بالمعنى الذي يقصده ذلك لان عبارة الفسخ مصطلح قانوني يفترض اخلال احد المتعاقدين بتنفيذ التزامه في حين ان الخطبة ليست عقدا وعدم كونها عقدا يعني عدم وجود مصدر قانوني للالتزام وبالتالي لا الزام ولا التزام لذا يقترح البحث الغاء هذه الفقرة كما اقترحت الباحثة الغاء المادة التاسعة عشرة الفقره الثالثة من القانون المدني التي نصت على انه “تسري على الهدايا أحكام الهبة” لانه لا يصح قياس هدايا الخطبة على الهبة لاختلافهما من حيث اللزوم وحالات الرجوع ومواقعه.
ففى خصوص الشبكة التي يقدمها الخاطب لمخطوبته في فترة الخطبة.‏ إذا كان قد اتّفق عليها مع المهر، أو جرى العُرْف باعتبارها منه فإنها تأخذ حكمه. فإن اعتبرت مهراً كانت من حق الورثة لأن العقد لم يتم .
أما إذا لم تَدخل الشبكة في المهر فإنها تأخذ مع الهدايا حكم الهِبَة، يجوز استردادها إذا كانت قائمة بذاتها ووصفها، أما إذا كانت هالكة فلا تُستردّ بذاتها. هذا إذا كان المسترد هو الخاطب نفسه أما ورثته فلا يجوز لهم استردادها؛ لأن وفاة الخاطب من موانع الرجوع في الهِبَة شرعًا، وتكون من حق المخطوبة .
ويستطرد السيد عبد الله ترياقي مدرس لغة عربية في جمهورية مصر العربية عن التفرقة بين ما إذا كان العدول من جهة الخاطب أم من جهة المخطوبة... فإن كان من جهته فلا يكون له الحق في استرداد ما قدم من هدايا.. أما إذا كان سبب العدول من جهتها فإنه يسترد القائم منها بعينه والهالك يسترد مثله أو قيمته إلا إذا كان هنالك عرف يقضي بغير ذلك.‏

المبحث الثالث / المطلب الثاني / وفاة الخاطب ومطالبة ورثته بالهدايا المقدمة حيال حياته الى المخطوبة
يقول فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتي جمهورية مصر العربية الأسبق :
إن الخِطْبة وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقَبول الشبكة والهدايا، كل ذلك من مقدمات الزواج ، ومن قبيل الوعد به، ما دام عَقْد الزواج لم يتم بأركانه وشروطه الشرعية . وقد جرت عــــــادة
الناس بأن يُقَدِّموا الخِطْبة على عَقْد القِرَان لتهيئة الجو الصالح بين الأسرتين، فإذا عَدَلَ أحدُ الطرفين عن عزمه لأي سبب من الأسباب ولم يتم العقد فالمُقَرَّر شرعًا أن المهر إنما يثبت في ذِمَّة الزوج بعقد القِرَان، فإن لم يتم فلا تستحق المخطوبة شيئًا منه، وللخاطب أو ورثته استرداده
أما الشبكة التي قدَّمها الخاطب لمخطوبته، فإذا كان قد اتُّفِق عليها مع المهر أو جرى العُرْف باعتبارها منه فإنها تكون من المهر ، وتأخذ حكمه وهو وجوب ردها للخاطب أو ورثته من بعده، وتُسترد بذاتها إن كانت قائمة، أو بمثلها أو قيمتها إن كانت هالكة أو مُستهلَكة . وبما أن الخاطب قد تُوفّيَ فإن الشبكة التي قدَّمها لمخطوبته إذا اعْتُبرت من المهر عُرْفًا أو اتفاقًا كان لورثته استردادها. أما إذا اعْتُبرت هدية فلا يجوز لورثته استردادها؛ لأن وفاة الخاطب من موانع الرجوع في الهبة شرعًا، وتكون من حق المخطوبة شرعًا.
وقد نص الحنفية على أن للخاطب أن يستردّ ما دفعه على حساب المهر عينًا إن كان قائمًا، أو عوضه إن كان قد هلك أو استهلك في حال إذا قدّم الخاطب المهر لمخطوبته سلفًا قبل عقد النكاح، ثم عَدَلَ أحد الطرفين عن الخطبة، أو توفي .
ولكن إذا كانت هناك خلوة صحيحة ولو قبل الدخول يتأكد الزوم بكل المهر المسمى مع احتفاظها بكامل الهدايا وما قدمه لها الخاطب من مجوهرات وغيرها.‏
أما إذا حصل الفسخ قبل الخلوة الصحيحة وقد سمى لها مهراً وقت العقد فلا يجب عليه إلا نصفه. لهذا إذا توفي الخاطب وكانت هناك خلوة صحيحة فهي وريثة شرعية كزوجة وتعتد عدة الوفاة.‏
أما إذا سمي المهر ووقع الفسخ قبل الدخول والخلوة وجب نصف المهر والهدايا وكل ما قدمه لهاهي من حقها إلا إذا كان هناك اتفاق بين الطرفين يقضي بغير ذلك.‏
وفي حال وقعت البينونة »الطلاق« بسبب من قبل الخاطبة قبل الخلوة الصحيحة سقط المهر كله.‏ أما إذا وقع الطلاق قبل الدخول والخلوة, عندئذ تجب المتعة على الخاطب وهي كسوة المرأة عند خروجها من بيتها ويعتبر فيها حال الخاطب على ألا تزيد على نصف المهر.‏ وفي حال فسخ الخطبة الخاطب أو الخطيبة فهنا الحكم نفسه إذا كانت هناك خلوة صحيحة.‏
وبخصوص الشبكة التي يقدمها الخاطب لمخطوبته في فترة الخطبة.‏ إذا كان قد اتّفق عليها مع المهر، أو جرى العُرْف باعتبارها منه فإنها تأخذ حكمه. فإن اعتبرت مهراً كانت من حق الورثة لأن العقد لم يتم .
أما إذا لم تَدخل الشبكة في المهر فإنها تأخذ مع الهدايا حكم الهِبَة، يجوز استردادها إذا كانت قائمة بذاتها ووصفها، أما إذا كانت هالكة فلا تُستردّ بذاتها. هذا إذا كان المسترد هو الخاطب نفسه أما ورثته فلا يجوز لهم استردادها؛ لأن وفاة الخاطب من موانع الرجوع في الهِبَة شرعًا، وتكون من حق المخطوبة .


البحث الرابع / بعض النصوص القانونية لقوانيين الاحوال الشخصية للدول العربية حول الخطبة :
01 المملكة الردنية الهاشمية / قانون الحوال الشخصية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4413 مشاهدة

عدد زيارات الموقع

351,356