قد أدخل الاستزراع المائي للكونغو في بداية الخمسينيات من خلال إنشاء المركز الفيدرالي لبحوث وتدريب الاستزراع السمكي في أفريقيا الاستوائية الفرنسية Centre Fédéral de Recherche et Formation en Pisciculture de l’Afrique équatoriale française إلا أن هذا المركز قد أهمل وهجر بعد الاستقلال. وخلال السبعينيات والثمانينيات ازدهر الاستزراع المائي من خلال مجموعة من المشروعات المساعدة، إلا أنه أهمل مرة أخرى. ولذلك يفتقر هذا القطاع حاليا إلى الإدارة الجيدة والمشرفين والمديرين المتخصصين.

يمارس الاستزراع في جميع أنحاء البلاد. ويعتبر الاستزراع الموسع هو الأكثر شيوعا. كما يوجد عدد قليل من المزارع تستخدم النظام شبه المكثف، خاصة في البيئات المحيطة بالمناطق الحضرية. البلطي النيلي (Oreochromis niloticus) هو أهم الأنواع المستزرعة. ومعظم الإنتاج يذهب للاستخدام المحلي.

لقد عانى الاستزراع المائي من عدم الاستقرار المؤسسي المزمن. وتتولى حاليا وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والمصايد مسئولية هذا القطاع. كما تتولى إدارة الاستزراع المائي التابعة للهيئة العامة للمصايد والاستزراع المائي تنفيذ سياسة الحكومة الخاصة بهذا القطاع.

تجري جميع بحوث الاستزراع المائي في مركز جمونا الوطني للأسماك (Centre Piscicole National de la Djoumouna) إلا أن المركز يعمل فقط عند تنفيذ المشروعات المساعدة. ومعظم المتخصصين العاملين في المركز قد تلقوا تعليمهم بالخارج.

وقد تم مؤخرا طلب المساعدة في وضع خطة وطنية لتنمية الاستزراع المائي وآلية لتنفيذ هذه الخطة.

لمحة تاريخية

تجري ممارسة الاستزراع المائي في الأحواض الترابية في المياه العذبة في الكونغو. أما أنشطة الاستزراع المائي الأخرى فلها مقومات فقط. وقد أدخل الاستزراع المائي للكونغو بمبادرة من النظام الاستعماري لمواجهة صعوبات ضمان الأمن الغذائي إبان الحرب العالمية الثانية. وبين أعوام 1950-1953 تم إنشاء مركز جمونا الوطني للأسماك التابع للمركز الفيدرالي لبحوث وتدريب الاستزراع السمكي في أفريقيا الاستوائية الفرنسية لتقديم الدعم للكاميرون، جمهورية إفريقيا الوسطى، الكونغو، الجابون وتشاد.

وقد مر تاريخ الاستزراع المائي في الكونغو بأربع مراحل هي:

  • مرحلة الخمسينيات، حيث ظلت الكونغو برازافيل مع الكونغو البلجيكية (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا)، حيث انتشر الاستزراع المائي بشكل جنوني. ففي عام 1958 بلغ عدد الأحواض السمكية 000 13 حوضا منها 400 8 حوضا منتجا. وقد تراوح الإنتاج السنوي بين طن إلى طنين من البلطي الماكروكيري (Tilapia macrochir) والبلطي الراندالي (Tilapia rendalli) (Deceuninck, V. 1988).
  • المرحلة التالية للاستقلال في عام 1960، حيث أهمل الاستزراع المائي في جميع أنحاء البلاد.
  • مرحلة التعافي والنهوض خلال السبعينيات والثمانينيات، حيث تم تنفيذ مشروعات الاستزراع المائي بدعم مالي وفني خارجي:
    • مشروعات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة:
      • من عام 1967 وحتى عام 1970 (مشروع إقليمي يغطي أفريقيا الوسطى، الكاميرون، الكونغو والجابون).
      • من عام 1972 إلى عام 1976 (مشروع البحوث التخصصية والإرشاد).
      • من عام 1982 إلى عام 1990 (مشروع تنمية الاستزراع المائي الريفي).
    • مشروع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة/ ILO للتنمية الريفية الذي جرى تنفيذه خلال الفترة من 1979 – 1982، والذي ركز على تكامل الاستزراع المائي مع الأنشطة الزراعية الأخرى.
    • المزرعة السمكية الصناعية (المطورة) في برازافيل التي أنشئت بين أعوام 1985–1990.
  • الفترة الحالية (منذ التسعينيات) التي أهمل فيها الاستزراع المائي مرة أخرى.

وعلى الرغم من هذه المراحل من تطور وتراجع تنمية الاستزراع المائي، فإن النزاعات السياسية والاجتماعية الدموية في الكونغو (1993-2000) قد أدت إلى دمار النسيج الاجتماعي والاقتصادي به.

وبعد توقف أعمال العنف، تمت صياغة "برنامج ما بعد النزاع" في عام 2001. وقد تضمن هذا البرنامج فقرة عن تنمية الاستزراع المائي عن طريق إعادة تأهيل المنشآت الحكومية التي تم تدميرها، وكذلك إعادة تفعيل مشروع الاستزراع السمكي للمزارعين الصغار بهدف مساعدة القطاع الخاص في مجال الاستزراع المائي.

لقد تم تطبيق نظامين للاستزراع المائي في الكونغو اعتمادا على المدخلات المستخدمة:

  • نظام الاستزراع الموسع: باستخدام السماد فقط. وهذا النظام هو الأقدم والأكثر شيوعا، حيث كان يمارس في المناطق الريفية، وكان الإنتاج يستخدم للاستهلاك المنزلي.
  • الاستزراع شبه المكثف: الذي يمارس في البيئات الخاصة المحيطة بالمناطق الحضرية وكذلك في المزارع الحكومية.

الموارد البشرية

تفتقر الكونغو للوكلاء المتخصصين والخبرات الإدارية المدربة في مجال الاستزراع المائي. فخلال السنوات العشر الأخيرة تحمل أقل من 15 مديرا فقط مسئولية الاستزراع المائي. وبعد 5-7 سنوات سيحال هؤلاء المديرون إلى التقاعد.

وقد حصل المديرون التنفيذيون على التدريب المطلوب في إطار مشروع تنمية الاستزراع المائي الريفي (1982-1995). وقد عاد هؤلاء المديرون بعد ذلك إلى إدارتهم الحكومية الأصلية، الوزارة الحالية لاقتصاديات الغابات والبيئة. ولا يوجد حاليا مرشدون في مجال الاستزراع المائي يشرفون على مزارعي الأسماك.

ويمارس الاستزراع المائي عموما من قبل الذكور في المناطق الريفية. ويقتصر دور الإناث على عمليات محددة مثل تسميد الأحواض وبيع الأسماك في الأسواق التقليدية المحلية.

وطبقا للبيانات الواردة من خمسة أقسام للمصايد والاستزراع المائي (بول، بوينزا، نياري، ليكومو، برازافيل) يوجد في الكونغو 034 1 مزارعا للأسماك.

توزيع وخصائص الاستزراع

يمارس الاستزراع المائي في جميع أنحاء الدولة (فيما عدا ليكوالا) على المستوى العائلي (باستخدام النظام الموسع) والمستوى الحرفي (باستخدام النظام شبه المكثف). ويوجد في الكونغو أقسام تختص بالاستزراع المائي في الأحواض:

  • بوينزا (Bouenza)، ويوجد به 608 1 حوض مساحتها 33,88 هكتار.
  • بول، ويوجد به 850 حوض مساحتها 33,41 هكتار.
  • نياري، ويوجد به 135 حوض مساحتها 2,41 هكتار.

ولا توجد محاذير في الحصول على الماء والأرض من قبل معظم مزارعي الأسماك التابعين للعائلات المالكة للأرض. ولكن في بعض الأحيان يكون الوصول للأرض والماء مشروطا بدفع قيمة إيجازية. وقد استطاع المزارعون بناء أحواضهم بمساعدة أفراد من عائلاتهم أو بواسطة العمالة اليومية المؤجرة. إلا أن المعلومات الحالية حول إمكانات الاستزراع المائي (عدد المزارعين، مساحات الأحواض، الخ) ما زالت قليلة. فمنذ انتهاء الصراعات السياسة والاجتماعية لم تتم أي إحصاءات قومية حول مزارعي الأسماك. ولكن المعلومات الجزئية المتاحة في إدارات المصايد الفرعية تشير إلى أن عدد مزارعي الأسماك يبلغ 034 1 مزارعا ينتشرون في 6 أقاليم من أقاليم الدولة الأحد عشر؛ هي بوينزا، برازافيل، ليكومو، نياري وسانجا (Bouenza, Brazzaville, Lékoumou, Niari, Pool, Sangha). ويبلغ عدد الأحواض السمكية 156 3 حوضا تغطي مساحة قدرها 67,06 هكتارا. إلا أنه لا تتوفر معلومات دقيقة حول عدد الأحواض المستزرعة بالفعل.

وما زال الاستزراع المائي في الكونغو غير متطور بشكل جيد، ويتصف بالمواصفات الآتية:

  • فيما يتعلق بالأمور الإدارية:
    • عدم الاستقرار المؤسسي.
    • عدم وجود هيكل تشريعي.
    • عدم توافر إحصاءات إنتاجية.
    • عدم وجود تنسيق بين القطاعات أو تعاون بين المؤسسات الحكومية الخدمية.
  • فيما يتعلق بالأمور التكنولوجية:
    • عدم توافر الزريعة الجيدة بكميات كافية.
    • عدم توافر العلف المكمل.
    • تبني تقنيات بدائية في الاستزراع.
    • الافتقار إلى الهياكل الداعمة (مركز للدعم الفني، مركز البحوث).
  • فيما يتعلق بالأمور الاجتماعية والاقتصادية:
    • قلة المديرين المدربين والمؤهلين.
    • عدم وجود مرشدين لإرشاد المزارعين.
    • قلة خبرة المزارعين.
    • عدم توفر الدعم المالي.
    • القدرة الإنتاجية المنخفضة للمزارعين.

الأنواع المستزرعة

أهم الأنواع السمكية المستزرعة في الكونغو هو البلطي النيلي (Oreochromis niloticus) الذي يمثل إنتاجه الجزء الأكبر من قيمة الإنتاج الكلي. أدخل البلطي النيلي إلى الكونغو من تشاد في السبعينيات أثناء المرحلة الاستعمارية. ومنذ ذلك الحين بدأ هذا النوع يسود على حساب الأنواع المحلية من البلطي وهي البلطي الماكركيري (Oreochromis macrochir) والبلطي الراندالي (Tilapia rendalli). وسبب تفضيل البلطي النيلي أنه سريع النمو، مقاوم للتداول والإجهاد وذو نكهة جيدة.

أنظمة الاستزراع

الاستزراع الموسع للبلطي النيلي في الأحواض الأرضية هو النظام الوحيد المستخدم في الكونغو. أما الاستزراع شبه المكثف فيستخدم فقط من قبل عدد قليل من مزارعي الأسماك، خاصة في البيئات المحيطة بالمناطق الحضرية، حيث يعتبر الاستزراع السمكي نشاطا للوجاهة لبعض السياسيين، كما يعتبر مصدرا جيدا للدخل لبعض المسئولين العاملين أو المتقاعدين.

إعداد/ أمانى إسماعيل

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة العالمية
RiverNile5

أمانى إسماعيل

ساحة النقاش

RiverNile5
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

387,918