د. عبد المجيد: الثروة السمكية تتعرض لإهمال وتجاوز من الحكومة

د. عبد المجيد محمد بدرالدين : مدير الإدارة العامة للأسماك بوزارة الثروة الحيوانية والسمكية

*يعاني قطاع الثروة السمكية بالسودان إهمالا واضحا بالرغم من امتلاك السودان ثروة هائلة في هذا الاتجاه.. لماذا هذا الإهمال؟

الحكومة عملت على تجاوز دور الثروة السمكية باعتبار أن الاستثمار والتسويق في هذا القطاع تُرك ومنذ السابق للقطاع الخاص, لذلك عزفت الحكومة عن الدخول في هذا المجال وهذه من أكبر المشاكل التي أدت إلى تدهور قطاع الثروة السمكية, بالإضافة إلى عدم وجود المعدات الحديثة والتي أدت بدورها لانخفاض معدلات الإنتاج, وهناك سبب آخر هو أن السلطات وبمنحها للولايات حق إصدار القوانين أصبحت كل ولاية تعمل وحدها ما قاد إلى عدم التنسيق بين الولايات والإدارة العامة للأسماك في هذا الصدد, مما أدى لإحداث فوضى وعدم وجود البنيات الأساسية لعملية الصيد والاستثمار, لذلك يتخوف القطاع الخاص من الاستثمار في هذا المجال. ومن أكثر الأشياء التي تؤدي لإنعاش قطاع الثروة السمكية الاستثمار في "الاستزراع السمكي" إلا أن ذات الاستثمار يلاقي صعوبات عديدة من قبل الولايات باعتباره استثماراً يحتاج لمساحات كبيرة من الأراضي, ومع تضارب القوانين والاختصاصات الولائية والاتحادية في هذا الجانب والمشكلات الكبيرة في الأراضي الاستثمارية أدى ذلك إلى تحجيم الاستثمار في هذا القطاع المهم مع ضعف عمليات التسويق.

*لماذا لا توجد مناطق مركزية لتسويق الأسماك في السودان؟

هناك عدد من المشكلات في هذا القطاع أدى إلى عدم توفر مناطق مركزية لتسويق الثروة السمكية ولا توجد مناطق بعينها لهذا الغرض, وحتى التي الموجودة تم إغلاقها من قبل المحليات وغيرها من السياسات غير السليمة التي أدت إلى إغلاق الأسواق الموجودة والتي لم تكن في حد ذاتها أسواقا مركزية بهذا القدر, وهذا ما يؤدي إلى فاقد كبير في الثروة السمكية يقدر بحوالي 30%, وأيضا نفتقد لمصانع الثلج والمخازن المبردة, وصعوبات في عملية النقل وضعف وتدهور السكة الحديد التي كانت تسهم بصورة كبيرة في نقل المنتج من الأسماك, خاصة التي تنتج في بحيرة "النوبة" بالولاية الشمالية ذات الإنتاج العالي.

*كم يبلغ حجم الثروة السمكية في السودان؟

تقدر الثروة السمكية في السودان بحوالي 110 ألف طن, لكنها تقديرات وإحصائيات قديمة, ونتوقع إذا تم إدخال الولايات الجنوبية في هذه الإحصائيات يمكن أن تصل الإنتاجية في السودان إلى 300 إلف طن في العام بحلول العام 2011.

*لماذا لا تقومون بتشجيع القطاع الخاص وتقديم محفزات له للاستثمار في قطاع الأسماك؟

عمليات الاستزراع السمكي التي تجري الآن هي واحد من المحفزات التي تقدمها وزارة الثروة الحيوانية للقطاع الخاص لتوجيه رؤوس أمواله لهذا الجانب, والآن ولاية الخرطوم لديها تجارب ناجحة مع القطاع الخاص في الاستزراع السمكي.

*المعوقات والمشاكل التي تواجه الثروة السمكية؟

عدم إجازة القوانين أدى لإضعاف دور الثروة السمكية في الاقتصاد القومي, ومن المعوقات أيضا ضعف الاستثمارات والتسويق والإعلان وعدم وجود أسواق مؤهلة ومتخصصة للتسويق السمكي, بالإضافة إلى العادات الاستهلاكية, وهي أن السودانيين يحبون تناول اللحوم الحمراء وهي واحده من المشاكل. ومن المعوقات أيضا أن الأسماك أصبحت شأنا ولائيا ولا يمكن للإدارة الاتحادية التدخل فيه.

*تتعرض الثروة السمكية لعدد من التعديات البيئية وغيرها من المخالفات.. كيف تقومون بضبط هذه المخالفات؟

لدينا ضعف كبير في الجانب البيئي, ولا نستطيع الوصول والقضاء على التلوث البيئي, خاصة مخلفات مصانع السكر وناقلات النفط خاصة على سواحل البحر الأحمر ومياه التبريد التي تتدفق من محطات التوليد الكهربائي إلى داخل النيل والتي تؤدي للقضاء على كميات كبيرة من الأسماك, وواحدة من المشكلات الكبيرة التي لا تجعلنا نتحرك لضبط التلوثات هي عدم إجازة قانون الأسماك الذي تم الفراغ منه منذ العام 2000 إلا أنه لم يغادر أضابير محطة وزارة العدل إلى الآن, ونسعى خلال المرحلة المقبلة أن تكون هناك خطوات جادة لتحريك هذا القانون وعرضه على مجلس الوزراء توطئة لرفعة للبرلمان في دورته القادمة.

*هناك حديث يدور عن أن هناك اتفاقا, سوداني سعودي, يقضي أن يقوم السودان بفتح مياهه الإقليمية أمام حركة الصيد السعودية وأن يحصل الصيادون السودانيون على حصتهم من ذلك بالإضافة لمراكب صناعية.. ما صحة هذا الاتفاق؟

ليست هناك اتفاقية بهذا الشكل, وإنما هناك شراكة بين وزارة الثروة الحيوانية والسمكية وشركة الراحجي السعودية للاستثمار في مجال الاستزراع السمكي وتحديدا في استزراع أنواع محددة من الأسماك مثل "الروبيان، والجمبري" وقد قطعت المفاوضات شوطا بعيدا في هذا الشأن.

*كيف تتحوطون للمخاطر التي تنجم عن هذه الاتفاقيات والشراكات وإلى أي مدى تتم مراعاة عدم تضرر الصيادين السودانيين؟

نحن دائما نتوخى الحذر في توقيع مثل هذه الشراكات والاتفاقيات بمراعاة مصالح الصيادين السودانيين حتى لا يتضررون لأنهم يعتبرون "صيادين تقليديين", ونحن أيضا في الشراكات لا نقوم بإعطاء الجانب الآخر حق التصرف الكامل وإنما نقوم بإشراك الجانب السوداني, وغير ذلك فإن فترات الصيد في البحر الأحمر هي في الغالب تكون في فترات محدودة من مايو وحتى نوفمبر, لذلك يمكن أن نطلق عليها مسمى (الصيد الموسمي) وتقوم به مجموعات صغيرة من المصريين, بالإضافة للصيد عن طريق السنارات ونراعي في مثل هذه الاتفاقيات حق الصياد السوداني.

*حديث كثير يدور حول عدم وجود دراسة للمخزون السمكي بالبحر الأحمر.. على أي أساس تقومون بتوقيع هذه الاتفاقيات؟

هناك مشروعان الآن للقيام بدراسة للمخزون السمكي بالبحر الأحمر أحدهما مشروع المساعدات الكندية للدراسات وهو مشروع يعنى به تحسين القاعدة التسويقية للأسماك, والعمل على تحديث وسائل التسويق وإنشاء مراكز لتجميع الصيادين. أما المشروع الآخر لدراسة المخزون السمكي فهو مشروع يقوم به الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر.

*تقديراتكم الحالية للثروة السمكية بالبحر الأحمر؟

المخزون السمكي في البحر الأحمر يقدر بـ(10) آلاف طن في العام والمستخرج منه الآن حوالي (200) طن فقط, وهناك ألف منها للصيد الموسمي للمصريين.

*كيف تتحوطون لمخاطر السفن البحرية الكبيرة التي ستدخل لساحل البحر الأحمر جراء توقيع الاتفاقيات الدولية, وعدم قضائها على الشعب المرجانية والثروة السمكية؟

جهودنا محدودة في هذا الجانب باعتبار أن هذا الأمر من أولويات وزارة البيئة ومنظمة المحافظة على خليج عدن "برسيكا" لأنهم المعنيون بهذا العمل.

*ماهي المحفزات التي قمتم بتقديمها للقطاع الخاص حتى يستثمر في مجال الثروة الحيوانية؟

قانون الاستثمار القومي وفر فرصا كبيرة للمستثمرين, ونحن مستعدون لتقديم المساعدات للقطاع الخاص خاصة في مجال "الاستزراع السمكي" وكل شيء يخصنا مستعدون للقيام به, ونحن الآن نقوم بمشروع استثماري مع المنظمة العربية لتأهيل المزرعة النموذجية للأسماك بالشجرة من أجل توفير كميات للاستزراع السمكي, بالإضافة إلى مشروع آخر لدراسة المخزون السمكي ببحيرة (جبل أولياء) وقد قطع العمل فيه مراحل متقدمة.   

إعداد/ أمانى إسماعيل

RiverNile5

أمانى إسماعيل

ساحة النقاش

RiverNile5
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

388,801