كتابة نورهان أحمد
لفت نظري أثناء تصفحي مواقع التواصل الإجتماعي الشهر الماضي خبراً عن إرتداء البريطانيون جوارب ملونة غير متطابقة في شهر نوفمبر من كل عام، دفعني فضولي إلى البحث عن سبب هذه العادة الغريبة خاصة أن المشاركة فيها لا تقتصر على الشباب أو الأطفال الصغار فقط، بل يشارك بها جميع الناس من كافة الأعمار.
اعتقدت في بداية الأمر أنه أمراً متعلقًا بالموضة أو تقليعة جديدة من التقاليع التي تأتي إلينا من الغرب. ولكن صُدمت حين وجدت أن الأمر مخالف تمامًا لما ظننت!
في الحقيقة يرتدي نحو 5 ملايين شخصًا في بريطانيا جوارب غير متطابقة كل عام ترويجًا لحملة " لا للتنمر" التي تنطلق في الأسبوع الثالث من شهر نوفمبر كل سنة.
بدأت الحملة في عام 2017 من قِبل تحالف مكافحة التنمر في انجلترا، وتهدف الحملة إلى مناهضة التنمر ونشر الوعي حول ضرورة نبذ العنف وتقبل الآخرين في المدارس والتجمعات الشبابية. حيث تدعو الحملة جميع طلبة المدارس وأولياء الأمور والعاملين لإرتداء جوارب غير متطابقة اللون والشكل، في محاولة منهم لنبذ التنمر بين الأطفال والشباب حول مظهرهم الخارجي، ونشر ثقافة تقبل الاختلاف سواء في العرق، أو اللون، أو الدين، أوغير ذلك.
أهم أنشطة حملة "اسبوع مكافحة التنمر"
بالإضافة إلى إرتداء الجوارب الغير متطابقة، تقوم الحملة على نشر بعض الأنشطة التعليمية التي تدرس في المدارس البريطانية لرفع الوعي حول ضرورة تقبل إختلاف الآخرين، فمثلا يتم شرح درساً تعليمياً تحت عنوان كلنا مختلفون، والذي يشير إلى تنوع البشر بين ألوان البشرة المختلفة، وتنوع أشكال الشعر بين الأملس والمجعد، وغيرها من الإختلافات التي يجب علينا جميعًا تقبلها في الأخرين. بالإضافة إلى مجموعة إرشادات عن كيفية التعامل مع التنمر إذا حدث وتعرض له أحداً، إلى جانب توجيه الطلاب إلى استخدام الكلمات الطيبة والإلتزام بالسلوك الجيد داخل وخارج المدرسة. وتقوم الحملة أيضاً بتكريم الآباء والمعلمين الذين يقومون بدوراً فعالاً في نشر الوعي حول مكافحة التنمر.
إلى جانب حملة "لا للتنمر" البريطانية، نحجت أيضًا بعض الحملات في كندا في مناهضة التنمر بشكل مختلف، مثل حملة "Stop a bully" والتي بدأت عام 2009 واستمرت في محاربة التنمر لمدة ست سنوات عن طريق تقديم الدعم للأطفال الذين تم التنمر عليهم من قبل أشخاص أخرين، واستقبال شكاويهم والعمل على حلها، إلى جانب نشر التوعية حول موضوع التنمر بين أطفال وشباب المدارس والعمل على مناهضته ونبذه قبل 12 عام من الآن، أي قبل أن يصبح التنمر هو موضوع الساعة. ولعل أهم ما يميز هذه الحملة أيضًا هو إتخاذها من ال "Pink wrist" أي الأسورة الوردية شعاراً لها، حيث كانت تهدف حملتهم إلى "جعل كندا بأكملها تتلون باللون الوردي" كما وصفوها، وذلك من خلال تشجيع أكبر عدد ممكن من المواطنين الكنديين على لبس هذه الأسورة لإظهار دعمهم للحملة ورفضهم للتنمر. وبالفعل نجحت الحملة في توزيع 150 ألف أسورة على طلاب المدارس عام 2013.
إحصائيات وحقائق صادمة حول التنمر
تعد هذه الحملات من أهم حملات التوعية في المجتمع الغربي، ويرجع هذا إلى تقرير الأمم المتحدة الذي أشار أن واحداً من بين كل ثلاثة طلاب حول العالم يعاني من التنمر على الأقل مرة واحدة شهريًا، منهم 160 ألف طفلاً يقررون عدم الذهاب إلى المدرسة يوميًا بسبب خوفهم من التنمر. بالإضافة إلى تعرض واحد من كل 10 أطفال إلى التنمر الإلكتروني.
وأفاد التقرير بأن المظهر الخارجي للشخص هو السبب الأول للتنمر، يليه العرق أو الجنسية أو لون البشرة.
وأشارت بعض الدراسات أن الطلاب الذين يتعرضون للتنمر هم الأكثر عرضة للتفكير بالإنتحار، حيث صرحت صحيفة إندبندنت البريطانية أن واحداً من بين كل 8 شباب حول العالم لديهم سلوكيات انتحارية، وأن التنمر له علاقة وطيدة بمحاولات الإنتحار.
تستمر حملة "لا للتنمر" البريطانية في بذل جهودها منذ عام 2017 وحتى يومنا هذا، حيث شارك في الحملة أكثر من 5 ملايين شخصاً على مدار الخمس سنوات الماضية، من بينهم فنانين عالميين مثل فيكتوريا بيكهام وإيما ويليس وكريغ دايفيد وغيرهم من المشاهير الداعمين لقضية مكافحة التنمر.
أما بالنسبة لكندا فتقوم الآن حملة Erase بمواصلة جهود مكافحة التنمر في كندا والتي أضافت بعض الأهداف الأخرى إلى جانب مناهضة التنمر مثلا مناهضة التمييز العنصري، العنف، والوصم في المجتمع الكندي.