رحل الزمان و ما برحت مكانى

فأنا الخلود .. و ما لديكم فانى

سجد الزمان على ضفافى رهبة

و استسلمت أمم على شطآنى

لم يركع التاريخ إلا فى يــدى

لم تسمع الدنيــا سوى ألحانى

أنا من جنان الله أحمل سرها

و كم انتشيتم من رحيق جنانى

مهد الخليقة كان سرا فى دمى

و مواكب التاريخ من أعوانى

نام الزمان على ضفافى آمنا

و بقيت وحدى كعبة الأوطان

لا تسألوا كيف انتهى سلطانى

و تكسرت فى غفلة تيجانى

لم تحفظوا عهدى و خنتم رايتى

حين استبحتم حرمة الإنسان

لم تحفظوا مائى فصار خطيئة

حقت عليها لعنة الرحمن

***

الله سطرنى على وجه الورى

نهرا يصلى بعد كل أذان

فى كل أرض للمآذن صرخة

و بكل ركن رتلوا قرآنــى

أنا وحى هذى الأرض سر وجودها

و الله كرمنى بكل زمـــان

عندى من الصلبان ألف تميمة

ملأت بنور هلالها و ديانى

كم لاح وجه الله بين ربوعها

سجد الزمان و كبر الهرمان

فحملت للدنيا رسالة خالقى

و رسمت نهر الحب و الإيمان

منذ استبحتم حرمة الشطآن

جحد الرفاق و خاننى جيرانى

أنا لم أكن نهرا و ضل طريقه

بل كنت دما ذاب فى شريان

أنا لم أكن فى الأرض ماء جاريا

بل كنت قلبا ضمه جسدان

فى مصر شريان يذوب صبابة

و العشق داء فى ربى السودان

***

وحدت أوطانا .. جمعت عشائرا

و الكل فى عشق العلا إخوانى

الماء بين يدى عهد مسالم

فإذا غضبت فإنه بركانى

سجد الفراعنة العظام على يدى

و تزاحمت أمم على سلطانى

كان الوجود خرائبا منسية

شيدتها بشوامخ البنيان

فى كل شبر كنت أغرس نخلة

و على الضفاف يتيه سحر جنانى

أهديتكم دربا طويلا للعلا

دينى .. و علمى .. نخوتى .. و بيانى

و أخترت أن أبقى رسولا للهوى

بين الأحبة .. و اسألوا شطآنى

فى كل ركن عقد فل عاشق

و حبيبة رحلت .. و طيف حنان

***

يوما غرست على الضفاف مهابتى

و رفعت فى قمم الجبال مكانى

ماء طهورا للصلاة فإن بدت

عين الخيانة أشعلت نيرانى

فى واحتى تبدو الطيور أليفة

لكنها أسد على العدوان

كم صرت نارا حين راوغنى العدا

و رأيت طيف الغدر فى سجانى

من باع إيمانى و خان فضائلى

و أعادنى للشرك و البهتان ؟!

كيف ارتضيتم محنتى و هوانى

فتمردت خيلى على فرسانى

هل يسكن القلب العنيد إلى الثرى

و تلفنى فى وحشة أكفانــى ؟

هل يصبح الماء الجسور وليمة

للشامتين على ثرى جثمانى ؟!

هل يخفت الضوء العتيق .. و تختفى

فوق السنابل فرحة الأغصان ؟

هل ينتهى صخبى .. و تخبو أنجمى

و تكف أطيارى عن الدوران ؟!

أو تجلسون على شواطئ نيلكم

تترنحون كعصبة الشيطان !؟

ماذا سيبقى للحياة لو اختفى

وجهى .. و سافر فى دجى النسيان ؟

أأكون تاريخا .. توارى باكيا

بين السفوح و لوعة الأحزان ؟!

***

من ألف عام كنت أركض شامخا

بين الجموع يحيطنى فرسانى

و الآن ترصدنى الوجوه فلا أرى

غير الخنوع و خسة الكهان

فالجالسون على العروش تسابقوا

عند الفرار و أحرقوا شطآنى

قد علمونى الصمت .. صرت كدمية

سوداء شاخصة على الجدران

و الآن أقرأ فى دفاتر رحلتى

فأرى الجحود .. و جفوة الخلان

ماذا جنيتم من سلام عاجز

غير الهوان .. يسوقنا لهوان ؟!

تتراقصون لكل ذئب قادم

و تراوغون .. كرقصة الحمــلان

و تهرولون إلى الأعادى خلسة

خلف اللصوص .. و باعة الأوطان

خنتم عهود الأرض .. بعتم سرها

للغاصبين بأبخس الأثمان

من باعنى أرضا و خان قداستى

من دمر التاريخ فى وجدانى ؟!

يتزاحم الكهان حول مضاجعى

يتعانقون على ثرى أكفانى

وحدتكم زمنا فكنتم سادة

للعالمين على هدى سلطانى

و الآن صرتم لعبة يلهو بها

شر العباد .. و عصبة الكهان

ما اخترت أرضى .. ما اصطفيت زمانى

لكنه قدرى الذى أشقانى

فلقد تبدلت الليالى بيننا

و رأيت عمرا جاحدا أدمانى

***

يا أيها الوطن العريق قم .. انتفض

و اكسر كهوف الصمت و القضبان

أطلق أسود النيل من ثكناتها

و اهدم قلاع البطش و الطغيان

فى الأفق شى لا أراه و إن بدا

خلف السحاب كثورة البركان

يعلو صهيل الماء .. يصرخ حولنا

يتزاحم الفرسان .. فى الفرسان

تهتز أرض .. تستغيث مواكب

و يهرول الكهان .. للكهان

و أنا أطل على الربوع معاتبا

أشكو إليها محنتى و هوانى

منذ استبحتم حرمة الشطآن

صدئت على أطلالكم تيجانى

حتى عيون الناس ضل بريقها

ما بين ليل القهر و الهذيان

***

سأزوركم فى كل عام كلما

حنت حنايا الأرض للفيضان

أتسلق الأفق البعيد لكى أرى

خلف السدود شواطئي و جنانى

أنا لن أكف عن المجئ لأننى

كالأرض ما كفت عن الدوران

سأطل من خلف الحدود و ربما

تبدو على مرارة الحرمان

عودوا إلى الحب القديم .. و علموا

أبناءكم أن يحرسوا شطآنى

أعطيتكم عمرى .. و هانت عشرتى

و الآن أرفع راية العصيان

لو كنت أعلم ما طواه زمانى

لأخترت أرضا غيركم أوطانــى

 

 

Ramzy-online

محمد رمزى

  • Currently 71/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 268 مشاهدة
نشرت فى 17 أغسطس 2010 بواسطة Ramzy-online

ساحة النقاش

محمد رمزى

Ramzy-online
مصرى يملك وطنى فؤادى و أكاد أملكه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

219,120

مصر



يا حبنا الكبير