حقا .. إنها مشكلة حديثة العهد بنا كمصريين .

لا .. إنها ليست مشكلة ، بل هى طامة كبرى ، خاصة و إن كانت تدل على تحول خطير فى سلوكيات المواطن المصرى ، نعم نسبة كبيرة من افراد الشعب تغيرت سلوكياتهم الإجتماعية و خاصة شباب هذا الجيل ، و لكن كونه لا يصل رحما أو لا يبالى بإتقان ما يفعل أو يصنع ، أو يجافى المروءة فى دعم صديق له ، أو يدب فى نفسه القنوط و اليأس من المستقبل المظلم ، أو يبحث عن المادة بأى طريقه شرعية كانت أم غير شرعية ، أو كونه أصابته الأنانية فى حياته كلها ، إلخ ... ، كلها سلبيات من الممكن إصلاحها ، و لكن أن تتخلى عنه المروءة و النخوة و الشهامة التى كانت على مدى العصور طابعا و سمة من سمات المصريين و يبيح لنفسه و شهواته أن يجعل من الطرقات العامة متنفسا لها بالتحرش الجنسى لفتيات أمته : فتلك و الله هى الطامة الكبرى .

إن المشكلة لها جذور عدة ، تنامت بمرور السنوات لتجعلها ناقوس خطر يدق الأبواب علينا ليؤرق مضاجعنا فى كل حين ، فمن وجهة نظرى أن المشكلة تبدأ بالمنزل الذى تربى فيه هذا الشاب ، لننظر بمنظار العقل و التروى على ما يحدث داخل البيوت فى عصرنا هذا : فنجد أن الأب فى ملهاة يومية طوال ساعات يومه للبحث عن مصادر الرزق التى حرمته منه الحكومة الموقرة ، و أن الأم تسعى نهارا خارج المنزل لتساعد زوجها المقهور و مساءا هى فى المنزل تؤدى ما عليها من واجبات منزلية يصيبها التعب و الكلل الذى لم تراه أمهاتنا فى الزمن الماضى ، و الأولاد كل منهم فى طريق ، لا تجانس بينهم ، و لا حوار لمعرفة مشاكلهم من جهة الأب أو الأم ، يهيمون على وجوههم مفتقدى القدوة و الإرشاد و التوعية و النصح ، إذا فغياب دور الأب و الأم هو السبب الرئيسى .

أما السبب الثانى هو فى الحقيقة أصل كل الأسباب : و هو البعد عن الله سبحانه و تعالى ، نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، لأنه لو وجد هذا الشاب أو تلك الفتاة من يحاسبهم على أداء الصلاة ، ما حدث ما حدث !! ، و لثقتى أن الصلاة تنهى الفرد عن الفحشاء و المنكر ، فالمواظبة عليها و دعمها بقراءة القرآن يوميا ، سوف تحصن شبابنا ضد تيارات الإنحلال المتدفقة علينا من كل حد و صوب ، فمن صلى سوف يخاف الله فى كل أفعاله ، إن الخوف من الحساب و العقاب هو الباعث على إتمام جميع السلوكيات الصحيحة : الراسخة و المكتسبة .

أما السبب الثالث : فهو يكمن فى أسمى مهنة على وجه الأرض ، و هى التربية و التعليم ، فالمدرس هو الأب و المعلم لمن لا أب له ، و هو القدوة التى طالما احتذينا بها خلال سنوات التعليم ، فشخصية المعلم الكلاسيكية و الأب الروحى قد تلاشت بفعل فاعل فى هذا المجتمع ، فانخرط المعلم يبحث هو الأخر عن موارد الرزق بالدروس الخصوصية ، ففقد أهم ميزة كانت تميز معلمينا الأوائل ، حيث علمونا الترفع و التسامى و طلب العلم دون التفكير فيما قد يعود علينا من وراء تعلمه ، و كذلك فإن سوء اختيار من يتأهل لهذه الوظيفة دون النظر لشخصيته أو علمه أو أخلاقياته ، جعلت من المهنة مهنة ارتزاق لا أكثر من ذلك أو أقل ، ففقد المعلم هيبته ، و أصبح ليس بعجيبا أن يجالس الطالب على المقهى ، أو ربما تنفع من وراء طالبه ببعض المنافع الرخيصة ، فسلام على الدنيا ، و سلام على التعليم ، مادام القائمون عليه يبحثون فى مظاهر و قشور مشكلاته و لا ينظرون بعين العقل لجوهرياتها .

أما السبب الرابع : فتراه خارج نطاق المواطن المصرى ، إذ يكمن فى البطالة ، و ارتفاع نسبتها ، و تكالب الشباب الضائع على مقعد على أى مقهى ، فحسرة على ما فعلته الحكومة بنا ، فالشاب الذى يكمل تعليمه إن أكمل ، دون أن يقصف عمر أبيه من المصروفات ، و يتركه كما تترك الريح البلاط ، يتخرج ليجد أول الطريق ضباب ، ثم يتوغل قليلا ، فيجده ازداد ظلمة و اكتئابا ، حيث اللا عودة ، بداية الطريق الأسود ، لا عمل ، مع زيادة فى النفقات و المتطلبات ، و إثارة جنسية من الكاسيات العاريات ، و إستعلاء الفساد ، و تدنى أصحاب الشرف و الأمانة فى مجتمع لا يعترف إلا بالفهلوى و المنافق و العربيد و أصحاب الثراء الفاحش سيان جاء بحلالا أم حراما .

من هنا يبدأ الإنهيار :

حيث يفقد الشاب أولا إيمانه بالإنتماء ، ثم يتلوه فقدان الثقة بالنفس ، و من ثم يهيم على وجهه فى الدنيا شاردا ، لا يدرى ما العمل ، ثم يفقد الثقة فى الأخرين ، حتى يكذب الصادق و يصدق الكاذب ، ثم يفقد النخوة و الرجولة لإحساسه أنه لا قيمة له فى هذه الحياة ، حيث تعلمنا أنه من لا هدف له : ضل ضلالا كبيرا ، و من كان بلا إيمان فلا أمان له ..

فكيف بالله نستعجب بعد ذلك إن وجدنا هؤلاء الشباب الذين هم حملة المشعل فى المستقبل ، يهيمون كالوحوش الجائعة ، ينتظرون أى فرصة للإنقضاض على أى فريسة أو فتاة ، حيث لا أبرأها من ذلك على الإطلاق ، فعليها دور كبير إذ لو أنها تحصنت  بالإيمان ، يحصنها الله بملائكة : لا يقدر عليهم أحد من هؤلاء الجهال ..

لا عجب اليوم ، و لكن هذا جناه على أبى ، و ما جنيت على أحد ، أفيقوا ، انتبهوا أيها السادة ، و فروا إلى الله .

Ramzy-online

محمد رمزى

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 109 مشاهدة
نشرت فى 7 أغسطس 2010 بواسطة Ramzy-online

ساحة النقاش

محمد رمزى

Ramzy-online
مصرى يملك وطنى فؤادى و أكاد أملكه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

206,596

مصر



يا حبنا الكبير