التاريخ: 21 فبراير 2012
حسناً يفعل الزملاء والمختصون بإثارة قضية الثروة السمكية مرة بعد أخرى، فالأمر أصبح مُلحّـاً أكثر من ذي قبل، ويستدعي التفاتة جادة تشخّص الواقع، وتقر بوجود مشكلة فعلية ذات أوجه عدة، آخرها ارتفاع الأسعار، وأولها استنزاف المخزون. هناك العديد من الدراسات التي تمت منذ عام 1978 إلى عام 2002 وحتى العام الماضي، كلها تشير إلى استمرارية التناقص في المخزون عاماً بعد آخر، وذلك على الرغم من كل الإجراءات التي تمت على صعيدي التشريع والتنظيم.
الأمر يبدو كمن رفع قدمه عن دواسة البنزين ولم يضغط على المكابح للحد من هذا الاستنزاف العبثي غير المبرر، فإما أن القوانين غير كافية وتستدعي مراجعتها وتعديلها لضمان استدامة المخزون السمكي، أو أن الإجراءات التنفيذية والإلزامية غير مفعّلة لضبط الممارسات في عرض البحر. فالثروة السمكية ليست قضية أسعار فحسب، بل قضية أمن غذائي، تستوجب حمايته وصونه لأجيال قادمة من جشع وقتي واستنزاف جائر ونظرات ضيّقة، سببها فقط الأنانية، فالاستنزاف، وتدمير البيئة البحرية، والصيد الجائر، وعدم وجود سياسات فعالة، تضمن الحفاظ على الحياة البحرية، والبيئة البحرية التي انتهكت بفعل أعمال التجريف وإزالة القيعان والردم العشوائي، كلها تستدعي تدارك الوضع، والعمل على حلول مستدامة لها على مستوى الدولة.
قضايا البحر ومشكلاته لا ينبغي التعامل معها على مستوى محلي، يترك فيه لكل إمارة إدارة شؤون صياديها ومشكلاتهم بمعزل عن الآخرين، بل ينبغي التعامل معها كقضية اتحادية استراتيجية، فالبحر لا يعرف حدوداً بين الإمارات، علاوة على أن أسواق السمك لدينا تتكرر فيها المشكلات ذاتها.
الحلول المجزأة لا تجدي نفعاً، والتعامل مع مشكلات الصيادين وأسواق السمك يتطلب تكاملاً وتنسيقاً بين جميع الهيئات المعنية، يُغلّب فيها العام على الخاص، وضرورات المستقبل على منافع الحاضر، فاستدامة الغذاء والمخزون السمكي ضرورة حياتية استراتيجية، تتطلب حلولاً جذرية عبر حزمة من السياسات والقوانين المفعلة التي تعمل على إيقاف النزيف، وإبقاء البحر بلونه وثروته التي تمثل لنا أهل الخليج قيمة خاصة وتاريخاً قديماً متجدداً، قبل أن تستفيق الأجيال المقبلة على كابوس يتحول فيه البحر إلى يباب، والسفن إلى تراث، مع بقايا ذكريات غابرة عن قصص وحكايات قديمة.
اعداد : عبيرابراهيم
ساحة النقاش