17 فبراير 2012

تعد الشعاب المرجانية موطناً لمجموعات فريدة ورائعة من المخلوقات البحرية، بحيث باتت تشكل تنوعاً حيوياً دعا الخبراء إلى وصفها بالغابات المطيرة للبحار.

ووفقاً لتقديرات مكتب الأنظمة البيئية للشعاب المرجانية البريطاني، فإن الشعاب المرجانية تدعم ما يترواح بين 25% إلى 35% من أنواع الكائنات البحرية. وإضافة إلى كونها غنية بالأنواع البحرية، فإن شدة التنوع الحيوي بها يقع في مستوى مرتفع على نحو لا يصدق، ذلك أن الشعاب تستحوذ على أقل من 0.2% من سطح المحيطات (أي ما يعادل مساحة فرنسا)، وهي النسبة التي تشكل 5% فقط من المساحة التي تشغلها الغابات المدارية.

وتحذر مجلة فوكس البريطانية، في تقرير حديث لها، من أن بعض العلماء يرون أنه قد فات الأوان بالفعل على الحفاظ على سلامة الشعاب المرجانية بالشكل الذي تقدمه البرامج الوثائقية للطبيعة. يقول البروفسير بيتر سيل، خبير البيئة البحرية ومؤلف كتاب كوكبنا المحتضر: الشعاب المرجانية التي كنا نعرفها منذ عقد السبعينات من القرن الماضي ستختفي بحلول العام 2050.

فالبشر دائماً بارعون في القضاء على الأنواع الطبيعية، لكن هذه هي المرة الأولى التي نقضي على نظام بيئي بأكمله. وينطوي هلاك الشعاب المرجانية على آثار مدمّرة بالنسبة إلى المجتمعات الساحلية التي تعتمد عليها في عمليات الصيد والاسترزاق من خلال السياحة. ونتيجة لذلك، تبذل بعض الدول جهوداً مضنية للحيلولة دون انقراض ثرواتها من الشعاب المرجانية.

وأشارت فوكس في تقريرها، إلى أن استراليا، على سبيل المثال، أعلنت أخيراً، أن جزءاً من شعابها البحرية ستتم حمايته وتحويله إلى أضخم حديقة بحرية في العالم. ويقول الخبراء في مجال الحياة البحرية إن البشر يهلكون الشعاب من خلال عدة أنشطة، منها التلوث والصيد الجائر للكائنات البحرية. وتنشأ أكبر مشكلتين بالنسبة للحياة البحرية نتيجة ظاهرة تسخن الأرض، حيث ارتفعت حرارة البحار بمعدل 0.74 درجة مئوية خلال القرن الماضي، إضافة إلى زيادة نسبة ثاني اكسيد الكربون في الجو التي تتسبب في ذوبان مياه البحار وتؤدي إلى ما يسمى بـتحمض المحيطات ثمّ هلاك المرجان.

يقول البروفسير ديفيد ميلر، استاذ بيولوجيا المرجان في جامعة جيمس كوك في كوينزلاند بأستراليا: المرجان هو المهندس المعماري للشعاب المرجانية. ويعد تطور المرجان هو المسؤول عن تنوع الثروة السمكية والوفرة الشاسعة من الكائنات البحرية التي تعتمد على الشعاب. فهي شديدة الأهمية من حيث إنها توفر بيئة ملائمة للكثير من الأنواع البحرية.

وأوضحت فوكس أن المرجان كونه ينتمي إلى فصيلة الكائنات البحرية الرخوة، فهي تبدأ حياتها يرقات حرة الحركة في المياه قبل أن تستقر وتلصق أنفسها بمواد صلبة مثل الصخور. ولا يتجاوز طول كل مرجان ذكر بضع سنتيمترات وبعرض بضع مليمترات. ويغطي جسم المرجان من الخارج طبقة كلسية واقية من الكربونات، حيث تعتبر هذه الهياكل الكلسية أساساً لمستعمرة الشعاب المرجانية وتتخذ أشكالاً وأحجاماً متعددة.

وخلال العام الماضي، قام العلماء بتحليل الشريط الوراثي لنوعين من مرجان أكروبورا الذي يكوّن مستعمرات الشعاب المرجانية. ووفقاً لذلك، يقول ديفيد ميلر، الذي قاد مشروعاً لتحليل الشريط الوراثي للمرجان بالتعاون مع فريق بحثي من اليابان، إنهم تمكنوا، أخيراً، من تفسير سبب الاعتماد الشديد من جانب الأكروبورا على الفطر الخاص به، حيث أشار إلى نقص إنزيم ضروري لتكوين أحد الأحماض الأمينية اللازمة لبناء الكتل البروتينية.

ويرى ميلر أن دراسة الشريط الوراثي للمرجان يمكن أن تساعد خبراء المحميات الطبيعية على وضع صورة أفضل لفهم كيفية التعامل مع التغير البيئي. ويضيف: إن دراسة المرجان في الوقت الحالي تقوم على إجراء تعداد للأنواع الموجودة منه. سيكون من المناسب، يوماً ما، أن يتم بناء محمية طبيعية للمرجان على أساس علمي قوي يشمل الشريط الوراثي.

اعداد : عبير ابراهيم

المصدر: مؤسسة دبي للإعلام

ساحة النقاش

Publishing
المهندسة/ عبير إبراهيم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

570,255