تعد محطة بحوث شطحة من المنشآت الاقتصادي الهامة، لأنها المحطة الوحيدة على مستوى القطر التي تعتمد على تربية الجاموس الذي يعتبر فرعاً من فروع الإنتاج الحيواني كونه يحتل المرتبة الخامسة من حيث التعداد والأهمية بعد الأغنام والماعز والأبقار والإبل في الوطن العربي.

 ونتيجة لانخفاض أعداد الجاموس وانحصار وجوده في بعض قرى الغاب أحدثت محطة بحوث شطحة في منطقة الغاب وقد بدأ العمل في التأسيس والإنشاء بتاريخ 3/4/1995 وتتبع المحطة لمركز بحوث الغاب التابع للهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية تحت اسم محطة بحوث شطحة وهي تبعد عن مدينة حماة نحو 90 كم شمال غرب بالقرب من قرية ناعور شطحة والمحطة تمتد على مساحة 500 دونم وملاكها العددي 50 عاملاً، ولكن ورغم أنها الوحيدة على مستوى القطر لا زالت تواجه بعض المشكلات المؤرقة للعمال والقطيع على حد سواء.
ولمعرفة المزيد عن واقع هذه المحطة ونوعية الجاموس السوري التقينا رئيس شعبة الجاموس في المحطة والمشرف العلمي على أبحاث المحطة المهندس نادر درباس وكان الحوار التالي:
* بداية ماذا عن الجاموس السوري، وما هي أنواعه، وأماكن تواجده؟
الجاموس حيوان شبه مائي، يحب الاستراحة في البقع المائية وخاصة أثناء ارتفاع درجة الحرارة للتخلص من الحرارة الزائدة الناتجة عن امتصاص الحرارة بسبب لونه الأسود وقلة الغدد العرقية لديه، ويميل الجاموس إلى النشاط ليلاً كالنزول إلى الماء والقيام بعملية التلقيح ورضاعة المواليد والانتقال لمسافات طويلة إذا أمكن له ذلك، كما يتميز بأظلافه الكبيرة مقارنة مع الأبقار وقوائمه قوية وجسمه ضخم، وهذه المواصفات تمكنه من السير في الأراضي الطينية دون أن تغوص قوائمه فيها، وهو سبّاح قوي وماهر.

ويعتبر الجاموس من الحيوانات قديمة الانتشار في سورية وتم دخول هذا الحيوان من الهند إلى بلاد الشام وأظهرت الأبحاث أن الجاموس يعدّ من الحيوانات المستأنسة في سورية منذ أكثر من (800 عام)، ويوجد نمطان من الجاموس السوري:

النمط الأول:

جاموس الأنهار ينتشر هذا النمط في منطقة الجزيرة السورية (الحسكة – الرقة) على امتداد نهرَي دجلة والفرات وبأعداد تقارب 3000 رأس (إحصائية وزارة الزراعة 2005).

النمط الثاني:

جاموس المستنقعات ينتشر في منطقة الغاب حيث كانت مستنقعات الغاب المنطقة النموذجية لانتشاره وأدى تجفيفها منذ نحو خمسة عقود إلى تناقص أعداد الجاموس فيها، حيث كانت منطقة الغاب تحتوي على أكثر من 3000 رأس من الجاموس وبنسبة 69% من أجمالي عدد الجاموس في سورية (إحصائيات وزارة الزراعة عام 1978).
ولقد وضعت منظمة الغذاء والزراعة العالمية FAO في عام 2000 جاموس الغاب ضمن قائمة السلالات المهددة بالانقراض. ويتميز جاموس الغاب بأنه متأقلم بشكل جيد مع الظروف البيئية في المنطقة وهو مقاوم للأمراض ويتغذى على مخلفات المحاصيل الزراعية وعلى المراعي الطبيعية في المنطقة.

* متى أنشئت المحطة وهل تهتم بتربية سلالات أخرى؟
أحدثت محطة بحوث شطحة في منطقة الغاب - محافظة حماه بناءً على القرار رقم 1 تاريخ 9/1/1995 الصادر عن السيد وزير الزراعة والإصلاح الزراعي وبدأ العمل في التأسيس والإنشاء بتاريخ 3/4/1995 حيث تم شراء عدد من إناث الجاموس من الأهالي في منطقة الغاب (13 أنثى وذكر واحد) وذلك حسب الشروط الفنية الموضوعة لذلك وفي عام 1996 تم استكمال نواة القطيع البالغ عددها 25 رأساً بما فيها ذكر تلقيح.

 تتبع المحطة لمركز بحوث الغاب التابع للهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية تحت اسم محطة بحوث شطحة، وحالياً عدد القطيع الموجود في المحطة 168 رأساً.
تبلغ مساحة المحطة 500 دنم محاطة بسور خارجي من الإسمنت بارتفاع 2 م من جميع الجهات، يزرع منها 250 دنماً بالمحاصيل العلفية (قمح + بيقية) لتأمين بالات الدريس في فصل الشتاء. المباني مساحة 70 دنماً والمساحة المتبقية (180 دنماً) التي تُترك كمراعٍ طبيعية للحيوانات وهذه تؤمن حاجة القطيع من الأعلاف الخضراء وبمعدل 75 طناً، ومستودعات لتخزين الأعلاف. ومحلب آلي مخصص لحلابة القطيع الحلوب، كما يوجد حظيرتان لإيواء الجاموس وهما مزودتين بمشارب آلية، كما تم إنشاء مستوصف بيطري يستخدم كبناء إداري في الوقت الراهن.
وأضاف المهندس درباس قائلاً:

 بقيت المحطة لغاية 2003 متخصصة بتربية وتحسين الجاموس وفي عام 2004 تم افتتاح شعبة بحوث الأسماك وهذه الشعبة تقوم بإعداد الدراسات والأبحاث التي تتعلق بالثروة السمكية في منطقة الغاب خاصة والقطر بشكل عام وذلك بالتعاون مع الجامعات السورية والمعهد العالي للبحوث البحرية وهيئة الطاقة الذرية وذلك من أجل دراسة الأحواض السمكية الخاصة والعامة في منطقة الغاب وعلى الأنهار والبحيرات في القطر، وتم إعداد الدراسات الفنية اللازمة لإنشاء أحواض سمكية في المحطة وأدرجت ضمن الخطة الاستثمارية للمحطة، ويتم دراسة وإعداد الاستمارات العلمية للأبحاث والتجارب التي يقوم بها كادر فني متخصص في هذا المجال لتحسين النوعيات.

* ماذا عن المحطة وما هي أهدافها ومهامها؟
وعن أهداف المحطة قال تكمن في: حماية الجاموس السوري من الانقراض، وتحديد الخصائص الشكلية والإنتاجية والتناسلية للجاموس السوري، واستنباط سلالة متخصصة بإنتاج الحليب، وتحديد المقننات الغذائية للجاموس السوري حسب فئاته العمرية المختلفة، وتشجيع تربية الجاموس في منطقة الغاب وسورية، ودراسة سلوك الجاموس في ظروف التربية الحديثة ولقد تم إنجاز بعض المهام التي أنشئت المحطة من أجلها ومنها:

- حماية الجاموس من الانقراض مع زيادة عدد المربين في المنطقة وازدياد عدد حيوانات الجاموس حيث وصلت أعدادها عام 2011 إلى 1135 رأساً في حين كانت أعدادها عام 1995 لا يتجاوز 300 رأس.

- تم رفع الكفاءة الإنتاجية للرأس الحلوب الواحد من 815 كغ عام 1997 إلى 1063 كغ عام 2005 وهذا إنتاج جيد مقارنة مع إنتاجية الجاموس بالعالم لنفس العرق من الحيوانات في حين لا يتجاوز الإنتاج عند المربين 700 كغ للرأس الواحد خلال موسم حلابة بمتوسط 200 يوم.

- تم رفع كفاءة التمثيل الغذائي لحيوانات التسمين (عجول) إلى 800 غ زيادة وزنية باليوم وبلغ تصافي الذبيحة من العجول المسمنة 45%.

- تم تنفيذ العديد من الأبحاث العلمية والتجارب التي تحدد خصائص الجاموس التناسلية والإنتاجية والشكلية بحيث تم تنفيذ 12 بحثاً وتجربة.

- تم إنشاء شبكة تسمى (شبكة مربي الجاموس) تهتم بدراسة أهم المشكلات والصعوبات التي تعترض تربية ورعاية الجاموس عند المربين، كما تقوم بإحصاء عدد الرؤوس لدى المربين وأماكن الانتشار ليصار إلى تأمين الأعلاف اللازمة لقطعانهم وذلك بالتعاون مع المؤسسة العامة للأعلاف ونعمل حالياً لتوسيع الشبكة لتشمل كافة أنحاء القطر.

- تم الانتقال بتربية الجاموس من حيوان بري إلى حيوان أليف بحيث طبق عليه أحدث الوسائل العلمية (حلابة آلية) بعد ما كان متعذراً في السابق وحالياً متعذراً عند الأهالي.

- تم رفع كفاءة الحيوانات التناسلية بحيث أصبحت الخصوبة 97% وتم تقصير الفترة بين ولادتين ومن 420 يوماً إلى 375 يوماً بحيث أصبحنا نحصل على ولادة كل عام في حين يحصل المربون على ولادتين كل ثلاثة أعوام.

- تم توزيع ثيران محسنة إلى المربين لتحسين قطعانهم.

* ما هي أهم ميزات الجاموس السوري؟
يمتاز الجاموس السوري بمقومات عديدة أهمها كما يقول المهندس درباس:
– تفوق إنتاجيته من الحليب عن الأبقار المحلية من ناحية كمية الحليب ونوعيته.
– تفوق كفاءة تحويل الأعلاف إلى حليب أو لحم مقارنة بالأبقار المحلية.
– ارتفاع نسبة الدسم في الحليب بالإضافة إلى لونه الأبيض الناصع لقدرته على تحويل الكاروتين إلى فيتامين "أ" مما يجعل لبنه مرغوباً.
– تأقلم الجاموس مع الظروف البيئية.
– مقاومة الجاموس للأمراض البيئية الوافدة.
– ثبت مقاومة الجاموس بشكل عام لأخطار الإشعاع الذري بالمقارنة مع بقية الحيوانات الزراعية الأخرى.
– طول حياته الإنتاجية وعدد المواليد الممكن إنتاجها.
– جودة صفات اللحم من حيث انخفاض نسبة الكولسترول به.

*ماذا عن الخدمات المقدمة من قبلكم لمربي الجاموس، وما فائدة الأيام الحقلية المتبعة والندوات الإرشادية المنفذة، وهل من توصيات تخص التربية؟
نقدم للمربين الخدمات الصحية وكل ما يتعلق بتربية ورعاية الجاموس، حيث يتم تنفيذ ندوات إرشادية وأيام حقلية لتعريف المربين على أصول التربية الحديثة وتحسين القطيع، واستثمار مخلفات المحاصيل الزراعية والمصانع (تفل شوندر وزيتون) بعد تحسين قيمتها الغذائية (سيلجة) وتقديمها كعلف مركز للقطيع، وبالتالي تخفيف كلفة التغذية لقطعان المربين، إضافة إلى تحسين قيمة الأعلاف المالئة (التبن بالات الدريس) بمعالجتها باليوريا والمولاس وبالتالي رفع قيمتها الغذائية واستبدالها الأعلاف المركزة المرتفعة السعر، وتجديد المقننات الغذائية لفئات الجاموس المختلفة.

* ما أهمية إنشاء السجلات الخاصة بالمزرعة؟
من الأهمية بمكان إنشاء سجلات خاصة بإنتاجية الحيوانات وحالتها الصحية واستهلاك الغذاء والأدوية وإيرادات ومصروفات المزرعة وذلك للأسباب التالية:
1 – معرفة الاختلافات في إنتاج الحليب من أسبوع إلى آخر وكذلك بين الحيوانات والمزارع المجاورة وحصر أسباب الاختلاف في الإنتاج مثل الأمراض والظروف الجوية وكفاءة الحلابين..... الخ.
2 – السجلات أساس هام للانتخاب بين أفراد قطيع الجاموس واستبعاد الأفراد الغير صالحة للتربية والزائدة عن حاجة المزرعة.
3 – يفيد سجل الإنتاج والنمو في وضع المقررات الغذائية السليمة للحيوانات.
4 – تفيد سجلات الإنتاج في تحديد مستوى القطيع ومقارنته بالمزارع المجاورة لرفع الإنتاج.
5 – تحديد مستوى الخصوبة بين إناث وذكور الجاموس والكفاءة التناسلية.
6 – حساب كفاءة التحويل الغذائي سواء لإنتاج الحليب أو اللحم.
7 – معرفة العائد الاقتصادي والأرباح أو الخسائر للمزرعة.
ويجب أن تشتمل سجلات المزرعة بيانات كافية عن كل حيوان على حده وأن يكون تصميم السجل سهل حفظه وغير قابل للتلف بسرعة.

*هل من مطالب لديكم لتطوير عمل المحطة؟
وعن المطالب الخاصة بالمحطة قال المهندس نادر درباس معاون المدير رئيس شعبة الجاموس أنها تتمحور فيما يلي:
- إدخال عروق عالية الإنتاج مع المحافظة على العروق المحلية الموجودة بالمحطة
- ضرورة تأمين مصدر دائم للمياه لزراعة حقول المحطة في الصيف (250 دنم) عن طريق استجرار المياه من البحيرة المجاورة والتي تبعد (1100 م).
- ضرورة تنظيم الرعي في حقول المحطة المخصصة للرعي( 200 دنم) عن طريق الرعي الكهربائي بتقسيم الحقول إلى ثمانية أقسام مما يوفر قسم كبير من تكاليف التغذية عن طريق تنظيم وإدارة المرعى حسب الحمولة الرعوية.
- ضرورة تأهيل الكادر الفني في المحطة (الفئة الأولى) باتباع دورات خارجية في إحدى الدول المهتمة بتطوير وتحسين الجاموس منذ فترة طويلة مثل: الهند – إيطاليا – مصر.
- ضرورة صناعة القشات (تجميد السائل المنوي) لإجراء عملية التلقيح الاصطناعي.

* ماذا عن المطالب العمالية التي تصب في خدمة العمل والعمال؟
وتأكيداً لمطالب العمال فهي تتركز بما يلي:
- المطالبة بتوزيع الوجبة الغذائية للعاملين، أو إبدالها بمبلغ نقدي علماً أنه يوجد كتاب من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة الزراعة بخصوص الموافقة على صرفها منذ أكثر من 7 أشهر ولم تنفذ حتى تاريخه.
- ضرورة إبدال كرت اللباس ببدل نقدي بحيث يتمكن العامل من اختيار حاجاته دون الإلزام بلباس وأحذية رديئة الصنع وأسعارها عالية.
- ضرورة إعطاء تعويض التفرغ البحثي للباحثين علماً أن المرسوم رقم 14 أقرّ ذلك منذ شهر آب 2011 ولكن حتى تاريخه لم يتم التنفيذ.

* ثمة صعوبات عديدة تواجه المربين وتؤرقهم أهمها المرعى والمياه والمسكن، فما الحلول برأيكم؟
هموم المربين تنجلي بزيادة مخصصات قطعانهم من المقنن العلفي، وبإعطائهم القروض اللازمة لتحسين ثروتهم وتأمين المياه الكافية وتقديم التسهيلات اللازمة لترخيص بناء محطات خاصة بتربية الجاموس، وبتأمين هذه المطالب تزول كل الصعوبات والعثرات التي تواجه المربين.
أخيراً نقول
بما أن محطة بحوث شطحة تعد الأولى من نوعها على مستوى القطر وتهتم بتربية ورعاية الجاموس السوري الذي وضعته منظمة الغذاء والزراعة العالمية في عام 2000 كما أكد المعنيون في المحطة من السلالات المهددة بالانقراض، لذا فالواجب يقتضي إيلاء هذه الثروة الحيوانية الهامة كل الرعاية والاهتمام أملاً في تطويرها وتحسينها والحفاظ عليها وذلك بتأمين كل المطالب وسدّ كل الثغرات والعقبات التي تقف حجر عثرة في وجه المربين، آملين تلبية مطالب المحطة وعمالها كونها مطالب أساسية وجوهرية وليست كمالية.

اعداد : عبير ابراهيم

المصدر: الآزمنة

ساحة النقاش

Publishing
المهندسة/ عبير إبراهيم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

673,906