اليوم الثاني والثلاثون !

وأنا مستلقي على سريري و أحلم بسحر يافا و

_أخيراً وصلت شاطئ يافا وكتبت كل ما في داخلي ووضعته في لفافة وأدخلتها أصابعي العنيدة داخل الزجاجة ورمت بها بعيداً بعيداً إليكِ...
أنتِ لا تعرفين كيف يكون البحر ممتلئا بعيدان الثقاب المحترقة حين يمرون منه أولئك الذين أحرق البعد جوفهم أنتِ لا تعرفين أنما هو يعرف ,,
ويعرف أيضا كيف أشتاق وحين تصيبني وعكة أكون فيها بحاجة كي أُقيم ثورة أو حرب بحاجة أن أفجر جميع الطرقات والحواجز وأمدُ يدي إليكِ وأقول لكِ هيا تعالي الى البحر وأشعلي الشواطئ بعيناكِ وأجبريني كي أخوض معكِ إي شيء يمكنه أن يعيد صوابي يمكنه أن يعيدني , أوليفيا في هذا البحر حكاية لستُ كالحكايات التي نعرفها سوياً وإنما حكاية لو أنكِ معي لاحتضنتي رائحتها دون شعور تلقائياً رائحة القدس ورائحة أسوار عكا المزينة بكحل الجميلات في الكرمل ,هنا يا أوليفيا لستُ كما في إيطاليا التي تُشعرك بأنك غريباً على ضفافها يافا يا حبيبتي في زقاق بحرها يُعشعش الحب في كل مكان وترين من بعيد سِرب الحرية التي ينتظر ميلادها الكثيرون على أرض مدينتي وترين عليها وفود النوارس تتجمع من حولي تُداعب الموج الحزين الذي يحمل صورتك الباهتة ويقذفها بين يداي وعلى ثيابي وكأنه يقصد في إشعال نيران ذكراك في داخلي, وأنتِ لا تعرفين كم أن يافا جميلة حين تستلقي على شعرها الطويل المنسدل من السماء على هذا الشاطئ وتعزف لها عصافير النيل في سيناء على موسيقى هادئة وأعرف يا أوليفيا أن غيرتكِ الآن بدأ مفعولها لكن يافا أجمل بكثير مما وصفت لكِ

جميلة بقدر بعدنا وأكثر جميلة كعينيكِ ....كأنتِ تماما

كم يؤلمني هذا التشابه الذي الذي ينسدل عن وجهك فيسقط في البحر فيأتي مقنعا   الى غرفتي  فأعود سريعا الى الغيبوبة التي تسكنني

 تتلذذ بي وكأنني قطعة سكر لا أدري كيف يمكنها مضغ ذكرياتنا سويا في حلقها كيف تتذوق طعمها , وكيف لها تتلاعب بحواسي وتُشعرني بأنك جالسة بجانبي وتنظرين إلي بلا تعب !

وأنا أعرف جيدا بأن غرفتي تخلو منكِ لا يوجد فيها سوى ملاك منهمكة تنام وهي تراقبني وحين تصحو يلبسها الخوف عليّ تخاف على روحك الملتصقة بروحي أن تخرج من النافذة وتخطفها السماء ..

وأعرف أيضا بأن هذا الملاك الذي يجلس بجابني يكرهني كثيرا لأنني أتعبه دائما وهو يحدثني عن نفسه ويظنني بأنني غارقا بالنوم ولا أسمعه

يحدثني عن حبه الذي بقي عالقا على الحدود وكيف أصيب برصاصة وقتلُ دون سابق إنذار يصف لي مشهد يؤلمني كلما أسمعه يصف كيف أخرج الرصاصة من قلب حبيبه وحبيبه يصرخ لا يريد مفارقته وتركه

يحدثني عن الفراغ الواسع الذي يجتاح قلبه الآن ويقول لي لم يعد قلبي يحتمل رصاصة أخرى منك أرجوك أستفق وأسمعني !

 

ولا تدري بأنني أصغي لحبها المقتول جيدا أصغي لشفتيها اللتان تمسك بهما طرف الابرة المخدرة حين يحين موعد العملية الجراحية وتهمس لي لن أصيبك بألم فقط وخزة حب واحدة وأذهب ...

 

المصدر: من رسائل رجل مريض ممنوع من الكتابة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 210 مشاهدة
نشرت فى 19 أكتوبر 2015 بواسطة Psy-lindaRjoub

عدد زيارات الموقع

731