عزيزي القارئ: خلال الوقت الذي تستغرقه في قراءة هذه الفقرة يكونُ مختص التوظيف المحترف قد مرّ مروراً أوّلياً مغربلاً ستّ خلاصات سيرة ذاتية (عرفنا ذلك بتوقيت أداءٍ فعليّ وليس تقديراً)
في خضم هذه السرعة وهذا الحسم الذي لا يرحم ألا ترغب في تحسين فرصة سيرتك الذاتية في التأهّل لدور التصفيات التالي؟ آها! أرى الكثير من الأيادي ترتفع بالموافقة ولهؤلاء أقول: إن رغبتم في التأهّل حقاً فإيّاكم واقتراف هذه الأخطاء السبعة التي يخبرنا مختصّو التوظيف إنّها أكثر الأشياء التي تجعلهم يحوّلون خلاصة السيرة الذاتية إلى آلة التمزيق.
ثلاثةٌ إذا انتظروا إلى الأبد فلا يلوموا إلاّ أنفسهم..
أوّلهم وثانيهم وثالثهم: متقدّم إلى وظيفة ليس لها بأهل يعتقد كثير من طلاب العمل أنّ اقتناص الوظيفة هو مسألة كثرة المحاولات. يقول أحدهم لنفسه: اطرق أبواباً كثيرة، انثر حيثما استطعت نسخاً من خلاصة سيرتك الذاتيّة ولا بدّ من أن تلتصق إحدى الطينات بأحد الجدران وتثمر إحدى محاولاتي.
إنّ طريقة "بارودة الطرش" هذه قد تكون مفيدةً في صيد البط والحجل ولكنّها لا تجدي أبداً في صيد الوظائف، والحقيقة هي أنّ مختصّي التوظيف يكرهون أشد الكره تضييع أوقاتهم في تحليل خلاصات المتقدّمين غير المؤهّلين. إيّاك أن تجعل تقدّمك لوظيفةٍ طرفةً واقعيةً يتندّر بها مختصّو التوظيف، مثل رجل الأمن السابق والحارس الشخصيّ الذي تقدّم -بالفعل وليس مزاحاً- لوظيفة مدير مخاطر ماليّة، أو ذلك المصوّر الجويّ الذي تقدّم لوظيفة اختصاصيّ تعاملات ضريبيّة.
استمع إلى أصحاب الأعمال واختصاصيي التوظيف وستدرك كم هي مضنية مرهقة للأعصاب ومستنزفة للإنتاجيّة عملية الغربلة وفرز السير غير المؤهّلة، وعلاوةً على إرهاقها أطقم العمل فإنّها تجعل التوصّل للمرشح الأفضل أشد عسراً.
إذاً في المرّة القادمة التي تفكّر فيها في إطلاق رشاش سيرك الذاتية على عشرات الشركات دون التأكّد من أنّها تحتاج ما لديك لا تخدع نفسك بآمال تقارب الاستحالة، تريّث ووفّر وقتك وجهدك -ووقت وجهد الآخرين- ولا تتقدّم لغير المواقع والجهات التي تعلمُ أنّك مؤهّل لها.
اعرض تقديم المساعدة وبعضهم قد يلتفت إليك
اعرض تلقي المساعدة ولن يلتفت إليك أحد
في هذه الأيام أكثر من أيّ وقتٍ مضى تزداد سوق التوظيف المتوحّشة تمحوراً على الشركات وليس على طلّاب العمل. وبالنظر إلى هذا المناخ فإنّ بيانات الرسالة والأهداف الفخمة -وخصوصاً المتعلّقة بطموحات المتقدم للوظيفة وأحلامه وما يرجوه من مزايا- سوف تحوّل كثيراً من السير الذاتية الجيّدة إلى سلّة المهملات.
إنّ أرباب العمل لا يعنيهم كثيراً التعرّف على كيفية مساعدتهم لك في حلّ مشكلاتك وتطوير نفسك (ربما يعنيهم ذلك بعد أن تصبح موظّفاً لديهم -نقول ربما- وأمّا قبل أن يروك ويتعرّفوا عليك فهذا مستحيل دون نقاش!).
بدلاً من بيانات أهدافك وطموحاتك الفخمة اكتب بيانات أهداف تشرح شرحاً محدّداً كيف يمكن لمهاراتك وخبراتك أن تساعد الشركة التي تريد العمل لديها.وكن شديد الوضوح في تبيين طبيعة العمل الذي تنشده.
سيرة ذاتية بمقاسٌ واحد ترجو أن يناسب الجميع؟..
إذاً توقّع جواباً واحداً لا يناسبك
حتّى تتلألأ سيرتك الذاتية متميزةً في خضمّ الأمواج الهائلة من السير التي يتلقّاها اختصاصيو التوظيف ينبغي أن تكونَ كل سيرة تقدّمها تخاطب الشركة المنشودة بالطريقة الخاصة التي تفهمها وتتأثّر بها، وقد يعني هذا استخدام عباراتٍ معينةً كما هي من التوصيف الوظيفيّ الذي وضعته تلك الشركة.
احرص منذ البداية وفي كل تواصل تقوم به على توضيح مقدرتك في حل مشكلات الشركة. فلتكن مراسلاتك متضمنةً للمفردات والتعابير التي يستخدمها أهل الصناعة بمقدارٍ يكفي لتبيين معرفتك بما أنت مقدم عليه واحرص على عدم المبالغة في ذلك إلى درجةٍ تجعل حديثك يبدو حديث رجل آلي.
وينبغي أن يتناول حديثك القضايا الخاصة بالشركة والتحديات الكبرى في مجال صناعتها مع التركيز على تبيين الخطوات المحدّدة التي قمت بها والمنجزات التي حقّقتها في وظائفك السابقة في مجالات تحسين ولاء العملاء، ورفع الكفاءة والربحيّة.
وتقول ويندي إنلو الاستشارية المهنيّة والمدرّبة
"تفكّر ملياً في الاستخدام الأمثل لكل معلومةٍ صغيرة أو كبيرة خدمةً لسعيك وراء الوظيفة. ينبغي أن لا يكون هناك أيّ عبارة أو كلمة واحدة اعتباطيّة في خلاصة سيرتك الذاتيّة.
ويسري هذا الترتيب المدروس المركّز بدءاً من اختيار المحتوى في توصيفاتك الوظيفية وبيانات منجزاتك، مروراً باختيارك التركيز على درجاتك العلميّة أو خبراتك العمليّة (الخريّجون الحديثون يفضّلون التركيز على درجاتهم العلميّة)، ووصولاً إلى التنسيق المختار لبيانات الاتصال بك.
إن تركتهم ينتظرون دقائق تركوك تنتظر سنوات!
اجعل مديري التوظيف يرون (فوراً) كيف يمكن أن تفيد عملاءهم
يريد اختصاصيّو تأمين العمالة أن يعرفوا (فوراً) ماذا يمكن للمرشّح تقديمه، ولا يريدون تبديد الوقت في الغوص والتفتيش في إثباتات تأهيل المرشّح وحلّ الألغاز والمقاطعة بين المعطيات.
وفي ذلك تقول ماري أوغورمان اختصاصية التوظيف المخضرمة: كثيراً ما أجد نفسي أتساءل وأنا أفتح خلاصات السير الذاتية ما هذا الذي تتحدّث عنه هذه الورقة؟ إنسان أم نبات أم جماد! أهو طبيب أم محامٍ أم زعيم هنود حمر؟ وإن اقتضى تقرير ذلك أكثر من لمحة عين فإنّني أتميّز غيظاً".
وأظنّك عزيزي القارئ تدرك ماذا تعني إغاظة مدير التوظيف المتحكّم ببوّابتك إلى العمل والغارق مكتبه بالخيارات المنافسة لك!
لا تعرف كيف تترجم خبراتك السابقة ومهاراتك المختلفة إلى الموقع الجديد؟
إذاً راوح في مكانك إلى الأبد!
إن كنتَ عاجزاً عن رؤية مهاراتك وخبراتك السابقة تعمل بفاعليّة في الموقع الجديد أو عاجزاً عن التعبير عنها فهل تتوقع من الآخرين أن يروا ذلك؟
نعم يجب على طلّاب العمل أن يتجنّبوا الوظائف التي لا تأهيل ولا خبرة لديهم فيها، ولكن لا ذلك لا ينفي أبداً وجوب السعي إلى العمل في مجالاتٍ جديدة إن كان بإمكانهم إيجاد موقعٍ مناسبٍ لخبراتهم فيها. فعلى سبيل المثال يمكن لمعلّم اللغة الإنجليزية في المرحلة الثانوية لدى تقدّمه لوظيفة جديدة أن يسجّل في خلاصة سيرته الذاتية خبرةً في إدارة الموارد البشرية، والمهارات السلوكيّة، وإمساك السجلّات، والكتابة، والتدريب.
الألقاب ليست إلاّ رموزاً، ويبقى على المتقدّمين للوظائف إظهار الصلة بين مهاراتهم وخبراتهم الحقيقيّة وبين الوظيفة التي يتقدّمون إليها. والمرشحّ الذي لا يكلّف نفسه عناء إظهار التوازي والتقارب بين هذين الجانبين لن يكلّف مديرو التوظيف أنفسهم عناء مقابلته.
رسالة التغطية تحيّتك وشعارك
تجاهلها أو القها كيفما اتفق وستتلقّى الرفض كيفما اتفق!
يجب أن لا تفارق رسالة التغطية سيرتك الذاتيّة حتى لو كنت تقدّم تلك السيرة لأقرب أصدقائك. والمقصود برسالة التغطية ليس مجرّد سطرين هزيلين من سطور الكسالى يقولان: (أنا فلان الفلاني أبحث عن عمل في الموقع الفلاني يرجى التكرّم بالاطلاع على خلاصة سيرتي الذاتية المرفقة) وتتابع ليندسي أولسون الشريكة في وكالة توظيف فتقول "أريد مثلما يريد كل مدير توظيف أن أعرف لمَ تتصل بي (بشأن موقع معيّن، أم أحالك أحدٌ ما إليّ..) كما أريد نبذةً موجزةً عنك، ونقطتين أو ثلاثاً من النقاط البارزة المعبّرة في مسيرتك المهنيّة. ينبغي أن تقدّم نفسك تقديماً يميّزك عن حشود المنافسين"
شيطان الفشل يكمن في التفاصيل
لماذا تتركه يقيم في سيرتك الذاتيّة؟
إن طلّاب الوظائف غير المبالين بالأخطاء الصغيرة -والصغيرة قبل الكبيرة!- في أوراق وإجراءات ترشّحهم للعمل نادراً ما يتحوّلون إلى موظّفين ذوي ضمير يقظ يهتمّون من تلقاء أنفسهم بكل ما يطيقون الاهتمام به من تفاصيل عملهم.
وبسبب هذه الحقيقة المترسّخة لدى أصحاب الأعمال ومديري التوظيف فإنّ أشدّ السير الذاتيّة بريقاً وجاذبيّة تبقى ملزمةً بتطبيق القواعد والأعراف العتيقة: الخلوّ من أخطاء الكتابة، التنسيق الصحيح، والخلوّ من البهرجة، ولا شيء على الإطلاق يشفع للسيرة التي تتخلّلها أخطاء الكتابة والتنسيق.
وفي ذلك تقول سوزان وايتكومب الخبيرة والمؤلّفة في كتابة خلاصات السير الذاتيّة: إن نحو 80% من مديري التوظيف الذين استطلعت آراءهم قالوا إنّهم سيرفضون المرشّحين الذين يخلّون بهذه القواعد حتّى لو كان محتوى السيرة يشير إلى مرشّح جيّد. وتحكي قصّة إحدى المديرات التي كانت تبحث عن معاون لها في المكتب ولكنّها في النهاية ألغت الفكرة واستغنت عن الوظيفة نهائياً لأنّ كل خلاصات السير الذاتية التي وصلتها كانت تحتوي أخطاء في الكتابة.
وتتابع وايتكومب القول
"ومع وجود طلّاب وظائف يبلغ عددهم أضعاف الوظائف المعروضة في سوق العمل الحالية (تبلغ النسبة ستة إلى واحد في أمريكا) لا يمكن لأيّ راغبٍ في العمل حقاً تحمّل نتائج الأخطاء في كتابة أو تنسيق خلاصة سيرته الذاتيّة"
تذكّر: في كلّ خطوةٍ تخطوها، لا تكن عادياً. فليس العادي إلاّ أجود رديء أو أردأ ممتاز، وكل الشركات تهرب من هذين.
نشرت فى 12 يوليو 2011
بواسطة PioneersAcademy
ساحة النقاش