بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

بسم الله الرحمن الرحيم

(  قصــة قصيـــرة جـــدا  )

لله في خلقـــه شئـــــون  !!

ذلك الغامض المتخفي صار غريباَ بين الأهل والمعارف .. وقد أصبح مجهول الهوية والمعالم .. تلاشت عنه المفاهيم منذ أيام الطفولة والصبا .. وهو الذي أصبغ سيرته بالأسرار والطلاسم .. وتعود أن يسلك مسالك الخفافيش في الظلام .. ومن سماته أنه يتفادى الأنظار طوال النهار .. ولا يأوي إلى الفراش إلا عند أنصاف الليالي .. وكل يوم قبل بذوق الشمس يغادر الدار مختلساَ خطواته ومتخفياَ عن الأنظار .. وحين يعود إلى الدار يتخذ الحائط ستارا حتى يلج في جوف الدار .. ومن سخرية الأحوال أن شقيقه الأصغر قد سمع عنه الكثير ولم يشاهده طوال الحياة .. فهو قد أصبح لغزاَ محيراَ .. وتلك الصورة الغامضة جلبت عليه الظنون والانتباه .. وجعلت الألسن تقول عنه الكثير والكثير .. ولكن تلك أقوال عادة من صنع الخيال .. وقد اكتسب سمة عجيبة أصبحت ملازمة له عند ورود السيرة والبيان .. حيث أصابته هالة من الانطوائية القاتلة الصماء .. فانفرد في بيئته كانفراد البعير المجرب .. وأصبح رمزا مجهول الهوية مرتعاَ للظنون والتكهنات .. ولا يدري أحد كيف أصبح ذلك الإنسان مسخا بذلك القدر من الإفراط !! .. وإذا فاحت سيرة الأفراد في الأسرة فهو ليس في الحسبان .. كما أنه لا يذكر ضمن جوقة الأقران والإخوان والجيران .. وتلك الصفات العجيبة فرضت على الأب أن يتجاهل تقويم الابن الجموح .. وقد عجز أن يشمله ضمن منظومة الأفراد في الأسرة .. كما أنه عجز أن يكسب مودة ذلك الجدل العجيب .. ولم يقدر إمالة قلبه بالنصح والحنان .. وكذلك ناضلت تلك الأم كثيرا لتجعله في مصاف الأبناء الأبرار الطائعين .. ولكنها فشلت فشلاَ مريعا .. وبذلك القدر الكبير .. وعندها تبرأت منه وشطبت أسمه من قائمة الصفوة المقربين .. فأصبح ذلك الإنسان نكرة تجهله الناس ولا تعرف عنه الكثير .. ومع مرور السنوات تمكنت منه الانطوائية بقدر عظيم .. فأصبح ذلك المثل العجيب المجهول .. وتلك الانفرادية في الأفعال والصفات جعلته محط الشكوك والرميات .. وهي صورة مبهمة غامضة خلقت في أذهان الناس الكثير والكثير من التساؤلات : من هـو ذلك الإنسان ؟؟ .. وأين يذهب في تلك المشاوير المبهمة ؟؟ .. ومن هم الأقران الذين يتعامل معهم ؟؟ .. وأين وكيف يتواجد طوال النهار ؟؟ .. وقد خرجت ألسن الناس عن حدود المألوف والمعقول لتصول وتجول كيف تشاء .. فقيل أن ذلك الإنسان هو عضو في مؤسسة الموساد الإسرائيلية .. وقيل أنه شخص خطير قد تخصص في أعمال التهريب وغسل الأموال .. وقيل أنه عضو في عصابات المافيا الدولية .. وقيل أنه يتزعم عصابة خطيرة تتاجر في البشر وأعضاء البشر .. وقيل عنه الكثير والكثير .. فهي تلك الألسن التي تشطح كثيراَ حين تخوض في المجهول .. وتلك الألسن قد تكون جائرة وظالمة حين لا تجعل الخوف من الله حاجزا يمنع الظنون والرميات .. وهي الألسن ذاتها التي لا تجعل الحياء والاستحياء مانعاَ يمنع الإفراط في التكهنات ., وفي عوالم الأسرار تكثر المبالغات .. وتتعاظم الظنون .. تلك المبالغات التي تجعل الأحجام فوق معدلاتها الفعلية .. ورب كتوم صامت قليل الكلام والثرثرة هو ذلك البعبع الذي يخيف الآخرين بأسلحة السمعة والصيت .. وهو الذي يهابه الآخرون قبل أن يلتمسوا منه صنوف البطش والأذية .. ومثل ذلك الشخص قد يكتسب السمعة بفعل الظنون والاجتهادات .                

      استيقظت المدينة فجأة قبل الفجر بقليل تحت وابل من التفجيرات .. عندها هرع الناس إلى الأمكنة والزوايا التي تقي من الموت .. والكل يجهل المجريات .. كانت القاذفات تقذف دون هوادة أو تأني .. وهدير الطائرات الحربية كانت تزمجر فوق الرؤوس .. وبدأ الكل يتساءل عن حقيقة الأحداث .. وكان لا أحد يملك الجواب الشافي .. وبدأ الجار ينادي الجار مستفسرا عما يدور في الأرجاء والجوار .. ثم لا يتلقى تلك الإفادات التي تشفي الغليل .. ومما زاد الأحوال سوءاَ وقتامه أن التيار الكهربائي قد انقطع فجأة عن معظم الأحياء والديار .. وتلك فاجعة منعت الناس أن تلجأ لأجهزة الإعلام من أجل التزود بالأنباء والأخبار .. ثم تلاحقت الأحداث متسرعة .. حيث سمعت الآذان تبادلاَ لإطلاق النيران .. مما يؤكد أن هنالك أطراف تتصارع في الشوارع والطرقات .. ولكن لا أحد من الناس كان يعرف حقيقة ومقاصد تلك الأطراف .. ومرت على الناس لحظات حرجة للغاية .. فيها اجتهد المجتهدون بألوان التكهنات والمؤلفات .. فقائل يقول : أن البلاد تتعرض لغزو من الخارج .. وآخر يقول أن البلاد تواجه محاولة انقلاب عسكري .. وآخر يقول أنها سطوة واعتداء من تلك الجماعات المتشددة المتطرفة .. وأخر يقول أنها محاولة يائسة من فئات مشاغبة ترى الأحقية في التواجد والسيطرة .. ومرت الساعات تلو الساعات حتى بدأت الأمور تتكشف وتتجلى .. حيث بدأت رتل من السيارات تجوب الطرقات والشوارع .. وهي تنادي عبر مكبرات الصوت لتؤكد للناس أن البلاد تتعرض لهجمة خارجية ظالمة غاشمة .. وأخذ النظام الحاكم في البلاد يطلب من الجماهير أن يلتزموا بالهدوء والحذر .. وأن يبقوا في المنازل حتى تتجلى عوامل الكارثة .. ثم بعد مضي ساعات عصيبة أعلنت الدولة بأنها تمكنت من صد الأعداء وطرد المعتدين .. وعندها غشيت النفوس الأفراح والسعادة .. فخرج جماهير الشعب إلى الطرقات والشوارع احتفالا بالانتصار الكبير .  

           أعين الناس لا ترى إلا الظواهر .. أما تلك المعالم التي تحجبها النفوس في أعماقها فهي تعد من أسرار الفوارس .. لا تنبري ولا تنجلي إلا عند الشدائد والمحن .. وحينها تناقلت الأنباء وقالت أن فلان ابن فلان الذي ينتمي للمخابرات العسكرية قد أنقذ البلاد من كيد الأعداء والمعتدين .. بمهارة فائقة للغاية استطاع أن يكشف مخططات الأعداء لغزو البلاد قبل شهر من لحظة الصفر .. وبفضل ذلك المحنك اللبق استطاعت الدولة أن تعد العدة وتستعد لمواجهة أشد ألوان الغزو والاعتداء .. فكانت مفاجأة للأعداء عندما واجهوا تلك المقاومة الشرسة المدروسة بأعلى التقنيات .. وقد تكبد الأعداء خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد .. وعند ذلك توجهت اهتمامات الناس صوب ذلك الاسم المجهول .. فمن هو ذلك الشهم النبيل ؟؟.. ومن هو يا ترى فلان ابن فلان ذلك النوع الفريد ؟؟ .. فذلك الاسم لأول مرة بدأ يتداول بكثافة في الأرجاء .. ولم يشتهر من قبل في يوم من الأيام .. وبدأت أجهزة الإعلام تسلط الأضواء صوب ذلك الاسم وذلك الرجل البطل الكبير .. وتلك صورته تتصدر القوائم وتغطي على الآخرين .. ثم رويدا ورويدا أخذت الحقائق تتكشف أمام العالمين .. فإذا بالرجل هو ذلك الانطوائي المجهول منذ لحظات الطفولة .. ومن التندر أن يعلم أهل الحي لأول مرة أن اسم ذلك الرجل الخفي هو فلان ابن فلان .. ذلك الغامض الانطوائي الموصوف بالمجهول .. وحينها أدركت الناس أن في الخلائق أسرار ..  ولله في خلقه شئون .

ـــــــ

الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 463 مشاهدة
نشرت فى 11 أكتوبر 2016 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

806,766