بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قيـــود الأقـــدار  !!

الزمن يقسو أحياناَ ويمثل ذلك المنخل الحكيم الذي يحتفظ بالنفيس الغالي ويسقط الكثير من دون النفائس .. وهي تعرية قد تكون لازمة لإثبات حكمة النقائض .. فلو خليت الساحات من الشوائب ومن موجبات المنقصات والمشاق لما تجلى كمال الفضائل والمحاسن .. محيط من الظلام حول الشمس يساند الشمس لتكون بقوة البهاء .. ضرورة تحكمها المفارقات لإيجاد النقيض بالنقيض .. وتعرية الأزمان قاسية تتكشف يوماَ عند لحظات التباكي والتباهي .. حين يقول التاريخ تلك كانت هي الحقائق .. عندها يقع الجدل العنيف .. ذلك الجدل الذي يجلب الفرحة لأناس كما يجلب الغم للآخرين .. حقائق يقبلها البعض بطيب خاطر وينكرها البعض على مضض .. تلك النفوس التي تلعن حظوظها وتزعم ندرة الإنصاف .. وتقول في ذاتها يا ليت لنا في مسار الحياة غير تلك المسارات .. ويا ليت لنا في دروب التاريخ غير تلك الدروب .. وذاك احتجاج مبطن قد يطعن في سلامة الإيمان فلا يجوز .. حيث الاحتجاج على مجريات الأقدار .. فالذي أصاب ما كان ليخطأ والذي أخطأ ما كان ليصيب .. ولو كان الخيار متاحاَ لابن آدم لأخفق الإنسان في الكثير من الاختيار .. فهو ذلك الإنسان صاحب الجدل الذي تراوده الأحلام دوماَ بالممكن المستطاع وبالمستحيل الذي لا يطال .. يقول : لو كانت لنا الخيارات متاحة لاخترنا في الحياة أفضل الخيارات .. ولاخترنا من الألوان أفضل الألوان .. ولاخترنا من الأشكال أجمل الأشكال .. ولاخترنا من البساتين أجمل البستان ..ولاخترنا في مسارات التاريخ أفضل المسارات .. وينسى الإنسان أن المناخل حين تحكم بحكمة الاحتفاظ والإسقاط إنما تجري بمقادير الأقدار .. وأحكامها نافذة فاصلة جازمة لا تقبل الأخذ والرد .. ولا تقبل التراجع بإعادة الحسابات .. فهي تلك الأحجام والمقامات التي تنوء بالتفاضل في أذهان الناس .. وقياسات البشر في الأحكام قد تكون مضللة في أكثر الأحيان .. فالتفاضل والمفاضلة قد تكون لحكمة يعلمها الله .. مقامات وأحجام وألوان وأشكال وسير وتواريخ تتفاوت في مقدارها وفي صفاتها وأضدادها .. بعضها عالية القيمة بعلو الدرر والألماس وبعضها هامشية بهامشية زبد البحار .. جدل يقبله أقوام في ظلال الحكمة بالتواضع والقناعة والعقل .. ويرفضه آخرون في ظلال الحماقة والجهل .. فلو رضيت الأنفس بما كسبت لكان الخير في قرارها .. وتلك زبد البحار لا تضيره خطوات الرضا بالتلاشي .. ولا يلام حين يذهب جفاءَ .. فهو ذلك الزائل الذي يتوفر حين يراد إثبات النقيض بالنقيض ثم يتلاشى بعد أن يؤدي حكمة الرسالة !! .. وتلك حكمة عالية لمن يتمعن في معاني الرضا بمجريات الأقدار والتفاني بنكران الذات .. ولا يرد في الكون من الصفات والنقائض إلا ما يوافق حكمة من حكم الإله .. ومن الحقائق التي تذهل العقول أن تلك المقامات والأحجام حين نضعها في خاناتها نجدها تطابق خاناتها بدقة متناهية عجيبة .. وإذا اجتهدنا في وضع تلك الأحجام والمقامات في خانات غير خاناتها نجدها لا تليق بالمكانة والمقام .. والحجم لا يوافق المكان بل يشتكي من عدم الثبات والاستقرار ولاستكانة .. وعندها ندرك جيداَ أن تلك المناخل لا تفعل عبثاَ ولكنها محقة في حفظها وفي إسقاطها .. وهي تؤكد الحقيقة العظيمة بأن الكون متوازن بحكم المقادير .. والأطباق تطابق شنها .. كما تؤكد سلامة الاختيار في الخيار .. وأن المجريات لا تقع إلا وفق حسابات متناهية الدقة لتوافق المكان والزمان .. وسبحان الله رب العرش العظيم .

ــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 127 مشاهدة
نشرت فى 22 فبراير 2015 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

806,860