بسم الله الرحمن الرحيم
التأمــلات وغيـــاهب الليــل !!
كنت في حضرة الليل أمسك أنامل الظلام .. ثم رحلت مع الخيال .. ألبي إشارات طيف عزيز .. فلم يمهلني الطيف حتى أوادع الليل .. بل في عجالة قادني إلى رياض الماضي حيث الذكريات الجميلة .. سافرت في رحلة عمر بين حنايا الماضي العزيز .. أرتشف كؤوس النبضات حيث أيام العناق والترحاب .. وأحلق كالأثير فوق أكتاف السحاب .. فجاد ذلك المزن بنوازل الخير والأمطار .. والرحلة كانت برفقة طيف كحور العين تلازم الإخلاص في المدار .. وحين عدت من عالم الخيال وجدت الليل قد سافر والنهار يتملقني بالأحضان .. لحظة قسوة من الليل تمثلت حين تركني وحيداَ في عوالم الأسرار .. وكان العهد مع الليل أن يغطي الأسرار بشمل الظلام .. فإذا بالذات يصبح مفضوحاَ تحت سقف الأعين في إطار الفجر والأنوار .. يفتقد دفء الحنان كما يفتقد حجاب الأستار .. ثم فجأة تلاشت تلك الأطياف كما تلاشت تلك الذكريات .. صحوت بعد غفوة تركت النفس في حيرة تتراوح بين الأحزان والضياع .. أين ألوان الهناء والبهاء وأين مباهج الورود والأزهار ؟!.. فيا ليتني بقيت في عالم الخيال والظلام ولم ألتقي أبداَ بعالم الأضواء والنهار .. فتلك انتباهه قاتلة أوجدتني في سواحل الشقاء والانهيار .. أنظر يميناَ وشمالا فلا أجد أطياف الخيال تشاركني في المسار .. وتلك الأيدي أصبحت خالية من أنامل كانت تتعانق بإصرار .. ولقد صحوت مفجعا كصاحب المس أفتقد موجبات العقل والوقار .. وضاعت معالم بسمة مشرقة وضاحة كانت تضئ الثغر مثل أنوار الفنار .. بسمة يا ليتها دامت العمر دون أن يجتازنا عالم الحقيقة والإشهار .. فبكيت حين صحوت ووجدت الذات في عالم الشقاء بالنهار .. ويا ليتني بقيت العمر في صحبة ليل دون صحوة الأسحار .. أناجي ذلك الطيف العزيز ويناجيني بروعة الإبهار .. والنفس تهرب من ألم الحقيقة لتعيش وهم الخيال والأفكار .. ومن العجيب أن الساعة تتعجل الخطوات عند مناسك التأمل والخيال .. ثم تطول مللاَ عند لحظات الحقيقة والنهار .. وذلك الليل هو الصدر الحنون يسدل ستار الظلام ليحجب الأسرار عن الأنظار .. فكيف هان عليه أن يتركني وحيداَ في ذمة الأضواء والإشهار ! .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش