بسم الله الرحمن الرحيم
لا تبكــي يــا حبيبــتي !!
قــــــال :
حبيبتي كنت أرى النوازل مثلك والتزم الصمت والجمود .. ولا حيلة لنا غير السكوت .. فنحن نمثل الهوامش في أرض الملوك .. ومثلي ومثلك مجرد نقاط تكمل الحروف عند اللزوم .. ومجرد علامات تجمل غلاف الهدايا للآخرين .. وإن سقطت تلك العلامات فهي لا تؤثر كثيراَ في مشاوير الجاه والنوايا .. والشموع رغم أنها تستهلك الذات غير أنها ليست هامة ومطلوبة في عوالم النهار .. وإن كانت هي التي تضحي في عوالم الظلام .. خلقنا لنمثل الوزن الخفيف .. ذلك الوزن الذي يجب أن يكون في خدمة الآخرين .. وأية أحلام لنا هي ذلك المستحيل .. نجتهد كثيراً لنكون .. ولا نكون إلا عندما نختصر المسافة لتكون بذلك المقاس الذي يليق .. ذلك المقاس الذي يمثل عوالم المظاليم في أرض الله .. ولا يصدق البعض أن لدينا قلوباً كما للآخرين .. كما لا يظن البعض أننا نملك تلك الدموع .. مجرد يافطات وإشارات تكمل معالم الطريق .. وقد تكون الأعماق لدينا عامرة وعظيمة مثل ما للناس في عوالم الأحياء .. ولكن ذلك لا يعني للآخرين كثيراَ .. فنحن نمثل تلك السواقط من أوراق تغلف الأزهار .. زاهية جميلة تعانق الثرى غير أنها لا تكون بمقام الأزهار .. ولا يعيرها أحد بالاهتمام بل قد تداس في غفلة بالمداس .. وعالمنا هو ذلك المكتفي بالتواضع الذي لا يملك خياراً غير الانتظار .. نراوغ الذات ونتفادى مواضع أقدام العمالقة .. فهي عادة تجهل أننا هناك في الثرى .. ولا يطرق باب مقامنا إلا من هو مسير غير مخير .. ذلك المغلوب على أمره المبتلى بمعية البؤساء .. وهو ذلك القادم عادةً من أرض الغلابى المكتفين بالدموع والعزاء .. زمرة من الناس مولدها وفطامها ونشأتها في بيوت الشقاء .
أراك يا حبيبتي ترومين الوقوف في صفوف الأصفياء والأغنياء .. وذاك حلم يوجد النشاز في لوحة كان يراها الناس جميلة من دون ذاك النشاز .. والناس كما تعلمين في أحكامها غير عادلة ومنصفة .. والإقدام والجرأة من أمثالنا يعـد في حد ذاتها نشازاً دون نشاز .. وعندها نكون عرضة لطلاء يشكل عيباً يشار إليه بالبنان .. ولسنا بذاك القدر والشأن الذي يجادل ويقاوم الساحة وأهلها .. فالأولى لمثلي ومثلك أن يتفادى جوالب التجريح والمهانة .. ونكتفي بعوالم التواضع حيث منا وفينا الحسبان والإقرار .. والكون يعج بعمالقة المجرات والنجوم كما يعج بتلك الذرات من الغبار .. فالتواجد لا يشتكي من الأثقال كما لا يشتكي من قلة المآل !! .. والكل في النهاية للزوال .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش