بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

أجرموا حيـن أقامـوا حواجز الألـوان    ؟!!

قطرات الندى ..  هي تلك البراءة والشفافية الراقية التي تتواضع لتسقط في الثرى .. ومكانتها استحقاق يليق بأن يمتطي أعالي السحاب   .. حيث الوجهة الخالصة المخلصة الخالية من شوائب الأسباب .. مكانة تشرف أهلها الخواص ولا تليق بأهل التراب  .. ولكنها تتنازل عن ذلك الاستحقاق وتغامر بالتواضع لتكسب المزيد من نعم الخصال .. فتتساقط لتعانق الثرى وتتجنب صفات الأنفة والتعالي .. تلك الصفات التي تجلب الاكتئاب .. ولو علمت الأسرار فإن الخلط يفسد نفائس المعادن والجواهر حين تجاور ما دون المقام ..  ولمعان الذهب قد تناله الشائبة إذا ما تواضع ليخالط النحاس .. ولو اكتفى الكل عند حده وحدوده لتباينت وتعارفت المقامات .. ورب قائل قد لا يرى الرأي فيقول كيف يتجلى البدر في ساحات غير ساحات الظلام ؟؟ .. فلا بـد من نـد يحمل نعوت العيوب والشوائب حتى يتجلى نـد الجمال بالتعالي والتسامي .. فلا تنقشع شوارد الأضواء مثلما هي تنقشع وتتلألأ عند حلول الظلام وسوء الأحوال  !!  .. ضرورة توحي وتؤكد بأن النقيض يكشف النقيض .. وأن كمال الصفات تبرز عند تفشي النواقص .. ومازال يجري بين الناس جدل فلسفي يقبل الأخذ والرد .. فهناك من يرى ضرورة الخلط في الألوان لإنتاج سلالات أخرى من الألوان .. وهناك من يرى البقاء على الألوان دون خلط أو امتزاج ..  والحديث شجون يبحر بنا نحو المزيد من سياج المحظور  ..  ورويداَ يجرنا وينقلنا نحو الأعمق الذي يمتطي الشفافية في التناول ..  والأمثال في الشأن كثيرة .. فالوالد كان من قلب أثينا .. والأم كانت من سليلة امهرا .. ومع ذلك فإن الجرأة في خلط الألوان لم توجد تلك الشائبة المزعومة .. إنما أوجدت خلطاَ جديداَ زاهياَ من الألوان والخصال  ..  وردة رائعة تسمى ( مادليــنا ) .. تلك الأسطورة العجيبة في عالم الجمال والخصال .. جديد لون أخذ معالم القوقاز والشراكس في العيون والأبعاد ..  ثم أخذ جمال البنية وروعة القوام من صفات أمهرا .. وكانت المزيد والمزيد من معالم الجمال التي أفرزها خلط البياض بالسمرة .. .. والحديث يجرنا لنواصل المشوار بنفس الجرأة والإصرار .. وقد جاء الأوان لرفع الحصار وتناول المحظور الحساس ذلك الممنوع من المساس ..  دون التواري خلف المقولة ( ما علينا  ) .. والمعالم واضحة لا تحتاج الإسراف والإسهاب في الشرح  ..  فهناك من يرى بشدة أن تلتزم الساحات بألوان ونعوت أهلها .. وهؤلاء يريدون التمسك بمقولة ( كل جبل يكتفي بغزلانه وقروده ) .. وهناك من يرى ضرورة تجديد المواصفات والألوان من وقت لآخر  .. ولا تجانب الحقيقة هؤلاء أو هؤلاء .. فالعيوب واردة في كل الأحوال .. ففي حالة التمسك بالمتوفر من الألوان فإن للزمن ضروريات الإضعاف والهزال  .. حيث موارد الأرحام التي تفقد المزايا والمقومات جيلاَ بعد جيل .. ثم الميل نحو القزمية في بنية الأبدان .. والضعف في الأبصار ولين العظام والكساح  .. ولا تكتفي الظاهرة بالتآكل في درجات الحواس والأبدان  .. ولكن هنالك تلك الظواهر العميقة الخطيرة .. حيث مراحل الضمور في مقدرات الأذهان والأمخاخ  .. والمحصلة في النهاية مسخ من التجمع البشري يفقد المناعة التي تجلبها عادة قصة خلط الألوان   .. وهو ذلك الإنسان الضعيف الحيلة في المقدرة الجسدية والكيان .. وهناك آخرون يفضلون مزج الألوان من جديد .. وهؤلاء يجتهدون في فتح سيرة محظورة منذ قديم الأزمان .. ويلمحون بمحاسبة الأب آدم حيث أنه لم يكن منصفاَ بين الأبناء في توزيع الإرث ..  فلا يعقل أن تتسع مساحات المفارقة بتلك الدرجات البعيدة المستحيلة .. في الكثير والكثير من الظواهر .. منها ذلك الشعر لدى البعض ..  ذلك المتدفق الناعم كالنهر والذي يلاحق مشارف الكعوب ..  ولدى البعض الآخر هو ذلك الشعر الذي يشتكي من التجمعات المتمردة المتنافرة المتناثرة !! .. وهناك ظواهر الأديم .. حيث الأديم الذي يحاكي البدر في الضياء .. والأديم الذي يحاكي جناح الغراب في السواد .. وبالتالي هناك مراحل الألوان المتلاحقة بين الساحلين .. ولكن بدأت الآن بوادر فلسفة حديثة  .. وهي فلسفة خلط الألوان من جديد بالقدر الذي يتجلى فيه عبقرية الإنسان في شأن الإنسان  .. وذلك هو الجدل القائم اليوم في الكثير من الساحات .. والدهور مضت كثيراَ وكثيراَ حين اكتفى الكل بما لديه في الساحة  .. يتجافي مجبراَ أو متكبراَ فيما لدى الآخرين من الألوان .. إلا تلك النوادر من الظواهر التي كانت بفعل الإفلات من شروط الجماعات .. كما ورد في قصة ذلك الأب من قلب أثينا وتلك الأم من سلالة أمهرا .. وكذلك الكثير والكثير من الروائع في العالم التي أفرزتها تجربة خلط الألوان ..  وتلك التجارب لفتت الانتباه بضرورة نزع الحواجز البينية القائمة منذ آلاف السنين .. فالألوان قد كلت وملت من حالات الركود والامتناع .. وقد بهتت من كثرة التداول والاستهلاك وعدم التجديد .. وما زال البعض يصر بأن الإرث القائم يغطي الغايات لدى أكثر الجهات  .. أما البعض الآخر فيرى ضرورة إعادة النظر برمته .. وضرورة خلط الأوراق من جديد ..  لتكون في الساحات ألوان مبتكرة منصفة أو منكرة .. وكما أسلفنا فإن الخلط في الألوان بعيوبه ومحاسنه .. وفي المثل يقال ( العرق دساس ) ..  كما أن فكرة الإمساك بالأوضاع القائمة أيضاَ بعيوبها وبمحاسنها ..  والمعضلة والمشكلة الآن أصبحت متوارثة بجذور التنافر الشديد .. ذلك التنافر الذي يمنع التلاقي في أية مرحلة من المراحل .. ثم تحولت المعضلة لتكون مرحلة أخلاقية خلافية .. حيث يصر البعض تعمداً بأن الشكوك بدأت تطال حقيقة وحدة الأصالة .. فأخذ البعض يتناول السيرة بخلاف الحقيقة تعمداَ حتى يتبرأ من قصة الأشقاء في المهد الأول  .. وذلك الشك يطعن البدايات حيث البذرة للأب آدم والرحم للأم حواء  .. ولولا تلك الحقيقة بأن آدم لم يتوفر غيره في بداية المسار لاتهمت الأم حواء بما لا يسرها في السيرة  !! .. ولكن هو دائماَ ذلك الإنسان الذي لا يكل ولا يمل من الجدل  .. ذلك الجدل الذي أوجد أمقت الخصال في مسار البشرية .. وأوجد الأوهام في الألوان فإذا بالحقيقة تخذل الجميع حين يلتقون مرة أخرى عند مشارف التراب .. فهناك تفقد الألوان سيرتها ..  وتتساوى قياسات أبناء آدم .. وتتعادل كفوف المعيار بين أقوام الجبال وبين أقوام الأغوار  .. وتكاد تنعدم الفوارق في الرفات .. هيكل يتجرد من المحيط والمخيط ليكسب فقط نعت الحقيقة الأولى  (  هيكل إنسان ) .. ذلك النعت الذي يجيب عند الاستفسار .. وسبحان الله رب العرش العظيم . 

ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 109 مشاهدة
نشرت فى 12 مارس 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

764,569