بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

روعـة الإبـداع في لغــة الضــاد  !!

عذراَ يا من تجهل أسرار البحار .. فتلك هي لغة الضاد .. لغة الغوالي والنفائس من الحروف والأشعار والكلمات .. ذلك البحر الذاخر الذي يفقد الحد والسواحل ويحتفظ بكنوز المكنونات .. تلك المشبعة بدرر المعاني البعيدة الغالية عن تناول العوام .. وهي لغة القرآن الكريم حيث الإعجاز بالمفردات والجمع والبيان .. وحيث الآيات الكريمة والنفحات التي تطرب الألباب .. بحر في أعماقه تكمن ما يلهم المشاعر من بدائع القول وأعذب الألحان .. لغة زاخرة بمناجم المعاني التي تلهم سحر الخيال .. وهنالك الأسرار العجيبة المدفونة التي تعلن التجلي في كل عصر بجديد الكلام .. قوادم من الدرر تتكشف من خلف الضباب مع مرور الأيام .. وقوة محاسن تتجلى حين يغور الغواص في أعماق بحور الضاد .. تلك الجواهر والدرر العالية في المقام من الحروف والكلمات ورقة الألفاظ .. حديقة وارفه الأشجار فيها أعالي الثمار تلك الثمينة التي تستحق الاجتهاد والكد من أجل القطاف .. وفيها تلك العملاقة بالمعاني التي تذهل العقول بالحكمة وفصل الخطاب .. لغة المقامات التي تتعالى عن مستويات المساقط وهوامش الرميات .. وهي لغة تسبح في الأعالي عند آفاق المدارات .. ترفع شأن قائلها حين يتناول سحر البيان والكلمات .. رونق من التراكيب التي تتراقص بجناس الألفاظ .. وبهجة من جمل المقاطع التي تطرب الآذان ..  لغة واحاتها مخضرة بجمال القول والشعر والنثر والحكم والأمثال .. ولكن ذلك البحر عميق وليس بالسهل المتاح .. ودائماَ يعجز الصيادون في التعمق في أغواره ويندر من يكتشف خفايا الأسرار .. ويكتفي البعض فقط بما يجود به البحر من تلقاء نفسه في لحظات كرم عند المد والسريان .. حيث هنالك سواحل الضاد التي قد تقذف شيئاَ للناس من مكنونات الأسرار .. تلك المقذوفات التي تحتمل بعض أصناف الجماليات .. منها تلك العادية المستساغة سلسلاَ في اللسان .. ومنها تلك النفيسة في المعيار تلك التي تلهم المشاعر والإحساس بالنثر والأشعار ..  فعطايا البحر كلها سحر من البيان الذي يتعالى ويتسامى ولا يمل بالتكرار .. لغة فيها البدائع التي تمثل في مذاقها قمة الحلاوة .. وروعة الطراوة ..  تتنوع كأصناف الفواكه حيث التنافس في روائع المذاق .. والكل يتناول منها ما يوافق المزاج .. ومهما يكد عاشق الضاد ويظن أنه قد وصل قمة الانتشاء يصادف المزيد والمزيد من الجديد الذي لا يعرف الحد والنهاية .. سيل دائم التدفق من روائع المكنونات .. وجماليات الضاد لا تعرف الحد بالعد .. ولا يقف لديه المد بالسد .. ولا تتخاذل الخطوات بالنقد والرد .. إنما هي لغة دائماَ تتحدى بأحرف تجادل المنطق بالجد .. وتلاحق المد بالمد .. وقد يعجز السباح الماهر الذي يجتهد العمر كله لعبور بحر الضاد من البر للبر .. كما يعجز ذلك الغواص المتمرس الذي يحاول أن يجتاح كامل أسرار الغور .
              يشتكي أهل اللغات بالقول : أشكلت علينا نوازل اللسان من زخم الجمل وترادفات الكلمات التي تماثل خلط الزيوت بالتراب .. فيقال لهم : أدخلوها في قوالب لغة الضاد حيث منبع أفضل الأقوال والخصال ..  تلك التي تمتلك ضوابط الحسن في حركات اللسان .. بألفاظ ترتلها الشفاه بأفضل ما يكون من سحر البيان ..  فهي كالغربال تنقي شوائب اللسان لتكون المحصلة في غاية الروعة بعد فصل معالم النقصان .. وسمة لغة الضاد أنها تفرز الغث من الثمين .. حيث كلمات بقليل الحروف تعطى معاني في مقام الجبال .. فأين تلك اللغات في حساباتها تلك المهلكة المضللة المزعجة المربكة الطائشة عن حسابات لغة الضاد ..  تلك التي نالت الكمال وفاتت اللغات بشاسع المسافات  .. ولا يعرف حلاوة الضاد إلا من يسبح في سماء الضاد حيث عالم النون والقلم وحروف القرآن ..  وحيث الكلمات التي تختصر أرقى المعاني في قليل الألفاظ  .. ومن أعظم سمات لغة الضاد أنها تختصر المسافات تلك المعقدة التي تتوفر في معظم اللغات .. ليكون المدى قصيراَ حيث من اللسان إلى الآذان ..  فهي الخلاصة الخالصة النقية التي أفرزتها لسان الإنسان منذ الهبوط على سطح كوكب الأرض .. تكلم الإنسان عبر الملايين والملايين والملايين من السنين ثم كانت هناك الآلاف والآلاف من اللغات .. ثم جمعت غرر المحصلات من لغات الإنسان في بوتقة واحدة لتمثلها لغة الضاد .. فهنا الحديث عن لغة مقامها فوق الثريا في الوقت الذي فيه ما زالت اللغات تترنح في مجاهل الثرى .. وأية إشارة بالمفاضلة أو بالمقارنة لا تسحق الوقفة أو الاستماع .. فالذي يمرح في الواحات الوارفة النضرة لا يفكر لحظة في حسابات تتوفر في ساحات الجدب والصحاري والقفار .

ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 377 مشاهدة
نشرت فى 8 نوفمبر 2013 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

767,064