بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم 

ربـيــع الأعمـــار   !.!!!!!!

 الربيع هو قمة تجليات العافية .. وللحسناء يمثل اكتمال الخواص الفاتنة .. اكتمالاَ في مواصفات الحسن بدناَ وعقلاَ ..  فصل يمثل في الإنسان كمال بلوغ الحواس للسقوف العليا .. وحيث هناك الحد الأعلى الذي منـه التدني .. وفي الأرض الربيع يمثل كسوة اخضرار تفترش بساط المروج .. المد الأقصى الذي يبين مباهج الأرض بالمعطيات الأفضـل  .. ذلك الفصل حيث الأرض فيـه تنادي بالخصوبة .. والنفوس تنادي بحقها الفطري ..  الألوان في الربيع شابة يافعة نضرة .. وتتقارب أعمار الربيع في النـد وفي البعـد  ..  وكذا الأزهار والورود  .. وهي مرحلة لا بد فيها من براعم تمثل النعمـة ..  تلك البراعم التي تنبت في أحضان الفروع والأغصان  .. فهي عزيزة ولا تنبت إلا في الأحضان  .. غضة نضرة تتلقى القبلات من شفاه أنفس تضعها في الأحـداق  .. وذاك حال البراعم فوق الأغصان حيث نحلات تشملها بالرعاية والحنان ..  وتقبلها من حين لحين في رقة وحنان ..  خطوة لازمة لمواصلة مشوار الإنسان .. والربيع للأرض يمثل لحظات العطاء والازدهار .. والاجتهاد في الربيع يطال معظم المخلوقات ..   الفراشات تحوم حول الأزهار حائرة في دوائر تعنى الجد والاجتهاد    .. واليعاسيب تمرح ثم تلوح بأجنحة تشف كزجاج الكاسحات .. والعصافير ترى الدنيا فقط هـي تلك اللحظات .. فتعبث فوق الأغصان وتتغنى في جماعات وجماعات .. تبني أعشاشها قشة تلو قشة في وفاق وعناق  ..  وتتراقص فرحاَ بكثرة الواحات .. وكل من في الأرض يريد أن تدوم تلك اللحظات .
               الربيع ذاك الفصل البديع الذي يعني أن النوايا قد بلغت قمة المسافات .. وحيث فيها الإعلان باكتمال المشارف .. والإعلان بإزالة الحواجز .. وانتهاء لحظات الانتظار بحجة أيام غير مكتملة وغير ناضجة .. فتلك حجة سنوات ما قبل الربيع ..  فلا بد للنفوس أن تلتقي بحلال وتنال الرغبات ..  فتلك ساحة في العمـر لن تكون لها أيام تاليـات .. والكل يريد لها البقاء ويريدها في الخالدات ..   ولكن من السنة الكونية أن لا تلتزم الفصول بالبقاء عند زاوية حسب الرغبات  .. بل هي في مدارها دائرة .. فهناك صيف بنعمة أو بحسرة يشتكي المحنة  ..  وهناك شتاء بلوعة أو بقطرة يراود الفطـرة  .. ثم هناك خريف وذاك هو المخيـف .. حيث هناك علامات تشدد بالاجتهاد في التجـديف .. وحيث يلوح في الآفاق علامات الانتهـاء .. وتتداعى مواطن الحسن بشوائب الترميم .. فتلك هي الأخاديد وتلك هي النتوءات وتلك هي التجاعيد التي تهلك النضارة بالتلوين  .. وهناك تشتكي الأوصال من قسوة الأيام والسنين  .. فأين تلك أيام الربيع فقد تولت أيها الظريف .. ومهما جـاءت الأعياد بعدها فلا عيد يعادل ذلك العيــد  .. وهناك العلامات وقـد بدأت تسقط أوراق الخريف .. تسقط ورقة تلو ورقة في حسرة دون توقيف  .. أوراق حائرة تحت الأقدام تتلاعب بها الرياح في الطريق .. غير مرغـوبة من أحـد وهِـي في كل الأحوال لا تفيـد .. تلك الأوراق قد أخذت حقها جمالاَ ذات يوم ثم تلاشت مع تلاشي الربيع .. فلا عودة لها فوق الأغصان بعد ذاك المصير  .. فالساحة لغيرها لأجيال تنتظر دورها في الربيع .. وتلك سنة الله في كونه وبتلك السنة فالدوائر تدور .. وجاهل من يهـدر الربيع بالتسويف .. ويتفادى الربيع ثم يجتهد ليوجد ربيعاَ مصطنعاَ عند الحاجة فلا يفيد .. ولا يصدق ذلك التخريف .. يفوت قاطرة العمر وينتظر قاطرة الآخرين .. فإذا بالسنين ترده خائباَ لأنه يمتلك من العدة ما يخالف المواصفات .. يركض مع الراكضين بسرعة لا تفي القياسات .. ويجتهد ليكون ولكن مروءته تشتكي الوهن والضعف .. ويتغنى مع سرب غير سربه بنشاز الألحان .. ليصبح أضحوكة تداوله الأجيال بالسخرية وقلة المعيار .. فيا أيها الإنسان إن المقدرات بأزمانها ومواسمها .. والعدة والقوة لها مراحل كمال ومراحل ضعف .. فاللبيب من يبادر ويواكب السنة في كل الخطوات حتى يحصد ثمار المواسم بالكيفية المطلوبة .. وإلا فتلك محنـة أجيال الآن تشتكي بشدة من سوء المآل ..  وقد ظنت أن المواسم ملحوقة مقدور عليها عند الحاجة  .. ثم اكتشفت أن الركض في مضمار الشباب مهلك للكبار .. فلكل عمر سعة ومقدرة .. فهناك لحظات قمة في المقدرة عند موسمها ثم بعدها الانحدار بوتيرة متتالية تهلك كل من يقاوم بالتحـدي  ..  ومهما يجتهد العطار فإنه لا يصلح ما يفسده الدهـر .. فخـذ من شبابك قبل هرمك .. وخذ من عافيتك قبل سقمك .. وخذ من ربيعك قبل خريفك .  

ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 128 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2013 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

770,226