بسم الله الرحمن الرحيم
كنـا نريـدها غيـر ذلـك ؟.؟؟؟؟
قصور الرمال أوهن من بيوت العنكبوت .. ومع ذلك نجتهد جميعاَ في بناءها .. وجميع الساحات اليوم مايعة بالخلافات كتلك الرمال التي لا تلتقي وحدة بالتماسك عند الشدائد .. في الشرق وفي الغرب وفي الجنوب وفي الشمال .. وفي كل أرجاء الأمة هناك الآن الرمال المتحركة .. عداوة بغير معنى .. وخصومات ومناحرات .. وفرقة وشتات .. في ذات الأفكار والمبادئ نجد الخلافات بالمسميات العقائدية والاتجاهات الإلحادية والعلمانية والاشتراكية والبعثية وخلافها .. وفي ذات العقائد الدينية نفسها نجد الخلافات بالمسميات الإسلامية والمسيحية والقبطية واليهودية وخلافها .. وفي ذات العقيدة الإسلامية نجد الخلافات المذهبية الكبيرة السنية والشيعية وخلافها .. ثم في ذات المذاهب نجد الخلافات الفرعية من زيديه وإماميه وخومينية وسلفية ووهابية وطرق صوفية وعلوية وحوثية ودرذية ومسميات لا حصر لها .. وفي ذات التركيبات الاجتماعية نجد الخلافات بالطائفية والشمولية .. ثم الخلافات بالعصرية والتقدمية والرجعية .. ثم الخلافات بالأقليات والأكثريات .. ثم الخلافات بالمركزية والإقليمية المتهمشة .. ثم الخلافات بالعنصرية بمسميات العربية والأفريقية .. ثم الخلافات بالعشائرية والقبلية ثم بالدونية .. وكذا وكذا من مسميات التفرقة التي لا حصر لها .. والتي تعيق تقدم الأمم مثلها والآخرين .. وهي حبات رمال من علامات التصحر في العقول التي لا تجيد إلا زرع الخلافات .. وإذا اختلفت بالضرورة لا تجيد لم الشمل بحكمة العقل والمنطق .. إنما تجيد زرع المزيد من الشقاق بالمزيد من الخلافات .. وهكذا تتناثر المزيد من تلك الذرات الرملية الباهتة التي تعمي الأبصار ولا تبني الأمم .. والأمم من حولنا تترقى بالثقافة يوماً بعد يوم ثم تتخطى مدافن الألغام بالحنكة والدارية السليمة .. ونحن الثقافة نجعلها شعاراَ بمسميات التميز والتعالي ليكون فينا ذلك الرمز الذي يحمل المؤهل العلمي والثقافي ليتناول به الأجور والمزايا .. دون أن يتقي الله في شعوب يجب أن يأخذ بيدها بالتخطيط والعقلانية ويخرج بها من ظلمات الجهل والتفرقة والشتات .. متجرداَ من صفات ابن الذوات وابن الأعيان وابن التشرذم وابن العرب وابن الأفارقة .. فهو يجب عليه أن يكون رمزاً عالياَ يعمل بعقل الكبار الذين يتنزهون عن الصغائر التي تفرق الشمول وتجلب الشتات .. ومع الأسف الشديد فينا هؤلاء الذين يحملون الثقافات العالية والمؤهلات العلمية الكبيرة ثم إما أن ينزون في زوايا السلبية أو يركبون بدورهم تيارات التفرقة والشتات .. ولا فرق بعد ذلك بينهم وبين ابن المجتمع العادي .. وهؤلاء الخير في عدمهم من تواجدهم .. والأمة في حاجة شديدة إلى العقول الواعية التي تمنع الشتات وتدير دفة الأمور بالحكمة والحنكة .. وتعمل لمصالح المجتمعات بغض النظر عن مواضع التباين والخلافات بكل مسمياتها .. والخلافات هي سنة في الحياة ولكن الحكمة تقتضى أن تعالج بالقدر الذي لا يجعلها حجر عثرة في تقدم الشعوب .. بل هناك خطوات وخطوات للخروج من مزالق التناحر والتأخر والحروب والفتن والمجاعات .. وتلك الخطوات لا تكون إلا من منطلقات العقول الواعية الكبيرة .
ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش