بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الإنســان والجــدل العقيـــم   ؟..؟؟؟؟؟؟؟؟؟


قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .. هو ذلك الإنسان .. في الماضي وفي الحاضر .. ساعات وساعات من الجدال العقيم .. والإصرار بالرأي ثم الرأي المعاكس .. ثم في النهاية التمسك بالفكر والرأي في مراحل الصواب ومراحل الخطأ .. مما تفقد تلك الساعات المبذولة الطويلة من قيمتها المرجوة ..  وتفرغها من الهدف الأساسي وهو الرجوع للصواب والحق .. ولكن عادة الإنسان مطبوع بالفطرة لكي يناقش تحت إصرار عدم الرضوخ للرأي الآخر والفكر المخالف وإن كان هو الصواب  .. ويكون همه الأول والأخير عدم التنازل عن الحجة مهما كانت ضعيفة أو غير صائبة .. وتلك هي النقطة التي تفرق بين الحوار العاقل والحوار الجاهل .. ومع الأسف الشديد ذلك النوع من الحوارات هو السائد اليوم في العالم  ..  والقنوات الفضائية تعج بالآلاف من ذلك النوع من الجدل البيزنطي  .. ساعات وساعات من الحوار المستميت ثم تنتهي كلها  تحت إصرار الأطراف بالتمسك بالرأي حتى الرمق الأخير .. والسؤال هو ما هي الفائدة المرجوة من تلك الساعات المهدورة في نقاشات وحوارات وجدل تحت الإصرار ؟؟ ..  ولم يحدث في التاريخ الحديث أو القديم أن أحداً من  أطراف الحوار قد أقر في نهاية الحوار بأنه كان على خطِأ وان محاوره كان على صواب .. ولو حدث ذلك لكان مظهراً من مظاهر الرقي والعلم والتقدم والتفاهم المنطقي .. ولكن لا يحدث ذلك إطلاقاً مما يؤكد أن الإنسان إنما يجادل ليس من أجل الوصول لأهداف الحق والصواب ..  إنما يناقش ويحاور لكي يثبت للآخرين أنه هو الجانب الأقوى والأقدر في حلبة الحوار  .. وفي علم النفس يقال تلك محاولة مبطنة في الإنسان لجدلية عدم الإقرار بنقص يظنه في نفسه .. فهولا يريد الإقرار بذلك   ..  وكل الصراعات الحالية في العالم مردها نظريات الآراء المتطرفة التي لا تقبل التنازلات أو التراجع في الخطوات مهما كانت خاطئة  .. فنرى نظريات الأقليات في منطقة من المناطق  التي ترى نفسها مهضومة الحقوق في مواجهة الأكثريات فهي تضع لنفسها كامل الحقوق ولا ترى للأكثرية حقوقاً  ..  بالرغم من أن المنطق يعطي الأغلبية حقوقاٍ أكثر دون أن يهضم حقوق الأقليات .. ولكن تلك الأقليات مهما نالت من حقوقها كاملة ترى أنها مهضومة لأن الغلبة في النهاية ترجح كفة الأكثرية في تلك المنطقة  .. والعكس هو صحيح فإن البعض من الأكثريات في منطقة من المناطق يرى الأحقية المطلقة له  ما دام مؤشرات الديمقراطية تكفل له الوقوف فوق المسرح في كل الأحوال  .. ولكن المنطق والصواب يؤكد أن أفراد أقليات منطقة من المناطق عقدياً أو عرقياً تكون لهم الأكثرية في منطقة أخرى في العالم .. وأن أفراد الأكثرية في منطقة من المناطق قد يمثلون أقلية في منطقة أخرى من العالم مما يوجد توازناً عجيباً في العدالة الربانية  ..  فهنا الحوار والجدال يجب أن يكون محقاً لحقوق الأغلبية حقاً مكفولاً بالمنطق والفرضية الواقعية .. ولكن دون أن يهضم ذلك لحقوق الأقليات .. ولا يجب من الأقليات أن تجتهد في أن تفرض أجندتها على الأغلبية بحجة أنها مهضومة الحقوق .. وتلك أصبحت ظاهرة مشهودة في كثير من مناطق العالم .. يريدون التساوي بقدر يحتمل الأقليات والأغلبيات  ..  وهنا الظلم البائن الذي يجافي المنطق والعدالة .. والحكمة تقول إذا كان الحق لأحد الأطراف فلا عدالة في المساواة .. فلا يمكن في يوم من الأيام أن تطالب أقلية مسلمة ( مثلا) بفرض الشريعة الإسلامية في دولة غربية لان المنطق والعقل يفيد بأن هناك الغلبة للأكثرية غير المسلمة فهي لها الحق في فرض دستورها وأن الأقلية المسلمة يجب أن تحترم السعة المتاحة للأكثرية هناك .. وبنفس القياس والمنطق لا يمكن أن تنادي أقلية غير مسلمة في بلاد المسلمين بفرض القوانين العلمانية وتفرض حجتها على أغلبية مسلمة تريد لنفسها الشريعة الإسلامية دستوراً  .. مع حفظ كامل حقوق الأقليات من الموروثات الدينية والعبادات والمرافق لها .. مع ملاحظة هامة جدا جداً أن الأقليات المسلمة في بلاد الأكثريات الغير مسلمة مهضومة الحقوق حتى تلك المتاحة للأقليات في بلاد المسلمين .. فهي تمنع من ابسط أنواع الحقوق الفردية من لبس الحجاب .. وتمنع من النداء للصلاة عبر المآذن .. وتمنع من حقوق كثيرة هي مكفولة للأقليات في بلاد المسلمين . فأين المنطق في حوارات وجدال يجري في كثير من المناطق يجتهد أصحابها في فرض النظريات الخاطئة دون التراجع  ويريدون تسويات على حساب المنطق والعقل والعدالة .. فهم يريدون أن يخضعوا الأغلبية المسلمة لمشيئة الأقليات .. وذلك لن يكون .. كما أن الأقليات المسلمة لا تملك الحجة في فرض أجندتها في مناطق الآخرين .. وفي النهاية لا يكون إلا الصحيح الذي تجانبه العدالة والإنصاف لكل الأطراف كل حسب سعته وحجمه في المجتمع .

 

ـــــــ

الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 157 مشاهدة
نشرت فى 26 نوفمبر 2012 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

806,856