بسم الله الرحمن الرحيم 

النهــر الميــت ؟..؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ذاك نهر هجرناه يوم أن فقدنا اثر النـدى في ضفتيه .. وابتعدنا حيث لم تبق هناك مروج تلاحق شاطئيه .. لا تلوح علامات الرضا في صفحة الوجه ولا نرى الأشواق في عينيه .. بل نرى نهر شقاء يتدفق منه دموع الحسرة لتسقي حياض الحزن في فؤادين .. وبركة حمم تجري بآهات الأسى تحرق حافة المقلتين .. وتسيل محترقاُ جوف الأكباد بلفحة حـرقة في الخافقين .. ماءه أجاج يفقد العذوبة وتمر في الحلق بمذاق القطران .. يصارع الصخور معانداً ليسقي حدائق الشيطان .. وقد خلت ضفاف النهر من رموش الاخضرار والأمطار .. وتبدلت ورودها وأزهارها بأشواك تنازع الحلق وتزكم الأنوف بالدخان .. وثمار الأشجار صلد من أحجار ترجم بها راحة الوجدان .. نهر أصبح يماثل النحس جدباً وشطه يماثل الشؤم بوراً وفقدان .. وسواحله خلت من علامة العفو والغفران . 
         ذاك نهر كان ذات يوم تتدفق منه شلالات حسن وخصال يتنعم القلب بها سحراَ وجمالاً .. تفيض منه ينابيع زلال لتروي أفئدة تنـام في الراحات والجنـات .. ربيع يحتكر الساحة بغير مواسم تنازع فيغطي القلوب غيثاً ورحمةً .. وكانت نعمة النسمات في نهر يحمل عبق الفل والريحان .. أو إذا تفشى العطر وفاح فإما المسك أو الياسمين والزعفران .. أو نثرات من عمق عود وصندل تتسلل الأنوف ليرتاح منها حجاب الوجدان .. ضاع ذاك النهر بعد أن فقد العطاء والكرم منذ زمان .. وأصبح الجدب مثالاً لمحرقة كير ونفيـر ودخـان .. فذاك نهر قد مات فلا يملك الفيض ولا يملك الدوامة ولا يملك التيار والإحسان .

ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد