بسم الله الرحمن الرحيم
لا .. لا.. هـي لم تكمـل القصـة ؟...؟؟؟؟؟
هي وارثة للجاه والجمال .. وبيتها منذ عهد بيت ملوك وأمراء .. أخذت حظها دائماَ في رواق القصور .. إذا أرادت فقط تشير فتستجب .. وصيت عائلتها لا يحتاج إلى واصف يجتهد .. فهم ملوك الوادي منذ عهد بعيد .. أما هو فكان من عامة الناس .. ولكن اكتسب شهرة الوسامة والشاعرية والعربدة .. أما غير ذلك فهو قليل الحظ من شهرة أو ألقاب عائلية .. فيجهله التاريخ كثيراً .. لأن أهله عاشوا في هامش الحياة ولم يكونوا .
تلك بعض العينات أيها الأمير الصبي عن الأسرة التي أنت لها .. فأمك في يوم من الأيام خرجت وتمردت عن تقاليد الأمراء .. فبالرغم من تلك الصفوف الطويلة لأمراء تقدموا لخطبتها إلا أنها اختارت ذلك الشاعر العربيد .. تنافرت الفكرة مع أهلها .. فهي قد تناكرت الأصول .. ثم بعد جولات وأخذ ورد .. وتحت إصرارها على التمادي في الاختيار رضخت الأسرة لأمرها في النهاية .. فكانت فكرة الزواج .. خلط في الأوراق .. والتقاء قمم بأمم .. وفرحة قصور مع عامة دور .. والشاعر لم يكن في موضع يمكنه من مقارعة الأصول .. ولكن القصر تكفل بكل شئ .. أما هو فكان فقط بنفسه .. ثم أنت أيها الأمير الصغير ثمرة تلك الأفراح .. وفي ذات يوم وقبل أن تكون أنت في الوجود .. أخذت بعض الألسنة تهمس في أذن الأميرة .. فهناك شائعات وشائعات .. والعربيد لم يتمكن من التخلص من إدمان في الماضي .. وله مقامراته في الهوى .. ولكن الحاضر لا يسمح بذلك .. وبدأ الشاعر يتغيب عن القصور .. ويتواجد في المسافات .. فهو قد تعود الفوضى .. وبدأت نفسه تأبي القيود .. والأميرة أمك سوف تروي لك ما بقي من القصة .
ابني العزيز سألتني مرة عن ماضي أبيك .. ولكن الزمن كان في مهده فتحاشيت الحديث عن ذلك .. واليوم تقف أنت وأبوك أمامي .. وسوف أروي لك حدثاً جرى في ماض .. فقد وصلتني أخبار تعكر الصفوة عن أبيك .. وتلك إشارات كانت تقبل الصدق والكذب .. ولكن إصراره في الابتعاد جعل الشك يقيناً .. فغضبت غضباً شديداً .. وكانت لي صولاتي ومقدراتي .. فأمرت من هم تحت طاعتي أن يأتوني بأبيك أينما كان مقيداً .. ففعلوا .. وأتتني الأخبار بأن الأسير قد وصل وأنه رهن بناني .. وكانت خطتي أن انتقم منه بالقدر الذي يجعله يتغيب عن الوجود .. ولا يعرف له أحد مصيرا .. ثم بعد أن فكرت بذلك والسماح للحرس بالتنفيذ أتتني فكرة فقط ناتجة عن حب المعرفة .. فجلست في صالة الاستقبال الملكي لوحدي .. وأمرت الحراس أن يدخلوا أبيك عندي .. فسألني الحراس إذا كنت أريده مقيدا أم طليقاً .. فأمرتهم أن يطلقوا قيده .. فدخل أبوك وخرج الحراس من الصالة وأصبحنا لوحدنا .. فتقدم أبوك ثم نظر لناحيتي وشاهد مقدار الغضب الشديد في ملامحي .. وكنت أنظر إليه ولا أحول عيني عنه لحظة .. ثم فجأة استدار واتجه ناحية لباقة ورد فأخذ منها وردة جميلة .. ثم اتجه لناحية أخرى فيها باقة ممتلئة بأصناف من الفواكه ومعها مديات صغيرة وأخذ منها مدية .. ثم تقدم لناحيتي وركع أمامي يحمل الوردة في يد والمدية في يد أخرى .. ويمدهما إلى وانأ في دهشة واستغراب .. وهناك بسمة عجيبة في ثغره .. فنظرت أليه ملياً .. ومرت الدقائق وأنا أنظر لذلك الموقف العجيب .. فوجدت أمامي خيارين .. يريدهما أبوك .. وهو إما خيار الانتقام وتلك إشارتها المدية .. وإما خيار الوئام والسلام وإشارتها الوردة والبسمة .. وفي لحظة انهارت سدود الغضب .. وحل محلها جمال البسمة والوردة .. ودون أن أقدر المسافات والإشاعات وجدت نفسي في أحضانه .. أما أنت أيها الصبي الوسيم فكنت هدية أبوك لي في تلك الليلة . وقد انتهت القصة .. ولكن يصر الشاعر ويقول لابنه : هي لم تكمل القصة وسوف أكملها لك يا بني .. .. فأمك هذه إمراة عظيمة .. فهي لم تسألني إطلاقاً شيئاً عن تلك الإشاعات .. ليس في تلك الليلة أو فيما بعد .. ورفضت أن تسمع حرفاً واحداً .. أما أنا فعدم سؤالها ألجمت مسيرتي الذاتية .. ومنذ تلك الليلة كنت أكثر الرجال استقامة وسيرة ..
ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش