بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

                            

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم  

 

هـذه الدنيـا أحسبوها قبل أن تعبروها  !!!

الدنيـا  ..  هي دنيا المفارقات .. خطواتها ليست دائمة الخصال .. فلا تقبل لحظات معجب لتستقر له على حال .. ولا تقبل لحظات لائم  فتبتعد عن حال بعد حال .. وهي خطواتها غير متاحة لرغبات كل حالم .. وغير بعيدة من منال كل يائس متشائم  .. تخيب دائماً آمال من يركض خلفها .. وتغازل دائماً أحلام من يزهد فيها ويدير لها الظهر .. وهي غير ميالة لحالات الاستدامة والوفاق ..  كوامنها تخالف دائماً مقاصد البشر .. تكيدهم بمكايد المشقة والعناء .. تضحك لهم عندما يبكون .. وتبكي لهم عندما يضحكون .. تركض بعيدة إذا لاحقها أحد بالتسارع .. وتتأنى عندما يعجز الراكض عن اللحاق .. هي عذبة في بعض مراحلها مثل بحيرة .. أخذت كفايتها من عطاء الحسن والجمال  .. روافدها سلسبيل من صافي ينابيع الفراديس .. نقاء وجمال وصفاء لمست أرضها من أعالي السحاب .. ثراها طاهرة لم تدنس ساحاتها أقدام إنسان مالت هامته بثقل أدران   .. ولم يتاح لشيطان أن يعتب أبوابها .. فكانت مرتعاً لملائكة كرام .. فإذا أعجبت الإنسان للحظات ثم أراد أن يمتلكها تحولت إلى بحيرة نفايات روافدها الدنايا ومصبات الأوهام   .. تورد إليها أنهار البلايا التي تحمل شطحات إبليس وجنده بالإغراء والفتن  .. سواحلها لحظات حزن نمت كالأعشاب لتؤلم الأشجان .. الذي يشبع فيها يشبع بعد يأس وقنوت .. والذي يجوع فيها يجوع بعد طمع وجشع .. علمها الأنبياء والحكماء ثم أعرضوا عنها حتى ارتحلوا عنها لأخرى .. وسعى لنيلها الجهلاء والنبلاء حتى كلت مساعيهم فلم ينالوها ثم ارتحلوا عنها لأخرى ..  !! وعجيب أمر هذا الإنسان .. فهو دائماً يبني قصور الأحلام  ليستقر فوق أطلال من بنوا قبله ..  ولو علم الحكمة لما بنى ثابتاً ليستقر فيه راحل مرتحل  ..  ولو دامت الدنيا من قبل لمن سبقوه لما أقبلت إليـه الدنيا .
      جنة الدنيـا سراب خادع .. تغري كل من يقدم إلى الدنيا فيجتهد في نيلها .. ثم يفني العمر في الكيفية لكي يمتلكها .. فيجمع فيها بالحلال وبالحرام ويختزن .. ويطمع في المزيد .. ويطمع في العمر المديد .. فإذا بالعمر فجأة يعلن عن تلك النهاية غير السعيدة  .. ومهما طال  .. ثم يأتي الموت .. فلا يخرج منها بشئ .. إلا إذا أحسن العمل .. فذاك زاد يلازم الرحيل .. أما كل شئ من متاع الدنيا فمنزوع وممنوع .. وحتى لباس الأكفان في القبر تنزعها الدنيا بعد حين !! .. ومن بعد رحليه ما زالت الدائرة تدور ..ولا تزال هناك جنة الدنيا الواهية باقية بالإغراء  .. تخدع الأجيال بعد الأجيال .. وهي تنتظر وتترقب الأجيال القادمة لتبدأ السنة من جديد .. فلا يتعظ القادم من عبرات الماضي ليتوقف لحظة ثم يتفكر في ذاك المصير  .. ولا تمل الدنيا من تكرار دورها تلك المشبعة بالمفارقات . والعاقل من يتعظ بغيره  ..  ويأخذ العبرة بمن ركبوا مطية الدنيا من قبل .. ثم سقطوا من فوق ظهرها ومازالت الدنيا في دربها تسير .

ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسي محمد أحمد

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
13 تصويتات / 788 مشاهدة
نشرت فى 27 أكتوبر 2011 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

asmaaeldsouky

تحية احترام وتقدير على هذا المقال وبما ان الحديث على الدنيا وما فيها فلا تنسى ان الدنيا ساعة فاقضها فى الطاعة والنفس طماعة فعودها القناعة لان الدنيا انفاس معدودة فى اماكن محدودة

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

806,749